الفصل الرابع : الجوهرة قاسية بطبعها

5 0 0
                                    

اخترق الرمح ساق الفتاة مما جعلها تفقد توازنها، ارتخى جسدها نحو الأراضي الوعرة مصطحبةً حاجزها معها نحو الأسفل، أثناء سقوطها تخلى عنها تاجها الذهبي، تاجها الذي حمل كرستالة زرقاء بذات لون شعر دايمند، سقط لكنه لم يتخلى عن شموخه ولمعانه، لكنه لم يبتعد بقدر ابتعاد صاحبته، (( احتموا !)) صرخ سموث وقد بدأ يضرب البرق حيث استشعر الخطر، أخرجت هاي أسهمًا من العدم وأطلقتهم بواسطة قوسها الخشبي الذي تزين ببريق معدني لكن لم تصب هدفًا، استغرق منهم ثوانٍ ليدركوا أنهم حمقى، لقد تركوا الغاريين ينجون وتبعوا واحدًا منهم فقط لكنهم لم يظفروا به، (( تلك الحمقاء، لما أزالت الحاجز؟)) قال كلير بغضب، (( احذر كلماتك)) قال كلو محذرًا القائد، نظر المحارب خلفه ليرى كلو يخاطبه، لم يكن يتوقع هذا، لما يدافع محارب ككلو عنهم، ليس وكأنه يصدق كذبته عن كونه رفيع الشأن، لكنه يعلم أنه ذكي وفطن، (( ما الذي تعنيه؟))، نظر كل من كلو وهاي باستغراب للمحارب، ألا يدرك مع من هو؟ (( لنبحث عنها قبل أن نقع في ورطة، أتمنى أن تكون بخير)) قال سموث بقلق، نظر كلير نحوه (( لا أظن انها ستنجو، ارتفاع كهذا، وهي مجرد طفلة، لعلها باتت لحمًا مفرومًا الآن))، نظر الجميع إلى كلير برعب ،(( لن يكون الملك آدونيس سعيدًا)) قالت هاي، نظر كلير مجددًا بطريقة غريبة، (( لما لن يكون سعيدًا، انها مجرد محاربة كأي منا))، بعد حرر كلير كلماته، نظر كلو وهاي إليه نظرة صدمة، هذا المحارب أبله بحق، سمع صوت ضحك، كان سموث يضحك بهستيرية، (( قائدنا الأبله لا يدرك شيئًا، لا يدرك ما اقترفناه، لو لم يكن بهذا الغباء لقتله كاديو فورًا))، لم يفهم كلير شيئًا، ما بالهم مرتعبين؟ هل فاتني شيء ما؟ (( ما الذي تقصده؟)) لم يجبه أحد، (( ما الذي تقصده؟)) قالها بصوتٍ أعلى لكن لم يتلقى ردًا (( أجيبوني، ما الذي يقصده))، (( لقد قتلنا ابنة آدونيس....)) أجابته هاي وقد غاصت عيناها في الأرض، نظر كلير حوله، (( مستحيل، مستحيل، أتقصدون انها.... هذا لا يمكن، انها ليست ابنته، ابنته مديرة المدرسة الملكية، ليست محاربة))، نظر اليه كلو ودفعه بقوة (( ليس الأميرة دايمند، الأميرة كرستال، ألم تقل ان الملك أخبرك ان اميرةً معنا؟))، فهم كلير القصد أخيرًا، وجد نفسه يسارع للنزول حيث سقطت وايت، (( لا يمكن أن تموت، لا يمكن)) قال كلير وهو يفتش تحت الشجيرة عن تاجها، (( نعم يمكن أيها الأبله، لكن أتدري، قد يكون الأمر جديرًا، ستنال عقابك أخيرًا أيها القائد المتعجرف)) قالت هاي، وقد أبدت ابتسامة خبيثة، نظر إليها سموث ثم وجه نظره الى كلير (( انها محقة، ستنال ما تستحق، أما نحن سنشهد ضدك، وسنخبر بكل اهانة وجهتها لها، لو أنك استمعت اليها فقط لكنا أمسكنا بعدد ضخم من الغاريين ولكرمك والدها، لكن الآن، لا أدرك ان كنت ستبقى حيًا، أنت تعرف جلالتها)) اصفر وجه المحارب فور سماعه الجملة الأخيرة، (( لا، لا يمكن، ستبحثون عنها معي )) ابتعد الثلاثة عن قائدهم (( عودوا، أنا آمركم))، لم تفلح نداءات كلير لقد قرر الفريق بالفعل أن عليهم التوجه إلى الدوق لإعلامه بالأمر، ثم سينهون مهمتهم الأصلية: ايصال المؤن الى السكان، ارتدى الثلاثة قلائدهم الخضراء فتحولوا إلى أحصنة مجنحة وتركوا كلير يصرخ وينادي كالمجنون، لم تكن لديه قلادة، لم يكن لديه فريق، لم يكن لديه مهرب، سيأتي أحد قريبًا للبحث عنه واعتقاله، لم يكن يخاف الاعتقال، لم يكن يخاف أن يعاقب، كان يخاف ان الاميرة ميتة، قد لا يكون هذا مصدقًا، لكن محاربي بيربور لديهم مشاعرهم الفائضة تجاه وطنهم، مشاعر فياضة لدرجة انهم فد يتخلون عن أعمارهم من اجل خدمة المملكة بكل سرور، كلير كذلك يحب وطنه، والآن هو يشعر بانه ارتكب جريمة بحق شعبه، وجد نفسه يحفر يبحث بيديه خلف كل صخرة، داخل كل حفرة، رواء كل هضبة، عن الأميرة التي يتمنى انها لا تزال حية.
كان الدوق جالسًا في بيته الكبير جالسًا برفقة طفله الصغير في غرفة المعيشة حين ظهرت أحصنة القلائد على الشرفة، بدو كخبرٍ مشؤوم فور أن رآهم، (( ما الذي تفعلونه هنا؟ لقد ابلغت انكم لم توصلوا المؤن إلى الفلاحين)) قال الدوق بأسلوب متعالٍ، تقدم سموث الأحصنة وتحول إلى بيربوري مجددًا، ((سيدي الدوق لدي خبر تعيس لأعلمك به....))
جزيرة الملك كلاود، جزيرة غنية بالمعادن، رغم سطحها الحساس الا انها تخفي في جوفها وقود الحروب، معدن الفلس الموجود في هذه الجزيرة أجود منه على أي قمر، وقد اكتشف حديثًا فقط اذ ان الحرارة العالية التي تنفثها الأعماق لا يمكن التعايش فيها - برأي البيربوريين على الأقل - ، قرر الملك آدونيس أن يشرف على التنجيم في مثل هذه الأرض الحساسة، اذ ان جزيرة الملك كلاود كاسمه تمامًا، مجرد سحابة تغير شكلها أي رياح عابرة، مجرد دقة قوية بالمعول في مكان خاطئ وقد تتغير معالم الجزيرة تمامًا بفعل زلزال، الجزيرة وأهلها معتادان على مثل هذا التغير، لكن العبث بالأعماق والمغارات قد لا يكتفي بزلزال بسيط، الملك آدونيس نبيل بعد كل شيء، لن يترك الجزيرة تحت أوامر دون اشراف، لعله لم يلتحق بالمحاربين كشقيقه لكنه علم أن بعض المحاربين غير مؤهلين؛ كان الملك قد استيقظ توًا حين وصلته رسالة من جزيرة الجوهرة:
عزيزي الملك آدونيس.
رغبت بان اعلمك وبكل أسف ان ابنتنا الحبيبة ذهبت لمهمتها الأولى كما كنا نخشى، لقد غادرت برفقة محارب يدعى المحارب كالم منذ قليل، انا اكتب لك هذه الرسالة لأعلمك بمدى حزني وحزن طفلتك لأنك لم تودعها بشكل لائق عندما غادرت لمهمتها، كما أرغب بتذكير ان عليك تشديد الحرس عليها، لن اسامح الملك ديب ان حدث لها مكروه.
بالغ حبي الملكة جوول
قرأ الملك الرسالة وهو يضحك، ضحكة على قلق زوجته، لقد كانت كرستال غريبة عليه طول فترة وجودها، لقد كان يرغب بمصاحبتها كدايموند، لكن لسبب ما لم يشعر بانها ابنته، لم تكن تشبهه ولا تشبه الملكة، حتى قدراتها لم يكونا يمتلكان أيًا منها لكي يجعلاها ترثها، لكن لا يمكنه لومها، حتى هي لا تعرف من تكون.
منذ أسبوعين :
تقدم الملك ديب نحو ملكه (( أهلًا جلالتك، تسرنا زيارتك))، (( أهلًا صديقي العزيز، كيف حال مملكتك الطائرة؟))، قال الملك آدونيس بود، (( ليس ذنبي يا صديقي أخبرتك، جلالتها أصرت على حكم جزيرة بيضية، ما عسانا نكون ان لم نرضي زوجاتنا؟)) أكمل الملك جملته بضحكة قصيرة، (( أظن انني لن أفعل ذلك هذه المرة)) قالها الملك آدونيس بخبث، (( ماذا تقصد جلالتك؟)) سئل الملك ديب بريبة، (( أنت تدري ان ابنتي عادت منذ زمن)) قال الملك آدونيس فأجابه ديب بالإيجاب، (( وتدرك أنها تدربت لتصير محاربة)) أكمل آدونيس فأجاب ديب بالإيجاب مجددًا (( ولم تتحصل على مهمة حتى الآن)) فهم ديب بصد الملك فقال (( أرجوك لا تورطني سيدي، أخاف من غضب جلالة الملكة جوول، كما يمكن لصغيرتك الانتظار حتى تذهب لمهمتها في الحدود او الجزر النائية))، اجابه الملك آدونيس (( أنا ارغب بإرسال كريستال لمهمتها الأولى هنا، لطالما انتظرت مهمة، كما انني أثق بأنها ستكون بخير معًا)) اعطى ديب نظرة تشي بعدم الموفقة، (( ديب، انت صديقي وبمثابة أخي، لم أرفض لك طلبًا يومًا، اسعد لي ابنتي))
لم يكن آدونيس يرى وايت كابنة له، على الاطلاق، لكنها كانت تذكره بمحاربة، قضت عمرًا تعتني به، فارسة لهب قضت سنتين في خدمة المملكة ثم ترقت إلى محاربة ملكية لتعتني به، كانت بمثابة أم له، قوية، حنونة، ولا تنكسر، اعتنت به طول 18 سنة متواصلة لتتقاعد بعدها وتستقر برفقة زوجها المدرس، لكن ما كان يحزنه أنه لم ينل فرصة محادثتها بعد ما حدث، ليس هو فقط بل كذلك وينتر، لم ترى سوى بيتًا فارغًا حين ذهبت للبحث عن إجابات.
كان يتوقع انه حين يعود لقلعة القمر سيجد وينتر وايت تحكي قصصها لدايموند، لقد كانتا صديقتين مقربتين جدًا، لكن مالم يتوقعه هو أن تأتيه رسالة أخرى مساء اليوم:
جلالة الملك آدونيس.
اكتب لك هذه الرسالة وكلي حزنٌ وأسى، وصدقني لم أكن لاحب مراسلتك بمثل هذا الخبر بل اردت القدوم عندك شخصيًا لأتلقى العقاب الملائم، أنا آسف لإبلاغك أن الأميرة وينتر وايت قد سقطت في مهمتها نتيجة قائد مهمل، أجهز نفسي الآن للقائك وسأكون حاضرًا عند جزر كلاود في صباح اليوم التالي.
الملك ديب.
كان جالسًا عند بوابة منجم تنقيب اذ لم يتمكن من تحمل الحرارة حين وصلته الرسالة، لقد فقد الفتاة التي كانت نسخةً عن مربيته، صديقة واخت لابنته وفلذة كبد زوجته، لن يغفر لنفسه أبدًا........
كان الثلاثة يجهزون أنفسهم للاستجواب بعد أن قبضوا على كلير، لقد سلم نفسه فور أن رآهم، كان ملطخًا بالعار لدرجة انه لم يرفع رأسه مجددًا، رمقه ديب بحزن، هو من اختار هذا القائد والآن يخبرونه بأنه اهان الأميرة، لقد أخبره بنفسه ان معه اميرة تدعى كريستال بالفريق لكن يبدوا ان قرارات الملك ديب ليست كلها صائبة، (( سأتحمل المسؤولية عن حماة المملكة، لكن بالنسبة لكلير، سيعود للتدريب، يبدوا أنه لم يكن جاهزًا لمثل هذه المهمات بعد وأنا اقحمته فيها، بالنسبة لكم، أقدر بحثكم عن الأميرة، سيهتم محاربون آخرون بالبحث الآن، لن يتوقفوا حتى يجدوها، وأتمنى ان يجدوها حية)) " في كلتا الحالتين مملكتي في خطر، الملكة جول قد تنبذهم كلهم" كان الملك ديب يتجول في القاعة ذهابًا ومجيئة، كلما جلس على عرشه أتاه حارس ليخبره بمجريات الأمور أو يسئله عن حاجياته للسفر او يخبروه برغبة زوجته للحديث معه، أما المحاربون الثلاثة، كانوا يراقبونه وينتظرون كلماته، لم يبدوا الملك وكأنه سيحادثهم حتى تحدث كلو (( جلالتك، بعد أن تفقدنا الأراضي بدت احتمالية نجاة جلالتها كبيرة، اذ انها محاربة حاجز بعد كل شيء، نحن لم نرى سوى قطرات الدم حيث أصيبت، قد تكون أكملت مهمتها منفردة، انها محاربة مثلنا ولن تقاوم فرصة كشف الغاريين للمملكة))، ابتسم الملك ونظر لكلو بعد أن وقع على ورقة سلمها له فارسٌ توًا، (( هذه مشكلتكم أيها المحاربون، مجنونون بحماية الوطن، لكن محاربة الغاريين منفردًا ليست فكرة عاقلة، حتى بالنسبة لها، من حديثكم عنها تبدوا أعقل من ذلك، قد تكون مختبئة في مكان ما، ربما، أو قتلها الغاري الذي احتجزته غالبًا.... لكن هذا لن يغير حقيقة ضياعها، أتعلمون شيءً؟ أنا مثلكم أيضًا، مجنون بالوطن، ولن يزعزع وطننًا شيء كنبذ مملكة منه.... ان كنت تريد رفع معنوياتي حقًا يا محارب كلو، اقنعني ان الملكة جوول ستكتفي بي أنا بدلًا عن كل شعب مملكة البيضة الأرجوانية.))، خفض كلو رأسه، كان الملك محقًا، الملكة جوول قد تنبذ الجزر الشمالية بأكملها أو تمحوها من الخريطة ولن يعود هذا بالنفع على أحد، قد يتناسى العامة ما فعلته جوول قبل حوالي قرنين من الآن، لكن المحاربين لن ينسوه على الإطلاق، لعل كلير كان محقًا بعد كل شيء، لعل كريستال مصدر نحس بطبعها حقًا.
________
هذا الفصل قصير وما قدرت أطولوا اكثر من كذا، اذا لقيتو اي مشكل اكتبولي، واذا حسيتوا اي شي مش مفهوم اسألوني

مملكة بيربور - أرض العجائب الطافيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن