********

69 29 15
                                    

وفي الصباح الباكر تسربت خيوط الشمس الدافئة المتناغمة مع زقزقة العصافير المغردة من نافذة غرفة نوم رزان لتعلن عن نهاية ليلة مظلمة وبداية يوم مشرق ودافئ لا يحكي عن الموت بل يحكي عن الحياة ، أفاقت رزان من نومها فور ما لامست خيوط الشمس الذهبية بشرة خدودها البيضاء كما هيا عادتها كل صباح ولكن الفرق في هذا الصباح أنها أكثر حيوية ونشاط فقررت أن تصنع كل الوجبات المفضلة لفارس الذي هو نائم الآن بجوارها مثل الطفل الذي يخاف أن ينام في عتمة الليل وحدة فتجده يتسلل إلى جوار والدته لينام بجوارها عندما يظن بأنها أصبحت نائمة ولكن الشيء المضحك هو حبل تعليق الملابس الذي قام بلفه وعقده على معصمه ومعصم رزان عندما رأت رزان هذا القيد المضحك أكثر من أن يكون قيداً تذكرته في الليلة الماضية عندما أنتظر أن تهدئ أنفاسه المتلاحقة قليلاً وبعدها قام على الفور بحملها بين ذراعيه من على الشرفة واخذها إلى سريرها دون النطق بكلمه وعندما كان يقوم بتغطية جسدها بلحاف نومها فتحت ثغر فمها لتكسر حاجز الصمت هذا ولكن وضع سبابة يده على فمها ومنعها من النطق بأي كلمة وقال لها بصوت هادئ

\-- دعينا نترك الحديث لغداً لقد عشنا الكثير في هذه الليلة نامي الآن. تصبحين على خير

وأطفى النور وذهب إلى غرفته، ولكن وبعد ربع ساعة تقريباً يعود إلى غرفتها وهو يتسحب مثل الطفل الخائف وبيده حبل تعليق الملابس وفي اعتقاده بأنها قد نامت فأخذ الجبل وبدأ بلفه وعقده على معصمه ومعصمها وهي تحاول قدر استطاعتها ألا تقوم بتحريك أي جزء من جسدها لكيلا يشعر بأنها مازالت مستيقظة وبعد أن تم من عقد حبله امتد بجوارها وسمعته وهو يتمتم بصوت خافت

\-- لن أجعلك أن تكرري محاولة الانتحار الحمقاء هذه مره أخرى. من اليوم سوف أكون مربوط في معصمك حتى نجد الحل لهذه المشكلة

عندما سمعت همسه هذا شعرت بالخجل من نفسها وبالحزن عليه لأنها اخافته لهذا الحد ولكن شعرت بطمأنينة لم تشعر بها من زمن فغرقت في نوم عميق لم تغرق به منذ خمسة وعشرون عاماً
\*\*\*\*\*\*
سحبت يدها النحيفة من حبله المزعوم بخفه وبدون أن يشعر بها وتركته نائماً وتوجهت إلى المطبخ وبدأت على الفور بتحضير كل اطباق المأكولات الشهية والمشروبات الطازجة الذي يحبها ويشتهيها فارس ومع الحاديه عشره صباحاً كان كل شيء جاهز وبشكل فاخر وكأنه أنتاج أحد أكبر المطاعم الفاخرة في البلد وبعد ذلك ذهبت لتكوي طقم أسود أنيق كانت قد ابتاعته منذ مدة واخفته في دولابها استعداد لهذا اليوم الذي أتى أخيراً وأصبحت مستعده للخوض فيه دون أن يتملكها أي خوف ورهبة وبعد الانتهاء من الكي ذهبت لا يقاظ فارس، وعندما كانت في طريقها لهذا وجدت فارس وهو يقف أمام غرفة نومها وحبل الملابس مازال معلقاً على معصمه وينظر لها بطريقة معاتبة ويبدو على وجهه الفزع والشحوب، فلم تستطع رزان منع نفسها من الضحك فأبتسم هو يحاول أن يداري ضحكته والتمسك بجدية ملامح وجهه ولكن دون فائدة فقال لها بوجه مبتسم

\-- هل كان عملك في الماضي جاسوسة أما ماذا. كيف لم أشعر بك عندما قمتي بحل الحبال

فردت عليه بوجه باسم يتصنع الجدية

\-- لقد تأخرت كثيراً لمعرفة هذا لقد كنت تعيش مع جاسوسة متمرسة طوال عمرك دون أن تشعر

فحك فارس شعره بطريقة بلهاء وهو يحرك عينيه إلى جهة اليسار لكي يماش مزحتها وأحس بالارتياح يغمر قلبه عندما رآها بهذا المزاج الرياق والملاح البشوشة وحدث نفسه بصوت لا يسمعه أحد غيره

\-- على ما يبدو بأنه لا يوجد انتحار اليوم، أرح نفسك يا فارس

فقالت رزان بصوت محرج عندما رأته يحدث نفسه

\-- ماذا قلت لم أسمعك

فقام فارس بتغير مجرى الحوار بطريقة عفوية وممازحة، وبدأ بتحريك أنفه مثل القط الذي يلتقط روائح الطعام الشهية وهو يقترب منها ويقول

\-- ما هذه الرائحة الشهية هل هي رائحة المحاشي باللحم أم هي..
وظل يقترب منها حتى ألصق أنفه بعنقها

\-- أم هي رائحة طباختي المشهورة

وبدأ بتقبل عنقها بطريقة مداعبه لها وهو يدغدغ خصرها ليضحكها ، وبعد قليل من المُزاح والضحك لإضافة بعض البهجة والسعادة لأرجاء هذا المنزل الذي لا يحتوي غيرهما بدأت رزان في مد سفرة الطعام وتقديم الأطباق الشهية بمساعدة فارس الذي يحب دائما في مساعدتها في كل شيء للحفاظ على صحتها ، وبعد لحظات من الأكل بصمت وشراهة واضحة من قبل فارس الذي لم يستطع منع نفسه من الأكل من كل الأطباق الممتدة أمامه والتي كل واحده منها ألذ من الأخرى قاطعته رزان بصوت واثق

\-- سأخبرك اليوم بكل ما أخفيته عنك طوال كل هذه السنين الماضية

السطر الأخير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن