الفصل الثالث عشر ________________الخطة" الحدين ".. كل شيء يمر علينا في حياتنا يوجد له حد في اقصى اليمين واخر في اقصى اليسار وفي المنتصف بينهما يقع المعظم من البشر.. من يصنف عاقل ومن يصنف مجنون ؟؟ من يكون متزن ومن يكون مندفع ..؟؟
في بعض الاوقات نميل بقوة في اتجاه حد معين لكن الفطرة السليمة تعيدنا للتوازن فلا تختل الكفة .. أما تالا فقد انحرفت بكل قوتها لليسار .. وميزانها اختل وطبت كفتها بالذنوب .. لكن في الواقع هى ليست مسؤلة عما وصل إليه حالها .. هى ضحية للاهمال والنتيجة اصبحت نزيلة لمستشفي أمراض عقلية ..
وكأنه ادرك المها الداخلي فربت علي كفها بحنان... - حبيبتى لا تخافي أنها اقرب لعيادة منها لمشفي حقيقى والصدفة الجيدة أن مالك العيادة صديق قديم .. زميل لنا أنا وحسام من المدرسة وعلي الرغم من صغر سنه اصبح يعد من اشهر الاطباء النفسيين في مصر.. وحينما علمت من والدك أنه من يتابعها تحدثت إليه باستفاضة وفهمت منه الوضع .. حاليًا هو حقنها بعقار منوم ليسيطرعلي انهيارها العصبي ويقول أنها حينما تستيقظ ستكون افضل بكثير .. اخبرنى أنه عاينها من قبل ويعلم حالتها جيدًا وأنه شخصها " شخصية سيكوباتية " وهى نوع من اضطرابات الشخصية التى يحب فيها المريض جذب الانتباه إليه بصورة مرضية وخلق الفوضى كى يهرب من عواقب افعاله ..
وكأنها لا تعلم ما بها بالتحديد .. اغلقت عينيها بألم ....دراسة علم النفس مؤلمة .. أن تقرأ افكار اعز الناس إلي قلبك أمرًا مؤلمًا للغاية ..
انها ليست شخصية سيكوباتية فقط هكذا .. الطبيب شخصها من النهاية .. مرت تالا بمعظم انواع اضطرابات الشخصية العشرة وربما جمعتهم جميعًا في نفس الوقت, في بعض الاحيان كانت اندفاعية متهورة وفي البعض الاخر كانت نرجسية
حتى حينما ادعت انها سارة قبل قليل مرت بمرحلة انعدام الهوية وحينما تعددت علاقتها واصبحت تهدد بالانتحار كانت
وقتها تعانى من اضطراب الشخصية الحدية أو
(Borderline personality disorder)
الالم كان يمزقها علي الرغم من محاولته لتلطيف الوضع إلا أنها في النهاية اودعت مصحة نفسية والطبيب الماهر شخص حالتها بدقة ...فوصفه لحالة تالا كان مثاليًا " تسعى للاهتمام ودائمًا ما تثير الفوضى حولها "
اكمل يطمئنها .. - صدقينى حبيبتى هى بخير حتى أنه يقول أنها ليست بحاجة لعلاج دوائى وفقط العلاج السلوكى سيفي بالغرض ..
هم مخطئون... تالا لا تحتاج لأي علاج سلوكى,, هى فقط بحاجة للحب والاهتمام .. لم تكن محظوظة مثلها ولم تحظى بحب واهتمام داده عزيزة مثلها .. والكثير من الحب سيشفيها .. سأحبك تالا مهما يحاولون منعى ..
ومع أن الاطباء اكدوا علي أن ساره والطفلين بخير إلا أنه اصر علي قضائها الليلة في المستشفي لزيادة الاطمئنان والتصق بها كظلها .. ماذا سيفعل في الخارج مع زوجة تحمل طفلين ؟؟!! كان بحاجة إلي الوقت لالتقاط انفاسه ..
أن تكون أبًا لأول مرة تلك تجربة مميزة فريدة لكن أن تكون لأول مرة أبًا ولطفلين مرة واحدة فذلك اشبه بمطرقة حديدية تضرب رأسك وتتركك أبلهًا بالكامل ..
هل الحمل يؤلم ؟؟ ماذا تشعر حبيبته وبداخلها بؤرتين نابضتين بالحياة ؟؟ وكلما تذكر ما تحمله بداخلها كلما شعر بأنه طفل صغير ولا يستطيع التصرف ..
- طفلان حبيبتى.. طفلان .. أنا سأجن من السعادة ..
وعلي النقيض من توتره كانت هى مسترخية وكأنها اختبرت الامومة من قبل,, منذ اليوم الذى علمت فيه بحملها وهى تسلحت بالحب حتى أن وجود الطفل الذي كانت تجهل انهما اثنان منحها القوة والرغبة في الحياة بعد الطلاق القاسي .. ربما لم تتابع الحمل مع طبيبة نسائية لكنها كانت تعلم أن طفلها بخير .. قوة وحمها كانت تخبرها بذلك .. حتى انفها التى تضخمت بنسبة كبيرة اخبرتها أنها تحمل طفلا ذكرًا .. علي الرغم من انها كانت تتمنى طفلة لكن فكرة حمل نسختين ذكريتين من خالد كانت رهيبة ..
- هل أنت سعيد حقًا يا خالد ؟؟
- كيف تسألين ؟؟ ألا يبدو علي؟؟
بالفعل يبدو عليه .. للسعادة رائحة اشتمتها بأنفها التى ازدادت حساسية مع الوحم .. من المدهش كيف أنها مع الحمل لم تنفر من رائحته علي الرغم من انها كرهت كل الروائح وتعيش في عذاب بسبب الوحم الذى يترك رائحة غريبة في انفها وطعم عجيب في حلقها .. وليس فقط هو من يعبر عن سعادته بحملها لكن شقيقته ووالدته يفعلان أيضًا ..
في الشدائد تظهر المعادن والنفوس .. شيماء التى لم يتبقي علي زفافها سوى يوم واحد وبالتأكيد لديها الكثير لتفعله اصرت علي قضاء الليلة هى الاخري في المستشفي مع والدتها وشقيقها .. كيف تترك اعز الناس لقلبها دون دعمها حتى ولو لم يكن مفيدًا في الواقع .. لكن هكذا هى العائلة تتشارك وتدعم بعضها البعض .. سارة بخير .. خالد بخير وستصبح عمة لطفلين حتى أنها لم تسأل عن سبب اصابة سارة أو ماذا حدث .. يكفي التناغم الواضح بين شقيقها وزوجته لتضع أي استفسار في صندوق مغلق وتلقيه بأقرب مصرف .. ووالدتها واصلت علي الصلاة والدعاء واكتفت بحضنهم بحنان غامر يدفىء قلوبهم
المشاعر كانت طاغية والكلام كان قليل ..
حدثت طفليها بهمس ..- " اشعرا صغيراي بالحب وترعرعا عليه.. لديكما عائلة رائعة "
حتى والدتها التى رفض خالد بعناد السماح لها برؤيتها عقابًا لها علي اهمالها لابنتيها لسنوات .. قضت الليلة علي مقعد في غرفة الاستقبال ورفضت المغادرة .. والمدهش انها اذعنت وتحملت عقابها دون تذمر .. وقت سداد الديون حان وستفي كل ما عليها عساها تصلح يومًا ما دمرته .. وياله من عقاب !! تقضي ابنتاها ليلتهما في المستشفيات وهى محرومة من زياراتهما ... عقاب يساوى تمامًا ما اقترفته في حقهما ..
وفي اليوم التالي عندما سمح لها خالد أخيرًا بمغادرة المستشفي, اصرت حماتها علي استقبالها في منزلها .. وهى لم تعترض مطلقًا ..
منزل الام يستقبل الابناء دائمًا وخصوصًا في المحن .. وتلك كانت محنة غير عادية .. محنة جعلتها تريد أمان العائلة للاختباء تحت مظلته.. وحتى اللحظة مازال طلاقهما سرهما الاعظم ..سر اخفياه جيدًا واحتفظا به في طيات قلوبهما ..
ربما عجز عن ايصال هديتها اليومية لها لكنه تدبر اموره وباقة الزهور وصلت في موعدها .. وصلتها حتى فراشها, لتحتضنها بقوة اثناء خروجها من المستشفي واصرت علي حملها معها لمنزل حماتها ..
وفور استقرارهما في نفس جناحهما القديم, امرها بصرامة...- ستقضين اليوم باكمله في الفراش ..أنا لدى عملا هامًا جدًا ولن ارحل دون أن تعيدينى بالبقاء في الفراش ..
- اعدك لن اغادر الفراش إلا لاستخدام الحمام .. ضحكت ببراءة واكملت ...- غير ذلك العواقب ستكون وخيمة .. كيف سيقاوم الضحك وهو يريد تصنع الجدية .. ضحك رغمًا عنه وليقول ...- حسنًا .. الحمام فقط سارة..
عاد لجديته ..- سارة... أنا سأغيب طوال النهار ..لا اريد أن اقلق عليكِ .. ربما سألغي عملي واظل بجوارك ..
- ألم اسمعك تصفه بالهام ..؟؟
- لا يوجد اهم منك حبيبتى ..
- لا اذهب لعملك أنا اريد النوم .. سأنام فورًا ..
تنفس بارتياح وعندما هم بالمغادرة استوقفته ..- خالد .. الجناح به غرفة نوم واحدة .. هل نسيت ..؟ نحن تطلقنا ..
طمئنها بنبرة حانية..- دعى القلق لي .. نامى وانعمى بالفراش الوثير .. اقصى امنياتى أن يضمنا مجددًا حبيبتى ..
وبدون أن يترك لها فرصة للاعتراض علي قوله الجريء, غادر علي مضض وتركها ترتجف من الاثارة ..
***
نامت بعمق افتقدته منذ يوم مغادرتها لذلك الفراش ذاته ...استيقظت علي شعورها بيد تتمسك بيدها بحنان
هتفت بفرح غامر ... - داده ..أنتِ لم تتركينى ..
عاتبتها عزيزة بحب...- بالتأكيد حبيبتى.. هل استطيع تركك في مثل هذه الظروف .. زوجك اتصل بي بالامس واخبرنى بكل شيء واليوم اتصل مجددًا واخبرنى أنكِ غادرت المستشفي فاتيت فورًا ..
سألتها بقلق ... - وتالا؟؟ كيف هى الآن ؟
احتياج تالا للعلاج كان واضحًا منذ سنوات والجميع دفن رأسه في الرمال مثل النعامة حتى كادت تصل لطريق اللاعودة.. اجابتها بصراحة حان وقتها ... - تالا لطالما احتاجت لعلاج نفسي,, منذ صغرها وهى انانية ولا تفكر سوى في نفسها.. تفتعل المشاكل وتغضب حينما تلفتين أنتِ الانتباه .. علي الرغم من اعتقادها اننى لا احبها إلا أنى بالفعل احبها .. وربما كما احبك لكنها لم تسمح لي بالتعبير عن ذلك ..أنا ربيتها أيضًا .. حملتها صغيرة واهتميت بها ونامت في حضنى .. لم استطع المقاومة وذهبت لرؤية طبيبها ..
قاطعتها بلهفة ..- هل شاهدتيها ..
هزت رأسها بالنفي .. - لا حبيبتى .. مُنع عنها الزيارة .. ومنع الزيارة العامل الاكبر الذى سوف يساهم في علاجها .. كما فهمت من الطبيب علاجها يتوقف علي صدمة حقيقية تعيد التعقل إليها .. وصدمة سقوطك علي الدرج كانت اكثر من كافية حينما شعرت أنكِ في خطر عاد الرابط بينكما للعمل.. انتما تؤام وبينكما رابطة غير مفهومة ..حالتها الآن افضل بكثير ..
تنهدت بارتياح ... - الحمد لله ..اريد زيارتها داده ..
وكأن خالد من يتحدث .. حتى صوتها اصبح قريبًا من صوته ...- ليس الآن حبيبتى ..عندما نتأكد تمامًا أنك والطفل بخير..
هتفت بخجل وهى تداري وجهها في الغطاء .. - طفلان داده .. الدموع التى اغرقت عينيها أكبر تعبير عن الحب .. احتضنتها بلطف وهى تقرأ الايات القرآنية عليها .. - وهذا داعى أكبر سارة كى لا تتعجلي بالحركة ثم أن قلقها عليكِ وتأنيب ضميرها هما أهم العوامل التى سوف تساهم في علاجها كما قال الطبيب .. صدقينى حبيبتى الله يدبرها لخلقه بالخير علي الرغم من صعوبة ما حدث إلا أنه كان يحمل الخير لكلتيكما ..
اغمضت عينيها بتوتر...التفكير سيطيرعقلها من جمجمتها المسكينة.. تالا ظلمت عندما لم تجد الحب,, حب عزيزة حماها من اضطرابات كثيرة كانت ستواجهها...أما تالا التى كانت تفضل قضاء معظم وقتها في فيلا والدها حيث مساحة الحرية الأكبرعاشت حياتها في صراع مع زوجاته علي السلطة وفرض الرأي .. تعلمت كيف تصبح خبيثة لتعيش ..
كلمه داده تجلب لها الكثير من الراحة .. " الله يدبرها لخلقه بالخير "
زيارة والدها التى كانت تخشاها برعب تحولت في النهاية لدواء رطب جروحها وعملية جراحية استأصلت ورم تالا الخبيث لتعيد لها صفائها ..
(( لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ))
ونعم بالله
وجودها في فراش جمعهما من قبل يجعلها متوترة لكن مترقبة .. هنا لم ينتهكها فقط بل أيضًا احتواها بحنان .. غيرته كانت السبب فيما فعله وندمه اثبت أنه تغير ..
تفكيرها اخذ منحنى اخر .. هم كبير وانزاح عنها عندما علم خالد بسبب سفرتها الغير مكتملة مع وائل.. والأهم هو لم يتهمها ولم يعاتبها حتى .. لكن لدهشتها دافع عنها بضراوة مؤكدًا شعورها بحبه ..." آه يا خالد أنا احبك " وعندما وصلت لتلك النتيجة عاودت النوم والراحة كما امرها .. واحتضنت الوسادة بقوة وكأنها خالد .. فغرقت في نوم يخلو من الكوابيس .. الذكريات السيئة مسحت وكأنها لم تكن ..
**
بعد عودته من اعماله الخارجية حبس نفسه في مكتبه وطلب عدم ازعاجه وابلغهم أنه لديه الكثير من العمل الهام ... لكنها كانت تعلم أنه يتهرب من غرفة واحدة ستجمعهما وهما لم يعد لهما ذلك الحق ..
من فراش واحد سيتشاركان فيه... بكل ما يحمله من حب ومن ألم .. ستعود لهما ذكريات ذلك اليوم عندما زارته في غرفته لاغوائه فاغواها هو .. لتعذيبه فطيب جراحها هو عندما امتلكها بكل الحب والرغبة المتواجدين في الدنيا ...
من منهما سيستطيع مواجهة ذلك الوضع المستحيل ..؟ وهما لم يعودا زوجين الآن ..
تفكيره هداه للاختباء .. اختار النوم علي الاريكة في غرفة مكتبه,, ظروفها الصحية اليوم بالتأكيد لا تصلح لتنفيذ خطة ردها إليه...
لأيام وهو يخطط بصبر .. حتى بدأت تلين وتضعف أمام اصراره الصادق للبدأ من جديد.." علي مياة بيضاء كما يقولون "
كأنهما مازالا في مرحلة التعارف.. لابد أن يسيطر علي نفسه ويصبر ...فغدًا بعد الزفاف ستعود زوجته وبرضاها هذه المرة ..
استيقظت صبًاحا علي ضجة صادرة من الأسفل .. بالطبع استعدادات حفل الزفاف تجري علي قدم وساق ...
قررت النهوض لمساعدتهم لابد وأن شيماء تحتاج إليها ....تفحصت جهته في الفراش,, مازالت كما هى مرتبة وفقط تخلو من الوسادة التى كانت ماتزال في حضنها ..
تجنب قضاء الليلة معها كما توقعت .. بالطبع فراشها محرمًا عليه فتحجج بالعمل ونام في مكتبه... ثم فجأة ليدخل بطل افكارها من الباب فالقت بالوسادة من يدها برعب وكأنه سوف يعلم ما كانت تفعله ..
كان لايزال يرتدى نفس حلته من الأمس...شعر ذقنه بدأ في النمو وكأنه لم يحلقه منذ زمن مما زاده وسامةً وغموضًا ... تذكرت منظره البوهيمى يوم أن فتح لها الباب وعلي وجهه الاحتقار في المزرعة في ذلك اليوم المصيري ...
وعلي الرغم من ارهاقه الواضح وكأنه قضى الليلة مستيقظًا إلا أنه كان يبتسم بمرح ... سألها بلطف بالغ .. - كيف حال ثلاثتكما اليوم ؟؟؟
نهضت بخجل ...- الحمد لله ..افضل بكثير ..
من أين اتتها الجراءة لارتداء ثياب النوم تلك .. ؟ هل تعمدت اغرائه عندما اختارت ذلك القميص القطنى ذو الحمالات الرفيعة ؟؟ ما هذا الذى تفعله ؟؟ هل هى فعلا تتلكع في ستر نفسها أمام عينيه الى كانت تختلس النظرات .. هل عطرها الذى وضعته بوفرة قبل نومها كان متعمدًا ليعبق الجو برائحتها المميزة .. دهشت من نفسها فمتى تعلمت ذلك ؟؟
- اريد منكِ الراحة التامة حتى يحين موعد الزفاف .. خبيرة التجميل ستأتى في الثالثة .. وأنا علي اتم استعداد لأكون خادمك المطيع واساعدك علي ارتداء الفستان ..
كلامه صبغ وجهها بالحمرة الشديدة .. دائمًا يثيرها بتعليقاته القاتلة ..
شعر بحرجها .. بخجلها واحمرارها .. جملته اتت ثمارها المنشودة .. يكفي هذا الآن .. قال بحنان ...- سيصلك الفطور في الفراش لن اسمح لكِ بمغادرته قبل الساعة الثانية وهذا امر .. والأمر الثانى سترتدين الفستان الفضى .. طلبت من داده احضاره بكل مستلزماته من بيتنا ..
بيتنا .. يقول بيتنا ... موقفه المتجاهل تمامًا لحقيقة وضعهما يربكها لاقصى درجة .. فيما يفكر يا تري ؟؟
لا تدري ما الذى جعلها تتذكر زوجته وتحرقها نارالغيرة .. الحى يحسد الميت علي النعمة التى نالها يومًا .. يالها من سخرية مريرة أن تشعر بالغيرة من امرأة متوفاه .. لكنها حسدتها علي كل لمسة حظيت بها منه ... وجدت نفسها تسأله .... - خالد ..هل كنت تقيم في هذا الجناح مع زوجتك ؟؟
زوجته ؟؟!! بصعوبة تذكرها مع حديثها عنها .. تفاجأ بسؤالها فما الذى ذكرها بها الآن ..هو شخصيًا مسحها بالكامل من حياته ولم يعد لها أي ذكري أبدًا .. لكنه تفهم غيرتها,, ألم يتمزق هو نفسه من الغيرة من قبل ...؟ - سارة .. بسنت كانت أكبر غلطة في حياتى ولا اريد أن تسميها زوجتى .. واذا اردتى السؤال عنها يومًا فقط قولي " بسنت " مع أننى افضل أن تنسيها بالكامل فهى حتى لا تترك ذكري سيئة لدي .. ولا .. لم اشاركها فراشًا شاركتك فيه حبيبتى .. كانت ترفض المبيت هنا أو في المزرعة ولو كانت فعلت لكنت غيرت الاثاث بالكامل .. لن اسمح بتلويثك بالنوم مكانها .. تزوجتها لعامين ارغب في محيهما من حياتى .. كانت مدللة فاسدة انانية .. كنت اعلم عيوبها جيدًا لكنى كنت اخدع نفسي واقول أنه مجرد دلال .. صدقينى سارة حتى أننى كنت اغار عليها بطريقة تختلف عن الغيرة التى تدمر والتى اذيتك بسببها .. كانت زوجتى شرعًا وكنت مطالبًا بحفظها وستر جسدها .. فقط لأنها كانت تحتل خانة زوجتى .. أما أنتِ فحتى شعرت بالغيرة عليكِ من قبل الزواج ..
اغار من الهواء الذى يمر عبر شفتيك ومن الماء الذى ينهمر عليكِ وقت الاستحمام .. اغار من عائلتك التى تحتل تفكيرك وبالاخص من داده .. نعم أنا اغار من داده عزيزة .. احبها وارغب في قتلها في نفس الوقت لأنك تحبيها أكثر منى .. اريد أن اكون أنا سيد افكارك ومالك قلبك الوحيد .. وسأغار من الطفلين عندما يحصلان علي انتباهك وقبلاتك .. وربما احاربهما اذا ما تجرئا واصرا علي النوم إلي جوارك .. جوارك هو حكرٌ خاص بي أنا ..
وعلي الرغم من أنه يتقزز من ذكراها إلا أنه سعيدًا جدًا بغيرتها .. الغيرة دليل الحب .. لن تغار عليه إلا اذا كانت تحبه ..
اكتفي بالحديث عنها وكالمعتاد بدأ في خلع ملابسه والقائها في السلة حتى وصل لحد معه دفنت رأسها في الوسادة من شدة خجلها... ومن تحتها سمعت صوت ضحكاته وصوت باب الحمام وهو يغلق ..
وكالمعتاد أيضًا خرج من الحمام علي غرفة الملابس مرورًا بها وهو يلف وسطه بمنشفة ويجفف شعره باخرى .. مازال وقحًا كما هو لكن وقاحة من نوع اخر ..
حالة الترقب التى تركها بها جعلتها تريد مرور الوقت بسرعة بعد مغادرته .. لكنه كان يعاندها والساعة لا تتحرك .. وهونت زيارة حماتها لها فى غرفتها الكثير,, كم هى جميلة ويالأخص حينما تتحرر في منزلها وتترك شعرها حرًا .. تبدو اصغر من سنوات عمرها .. تتزين بحرية ورائحة عطرها تمليء المكان .. ابتسمت لها في حنان ودعم وسألتها بحب ... - كيف حالكم ؟؟
نظرت نحو بطنها وقالت ..- بخير الحمد لله
- حبيبتى .. هل تسمحين لي بالتحدث إليكِ كما اتحدث لشيماء ؟؟
هتفت بلهفة .. - بالطبع يسعدنى ذلك ..
صمتت لبعض الوقت وكأنها ترتب افكارها ..- قبل أن ابدأ حديثى عن خالد احب أن اتأكد من أنكِ لن تعتبري ما سأقوله تدخل أو فضول حموات .. أنا أم تحب ابنائها وكل ما تفعله يكون لصالحهم وحينما قررت الحديث معكِ اليوم فهذا كان لصالحك أنتِ أنا اعتبرك ابنتى ومعزتك في قلبي كشيماء وربما اصبحت أكثر بعدما حملتى لى حفيدين .. قطع من روح خالد ومن روح يسري .. الامتداد الذى سوف يجعلنى اصبر علي فراقه .. هل اكمل أم انسحب ؟؟
- ارجوكِ اكملي ..
تنحنحت قبل أن تقول .. - سارة .. نحن مميزتان .. نعم أنا وأنتِ مميزتان لأننا حظينا برجال كخالد ووالده .. رجال أقوياء لدرجة مخيفة .. رجال تحمى وتحب وتهتم .. حبهم يكون لمرة واحدة وللأبد ولا ينزعه من قلوبهم سوى الموت لكن لتحظى بكل تلك النعم عليكِ الصبر وربما في المنتصف تتعرضين لقوتهم بشكل يؤلم لكنهم هكذا بكل عيوبهم وكل مميزاتهم " شروة واحدة " كما يقولون .. والزوجة الذكية ستملك مفتاح زوجها وتوجه قوته لحمايتها وتدليلها بالكامل .. لن اخبرك أنها تجربة سهلة أن تكونى زوجة لخالد .. أنا أكثرمن تعلم ولستِ بحاجة لاخباري عن عنده وجموحه .. حتى أنا اعانى من سيطرته التى يخفيها كى لا يتخطى حدود الابن .. عشت بصعوبة مع زوج وابن من نفس العينة واعانك الله اذا كان تؤامك من الذكور فستعانين مع ثلاثة لكنها تجربة تستحق ..
سألتها فجأة .. - أنت جميلة جدًا ومازلتى صغيرة وخصوصًا عمى توفي منذ سنوات طويلة .. ألم تفكري بالزواج مطلقًا ؟؟
ابتسمت بهيام وهى تقول .. - من تزوجت يسري اسماعيل لا يمكن أن يملىء عينيها رجل سواه .. ذكراه تظل حية حتى مماتها ووجوده في قلبها يحيها .. أنا امرأة لرجل واحد يا سارة وأنت تشبهينى تمامًا,, هل من الممكن أن تحبي رجل غير خالد يومًا ما ..؟؟
احمرار وجهها جعل حماتها تقول ..- نعم أنا اعلم أنكِ تحبينه وهذا أمر لا يدعو للخجل بل للفخر .. حب خالد يؤلم صدقينى اتفهمك .. لكنه يعشقك يا سارة .. خذيها منى كلمة .. أنا أم واعلم متى يعشق ولدى .. لأول مرة اراه مرتبك .. أنتِ صغيرة للغاية وجميلة بصورة خيالية وهو يعلم ذلك,, لذلك يتصرف كدب مجنون,, يريد أن يجعلكِ تنتمين إليه بالكامل ولأكون صريحة هو يشعر أنه أكبر منكِ بكثير لذلك لا يجيد التصرف معكِ .. اشارت لشعرها .. - شعري الذى ابيض اعطانى الخبرة ابتسمت بمرح وهى تكمل .. - أو سيبيض لا تعتقدى أنه مصبوغ .. الشيب في عائلتنا يتأخر كثيرًا في الظهور..
أنتِ تحت العشرين وسنك يتسم بالجموح والاندفاع .. تلك طبيعة البشر وجميعنا مررنا بمرحلتك وخالد في الثلاثينات وهو سن القوة لذلك انتما علي طرفي النقيض ويجمعكما الحب .. أنا تخطيت الخمسين وهو سن التأمل .. اراقب واحلل واجمع الدلائل لاخرج بالنتيجة .. أنا اعلم أن خالد تهجم عليكِ وبصورة مرعبة يا سارة .. حبيبتى لا تخجلي منى هو من يجب عليه الخجل لا أنتِ ..
همست باحراج .. - هو اخبرك ؟؟
- لا حبيبتى .. ولا يجب أن يعلم أننى اعرف .. هو ولدى صحيح لكنه في النهاية رجل وعدم معرفتى بما حدث لصالحك .. حتى يظل يؤنب نفسه وشعوره أنه يخفي جريمته أمرًا جيدًا بالبلدى كى لا يخلع برقع الحياء ويكررها .. فعندما يعلم اننا نعلم قد لا يردعه رادع ..
والامر لم يكن بحاجة للكثير من الذكاء لاعلم ما حدث .. ليزا اخبرتنى أنه سحبك خلفه علي الدرج ثم دمار غرفتكما,, سفركما بدون وداع .. والاهم حينما كنت اتصل بالمزرعة للاطمئنان عليكما كانت صفية تخبرنى عن تعافيكِ من الحادث الذى تعرضتى له .. لن اطلب منكِ أن تسامحيه بدون عقاب لكِ كل الحرية في عقابه بالطريقة التى ترينها مناسبة .. أنا فقط قدمت لاخبارك أنه يحبك كما لم يحب من قبل .. واعطائه فرصة ثانية ربما ستثبت لكِ ذلك .. سأرحل الآن لترتاحى قبل الزفاف ..
زيارة حماتها كانت كتقطيب لكل جروحها النازفة وجعلت الوقت يمر .. وبوصول الساعة للثانية شهقت براحة وتفحصت ثيابها ... كل احتياجاتها للحفل جهزتها داده ورتبتها لها بطريقة تجعلها ترتديهم بسهولة بدون أي مجهود ..
ستدلل نفسها بحمام طويل وبطىء.. نقعت نفسها في الجاكوزى فالزيوت النادرة التى تجدها هنا تفك تخشب عضلاتها,, المياة الساخنة والزيت العطري جعلاها تشعر بالاسترخاء .. وعندما اكتفت تناولت منشفة كبيرة ولفت نفسها بها,, لهفتها لارتداء الفستان الرائع الذى يبرز حملها جعلتها تنهب الطريق لكنها شهقت بعنف وكادت تتراجع للحمام فهناك علي الفراش بجوار فستانها الفضى كان خالد يجلس بكسل ..
خطته الاصلية كانت ردها بعد الزفاف .. كان سيطلب منها العودة إليه ويتقدم لها بصورة رسمية.. كان سيركع علي ركبتيه ويطلب يدها لكن رؤيته لها في هذا المنظر المغري هدمت أي خطة كان يعد لها ..خسارة تفكير شهر الذى هدم في ثوان ..
بدون تفكير اقترب منها وهى تخشبت في مكانها .. حتى هروبها المفترض وعودتها للحمام فشلا بالكامل .. كان يجب أن تضع حدًا لما سوف سيحدث .. ما علمت تمامًا أنه سيحدث ..
لكن لم يطعها أي جزء من اجزاء جسدها وتحرك خطوة واحده بعيدًا عنه...جسدها فلت من سيطرة عقلها وتمرد بالكامل.. عينيه كانت تأكلها بنظرات رغبة عنيفة...عقله كان قد قرر التوسل إليها بعد الزفاف حتى تعود إليه فيردها لتصبح زوجته مجددًا...لكن جسده الآن كان له حسابات مختلفة .. وحينما اقترب شعرت بحرارته حتى دون أن يلمسها .. كل ذرة من جسده كانت تصرخ " اريدك "
وبحركة مفاجئة صادمة حررها من المنشفة... اقترب منها أكثر وضمها لجسده بعنف وقال ...- سارة أنا اردك لعصمتى
خبرتها ومعرفتها بأحكام الزواج والطلاق معدومة,, كانت تشعر وكأنها تشاهد فيلمًا وسمعته يقول .. " أنا اردك لعصمتى "
عقلها اصبح رخوًا كالجيلي داخل جمجمتها,, بكلمة واحدة عادت زوجته مجددًا.. وعلي الرغم من رغبته العنيفة فيها إلا أنه اهتم أولا بردها ..
لكن حتى لو لم يكن نطقها فهل كانت ستستطيع المقاومه ؟
أنت تقرأ
عطر القسوة : ﺑﻘﻠﻢ ﺩﺍﻟﻴﺎ ﺍﻟﻜﻮﻣﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺸﻖ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻲ
Romanceمن أنا لأحاسبك ومن انت لتحاسبني حبيبان جمعهما القدر فهل سيفرقهما الذنب أدم وحواء منذ الأذل في صراع لا ينتهي شك وغيره .. حيرة وحزن رمانة الميزان أن اختلت طغت احدي الكفتين على الأخري فهل ستصمد كفة الحب في مواجهة كفة الألم