31-سَنَتَأَذَّى

1.7K 217 151
                                    

في فصل الربيع في الماضي الغابر البعيد ، في حديقة غنّاء يانعة الأشجار ، ملونة الأزهار، تتراقص فى الهواء زهور وردية تميل للبياض ذات رائحة خفيفة وحلوة لطيفة تدغدغ حواسك لتدفعك للابتسام.

يتوسط الطريق المرصوف المزين بالازهار المتساقطة، هناك مقعد خشبي ما إن تتلمسه حتى تشعر بعروق الخشب الطبيعية ذات الملمس القاسي والناعم، جلست امرأة شابة نحيفة ذات شعر اسود فحيم منسدل تلبس فستانا زهري كأن قماشه قد خيط من منظر الحديقة الزاهية ،تشعرك حين تنظر لها انها لوحة فنية مرسومة من فنان بارع ليصف كيف تشعر بالربيع!!

تمسك الشابة بيد طفل صغير يرتدي بنطال قصير لونه أسود وقميصا بلون سماء الربيع ، يمسك بيده الاخري دلو بلاستيكي به مجراف وشوكة.

نظرت المرأة الشابة للطفل وابتسمت من أعماق قلبها وقالت :

" هل أنت سعيد ياصغيري ؟" قالتها بصوت حنون دافئ

" نعم يا أمي ، أنا سعيد! سعيد!! أشعر و كأنني طائرة تطير فوووو "

قالها طفل صغير بصوت عفوي بريء ثم ركض الصغير رافعا جناحيه كعصفور صغير يحلق في دوائر صغيرة لطيفة مثله .

عاد لها الطفل على استحياء ،ناظرا في الأرض يفرك كفاه بيد دلوه الصغير الأحمر وسأل :

" أمي ،لماذا لم يأتي أبي معنا ؟ كنت أريد أن ألعب معه لعبة الطائرة ، كما أخبرتني أنه سيحملني فى الحديقة و سأطير "

أحاطت الأم وجنتي الوجه اللطيف بكفيها و قالت:

" أعلم أن طفلي الصغير اللطيف لا يخرج كثيرا ، لكن يا حبيبي هذه ظروف عمل والدك ربما يأتي في مرة أخرى، كما أنه قد فاجأنا اليوم بهذه النزهة ،لذا فلتسعد يا صغيري "

رفعت رأسها تنظر للأوراق الشجرة الخضراء فوقها فالتمعت في عيناها اشعة الشمس المتراقصة من بين الغصون على وجهها فرفعت باطن كفها تحمي عيناها وتنهدت تردف :

"وعليك أن تستخدم كل فرصة تأتي لك لتفرح ، لا تُضع أبدا الفرص و لا تُفرِّط بها ، والآن إذهب يا صغيري و العب في حوض الرمال ذاك ، أريد رؤية أكبر قلعة يمكن أن تصنعها "

صاح الطفل الصغير بعفوية :
" حاضر يا ماما !!"

أخذ الفتى يبني قصره الصغير ، يحاول بناء أكبر قلعة رمال لإسعاد امه .

لكن مجرافه الذي سحبه عنوة هدم تلك القلعة الصغيرة، رفع الصغير رأسه نحو مقعدها شاكيا يبكي لأمه قصره المهدوم .

لكن دموعه تجمدت عندما لمح الرجل خلفها يلف يده بمنديل على فمها و هي تقاومه ، عيناها مثبتتان بابنها الصغير أمامها ، أرادت فقط الفرصة لتتفوه بكلمة له ليهرب .

عضت يد الرجل فضربها على رأسها بأنبوب حديدي كان في جوارهم على الأرض .

فانفجرت الدماء تجري أنهارا على وجهها، ولطخت ثوبها الزهري فعكرت لطافته و أصبح مرعبا .

غامض إنيجما  "الرحلة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن