*******

130 46 13
                                    

ما تراه عينين فارس الثابتة بذهول من صدمة وهول ما يشاهده، ليس المرأة الخمسينية التي كانت تشكو من ألآم في مفاصلها قبل أيام ولا هي تلك المرأة التي أخذ الزمن منها الزمن ما أخذ بل هي شابه في العشرينيات من عمرها تقف على أعلى حافة السياج الخشبي للشرفة بقدميها العارتين بكل ثبات ناصبه بقوامها الرشيق باستقامة بالغة وكأنها أحد راقصات التانغو المتمرسات اليافعات ، فارده ذراعيها مثل طائر يستعد لتحليق في سماء الحرية و رافعة رأسها الذي يتطاير منه بعبث الحرية شعرها الفضي المتخالط بالسواد وكأنهُ وشاح من الحرير يتمايل على أضواء القمر الساهرة تنظر باتجاه نجوم السماء المتراصة وكأنها حشود من المعجبين تجمعت من كل أصقاع الأرض لحضور حفلتها الراقصة ،التي تنتظر إشارة المايسترو لتبدأ الآلات الموسيقية بالعزف، لتبدأ هذه الراقصة بالتمايل على أنغام اوتارها ، وكما يبدو بأن من سيأخذ دور المايسترو في هذه الأمسية هو فارس الذي مازال ينظر لها من مكانه بجسد متجمد وبلسان فاقدة القدرة على النطق ولكن الغريب في كل هذا هو هذا الإعجاب الذي يبرق في عينيه فبرغم من كمية الخوف الذي يحتل جميع أوصاله من حقيقية ما يراه وما سيحدث في لحظات إلا أنهُ لم يستطع منع عقله المجنون المتأمل دائماً في تفاصيل أبسط الأشياء من الإعجاب بهذه اللوحة الحية التي تصرخ بالشوق للحرية والخلاص الأبدي ، كم هم غربيون الاطوار هؤلاء المتأملون ، حقاً لا تستطيع معرفة طريقة تفكيرهم وحدود مخيلتهم التي تستطيع أن تجد الجمال في أكثر الأشياء تعقيداً....

السطر الأخير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن