الحادى عشر

10 1 0
                                    

هبطت نادية للطابق الأرضى على عكس ما قالته لأختها؛ ارتدت عباءتها ولفت حجابها؛ ولكن أصابتها الحيرة مرة أخرى هل هذا هو الحل الوحيد أمامها حتى لا تتورط بالزيجة.
وصلتها الرسالة المنشودة عبر تطبيق الواتساب "اطلعى من الباب اللى ورا يلا".
خفق قلبها بشدة أرادت أن تتراجع عن فعل هذا الأمر.
ولكن وصلتها رسالة ثانية من راشد " دى فرصتنا الأخيرة؛ مش هقدر أمنع الجوازة؛ مفيش قدامك وقت لو مخرجتيش همشى"
كان راشد يعلم أن هذا الأمر ليس سهل على نادية فعله ولكنه كان يستطيع التلاعب والتراقص بالكلمات حتى يصل لمراده؛ وبالفعل وجد نادية أمامه تحمل حقيبة متوسطة الحجم وبعيون باكية.
أخذ الحقيبة بعملية يحملها وأمسك يدها يهرول قائلًا: يلا قبل ما حد يحس بينا.
كانت نادية تنظر ناحية منزلها؛ لم تجد أمانها هناك ولا سعادتها؛ كانت تعيسة ولكن كان هناك من يشعرها بقوتها؛ هى الأن ضعيفة هشَّة يجرها راشد خلفه؛ حتى غاب عن نظرها المنزل وهى الأن تسير برفقة راشد وسط حقل.
أردف راشد بسعادة وثقة: أخر الأرض العربية؛ هنروح بيت تانى هيعجبك أوى.
لم تجيبه اكتفت بسحب كفها من كفه وسارت خلفه بهدوء .
تضايق راشد من سحب كفها ولكنه تغاضى عن الأمر وأكمل حديثه: كل أيامنا الجاية هتبقى كويسة مع بعض؛ أنا كنت بعد الأيام والدقايق عشان اتجوزك وأعيش معاكِ تحت سقف واحد.
شُلَّ جسدها فى مكانه من الصدمة؛ توقفت عن المشى ووقفت تنظر له؛ ينخر الندم جسدها وعقلها كالسوس؛ كانت تعلم برغبته فى الزواج منها رغم أنها كانو المرة الأولى التى ينطقها لسانه صراحتًا.
إلتف راشد بقلق: مالك تعيبتى يا حبيبتى؛ معلش فاضل كام خطوة.
خفق قلبها بقوة رجعت خطوتين تحت أنظار راشد المستفهمة.
ابتلعت ريقها مردفة: لأ.
لم يفهم راشد فو ضحت هى رفضها: لأ مش هينفع.
ظن أنها تراجعت عن الهرب فوضع الحقيبة بجانبها واقترب منها واضعها يده على كتفها: بكرا الحقيقة تظهر ونرجع لأهلك وأهلى.
ابتعدت عنه وهى تقول: لأ مش هتجوز حد؛ أنا كنت مفكراك بتعمل كدا عشان
لم يعُطيها الفرصة ليقول بغضب قد أشعلت هى فتيله: عشان إيه يا نادية عشان إيه.
نادية سريعًا: عشانى زى أختك؛ عشان متربين مع بعض.
ضحك راشد بهيسترية أخافتهاثم توقف ونظر لها نظرة أرعبتها أكثر: هو أنتِ عبيطة ولا بتستعبطى؛ واحد غيرى مش هيقولك جواز بعد هروبك من بيت أهلك؛ بس عشان أنا راجل شهم وجدع وبحبك قولتلك نتجوز؛ مع إنى ممكن أخد اللى أنا عايزه وأرميكِ.
ظهرت ليلى من خلف نادية وهى تهرول كانت أنغاسها متقطعة صائحة: ارجعى؛ ارجعى يا نادية.
مد راشد يده: يلا يا نادية؛ أختك مش هتنفعك لما تتجوزى غصب عنك.
وقفت حائرة تنظر لكفه الممدود وأختها وهى تهرول ناحيتها.
_______________

أشرق الصباح على قلب عائلة داود؛ كانت أصيلة منذ البكور وهى بالمطبخ تقوم بكل التجهيزات اللازمة بسعادة بالغة، حتى استيقظ الجميع واجتمعوا على المائدة لتناول الإفطار.
ربت علي على ظهر عمران بقوة: مبروك يا عريس.
فرد عمران بتربيةٍ أقوى: الله يبارك فيك يا أخويا.
ليرد علي مرة أخرى بتربيةٍ: قولى عقبالك.
فقالت أصيلة: ما تتلم بقى يا علي ضهر أخوك.
علي: اشمعنى أنا اللى اتلم يعنى.
فأجابه طه ببساطة: كلنا حتى أنت عارف إنك محتاج تتلم.
ضحك الجميع على قول طه .
فرد علي وهو يأخذ رغيف خبز من أمام طه: جوزونى.
داود بإستنكار: وهو الجواز اللى هيربيك.
علي: أنا محتاج إحتواء يا بابا مش تربية؛ طب جوزنى واتفرج عليا بعد ٤٨ ساعة هتحول إزاى.
داود: وأنت مين اللى هتستحملك.
أصيلة: أيوة والله يا أبو طه.
علي بمشاكسة: طب متزعليش بقى لما أوديكِ دار مسنين.
شهقت أصيلة ونظرت لزوجها: اتفرج يا داود على قلة الأدب اللى ابنك فيها.
أردف داود: وأنتِ فكرك دا هيقدر يبعد عنك هتلاقى فى الأوضة اللى جنبك.
فضحك جميعهم مُصدقين على كلامه؛ ونهض علي يُقبل وجنتها بقوة جعلتها تردف: يا واد بلاش رخامتك دى مش قادرة لك.
علي: أنا هنزل عشان أشوف الكراسى والناس بتوع الفراشة وكدا.
عمران: علي؛ كل حاجة على الهادى.
علي: أنا أكتر حد بيعشق البساطة.
طه: وأنا هحصلك علطول.
عاد زكريا من المشفى ألقى عليهم السلام ثم وجه حديثه لعلي: أم كمال عايزاك يا علي.
نهض علي: حاضر؛ أنا نازل لو احتاجتم حاجة هتلاقونى تحت البيت.
أصيلة: تعالى يا زكريا كل لقمة.
زكريا: مش قادر أنا راجع هلكان والله يادوب هاخد دش وأنام شوية.
داود: أنا كنت عايزك تكلم شريف تأكد عليه يحضر كتب الكتاب.
اغتاظ زكريا من ذكر والده لشريف وأردف بنبرة مهتزة يحاول السيطرة على غضبه: أنا مش معايا رقم شريف من أساسه عشان أكلمه؛ وبعدين دا كتب كتاب عمران يكلمه هو أفضل، بعد إذنكم.
إسراء: بصراحة يا خالو شريف دا دمه تقيل بطريقة وخسارة فيه وصال.
داود: وهو أحنا يهمنا خفة دمه فى إيه المهم إنه يكون راجل ويصونها وبس.

ماريونيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن