الفصل 39: التجربة
مدينة هيفي ستون | إقليم هيفي ستون
أمام رزمة من الوثائق والكتب والمخطوطات وكل ما هو مصنوع من الورق، تربع أرنست واندس فيها كما يندس الفأر في جحره، يقرأ ويدون ويقلب الصفحات بجنون.
هذه حاله العبثية منذ أسابيع، إنه بالكاد يغير من وضعية ظهره العوجاء، مر زمان لم تلمس فيه أشعة الشمس وجهه الشاحب المكدر جراء قلة النوم.
يبدو أن حتى ماديسون لن تستخرجه من قعر الحفرة المعرفية التي يزيدها عمقا مع كل ورقة يقلبها، ليس قبل أن يتوصل إلى إجابة السؤال الذي يلسع عقله كالكهرباء.
"هل فعلا يمنع اختلاط الدماء أحفادَ إيفلين من استخدام سحر البينيلفورد؟"
..
طرفت عيناه الرماديتان الجاحظتان على ظل إيفا التي وقفت خلفه، تستطلع حاله المزرية بتحفظ.
-"بابا، هل أحضر لك شيئا؟"
لسبب ما، يغلق أرنست عينيه ويجز أسنانه بمأساوية كلما لمح إيفا، إنه يبحث في أمور تخص سلالتها، وأحيانا يعمره الذنب حين يتبادر إلى ذهنه أن بعض المعلومات الغامضة التي يسعى خلفها، لا يمكن التوصل إليها إلا عبر التجربة، وأي قلب متحجر هذا الذي سيرضى أن يجعل من ابنته المسكينة فأر تجارب.
ولكن للضرورة أحكامها.
تدرك إيفا ما يجري، فقد ظل أرنست يتلو عليها وعلى ماديسون استنتاجاته ونظرياته من حين لآخر، إضافة إلى تدريب هيوغو الذي قد توقف مؤقتا منذ أكثر من أسبوع بسبب انشغاله الكبير بالبحث.
لم يكن التدريب منتظما أو جديا للغاية، وحين أدرك أرنست أنه لن يقوم بأداء جيد مع عقله المشوش، قرر التخلي عن الصبي لبعض الوقت حتى يصفي ذهنه.
لا يبدو هيوغو ممتعضا على الإطلاق، إنه وللعلم يستمتع بحياته من دون تلك التدريبات الجهنمية.
-"أريد كأس ماء."
أجاب أرنست سؤال إيفا السابق، فهرعت إلى المطبخ لتحضر زجاجة باردة.
عند عودتها، كان المكان هادئا للغاية، توقفت ضوضاء أرنست وتكسر الأوراق وخدش القلم الذي لا يتوقف على سطحها، إذ أنه اتكأ بظهره على الجدار عله يسترخي قليلا، لا شيء يصدر سوى أصوات نقر خافتة على جهاز ألعاب محمول، كان هيوغو يجلس على أحد المقاعد يُسَخِّر قلبه وعقله في تخطي مرحلة صعبة من لعبة الفيديو التي بين يديه.
بينما يبلل أرنست حلقه الجاف ببعض المياه العذبة، لبث يناظر بأعين خاملة ذلكما الاثنين يتحدثان، كانت إيفا تحاول إلقاء نظرة على شاشة هيوغو وتشير بإصبعها متسائلة عن أي شيء وكل شيء، وهو متضايق يحاول أن يتحاشى تشويشها المتعمد على الأقل حتى يتجاوز تلك المرحلة بسلام.
أنت تقرأ
شيفرة ليتوفيتشينكو
Fantasiaفيلدسباث لم تكن سوى بلدة ريفية لا تكاد تظهر على خريطة مملكة إيلدينغار، ما الذي قد يجعلها مهد الثورة المنتظرة؟ مِن هناك، بدأ سعي دوق هيڤي ستون المستميت لإنهاء الحقبة المظلمة التي تلت سقوط الأسرة الحاكمة على يد عابث متخفٍ، مستعينا في ذلك بأعظم سر أخفت...