الفصل الرابع

11 1 0
                                    

مرت الأيام ولكن لم تكن هادئة؛ فكان هناك الكثير من المشاجرات بين شباب القريتين بسب دفاع بعض أبناء قرية صفوان عن فارس بأنه ليس القاتل واتهام أبناء قرية عرفات فارس بأنه القاتل.

أصبحت الأوضاع فى حالة فوضى لا يستطيع كبار القريتين السيطرة عليها؛ لدرجة أن بعض هذه المشاجرات توصلت إلى المركز.

حتى بدأ ظهور أحاديث خاطئة على القهاوى وفى صورة نميمة بين النساء.

فى مطبخ منزل عرفات ؛ كانت العاملات تتحدث معًا أثناء تحضيرهم وجبة الإفطار .

نعمة بتساهل: الكلام مغرق البلد؛ أنا مجبتش حاجة من عندى.
وردة: لمى نفسك يا نعمة انتِ بتخوضى فى عرض ناس بتاكلى من خيرهم.
نعمة بإستنكار: هو أنا اللى بقول .
سميحة: بت يا نعمة حافظى على لقمة عيشك وياختى بدل ما بتسمعى وتيجى تقولى اخرسى لسان اللى تمس الست أسماء بكلمة؛ دا يا حبة عينى قلبها مبردش على جوزها.
تأفأفت نعمة وخرجت من المطبخ لتتوجه للدور العلوى وهى تتوخى الحذر.
وجيدة بإنفعال: بت يا نعمة راحة فين
تلجلجت وهى تقول: هطلع أطل على الست أسماء تكون محتاجة حاجة.
وجيدة: الحج مش منبه محدش يطلع فوق غير سميحة؛ يلا انجرى على شغلك تحت.
زينات: جرا ايه يا وجيدة بتزعقى ليه؛ بقالنا مدة مسمعناش صوتك.
وجيدة: استغفرك يا رب واتوب اليك.
وسارت فى طريقها
لتضحك زينات ثم تنظر لأسفل الدرج: بت يا نعمة تعالى عايزاكى.
نعمة بتردد: بس الحج نعيم.
زينات: اطلعى يابت بدل ما اخلى جمال يقطع رجلك من هنا وانتى عارفة زعلى وحش.
_____________________
كانت نادية تسير عائدة من مدرستها الثانوية التى تقبع بعد قريتين من قريتها، كانت مُتعبة ووجهها شاحب وعيونها ذابلة تحدث ذاتها " أنا تعبت ياريتنى ما كنت خرجت؛ لو كنت موجود يا فارس كنت روحت انت شوفت النتيجة زى كل سنة؛ يارب ترجع بقى"

كانت هناك مجموعة من النساء أمام تجلس بين دارين متقاربين؛ لاحظت نادية أثناء مرورها من وسطهم الهمز واللمز بينهم كانت متوقعة ذلك ولكن مالم تتوقعه هو حديثهم عندما قالت إحداهن بصوت مرتفع حتى يصل إليها "قال وأنا اللى كنت ناوية اخطب لابنى واحدة منهم؛ بس بعد اللى اخوهم عملوا دا مبصش فى وشهم"
وقالت أخرى " تأمنى إزاى لناس زى دول؛ اللى يخلى اخوهم يبص لمرات صاحبه ويقتله، يبقى أخواته دول هيبقوا إزاى"
وثالثة " ربنا يعلم هو حصل أكتر من كدا ولا إيه"
بدأت نادية تشعر بالغليان غضبا من ذلك الحديث الفج لتصيح فيهم: قطع لسانك أنت وهى قبل ما اى كلمة تمسنا؛ شوية ستات فاضية ومعندكوش خشا؛ بكرا فارس هيرجع والحق هيظهر وهنخرسكم .
تفاجئت النساء من ردها عليهم لذلك صمتوا وسارت هى لمنزلها.
___________
كانت تنتظرها ليلى بقلق شديد
حتى سمعت طرق على الباب فنهضت سريعًا لتفتح؛ فكان راشد.
ليلى: أبويا مش هنا يا راشد؛ شوفوا فى الارض يا على القهوة.
راشد: إيه يا ليلى المعاملة دى؛ دا احنا حتى قرايب
نظرت له شرزًا: عايز إيه يا راشد.
راشد: جاى اطمن نادية على النتيجة، نادى عليها.
ليلى: كتر خيرك أوى؛ نادية راحت تشوفها وزمانها راجعة.
راشد وهو يضرب على الباب الخشبى: وهى ايه يخرجها.
فزعت ليلى من ضربته ثم أردفت: وانت مالك بيها تخرج ولا تقعد عايز منها ايه.
وصلت نادية إليهم: مالك يا ليلى
ليلى: مفيش يلا ندخل؛ تُشكر يا راشد.
فامسك بمعصم نادية: إيه خرجك من بيتك.
نظرت نادية له بغضب: انت ملكش حكم عليا من اساسه.
ليلى بغضب: سيب ايدها وملكش دعوة بيها يا هروح لأبوك يشوفلك صِرفة.
واعلقوا الباب بوجهه دون اهتمام له.
ليلى: طمنينى.
نادية: الحمدلله زى كل سنة.
ليلى: ربنا مايقطعها عادة.
واحتضنتها بشدة وقبلتها
نادية: انتى فرحانة اوى كدا ليه؛ دا انا مش عارفة افرح .
ليلى: يا نادية دا الفرح ساعة؛ افرحى بنفسك وبتعبك.
نادية: فرحتى اللى بجد لما فارس يرجع؛ أنت متعرفيش بيتقال علينا ايه.
ليلى بتوجس: إيه اللى بيتقال.
تنهدت نادية و بدأت بقص الأمر عليها.
_________________________
اجتمعت عائلة نعيم لأول مرة منذ ثلاثة اسابيع على مائدة الطعام.
حاول نعيم أن يُسهل الوقت على عائلته رغم حزنه الشديد على فقدانه لابنه.
نعيم: نتيجة طلعت يا علياء.
أومأت علياء إيجابيًا
نعيم: ها زى العادة ولا .
علياء بفتور: زى العادة.
نعيم بنبرة فرحة: بقى فيه حد يبقى الألفة على مدرسته ويبقى عامل كدا؛ تعالى خدى هنا.
احتضنها واخرج من جلبابه مبلغ من المال ليردف "خدى دول وهديتك هتوصلك" .
ابتسمت بحب لأبيها وقبلت جبينه وعادت مكانها فربتت والدتها على ظهرهها.
نعيم: جرا إيه يا ام سليم ؛ مبتاكليش ليه
نظرت له زوجته وزوجة ولده معًا.
ليقهقه مردفًا: كدا أنا اتلخبط.
ابتسمت له زوجته فكانت تعلم أنه يقصد زوجة ابنهم فأردفت: قولها يمكن تسمع منك .
نعيم: لازم تاكلى عشان ابنك يا بنتى؛ يلا سمى الله وكلى .
أسماء: شبعانة يا عمى؛ قعدت عشان مزعلكش.
تشدقت زينات قائلة: هو أنتى حد قالك حاجة يا أسماء
أسماء: حاجة إيه يا مرات أبويا.
زينات بتعاطف زائف: خلاص بدل ما تزعلى؛ مع إنى والله من ساعة ما سمعت وانا مضايقة على الآخر .
فاطمة: خير يا زينات.
زينات: فى كلام كدا داير بين الناس مش ولا بُد
انتبه الجميع إليها منتظرين ما ستقول .
جمال: إيه الكلام الماسخ دا؛ يا تقولى اللى عندك يا تسكتى.
زهير: بلاش دلوقتى ياما.
محمد بتشنج: كلام إيه اللى داير وإيه علاقته بأسماء.
زينات: الناس بتقول إنكم ساكتين عن حق سليم عشان تداروا على فضيحة بنتكم؛ وان يمكن الواد مش ابنكم.
جمال: ايه اللى بتقوليه دا يا ولية؛ فضيحة إيه قطع لسان اللى يمس بنتى بكلمة.
صُدمت أسماء من الحديث
فتابع زهير قائلًا: يا عمى الناس بتقول ان خناقة سليم فارس بسبب أسماء؛ ويعنى كان بينهم علاقة ولما عرف سليم.
ضرب نعيم بيده على الطاولة فتوقف زهير عن الحديث وبدأت أسماء بالطم على وجهها ودموعها لا تتوقف.
نعيم: قوموا نكمل كلامنا برا.
نهضوا الرجال خلف نعيم للشرفة الكبيرة وبقيت النساء تحاول تهدئة أسماء.
نظرت فاطمة بقهر شديد نحو زينات: حسبى الله ونعم الوكيل.
ربتت وجيدة عليها: اهدى يا بنتى كدا واذكرى الله
أسماء: ونعم بالله؛ أنا والله ما حبيت غير سليم ولا حد لمسنى غيره.
وجيدة: وأحنا يا بت مش عارفينك؛ دا كل ما أشوفك أقول لو منها كمان اتنين كنت جوزتهم للواد مجد وعز .
علياء: محدش هيسكت عن الكلام دا، بابا وعمى هيخرسوا اى حد بيجيب سيرتك.
مسحت فرحة بأناملها دموع أسماء: طبعًا أومال يعنى.

ماريونيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن