زواج الفتاة الحمراء

149 7 0
                                    

كان واضح جداً لليليان أن ذلك لم يكن خياراً ، إما أن يتم إعدامها في زنزانتها أو تقبل فتخرج صفتها مخطوبة الإبن البكر لوزير الحرب و ظنت أن تلك هي خطة إيندار ليخرجها.

خرجت ليليان من السجن و أخذها الحراس إلي عربة يجرها حصانين زيلهما ذهبي طويل و جسدهم حسن ونقي كالفضة ، و سارت العربة بداخلها ليليان و إيندار جالسين أمام بعضهم متجهين إلي القصر الملكي ، جلست ليليان بصمت تنظر لخارج العربة ثم إلي إيدار الذي لم يظهر عليه حزناً لموت خطيبته السابقة زقلاء فقالت له ليليان تحاول محادثته عنها:

''أنا أسفة أني لم أستطع أن أصل إليها في الوقت المناسب..قبل أن يحدث ما حدث....أن تصدق أني لم أقتلهما صحيح؟''.

فأجابها إيندار:

''بالطبع أنا أصدقك ، بعض الناس الذين لا يفترض بهم أن يموتون يموتوا فهذه هي الحياة التي نعيشها ، أياً كان من فعلها سنقتله كما قتلهما''.

ثم قال لها إيندار بعد أخذ نفس عميق:

''أنت تعلمين أن أبي سيزوجنا فور وصولنا القصر أليس كذلك؟ كما أنه سيمنعك من التحدث إلي أخي''.

نظرت إليه ليليان لم تقل شيئاً ثم نظرها عبر النافذة إلي الحقول الخضراء التي كان يرقص عشبها الطويل من مداعبة نسمات الهواء له.

بعد بضعة أيام وصل إيندار و ليليان إلي القصر الملكي ليلاً ، فذهبت ليليان إلي غرفتها التي وجدتها مبعثرة و كل شيء كان مُلقي علي الأرض و كانت الأطباق و الأكواب مُحطمة بكل مكان ، و عندما فتحت صندوق ملابسها وجدت جميع فساتينها ممزقة ، أدركت ليليان أن شخصاً ما أو أكثر قد دخلوا غرفتها و فعلوا ذلك كُرهاً ، فما كان لليليان أن تفعل شيء سوي أن تنام علي سرير غرفتها المُقطع تبكي بصمت علي فراق أختها العزيزة زقلاء.

و في صباح اليوم الثاني إستيقظت ليليان علي صوت باب غرفتها يُكسر ، و دخل الغرفة ثلاثة حراس فقام أحدهم برمي فستان أبيض علي سريرها و أمرها بالنهوض و إرتدائه فوراً ثم غادروا الغرفة و وقفوا خارجها.

لكن ليليان نهضت و أخرجت فستانها الأحمر و قامت بخياطته بسحرها فجعلت الأماكن المقطعة تندمج ببعضها كاللحم ، ثم قامت بتوسيع بعض الفجوات مثل منطقتي الكتف و الصدر لتجعل شكل الفستان أكثر أناقة ثم قامت بقطع الفستان الأبيض إلي نصفين.

عندما خرجت ليليان غرفتها سئلها أحد الحراس:

''من أين جائت بهذا الفستان؟ لماذا لم ترتد الذي جئنا به؟؟''.

فردت عليهم و قالت:

''وجدت أن به فجوة كبيرة من ورائه فلم يعجبني''.

فدخل الحارس الغرفة فوجد الفستان مقطوعاً إلي نصفين و بجواره مقص فعلم ما فعلته ليليان ، لكنه لم يرد أن يهدر وقتاً بمجادلتها فتنهد ثم خرج ليأخذها إلي فناء القصر حيث سيتم تزويجها لإيندار.

سارت ليليان مع الحراس عبر ممرات القصر الفارغة حتي خرجت إلي فناء القصر الذي إمتلأ بالزرزاء يرتدون أجمل ملابسهم ، منهم من يجلس يتحدث إلي مَن بجانبه علي عشب الأرض الملون بالسبع ألوان و منهم من يقف مصوباً نظره إليها.

فوقف جميع الحاضرين من الزرزاء منهم من فتح فمه دهشة من جمال ليليان ، و تساقط ورق ملون من السماء و عُزفت موسيقي الزفاف ، ونظرت ليليان حولها فلم تجد نازار و لا جفران بين الحاضرين.

ثم ظهر إيندار أخذاً بيدها و سار ببطئ بجوارها ناحية زرزائي كاهن يقف في منتصف الفناء يرتدي ثوب ذهبي ، فوقفا أمامه و رددا كلاماً قاله لهما لم يكن باللسان(1) الشائع ، ثم طلب الكاهن من إيندار أن يقدم للعروس هديتها فوضع إيندار علي الطاولة بجواره كأس ذهبي ضخم به أربعة ماسات هديه لها ، ثم وضع حول رأسها و حول كتفها إكليلان أوراقهما أزرق ثم غطا رأسيهما بقطعة قماش بيضاء لتكون حاجباً بينهم و بين أعين الحاضرين ، فنظرت ليليان إلي عيون إيندار الخضراء اللامعة تحت الضوء الأبيض النافذ عبر القماش ، و أحست بيدها نعومة رقبته اللامعة و إقتربت بشفتيها الكرزية لتذوق بها ملمس شفتاه.

فلما قَبلا بعضهما أسفل الحجاب الأبيض و ألبسها خاتم به جوهرة قرمزية صفق الزرزاء و أُعلنا زوجاً و زوجة و إنتشرت البهجة في فناء القصر في وجوه كل الحضور إلا ليليان و إيندار ينظران إلي بعضهما و قلبهما مربوط يفكر بآخر ، قلب ربطته لانت من بعد المسافة بين القلب الآخر ، و قلب مربوط بقلب قد توقف نبضاً ولا يريد أن يفُك عنه.

(1) باللُغة.

زفاف الملكة القرمزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن