الجزء ١١: مشاعر

444 26 25
                                    


هي عادة البشر بالتفكير في ماضيهم كلما إستشعروا قرب أجلهم، يفكرون في خطاياهم، في فشلهم و في الأشخاص الذين فقدوهم أثناء الدرب. لم تكن مورانا تختلف عن البقية و وجدت نفسها كثيرا ما تفكر في أبيها الراحل مؤخرا.

لم يكن والدها مثاليا، بل كان بعيدا كل البعد عن ذلك، لكنه أحبها و أحبته، كان يفعل أي شيء ليجعلها سعيدة، حتى إنه كان سيترك الملاكمة لأجلها، لأنه سئم العودة إليها برائحة العرق و الدماء و سئمت هي تقطيب جروحه و تنظيفها.

الغضب... الغضب شعور قوي، خاصة إذا ما إمتزج بقليل من الخوف، في أيامها الأخيرة... كان ذلك هو كل ما تشعر به مورانا، كانت قد وعدت والدها منذ سنوات طويلة بأنه ستعثر على قاتله و تعاقبه... أهي عادتهما بأن لا يفي كل منهما بوعده للآخر قبل أن يرحل؟ فها هي تفشل في وعدها تماما كما فشل هو في وعده لها بأنه سيترك الملاكمة.

تؤمن مورانا بأن هناك شيئا ينتظرها بعد الموت، مكانا تذهب إليه بعد إنطفاء الأضواء و سكوت كل الأصوات، لا يعقل أن يكون كل شيء قد وجد هكذا عبثا، فيساعدها ذلك على تقبل الأمر أكثر...

لم تكن الحياة سهلة بالنسبة لمورانا، قد نالت نصيبها من الخيبات و الحسرات، لم يكن ذلك مهما في بداية الأمر و لم يكن له وقع كبير، إلا أن تتالي الإنكسارات يلقي وزنا و يجعلها تشعر بثقل الأمر...
كم تتمنى لو كان بإمكانها العودة بالزمن إلى الوراء، حيث كانت صغيرة لا تدري من الدنيا غير جانبها المضيء، تجلس في عتمتها الآن... بل في أكثر جزء قتامة و حِلْكَةً و تتمنى لو أنها تستيقظ غدا فتاة صغيرة بعمر الخامسة، لا يهمها شيء غير إقتناء لعبة باربي، لكن الزمن لا يعود للوراء، إن ذلك غير ممكن... أهو كذلك؟

Flashback

كانت مورانا لا تزال بعمر التاسعة حين قامت بخياطة جرح والدها لأول مرة بعد إحدى مبارياته، لم تكن تدر ما الذي تفعله و لا كيف تفعله، لكنه قام بتوجيهها و إتبعت هي تعاليمه، كانت تجد الأمر مقززا في بداية الأمر و كثيرا ما كانت تجلس في الحمام تفرك يديها بالصابون لوقت طويل بعد أن تنتهي، كل تلك الدماء كانت تدفع قبلها إلى أعلى حنجرتها فتكاد تتقيؤه، لكنه التعود يفعل المعجزات، لذا حين غدت بعمر الثانية عشر أصبحت محترفة في الأمر، تخيط أكثر جراحه كبرا و خطورة دون أن يتحرك قلبها من مكانه...
إن الملاكمة، و خاصة تلك الخاصة بوالدها لم تكن مهنة شريفة بالنسبة لها، لذا فقد ظلت تحاول جاهدة إخراجه منها، تخاف أن تفقده ذات يوم، أن يعود للمنزل بجروح لن يكون بإمكانها خياطتها و لا أن تداويها...

"غدا عيد ميلادي... هل ستأخذني غدا لركوب الخيل؟" تسأله بصوت طفولي بريء يختبيء خلف ملامحها الغاضبة منه، فيبتسم وجهه بين كفيها الصغيرتين... "أي شيء لمحاربتي الصغيرة"
تبتسم مورانا حين يناديها بذلك، لم يكن يناديها بأميرتي أو طفلتي كما كان ينادي آباء زميلاتها معظم صديقاتها، كان يناديها بالمحاربة الصغيرة و كان ذلك من أحب الأشياء إلى قلبها...

تَوْبَةُ إِلَه _____ A God's repentance (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن