الفصل 13: حوار مع معلمي المضحك

196 22 70
                                    

الفصل 13: حوار مع معلمي المضحك

﴿الثالث من يوليو/جويلية﴾
﴿مدينة يورد | إقليم العاصمة﴾

البحر هادئ هذا الصباح والرطوبة خانقة، شعاع الشمس الدافئ يتلألأ على سطح الماء وأصوات طيور النورس تملأ الأرجاء.

لم تنفك الأمواج تتلاطم على حواف الأعمدة المعدنية المتآكلة من الصدأ، والتي تحفظ توازن منصة النفط المهجورة 'رويال كوربس' في عرض البحر بعيدا عن أقرب شاطئ ببضعة أميال.

أوشك ينفد الوقت المخصص للاجتماع الدوري الذي يجمع أولئك الأفراد البالغ عددهم بضعا وعشرين، متحلقين حول طاولة اجتماعات زجاجية في إحدى الردهات الشاسعة بالمقر. جميعهم يرتدون أقنعة بيضاء تغطي وجوههم بأكملها.

في تلك اللحظة كان أحدهم مسترسلا في الكلام بالفعل، كان شخصا حليق الرأس أسمر البشرة، يرتدي بدلة زرقاء رمادية داكنة، مخططة طوليا بخطوط بيضاء رفيعة.

يمسك بإحدى يديه رزمة من الأوراق، أما يده الأخرى فكان يرتكز بها على الطاولة بينما يقف مصَرِّحا بصوت حازم..

-"ما يزال مجلس المستشارين يسعى لدفع 'مارتن إيرهارت' إلى الحكم. لذا أرجح أن العمل إلى جانب هانسمورتن أصبح الخيار الوحيد لهم مع اقتراب موعد سحب العرش من التنغستن. كبار الفرعين الثاني والثالث للإيرهارت استهلكوا كل أوراقهم بحلول هذه اللحظة."

خلف القناع ظهرت عيناه السوداوتان شديدتا الحدة، وزع نظراته على الجميع مضيفا..

-"بصفته رئيس الفرع الأول فهو تحت ضغط كبير، وأخشى أنه غير مؤهل لتلك المسؤولية بالمرة."

-"أرى هذا.."

من الجهة المقابلة تحدث شخص آخر.
حاله من حال الباقين يغطي وجهه بقناع. لا يمكن تحري شيء من مظهره سوى شعره المبعثر ذو اللون البني الفاتح، هندامه الفوضوي لا يوحي بأنه رئيس المجموعة، ولكنه كذلك بالفعل.
ظل ممسكا بقلم حبر جاف يعبث به بين أصابع يده، ثم نبس مجددا بصوت يشوبه الإجهاد..

-"فلننظر في أمره لاحقا."

تفقد ساعة اليد على معصمه، والتي كانت تشير إلى منتصف النهار، ثم دفع كرسيه للخلف وقام ليضيف معلنا إلى الباقين بصوت واضح جهور..

-"شكرا لكم جميعا على عملكم الجاد، انتهى الاجتماع."

بمجرد أن فض التجمع، أقحم يديه في جيوب سرواله مراقبا مغادرة جميع الحاضرين واحدا تلو الآخر في صمت، لا يُسمع منهم سوى الضجة التي يسببها وقع أقدامهم.
بعد برهة انصرف الكل عدا واحدا منهم لم يبرح مكانه.

شيفرة ليتوفيتشينكوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن