فى صباح الجمعة كان الوضع هادئ قليلًا لكونه إجازة؛ فكانت الحركة قليلة فى الحى الشعبى القاطن به داود وعائلته؛ حتى اقترب موعد صلاة الجمعة فبدأت التحيات والحركة تملأ الحى.
كانت 《فاتن》 واقفة بجانب والدة زوجها بالمطبخ لإعداد الفطار.
أصيلة: فين عبدالرحمن.
فاتن: نزل مع علي يجيبوا العيش.
أصيلة: طيب روحى اقعدى بقى وانا هاجى أهو.
فاتن: أنا مش تعبانة والله متقلقيش.
أصيلة: طب روحى صحى إسراء.
إسراء بنشاط: أنا صحيت.
أصيلة: صباح الخير؛ يلا يا كسلانة اغسلى وشك وتعالى خرجى معانا الفطار .
إسراء: هو بودى فين مصحنيش.
فاتن: نزل مع علي يجيبوا العيش.
إسراء وهى تضرب بقدمها: مصحنيش ليه انزل أنا معاه.
ضحكت 《أصيلة》 قائلة: يا بت اكبرى وبعدين علي نزل معاه.
كان 《علي》 يحمله على أكتافه كالعادة؛ ويدندن معه اغنيته الجديدة أثناء صعودهم الدرج.
علي: بطة بطة شقية.
عبدالرحمن: ماشية رايحة وجاية.
علي: قابلت كتكوت.
قاطعه عبد الرحمن متذمرًا: يا علي غلط؛ كتكت لونه جميل.
علي: مفيش حاجة اسمها كدا من الحمار اللى محفظهالك.
عبدالرحمن: سوسو.
علي: إذا كان كدا يبقى كتكت أنا مش قد لسانها.
ثم عاد يدندن قائلًا: كان بيغنى يا عينى يا ليل.
عبدالرحمن: نطت نطة ورقصت رقصة وبقوا أصحاب من أول بصة.
فصفق 《علي》 بقوة وهو يدلف للمطبخ: الله يا فنان الله؛ حى جمهورك.
ضحكت 《فاتن》 بينما أردفت 《أصيلة》: مالك يا أهبل عامل دوشة كدا ليه.
علي: والله يا أصيلة؛ بكرا تعرفى قيمتى فى البيت دا.
فاتن: أحنا عارفين قيمتك من غير أى حاجة يا علوة.
علي: والله يا تونا أنتِ الحاجة الوحيدة اللى طه عملها صح.
ابتسمت له بإمنتنان ثم عاد يردف "أصيلة" لم تجب عليه.
فعاد ينادى بصوت أعلى: أصيلة.
صرخت بوجهه: عايز إيه يا ابن الهبلة.
علي: كلمتى أبويا فى موضوع عمران.
أصيلة: أيوة
علي: يعنى أقنعتيه.
أصيلة: ربنا يسهل.
علي: خلى بالك ابنك زعلان ومضايق؛ دا أنا وزكريا دخلنا عليه الأوضة لقيناه مفطور من العياط.
فإتجهت نحوه بإهتمام وتسأله: بجد يا واد؛ ولا بتضحك عليا.
علي: طبعًا مش مصدقانى؛ دلوقتى تشوفيه دا حتى مانامش كويس، وهنادى زكريا تسأليه.
فوقف على أعتاب المطبخ ينادى: يا دكتور تعالى كلم أم طه.
دخل 《زكريا》 وهو لا يفهم ما يدور فألقى السلام ووقف يتسائل: خير ياماما.
علي: قولها اللى أحنا شوفناه امبارح.
زكريا بعدم فهم: شوفنا إيه.
كانت 《فاتن》 تحاول كتمان ضحكتها لمعرفتها بما يفعله 《علي》.
علي: هو أنت مكسوف تقولها إن 《عمران》 كان عمال يعيط عشان أبوك مش عايز يجوزه؛ 《فاتن》 مش غريبة يعنى.
حملق به 《زكريا》 يحاول أن يتذكر وقبل أن يردف قال علي بأداء درامى: متبصليش كدا كان لازم أقولها دا أخونا ونحب نشوفه فرحان ولازم هى تتكلم مع بابا وتقنعه.
فأردفت 《أصيلة》 بحنان وشفقة: يا قلب أمه؛ لأ انا لازم أتكلم مع داود.
أردف 《زكريا》 وهو لا يعلم إذا كان 《علي》 صادق أم لا؛ فلا يأتى على بال أحد بأن 《عمران》 يمكن أن يبكى لأجل ذلك وأمام أى شخص: طبعًا يا ماما اتكلمى معاه أو على الأقل ينزلوا يجيبوا الحاجات اللى هتتحط فى الشقة.
أصيلة: بإذن الله هقنعه؛ أنا ميجليش نوم وحد من عيالى زعلان أبدًا؛ أوعوا حد يقوله إنى عرفت وأنتِ كمان يا فاتن متجبيش سيرة.
أومأت لها ثم هرولت للخارج حتى لا تضحك ويفتضح أمر 《علي》.
كانت عيون 《عمران》 حمراء لقلة حصوله على عدد ساعات كافية من النوم؛ ظلت 《أصيلة》 تنظر إليه بشفقة حتى لاحظ ذلك.
عمران: مالك يا ام طه.
أصيلة: انت عينك حمرا كدا ليه وزى ما يكونوا وارمين.
عمران: منمتش بس كويس.
نظر 《علي》 لها بنظرة قد فاهمتها دون أن يتفوه لسانه وكأنه يقول "أرأيتى".
أصيلة: يعنى مفيش حاجة مضايقاك.
عمران: لأ أنا كويس.
أخذته 《أصيلة》 فى عناق طويل تربت على ظهره تعجب هو من ذلك كذلك أغلب الحاضرين.
أردف داود: مالك يا أصيلة هو كان وحشك ولا إيه.
أصيلة بنبرة حادة: إيه يا داود بحضن ابنى فيها إيه.
داود وهو مندهش من نبرتها العصبية: ولا حاجة يا أصيلة.
أصيلة: هو انت هتجوزوا امتى أنا عايزة أشوف عياله.
داود:نسأل الله التساهيل.
أصيلة:بعد شهر إن شاء الله.
داود: شهر إيه؛ ما قولتلك شوية.
كانت 《أصيلة》 غاضبة منه فقامت وهى تقول بحنق: انا عارفة إن الكلام ممنوش فايدة معاك، بس خليك عارف بقى إن مش هسامحك فى حق عيالى.
ضرب 《داود》 كفه بالأخر ونظر للجالسين حوله: أمكم مالها.
أردف 《علي》 بنبرة خبيثة: هقولك بس متروحش تقولها.
اندهش داود: انطق مالها؛ تعبانة ماهى مبتريحش نفسها ومش عايزة حد يساعدها.
علي: لأ مش تعبانة؛ شافت حلم مضايقها وعايزة تجوز عمران وزكريا وانا وإسراء.
أردفت إسراء: انت وإسراء إيه.
علي:نتجوز.
إسراء: بعينك.
علي: والله أنتِ عبيطة لو مفكرة إنى مش هتجوزك؛ المهم يا بابا انت اتصرف وجوز أى حد فينا بقى.
داود: أنا قايم أشوفها بدل ما أنا مش فاهم منك حاجة.
بعد أن اختفى والده صفق بيديه بإنتصار وانفجرت فاتن ضاحكة.
طه بخبث: ولا أنا مش مرتاحلك وخصوصًا بعد ضحكة فاتن.
علي بنبرة ماكرة بريئة: دا انا اغلب من الغُلب.
نظرت له إسراء بإستنكار دون تعقيب.
أردف زكريا وهو يتسأل بحيرة: عمران هو أنت امبارح فعلًا كنت عمال تعيط أصل أنا مش فاكر.
استقام علي وهو ينظر على يده رغم إنعدام وجود ساعة ليقول: يانهار أبيض دا الوقت مش موجود.
صرخ عمران: ولا استنى عندك؛ قولى مهبب إيه.
علي: والله جوازتك هتم على يدى.
طه: فى إيه يا فاتن ما توقفى ضحك وبعد كدا نضحك كلنا.
قصت 《فاتن》 ما فعله 《علي》؛ فانفجر الجميع ضاحكًا عدا 《عمران》، الذى أردف وهو يدور حول الطاولة محاولًا الامساك بأخيه: بقى أنا كنت مفطور من العياط؛ ليه مصروفى وقع.
أنت تقرأ
ماريونيت
Ficción Generalأحيانًا يقع الإنسان فى الفخ دون وعى؛ يظن نفسه يتراقص ويطير من الأرض للسماء ويهبط وكأنه أصبح طائر حر طليق؛ حتى تشتد الخيوط على أطرافه ويجد نفسه يُجذب للأرض مرة أخرى، تسجن أطرافه خيوط تقيده؛ تكون حالته أسوأ من طائر يطير فى قفص معدنى؛ يفقد روح الحياة و...