ألجم حديث 《نادية》 عن رحيلها من المنزل لسان أختها ولكنها تابعت ذلك قائلة: أنا مش هتجوز دلوقتى وكمان حد مبحبوش؛ أنا عايزة أحقق كل اللى نفسى فيه؛ مش هينفع أتخلى عن حياتى؛ أنتِ بتحبى مجد لكن أنا لأ.
ليلى وهى تبكى: أنتِ مفكرانى مبسوطة بس لأ يا نادية؛ أنا زى زيك.
نادية: أنتِ على الأقل مجد كان عايز يتجوزك؛ يعنى أنتم الاتنين مش مجبورين على دا.
لم تجد 《ليلى》 أولوية لتوضيح مشاعرها ل《نادية》 فسايرتها بالحديث واردفت: ماشى يا نادية؛ هتروحى فين.
نادية بكل بساطة: أى مكان بعيد عن هنا.
عادت ليلى تسأل : هتصرفى على نفسك إزاى.
نادية: هشتغل واتعلم.
ليلى: دا كلام أفلام وروايات اللى عايزة تعمليه دا؛نار عز أحسن من اللى هتشوفيه برا.
نادية: انتِ بتقولى كدا عشان عمرك ما خرجتى برا البيت دا.
ليلى: انا معايا الاعدادية مش جاهلة ولا قافلة على نفسى زى ما انت متخيلة؛ صحيح مبخرجش بس واعية للدنيا برا.
تنهدت نادية بألم: أنا خايفة اعمل زى بدور؛ أكيد منستيهاش.
شهقت ليلى وهرولت اتجاهها: اوعى يا نادية تفكرى فى كدا، وبعدين أحنا غيرها والناس دى نعرفها كويس مش هيعملونا زى ما كانت بدور بتتعامل.
نادية: اللى بتتجوز كدا؛ عشان يوقفوا التار بتموت سواء عايشة معاهم او بتنتحر؛ فى الآخر بتموت.
ليلى: استعيذى بالله من الشيطان كدا؛ ومتفكريش فى الكلام دا.
كانت 《ليلى》 بالفعل تخاف من تلك الفكرة التى تدور بداخلها ولكن اسمعت نادية ما كنت تمليه على نفسها مجرد محاولة لبث الإطمئنان فى قلوبهم الجازعة وعقولهم المشتتة بأن تلك الأفكار عبارة عن هواجس سببها الحياة الجديدة المُقبلتان عليها.
________
فى الصباح كان 《عمر 》يتجهز لإستلام عمله الجديد مع 《علي》؛ دخلت 《وصال》 لغرفته وهى تصيح: انا مش موافقة لسه على فكرة وعقدت ذراعيها أمام صدرها.
زفر عمر وهو يمشط شعره: ماشى يا وصال.
أشعل الفتيل مرة أخرى لتصيح غاضبة صائحة: يعنى إيه كلامى مبقاش مهم خلاص، كبرت عليا ولا إيه.
توجه إليها عمر: لا عشت ولا كنت؛ سيبينى أجرب ولو مرتحتش خلاص وبعدين أنا لا هشيل ولا هحط أنا هلف على التجار والمحلات وبس.
وصال: يا عمر لو محتاج حاجة ومكسوف تطلبها من بابا اطلبها منى أنا.
ضحك عمر وقبل وجنتها: لا أنا مش وش كسوف متقلقيش.
فهدأت وابتسمت له بحب.
كان 《علي》 ينتظره بأسفل البناية ليصيح قائلا: يسطا عمر ما تنزل بقى ورانا أكل عيش ع الصبح.لم يمضى على هدوئها ثوانى حتى غضبت مما جعل عمر يضرب مقدمة رأسه قائلا : منك لله يا علي.
أخذت وصال حجابها المنزلى وهى متوجهة نحو الشرفة: والله لوريك يا علي شغل السواقين.
فاسرع عمر بالهبوط .
أخرجت رأسها من الشرفة وهى تقول: الدكتور عمر نازل.
ليبتسم علي: صباح الخير يا أبلة وصال.
نجح كالعادة فى استفزازها لتقول وهى تضغط على أسنانها: متقوليش أبلة دى.
ابتسم مرة أخرى: حاضر يا أبلة.
وقبل أن تجيبه خرج عمر سريعًا يأخذه بعيدًا وهو يقول: يا ابنى أنت مش هتبطل تستفزها.
علي: لأ؛ أنا ليه أقولك يا دكتور مش فاهم يعنى؛ وبعدين أنت مالك متشيك أوى كدا أنت رايح تشتغل فى بنك ولا تخطب.
نظر عمر لملابسه ثم لملابس علي وقال: طبعًا ما بالنسبة للى أنت لابسه دا هبقى رايح أخطب.
علي: أنت عايزنى أروح أشتغل فى الوكالة بهدومى العادية لأ طبعًا أنا لو لقيت أحقر من كدا هلبسه.
عمر: طب يلا عشان منتأخرش على عمران.
ضرب علي مقدمة رأسه وقال: ما هو عمران بقى فى البيت طه اللى هيسلمك الشغل؛ فاجرى عشان طه ميعلقناش أحنا الاتنين.
وهرول سريعًا وقد لحقه عمر.
_________________
بعد عودة عمران المتأخرة من الليل أخبره والده بأنه مسموح له بالتأخر قليلًا عن العمل؛ ولكنه كان فى تمام التاسعة يهبط على الدرج ولكن أوقفته والدته: أنت رايح فين.
التفت لها عمران: نازل الشغل.
أصيلة: مش أبوك قالك اتأخر شوية وبعدين أنت فطرت.
عمران: هبقى أشرب شاى.
أصيلة بنبرة حادة حنونة: شاى إيه؛ عمران متزعلنيش منك تعالى كل حاجة وانزل.
عمران: هرجع على الغدا.
كانت ستتحدث ولكنه قال بنبرة هادئة راجية: سيبينى على راحتى هرجع اتغدى معاكى.
___________________
بدأت 《أمال》 فى جمع أغراض بناتها وترى ما ينقصهم حتى تأتى به؛ كانت 《ليلى》 تساعدها بينما 《نادية》 ترمقهم بغضب؛ لم تتحدث معها ليلى منذ أن أخبرتها برغبتها فى الهروب ولكن عقدت عهد مع نفسها ان تراقبها.
أنت تقرأ
ماريونيت
Ficción Generalأحيانًا يقع الإنسان فى الفخ دون وعى؛ يظن نفسه يتراقص ويطير من الأرض للسماء ويهبط وكأنه أصبح طائر حر طليق؛ حتى تشتد الخيوط على أطرافه ويجد نفسه يُجذب للأرض مرة أخرى، تسجن أطرافه خيوط تقيده؛ تكون حالته أسوأ من طائر يطير فى قفص معدنى؛ يفقد روح الحياة و...