معبد اليد السوداء

1K 26 10
                                    

يندفع رجال يرتدون ملابس رهبان لونها أحمر ليتسلحوا بما يجدون من الفؤوس و الدروع ، يزيحون بعضهم و يصرخون بصوت قد ملأ المعبد الذي هم بداخله ؛ فوقف علي منصة المعبد راهب وقال بصوت عال:

''كفي! إنهم قادمون لأجلنا و أنتم تجوبون المعبد كالدجاج فاقدين رؤوسكم!''.

لم يعر أحد إهتماماً لما قال و ظلوا مندفعين ليتسلحوا بالفؤوس ؛ فنزل الراهب من المنصة و أمسك بفتي نحيف كان يجوب معهم بخوف و قال له:

''دعك منهم يا رجل! إذهب فوراً إلي الغرفة و خذ بذرته المقدسة بعيداً عن هنا!''.

تحطم الباب الأمامي للمعبد و إندفع من خلاله جنود مدرعين بدروع بيضاء نظيفة و ذهبية لامعة ، ثم إشتبكوا بسيوفهم القوية مع فؤوس رهبان المعبد التي بها صدأ ، فقال الراهب للفتي أمامه:

''إذهب الأن!''.

فركض الفتي بسرعة متجهاً ناحية اليسار أما الراهب فقد أمسك بفأسه و إندفع ناحية الجنود ذو الدروع الذهبية و بدأ يقاتل أحدهم ، لكن الرهبان بفؤوسهم الرديئة و دروعهم الخشبية هُزموا بسهولة أمام الجنود ذو السيوف و الدروع ذات الحرفية المذهلة ؛ فإنتشر الجنود داخل المعبد و بدأ يحطمون أبواب الغرف ، حتي إقتحم بعضهم غرفة كان بها إمرآة ميتة يوجد دماء بين قدميها علي الأرض و بجوارها مهد(1) طفل رضيع ، و فتي نحيف خائف يمسك سكين صغيرة بيده مرتعشة كاد أن يقفز من النافذة لكنه توقف فور أن رأي المزيد من الجنود بالخارج.

إتضح للفتي أنه لن يستطيع النجاة بسهولة فإزداد خوفاً فوضع يده بسرعة داخل مهد الطفل الرضيع و أخرج منه طفلة رضيعة رافعاً عليها السكين مهدداً بأن يقتلها إذا لم يخرج من الغرفة حياً.

تقدم من وسط الجنود جندي شاب لم يبدو مثلهم ؛ فكان ناعم الشعر لونه أشقر وسيم الوجه طويل القامة و عينه تضيء لوناً أخضر ساطع ، و بدأ يحاور الفتي الخائف قائلاً:

''عليك أن تضع الطفلة جانباً فليس لها علاقة بما يحدث بيننا هنا''.

صرخ الفتي الخائف يرتجف قائلاً:

''بل لها!! يجب أن أحمي الطفلة! أبي قال لي ذلك..لكني سأقتلها إذا إقتربت مني!!''.

تقدم بعض الجنود خطوة مصدرين صوتاً مروعاً بدروعهم فإزداد الفتي خوفاً و رفع السكين عالياً كاد أن يطعن الطفلة لولاً أن أمر الشاب الجنود بأن يلقوا سيوفهم علي الأرض بعد أن ألقي سيفه قبلهم.

إندهش الجندي الشاب فور أن دخل خلف الجنود بالغرفة امرأة طويلة القامة أكثر طولاً من جميع من بالغرفة شعرها ذهبي يلمع ملمسه حرير و عينها تضئ زُرقة كماء يصيبه ضوء أبيض جميل ، و فور أن رأوها الجنود ضربوا صدرهم بيدهم ثم وقفوا جانباً بجسد مستقيم.

رفع الفتي رأسه المذعور لينظر إلي رأسها الذهبي المتوج الذي كان فوق رؤوس الجنود حولها و علم جيداً من كان ينظر إليها ، و في تلك اللحظة ظن الفتي أنه لن يغادر الغرفة حياً فرفع يده ليطعن الطفلة لكن المرأة ذات الشعر الذهبي فتحت فمها و سكبت كلماتها العذبة عليه فإهتزت يده من سحرها و قام بإسقاط السكينة علي الأرض فإندفع الجندي الشاب و أخذ الرضيعة من يده ثم قالت له المرأة:

''أحسنت في تهدئة الفتي يا إيندار ، لقد ظن خطأً من خوفه أننا بلا رحمة مثل الطائفة التي ينتمي إليها''.

ثم نظرت إلي الجنود حولها و قالت لهم بصوتها الرزين:

''عالجوا جرحاهم و ادفنوا موتاهم أسفل الأرض خارج المعبد ، هذا أخر معبد لطائفة اليد السوداء و اليوم إنهزم أتباع عدونا القديم أخيراً بعد حرب دامت مئة عام''.

إنتشرت السعادة بين الرجال بالغرفة فنادي إيندار خلال صوتهم للمرأة التي كانت مبتسمة لفرحة الرجال و قال لها:

''ملكتنا نهاذرين! انظري للطفلة!''.

إتجهت إليه المرأة لتأخذ الطفلة من بين يديه و تنظر إليها فوجدت في رأسها قرنان صغيران ، بشرتها كالدخان الرمادي و فوق رأسها شعر خفيف لونه أحمر داكن ، فقال لها إيندار:

''لديها قرنان مثل وحوش اليد السوداء القديمة يا سيدتنَا ، أنقتلها كما فعلنا بهم سابقاً؟''.

وضعت السيدة يدها علي خد الطفلة ؛ ففتحت عيناها الزرقاء ثم نظرت إليها و ضحكت فقالت السيدة:

''ألا يكفي علي المسكينة الصغيرة أن أمها قُتلت بلا رحمة؟ سنأخذها و نربيها لتعيش بيننا ليكون إسمها ليليان''.

زفاف الملكة القرمزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن