نصل أسود و قلب يحترق

163 8 2
                                    

تقف عربات القافلة علي أرض مغطاة بسجاد أحمر نقوشه لونها ذهبي ، يعصف صوت الموسيقي حول عربة نهاذرين المُميز بابها برسمة أسد ذهبي ، تركض الأطفال و يزيحون بعضهم بعضاً ليخطفوا نظرة علي الشعر الذهبي لأكثر النساء جمالاً في الدُّونان من البشر أو الزرزاء.

و بعد نزول نهاذرين من عربتها ينزل الزرزاء بملابسهم الفاخرة و بشعرهم و بعيونهم الملونة بمختلف الألوان ، و يُقتح باب عربة ليليان لتنزل منها لكنها تعثرت من فستناها و كادت أن تسقط لولا أن أمسكتها زقلاء و هي تقهقه فقالت لها زقلاء:

''إنه لشعور رائع عندما يرحبون بنا''.

لللل

فتح الحراس باب القاعة لتدخل نهاذرين يتبعها الزرزاء و ورائهم مجموعة من البشر يبدوا أنهم ذو شأن و مال ، جلست نهاذرين و بجانبها ليليان و باقي الزرزاء علي طاولة عريضة بمؤخرة القاعة ، أما البشر مقاعدهم و طاولاتهم بمنتصف القاعة.

و كان البشر يتحاضنون ضاحكين مقَبلين بعضهم بعضاً بالترحاب فتكدست القاعة بصوتهم ؛ فضرب رجال الزرزاء علي طاولتهم و رفعوا صوتهم لإسكاتهم فصمت البشر و جلسوا علي مقاعدهم ثم وقفت نهاذرين تقول مخاطبة للجميع:

''لقد ورث البشر عن زوجي حبهم للصناعة و البناء متخذتينه قدوة في المعمار ، هو الذي جاء بفكرة شجرتا النور اللتان تنيران عبر كل الممالك البشرية و غيرها ، ثلاثتنا صنعنا الأرض و منذ مائة سنة قُتل زوجي و أخي في الحرب من أجل البلاطة السوداء و لم يتبق سواي''.

نظر جفران إلي عالوش نظرات خبث ، و أكملت نهاذرين بعد أن رفعت كوبها الذهبي قائلة:

''هذه المناسبة ليست مناسبة حزن بل هي فرحة لإنتصارنا علي اليد السوداء و مؤيدوه ؛ لهذا قد أحضرنا في هذه القافلة معنا طعاماً يكفي لكل فم جائع في المدينة ، سأظل أغرق القري و المدن الأخري بالخيرات مادمت معكم ، أما الأن فلنتناول أطيب الطعام و نوزعه علي أكثر أحياء المدينة فقراً''.

فوقف جفران رافعاً كأسه الممتلئ مردداً ورائها بصوت يرتدي الإخلاص كذباً:

''ما دمت معنا!''.

صفق جميع الموجودين ثم إنتشر صوت الموسيقي داخل القاعة و بدء الحرس يوزعون الأطعمة و المشروبات علي جميع الحضور ، و استمرت الموسيقي تُعزف و علا صوت ضحك الرجال و هم يتحادثون مع بعضهم يأكلون ، و استمرت الفتيات يتضحاكون و يمرحون رقصاً.

جاء رجل زرزائي بجواره فتاة جميلة وردية العينين و الشعر ثم قال لنازار بعد أن عرّف بنفسه:

''أنت نازار ابن جفران الرجل المحترم ذو المكانة و الكرامة ، جئت لك لكي أطلب منك أن تكرمني بالرقص مع أبنتي''.

نظر نازار بتوتر إلي من يجلس حوله علي المائدة خصيصاً ليليان اللتي كانت تنظر إليه بلهفة تنتظر جوابه بالرفض ؛ فقال أبيه في أذنه حثيثاً(1):

''إذا رفضت طلبه ستكون قد قللت من إحترامه لعائلتنا''.

تردد نازار قليلاً لكنه وافق ثم أمسكت الفتاة يدها بيده و أخذته يرقص معها ، و أثناء ذلك يشتعل وجه ليليان بالغضب ، لاحظت ذلك زقلاء فوقفت و أخذت بيد ليليان مغادرين القاعة أثناء ما ينظر إليهما بعض الحاضرين.

سألت نهاذرين من حولها عن ابن أخيها الذي لم يظهر فأجابها الجميع بأنهم لا يعلمون أين هو ؛ فوقفت نهاذرين مغادرة القاعة من الباب الخلفي فنظر جفران إلي عالوش مشيراً بأن يذهب ورائها ؛ فوقف عالوش ثم خرج من الباب الأمامي.

خرج عالوش فرأَي زقلاء و هي تحتضن ليليان محاولة أن تبهجها، و ظلا ينظران إلي شجرة النور العملاقة المطفأة ليلاً ، فتجاهلهما عالوش و دخل شارعاً كان بجوارهما و قابل وسط الزحام رجلاً بشرياً يرتدي عبائة تغطي رأسه و باقي جسده حتي قدمه ، فأخرج له عالوش من حذائه سكينة بنصل أسود ثم قال له:

''إنها وراء مبني القاعة ، تذكر عليك أن تكون سريعاً و أن تهاجمها من ورائها و إلا ألقت عليك كلاماً يشل حركتك''.

قالت زقلاء لليليان بعد أن توقفا عن المُعانقة:

''أتعلمين أمراً سأذهب و أخبر نهاذرين أن تصدر أمراً بأن تُزوجي لنازار ، ابقي هنا و سأعود منها بخبر مفرح لك''.

قبّلت زقلاء رأس ليليان الحمراء ثم تركتها ذاهبة إلي داخل القاعة.

فظًلت ليليان جالسة وحدها لبعض من الوقت حتي لاحظت رجلاً يرتدي عبائة تغطي رأسه و جسده حتي قدميه ينظر حوله بتوتر و يمشي سريعاً متجهاً إلي وراء القاعة ؛ فلبس ليليان شعور الرهبة و أحست بأمر كبير ، فوقفت بعد الكثير من التردد و ذهبت بالإتجاه الذي ذهبه الرجل و لم تشعر بإختفاء السحر و ظهور قرناها علي رأسها.

عندما وجدت ليليان الرجل كان قد ركض و طعن نهاذرين بظهرها و رأت زقلاء تهلع صراخاً ؛ فقام الرجل بطعنها في صدرها ثم إلتفت و وجد ورائه ليليان فأحس بخوف من بشرتها الدخانية و قرناها البارزان ؛ فخَرّ(2) الرجل علي الأرض موقعاً النصل الأسود ثم و قف يركض مسرعاً.

(1) سريعاً.

(2)فوقع.

زفاف الملكة القرمزيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن