********

13 1 0
                                    

وفي منزل الطبيب ثروت مرت الخمسون دقيقة من عمر أحمد بثقل وبطء شديد وكأنها خمس سنوات لزجه لا تريد أن تنتهي من ثوانيها الدبقة على قلبه الراجف ، وبينما هو ما يزال يُمشط سطح أرضية الغرفة بتوتر وخوف منتظرًا خروج الطبيب ثروت أو أبنته أريج الذين دخلوا الغرفة المجاورة له بصحبة صديقة الجريح مصطفى ولم يخرجا منها طوال هذا الوقت ، يخرج أخيرًا الطبيب ثروت وهو ينزع الجلفز الطبي من كفيه وقد بدأ عليه الإرهاق ، فوثب أحمد من المكان الذي كان فيه ليصبح أمامه في لحظة زمن وكأنه أنتقل آنيَن عبر الزمن من شدة توتره وقال بصوت راجف

\_\_ طمني أرجوك هل هو بخير

\_\_لا تقلق لقد أخرجت الرصاصة وضمدت جرحه واعطيته بعض المسكنات ولكنه فقد الكثير من الدماء لهذا يحتاج إلى دم فورًا وإلا سوف يكون وضعه حرج

\_\_ تستطيع الأخذ من دمي أن دمي ودمه من نفس الزمرة

\_\_ حسنًا يا أحمد استلقي هنا سوف أحضر الأدوات من المخزن واعود إليك

عندها اطمئن أحمد أخيرًا وهدئت ضربات قلبه المتسارعة على صديقة مصطفى وعلى الفور استلقى على السرير الذي بجانبه كما أمره الطبيب ثروت وقام بطوي كُمْ قميصه ليظهر عروق ساعده مستعدًا لضخ الدماء إلى جسد صديقة مصطفى ، وفي تلك اللحظة تخرج أريج أبنت الطبيب ثروت من الغرفة المجاورة التي ينام بها مصطفى مغمى عليه و مشت مسرعة باتجاه أحمد حتى صارت أمامه وقالت دون مقدمات بوجه غاضب وخائف في نفس الوقت

\_\_ صديقك سيكون بخير بأذن الله ، ولكني لن أكون بخير إذا حبست هذا السؤال في صدري أكثر ..واردفت قائله بعدما أخذت نفس عميق

\_\_ هل تيمور بخير

في تلك اللحظة لم يستغرب أحمد من تصرفها هذا فهو يعلم بصداقتها القوية منذ الطفولة مع أبن خالها تيمور فتردد قليلًا عن الرد وتملكته غصه في حلقه ولكنه يعلم بأنه لا مفر من الرد عليها ، فأشاح بعينه بحزن من محيط عينها الذي تحملق به بتوتر وخوف وقال

\_\_ في الحقيقة لا أعلم

أتى رد أحمد على مسمع أريج مثل صاعقة رعدية تنذر بقدوم عاصفة شديدة على قلبها عما قريب ، العاصفة الذي سوف تفتك بها بقية حياتها والتي كانت تشعر بقدومها طوال اليوم وكانت تطبق على أنفاسها ، وقبل أن تنطق بأي كلمة وبينما مازالت متسمره في مكانها تنظر إلى أحمد بتلك النظرة المتبلدة وكأنه توقف بها الزمن بعد سماعها لهذا الرد الذي كانت ترغب بسماع غيرة ، دخل عليهما ثروت وبيديه قربة الدم الفارغة وبعض الأدوات التي سوف تساعده في عملية سحب الدم من أحمد ، وعندها رأى وجه أحمد الذي يتضح عليه الحزن ونظر إلى ابنته الذي تقف صامته بغرابه اقترب ثروت منهما بقلق وقال

\_\_ أبنتي ماذا هناك هل حصل شيء لمصطفى

فالتفتت له على الفور بوجه تبدد لونه وكأنه بسؤاله هذا قد قطع حبل شرود جحيمها الذي هوت به قبل لحظات وقالت له بصوت خافت قد خلى الروح منه

\_\_ لا أنه بخير

فاستغرب ثروت من وجه أبنته الذي لا يُفسر ... واردفت قائله وهي تعدو من
أمامه

\_\_سوف أذهب لغسل وجهي

وعندما اختفت عن ناظريه ألتفت إلى أحمد الذي كان ما يزال يطرق بنظرة إلى الأسفل بحزن وقال له

\_\_ ماذا بها ما الذي أخبرتها به

فرد عليه أحمد دون النظر له

\_\_ لم أخبرها بشيء ، بل سألتي ولم يكن لدي الجواب

فأنتبه ثروت في تلك اللحظة لما يجري من حوله وترنن في اصداغ رأسه نفس السؤال الذي طرحته أريج على أحمد قبل لحظات لأنه يعلم بقلب أبنته ويعلم من قد يوصلها لهذه الدرجة من الخوف غير الخوف على أبيها ، فسأل أحمد بصوت خافت ومرتبك

\_\_ هل كان تيمور مع مصطفى
فنظر له أحمد وقد فرت دمعه من عينه وقال

\_\_ نعم لقد كان معه ولا أعلم إذا كان قد نجى بحياته أم... لا....

السطر الأخير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن