الفصل الاول الندم

216 59 15
                                    

الكابوس نفسه بأحداثه المؤلمة والتفاصيل ذاتها الذي يجعلها تستيقظ فزعه ومرعوبة من نومها كل ليلة والذي لم يفارقها ولو ليوم واحد منذ أعوام ، الحلم الذي اعتادت عليه وتقبلته كعذاب قام بغرسه ضميرها النادم في منامها وثنايا أرشيف عقلها الباطن لكي لا تنسى ما اقترفت بحق نفسها وبحق غيرها بسبب أنا نيتها السوداء في زمانها السحيق الغابر ، أمدت يدها من خلال عتمة الليل الذي يلتف حولها وضغطت على مفتاح إنارة النجفة الساكنة على يمينها لتنير هذه الغرفة الكئيبة والخانقة التي تصح أن تكون تابوت ضخم أكثر من أن تكون غرفة نومها ، ومن ثم أخذت كوب الماء وبلت ريق حلقها الناشف برشفة ماء والتقطت منديلها الحريري الذي اعتادت على وضعه بجانب إبريق الماء الساكن بجوار سريرها ومسحت به العرق المتفصد على جبينها وعلى جلد عُنقها المتهالك من الزمن الذي يمضي بها راكضًا في حاضرها دون توقف ، والساكن بها في ماضيها دون حراك ، وبعد ذلك بدأت تتلو بعض الآيات القرآنية بصوت خافت لتهدئة أنفاسها المتلاحقة ودقات قلبها العابثة وبعد مرور بضع دقائق أحتلت بعض السكينة والهدوء قلبها ولكن مازال جلاد نومها يقظً في عقلها وتعلم بأنه لن يتركها أن تعود لتنام بهدوء فقررت أن تنهض من على سريرها وتذهب إلى الشرفة لاستنشاق بعض هواء الليل الصافي وتشتيت ذهنها بلفافة تبغ عسى أن تفيدها في ترويض هذا العقل الصاخب بذكريات الماضي ، فأستلت جسدها الهزيل من تحت اللحاف والتقطت وشاحها من ركن سريرها الخشبي العتيق ولفت به منكبيها الضئيلين وهمت في الخروج من غرفتها قاصدة الشرفة وفور فتحهِا لباب غرفتها طرق على أذنيها صوت موسيقى كلاسيكيه صارت تحفظها وتميزها جيداً منذ زمن فارتسمت على شفتيها ابتسامة حنونه وخرجت من غرفتها وأغلقت بابها بصمت والتفتت إلى الباب المجاور لغرفة نومها فرأت الضوء الأصفر الهادئ الذي يتسرب من تحته لتزداد الابتسامة على شفتيها اتساعًا وعلمت بأنها ليست هي الوحيدة التي تحمل سمات خفافيش الليل في هذا المنزل الملعون، وهمست تحدث نفسها ،


\_\_ إذا كان سبب أرقي هي ذنوبي التي لا حصر لها، أما أنت ماهي أسبابك، سوف نرى الآن وأتمنى أن يكون لديك سبب مقنع للسهر لهذا الوقت المتأخر من الليل والتكاسل من عملك صباحاً


فاقتربت بخطوات صامتة حتى صارت بجوار باب الغرفة ووضعت يدها المتجعدة التي يتجلى منها انحلال رونق الشباب ومرور السنين على مقبض الباب وقبل أن تقوم باعتصاره لفتح الباب تخيلت نفسها وكأنها أحد جنود مكافحة الإرهاب بحركاتها المتسللة هذه وكأنها تريد اقتحام غرفة تجمع خلية إرهابية لتقبض عليهم بالجرم المشهود فابتسمت ابتسامة ساخرة من نفسها وسحبت يدها من على مقبض الباب وتذكرت بأنهُ ليس نفس الطفل الذي كان يلهو ويلعب في أرجاء المنزل بكل براءة ونشاط بل أصبح في الخامسة والعشرين من عمره رجل بالغ يجب عليها احترام خصوصياته وعالمه الخاص به فتراجعت بجسدها الملتصق على الباب قليلاً للخلف وطرقت بأناملها النحيلة طرقتان خفيفتان على الباب وانتظرت قليلاً وعندما لم تسمع أي رد من خلفه توترت قليلاً وأزادت بطرقة أخرى أقوى قليلاً من سابقاتها فأنتابها بعض القلق عندما لم يجب أيضاً ، ومرت على مخيلتها سريعًا ذكرى تلك الليلة التي كانت موسيقى سمفونية الخريف الذي تتساقط على مسمعها الأنا هي أحد أركانها السوداء نفس الموسيقى ذاتها الذي كانت تصرخ بانتهاء كل شيء في تلك الليلة المعتمة القاحلة السواد والتي لن تنساها أبداً مهما حاولت تناسيها ، فهزت رأسها نافيه ومعارضة لخيالها ونفضت ذكريات تلك الليلة من عقلها فهو ليس الوقت المناسب للغرق في ذكريات الماضي الذي تتمنى ألا يتكرر و اعتصرت مقبض الباب ودلفت بجسدها على الفور للداخل

السطر الأخير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن