خوف الإنسان سجن كبير؛ يجعلك منزوى على حالك بينما أنت حر؛ يلقى أمامك العقبات فقط وإن لم تكن تراها بعينيك فأنت واثق بأنها موجودة؛ ثقة فى شعور متوحش ينهش فى الروح لكونك إنسان مذنب أو بريئ ليس هناك فرق؛ فالحالتين هو القاتل والمانع عن العيش.
خرج زُهير لغرفته و ظل يهاتف راشد ولكن لا رد؛ كان غاضب بشدة؛ وخائف بهستيرية، فقرر الذهاب لمقابلته؛ وأثناء خروجه
وقف أمامه عز يقول بصوت خفيض: مفيش معاك سيجارة.
لم يجيبه زُهير ناوله سيجارة بهدوء ليتعجب عز: لأ سيجارة تانية.
تنهد زُهير: دا اللى موجود؛ ومتعتمدش عليا أجبلك أى حاجة تانى.
كانت نبرته حانقة ولكن مهزوزة قليلًا يحاول التهرب من نظراته.
عز بإندهاش: يعنى إيه.
زُهير: يعنى اللى انت عايزه أعرف طريقه وروحله بنفسك؛ أنا مليش دعوة بيك وبمزاجك تانى.
عز بغضب مكتوم: هى إيه الطريقة الجديدة دى وإيه سببها.
زُهير: أنا مش هشيل مصايب حد كفاية مصايبى.
عز وهو يربت على صدره: تمام أوى يا صاحبى.
وأكمل طريقه، بينما تجهزت باقى العائلة استعدادًا للخروج.
ناول جمال حفيده لدياب الذى حرص على حمله بهدوء وظل يهدهه .
أردف دياب: أنت أبوك لو كان يعرف إنى مش هشوفك ولا شيلك بعد أكتر من عشر أيام من ولادتك كان علقنى على باب المركز.
كان يتحدث بمرح مع الرضيع وضحك الآخرون بحزن.أردف نعيم: يا ابنى البيت بيتك تشرف فى أى وقت
أعاده لجمال وهو يقول: ربنا يجعله بار بيكم ويحفظه؛ هستأذن أنا عشان معطلكمش.ودع الجميع ولكنه لاحظ تغير على عز ولكن لم يعلق على الأمر.
وأثناء ذهاب زُهير لبيت صديقه مر أمام المنزل القديم؛ جعلته الجملة فى حالة من الهلع فكان يسرع بخطواته وكأن هناك من يُطارده حتى وصل لمنزل مسعد صفوان مر من البوابة الحديدية؛ مازال يسرع فى خطواته حتى رأى راشد يقف فى الشرفة يدخن سيجارة فصاح مناديًا بحدة لاذعة: راشد؛ انزل.
وبالفعل كان أمامه فى أقل من دقيقة؛ يسحبه من ذراعه فى ناحية لا يلاحظهم أحد.
راشد بفضب وحدة: أنت اتجننت أحنا مش قولنا مفيش مقابلات دلوقتى.
زُهير: أنت مبتردش عليا؛ وفارس رجع.
راشد بإستنكار: رجع منين؛ أنت أهبل ولا لسه مصطبح.
زُهير: بقولك رجع أو هو عايش مماتش.
راشد: زُهير ارجع بيتك؛ وبلاش الخوف اللى هيلبسنا فى حيطة.
زُهير بغضب: واحد كتب على البيت القديم القاتل وسط الناس.
راشد وهو يحاول ان يغطى على توتره: تلاقى واحد بيهزر او بيعمل أى لقطة؛ متخليش الخوف يسيطر عليك عشان منروحش فى داهية.
زُهير: يا راشد لو فارس طلع عايش هنروح فى داهية بجد، لحبل المشنقة.
راشد: أنا معملتش حاجة ولا أعرف أكتر من إنى شوفت سليم مقتول وفارس بيجرى لو انت تعرف حاجة تانية خلاص شيل شيلتك.
زُهير بقلق: أنت بتبعنى.
راشد: لحد دلوقتى وقبل كدا كنت شاريك بعد كدا أنا اتخدعت فى صاحب عمرى زى سليم تمام؛ روح بيتك ومتعملش حاجة من دماغك وكلها أيام وجثة فارس تظهر والموضوع هيتقفل.
زُهير: أنت متأكد؛ المفروض لو كان مات كانت ظهرت؛ يعنى بقاله أكتر من ٣ أسابيع.
راشد: زُهير اهدى وارجع اتعامل عادى؛ وقبل حتى ما الجثة تظهر فى قاعدة عُرفية هتحصل فخليك هادى واتفرج .
زُهير: وانت عرفت منين.
راشد: أبويا هو اللى بيرتب ليها عشان وجدى يبقى ابن عمه وعايزه يتوسط.
زُهير بشك: أبوك ميعرفش حاجة صح.
راشد بثقة: لو انت قولتله يبقى عارف.
ثم أخرج من جيبه لُفافة ودسها بين كفى زُهير: متجيش تانى لحد ما أكلمك.
وبمجرد أن صرف زُهير هرول إلى والده سريعًا يُخبره بما يحدث فى القريتين.
____________________________
وقف منسى أمام مكتبة الكنز التابعة لدى منصور؛ وهو يصيح وسط الحشود وحوله بعض رجاله؛ يُعلن عن عودته.
منسى: منسى رجعلكم يا حارة وهترجع أيامه تانى؛ وكل واحد يبقى عارف إن حسابه جاى؛ وطبعًا كان لازم الحساب يبدأ من عند عم منصور حبيبى.
منصور بغضب: حساب إيه يا بلطجى يا خريج السجون، أنت مفكرنى هسكت أو أخاف.
تقدم شاب تابع لمنسى وهو مُسلط أنظاره على منصور: تحب يا معلم نرتب هيئته زى المغارة بتاعته.
زكريا: اللى هيمس أستاذ منصور مش هيحصله كويس.
ضحك منسى: بلاش أنت يا دكترة عشان محسرش أمك عليك.
صاح صوت طه من بين الجميع: قرب منه خطوة واحدة وساعتها هنشوف مين هيتحسر على التانى.
أنت تقرأ
ماريونيت
General Fictionأحيانًا يقع الإنسان فى الفخ دون وعى؛ يظن نفسه يتراقص ويطير من الأرض للسماء ويهبط وكأنه أصبح طائر حر طليق؛ حتى تشتد الخيوط على أطرافه ويجد نفسه يُجذب للأرض مرة أخرى، تسجن أطرافه خيوط تقيده؛ تكون حالته أسوأ من طائر يطير فى قفص معدنى؛ يفقد روح الحياة و...