الحُريّة، الحُلم، و الحُب؛ مثلّث بيرمودا القصّة.
وُجِدَ من كان فاقدًا للحريّة، و وُجد من كان شغوفًا للأحلام و المُخيّلة، و وُجِدَت من قدّست أنقى المشاعر الإنسانيّة؛ الحُب.
كُلّ ما يُبحر في وسط هذا المثلّث مصيره محتّم بالدمار. مثلّث الصداقة هذا هو أحد أهم المُعادلات القصصيّة العبقرية خلف قصّة العملاق المُهاجم.كلٍّ من الأعمدة الثلاثة تلعب دورًا خاصًّا بها تتمثّل فيه عقليّتها، مشاعرها، فلسفتها و هويّتها الذاتيّة، لكن الأكثر تعقيدًا و إثارةً للإهتمام هو مدى و كيفيّة تأثير هذه الهويّة تجاه الزاويا الآخرى من هذا المثلّث.
فَمن كان فاقدًا للحُريّة، أخضر العينين ذاك، لم يكن يُدرِك مدى فقدانه لهذه الحُريّة. لم تكن تعني له شيئًا حتّى، إلّا بحلول لحظة مفتاحيّة فائقة الإبداع، ألا و هي تدخّل أحد الأعمدة الثانية على ساحة الأوّل.كان يظنّ هذا الفتى أن حياته تبدأ من باب بيته و تنتهي عند بوّابة السور الثالث. كان راضيًا تمامًا عن هذه الحقيقة، لكن ما خَلّفه هذا الرضى لم يكن تشبّتًا بهذه الحياة، إنّما فراغًا عدميّ تُرجِمَ بلُغة المَلَل؛ هل الحياة حقًّا مملّة الى هذا الحد؟
" أتمنّى لو يحدث شيء ما "أمضى ايرين تلك الأوقات المملّة مُكتفيًا حتّى أتاه صديق العمر و أحضر معه مفتاح لجحيمٍ مُستقبليّ. الحُلم، و ما يُسمّى بالعالم الخارجي الذي حمل في طيّاته الكثير من الشغف. لم يَكُن هذا الحُلم النقيّ سوى موضوعًا مثيرًا للإهتمام يملئ و يُشبع ملل ايرين. كما لو أنّ شخصيّة أرمين و احلامه نُسّقت تمامًا بشكلٍ يدفع إيرين الى تبنّي حُلم يُقدّم لحياته معنى.
هذا العالم أكثر بكثير من مجرّد حياة مملّة و ثلاثة أسوار! كيف لهذه الحياة المحدودة أن تنال إعجاب سكّان الأسوار؟! ما هذه العقليّة المشينة و الخالية من الحريّة؟ ما هذه الأرواح الراضية بهذا الموت الروتيني البطيء ؟!
في هذه اللحظة، كان الأمر كما لو أنّك أخبرتَ طفلًا أن طيلة حياته هذه، كان هناك مركزًا شاسعًا للألعاب و هو محرومٍ منه! أدّى أرمين دوره في التأثير على ايرين بشكلٍ كامل و متناسق تمامًا.كرّس إيرين كلّ ما في نفسه لهذا الحُلم البريء، عالم خارجي بلا حدود، حيثُ تقع الحريّة! أصبح جنديًّا لفيلق الإستطلاع، قاتل ما قاتل، عانى ما عاناه و ضحّى بما ضحّى. كلّ ذلك ليصل نحو شواطئ عالم الأحلام و يرى صدمة الحياة امامه.
لم يلق الواقع بأحلام أخضر العينين، لم يصل لطموحاته المستحيلة، لم يطال إظفرها حتّى. هذا الواقع إحتوى البشر، و لم يحتوي كتاب أرمين على ايّ حبر يتقمّس هيئة البشر.
تخيّل أنّ لكَ احلام صارعت من اجلها طوال ما حييت، و تبين أنّها متوفّرة كأبسط الحقوق لدى بشريّة العالم الخارجي. لم يعد العالم الخارجي شيئًا نادرًا مُميّزًا!
أين العالم الذي رآه في كتابك يا أرمين؟ لم يكن على ايرين سوى ان يصنع هذا العالم بنفسه، بكل ما للحقد و الأنانيّة من معنى.أمّا على الزاوية الأخيرة من هذا المُثلّث، تقبع فتاة علّمت هذا الفتى شيئًا إختلف عن الحقد و الأنانيّة، علّمته شيئًا عن الإنسانيّة. إمرأةٌ كانت بمثابة البوصلة الأخلاقية لدى إيرين، عندما تمادى صفعته، و عندما إشتعل جموحًا عاتبته.
" إيرين، هل تُدرك ما فعلت؟ أنت قتلت أطفال.. "لم يكترث أحد لإيرين بقدر ما اكترثت ميكاسا. حين إرتكب ايرين اوّل جرائمه، لم يجرؤ أحد على مُعاتبته سوى ميكاسا، منهم من شجّعه كفلوك و منهم من كان مشغولًا بتقبّل ذلك كأرمين و منهم من لم يقدر على معاتبته حتّى و هذا نظرًا لكونهم لا يملكون حلًّا أفضل. إنّما ستبقى ميكاسا دائمًا مَن يترك كلّ ما في هذه الحياة، و تذهب كي تعتني بآخر فرد من عائلتها.
نستثني ليفاي هُنا كونه الوالد الروحي لهذا الفتى المُشاغب، لكنه لا يملك ذات الحجم في التأثير. عندما بدأ الدك خطواته، ذهب الفيلق كي يوقف إيرين من أجل كلّ أبرياء العالم، لكن ميكاسا ذهبت لأجل أكثر من ذلك، ميكاسا ذهبت لتوقف إيرين من أجل ايرين نفسه. لا يوجد منفعة لأي احد ان يلطّخ يديه بدماء مليار بريء. من المستحيل ان يعرف كيفية العيش بعد ذلك، من يذهب في طريقه الى ارتكاب جريمة كهذه، فهو ذاهب ليقتل نفسه قبل أيّ شيء.
" ماذا عن ميكاسا؟ "
" ماذا ستفعل بشأن ميكاسا؟ "
" ماذا تقصد..لديّ فقط اربع سنوات.. أريدهم أن يعيشوا حياةً طويلة..و سعيدة.."" ميكاسا..ماذا أكون بالنسبة لكِ..؟ "
ميكاسا..ميكاسا..ميكاسا..كلّ ما يدور في عقل ايرين عندما يفكّر بموطنه، بعائلته، و بأكثر من هو عزيزٍ عليه، تبقى الإجابة هي ميكاسا.
ولو اردت حقيقةً قاسية تخفى خلف مثلّث بيرمودا القصّة، فستراها عندما تُبصر أن أرمين أتى لإيرين بالحُلم، و ميكاسا آتت له بالحُب، و ما نتَج عن كلاهما لم يكن سوى الدمار و الجحيم..من أجل الحُلم..من أجل صناعة هذا العالم الشاسع.
من أجل الحُب، من أجل كتابة مستقبلٍ سعيد لميكاسا و جميع أصدقائه..
مُعادلة هذا المثلّث كتُبِت كالتالي؛
الحُريّة، الأحلام و الحُب؛ اذا وضعت هذا المثلّث في محيط الواقع، سيكون الحاصل دمارًا.
أنت تقرأ
قصص هجوم العمالقه
Short Storyقصص مصورة لشخصيات هجوم العمالقة.. مصرحه من قبل الكاتب.. لم تظهر بالانمي..تحليل عن الشخصيات والحوارات بالانمي