الجزء ١٥ : إلتقاء العيون

380 19 8
                                    


إن الحياة تعامله كما لو كان بدون مشاعر بالفعل، تأخذ منه أي شيء يجعله سعيدا... لماذا؟ لماذا الحياة غير عادلة معه؟ لم يكن لوكي مستعدا لخسارة شخص آخر يحبه بعد، لم تنذمل جراح خسارته لأحبته السابقين بعد! والدته، أبوه و موطنه... و الآن مورانا؟! أتراه يقدر على خسارتها الآن هي أيضا؟ كان أفضل شيء فكر في فعله هو الإبتعاد عنها قدر المستطاع، لربما كان ثور محقا بعد كل شيء! فها هو يحاول حل مشكلة أخرى بالهرب منها، بتجاهلها آملا أن تختفي و حسب!

على الرغم من أن ذلك غدا صعبا إذ أنها باتت تسكن البرج الآن، و في ذات الطابق الذي يسكن فيه هو، لكنه و على الرغم من ذلك نجح في تفادي لقياها بضعة أيام بالفعل. ما ساعده على ذلك كان إنشغاله الدائم بالمهمات التي غدا جزءا مهما منها، فكان يشارك المنتقمين في كل مهمة يخرجون إليها فجعله ذلك يقضي معظم وقته خارج البرج إن لم يكن مختبئا منها في غرفته، ساعده ذلك على التفكير بشيء آخر غيرها و إن كان الأمر عسيرا، كان يحاول إبقاء نفسه مشغولا أو بعيدا عنها، و قد كان ذلك ناجحا إلى حد ما و لكنه ما إن يسكت هو و يسكت كل شيء حوله فإنه يجد نفسه يغرق فيها مجددا، يتذكرها و يتذكر مرضها و بأنها على وشك الإختفاء من حياته إلى الأبد فينقبض قلبه و يغدو المكان أضيق عليه من قبر ليصبح غير قادر على التنفس...

"كيف يفر المرء من شيء بات يسكن داخله؟" يتذكر لوكي حديث أخيه ثور فيدرك أن الأوان قد فات على الهروب فعلا...

علم لوكي من ذكرياتها أنها لن تعيش طويلا، و لوهلة فكر في الحياة من دونها و ما الذي سيبدو عليه هذا العالم بعد أن ترحل عنه؟ لن يلاحظ أحد الفرق بالتأكيد! لن تسقط السماء على الأرض، لن تخسف الشمس، لن يتوقف الزمن و لن تتجمد المحيطات في غيابها، كل شيء سيمضي كما لو أن شيئا لم يحدث، كل الأمور ستحدث كما كان من المفترض لها أن تحدث، كل شيء سيمضي ما عداه هو، سيظل عالقا لزمن طويل تائها لا يدري أي طريق يسلك و لا كيف.

يعلم لوكي أنه شخص يتمسك بالماضي و يرفض التخلي عن من يحب، حتى لو كلفه ذلك قلبه، حتى حين يكون التخلي أمرا ضروريا، لكن ليس هذه المرة! لن يحدث ذلك هذه المرة... هذه المرة سيفكر بنفسه فقط، سيحمي نفسه و قلبه و لتحترق مورانا! قد قرر التخلي عنها قبل أن ترحل هي... لا يريد مزيدا من الذكريات معها، ذكريات ستؤرقه و تمنع عنه الحياة حين تغادر هي، كان ذلك يبدو أنانية منه و يعترف هو بأنه فكر بنفسه أولا دون أن يضع إعتبارا لمشاعرها، لكن... أو لم يكن من العادل أن تخبره على الأقل؟! إن كان بإمكانها هي أن تكون كاذبة فلم قد يؤنبه ضميره بشأن تركها تموت وحيدة؟!

إحترمت مورانا رغبة لوكي في الإبتعاد عنها، ليس على الفور على أي حال، حاولت التحدث معه في اليومين الأولين، حاولت أن تشرح له الوضع، أن تخبره بأن ذلك كان صعبا عليها أيضا، لكنه لم يمنحها فرصة و أبى أن يصغي إلى إعتذاراتها، كانت تراسله فلا يرد، تتصل به فلا يجيب و تقف عند باب غرفته تطرقه فلا يأذن لها بالدخول، كم بدا قاسيا في نظرها! أكان هو ذات الشخص الذي أخبرها منذ أيام قليلة بأنه يحبها؟ ها هو الآن يؤذي قلبها و يدوس عليه! أيفعل المحب ذلك بحبيبه؟ على الرغم من إنكسار قلبها فقد إستطاعت تفهم رغبته في البقاء بعيد عنها، إستسلمت و لم تعد تزعجه و لا تبحث عنه، بل حتى إنها صارت تتفاداه كما يتفاداها هو. إن مورانا تعترف بأن جزءا من ذلك كان خطأها هي، كان عليها مصارحته بالأمر و إن كان الأمر عسيرا، لكنه لم يسعها إلا التفكير بأنها ستموت دون أن تتسنى لها فرصة إخباره عن مشاعرها نحوه, ستموت و سيموت كل ذلك معها دفعة واحدة... أتراه يعلم كم تحبه حتى؟! كان ذلك كل ما فكرت فيه خلال فترة إبتعادها عنه.

تَوْبَةُ إِلَه _____ A God's repentance (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن