_____
الفصل العاشر، إرتباك و سوداوية.
لكل منا جانب آخر، نسخة قانية الألوان ثقيلَة الحضور وخطيرة المبادىء، كذلك أنا لا أختلف عن الجميع لي أسراري وثغراتِي، نقاط ضعفي و مخاوفِي الخاصّة أحدهم التخلي، مقابلة الحقيقَة والبوح بِها، لطالما كُنت من النوع الكتوم أحتفظ بمعاركِي وخسائري لنفسي، ألملم شتات نفسي بنفسي و لا أحتاج إلى مساعدة أحد، أن ألجأ إلى طرفٍ آخر ذلك سيصيبنِي بالتوعك من نفسي وسأشعر بالمرض لأيامِي المُتبقية.كبُرت على مبدأ الكمال والمِثالية لكنني بعيد كل البعد عن هذان المصطلحان و إن سألني أحدهم ما هي أكثر اللحظات دفىء في حياتي سأجدنِي صمتًا غير قادرٍ على اعطاء إجابة مرضية لأنني بارد من الداخل و الخارج، أن يقتحم شخص آخر حدودَ سلامتي وحصوني الجليدية ذلك لأمر صعب، و ها أنا ذا أحاول جاهدًا عدم إفساد ما يريده أيسري للمرّة الأولى، أستطيع أن أقول أن لوناي المفضلان هما الرمادي و الأزرق الفاتح، فصلي المفضل هو الشتاء و أواخر الخريف، أقرب صوتٍ إلى قلبي هو لكنة ثخينة ونبرة صوت مخملية كرداء ملكِي فاخر، حبّي للألوان الغامقة قد طفق من اللاوجود ورغبتي المُلحة في إمساك تلك الأيدي تُضاهي رغبتي في وصولي إلى قمة هرم نجاحاتِي.
كانت أفكاري متداخلة وكثيرة، كنت شبه فاقد للوعي غير عالم بكا يحدث من حولي إلى أن أخرجتني أمِي من شرودي لأطالعها محاولا التركيز مع حديثها الممل.
«ذكرني متى موعد مسابقتك القادمة؟ استطيع أن أخصص لها وقتا قصيرا لأحضرها».
ابتسمت بإكراه لما قالته، لأنفي قبل أن أجيبها معيدًا عيناي لطبق الطعام الموضوع أمامي.
«لست مُلزمة على الحضور، ليس كأنها أول بطولة لا تحضران فيها معي لقد تعودت على غيابكما».
لم تعجب أمي بما قلته و ما كان والدي عكسها بل نظر إلى من تحت نظاراته الطبية معكرا حاجبيه لكنني لم أكترث بل أعدت نفس النظرة الباردة مطالعا عيناه التي تشبه خاصتي بشكل كبير.
«هل هكذا تعامل والدتك بعدما قررت أن تقدم لك الدعم المعنوي خلال نزالاتك؟»
رفعت إحدى حاجباي ثم وضعت الشوكة وما شعرت به في تلك اللحظة هو غضبي الشديد و رغبتي في تحطيم هذه المائدة المنمقة والفاخرة فوق رأسيهما، من يعتبران نفسيهما أحسن والدين؟ منذ متى؟
«هل قول الحقيقة في هذا المنزل يعتبر قلة احترام و ادب؟ ممتاز أنتما تبهرانني كل يوم».
«رايفن!»
نهرتني أمي تنظر إلي بطرف عينها لأزم شفتاي و أشعر برغبة ملحة في التقيء و المرض بمعدتِي، أريد الخروج من هنا، نظرت إلى مونيكا التي كانت تقف خلف والدتي بينما تطالعني بعينين حزينتين لكنّها أومأت لي ألا أتهور على الأقل حتى يكتمل هذا العشاء الخانق بسلام، في تلك الأثناء وبينما كُنت أتصارع مع ذاتي رن هاتفي بشكل مفاجىء لأحمله و أرد دون تردد، كان غرايسون المتصل.