في احدى مراكز التأهيل، كان الجو ماطرًا غزيرًا، لقد مُلئ سطح القبة صباح اليوم مادة بيضاء رمادية، اذا لَمستَه من جهة البحر كانت كعشبة ما ذات لون أبيض وتتمايل أوراقها البيضاء الرقيقة التي تشبه الشعر الى حد كبير، لكن اذا تمكنت احدى تلك الشعرات فقط من اختراق القبة فتتبعها الأوراق الأخرى فتصنع فراغات على كامل السطح مما يسمح لقطرات الماء بالعبور فينتج المطر، غير ان رحلة هذه النبتة لا تنتهي هنا، فهي كذلك تنفذ عبر المسامات التي صنعتها أوراقها لكنها تنقسم أثناء ذلك، ونتيجة درجة الحرارة الطبيعة داخل القبة -التي هي أعلى من درجة حرارة المحيط بطبيعة الحال- فتتغير كثافة تلك النبتة ويزداد حجمها فتصبح وكأنها هواء كثيف ذو لون أبيض رمادي، تكاد تغطي تلك النبتة كامل القبة فتظهر من الخارج رمادية بالكامل وتحتها قطرات من الماء التي تزداد غزارتها وتتناقص وذلك تبعًا لعوامل عدة، بعد مدة تتكيف النبتة على درجة الحرارة فتعود لطبيعتها الأكثر صلابة وتبدأ بالتقلص من جديد، يكون مصيرها واحدًا من اثنين: أن تنفذ عبر المسامات بسرعة فتعود للمحيط، أو تجذبها الجاذبية الطبقية نحو ارض الجزيرة فتموت أو تتحول الى ضباب في حالات نادرة، كان كلير جالسًا عند نافذة في نهاية الرواق ومعطفه البني من فرو الماموث على كتفيه، وعلى ذلك المعطف كانت قطرات الماء تجعل كتلًا تتشكل، تحت ذلك المعطف كان الزي الموحد للمحاربين قيد اعادة التأهيل: عباءة رمادية داكنة تغلق بأزرار بيضاء لامعة تكاد تكون فضية، وعلى الكتف الأيسر من العباءة كانت علامة اكس بيضاء والتي تدل على أن هذا أول تأهيل للمحارب، لم يزل كلير قفازه كما هو متوقع، القفاز الأبيض الذي طرز عليه بالأسود رمزا قدرتيه السياف واللهب، لم يكن كلير جالسًا هناك ليتأمل منظر المطر لكن لأنه كان ينتظر المسؤول عنه، فتح مدرب التأهيل باب مكتبه الذي كان أوسط الأبواب في ذلك الرواق، وقف كلير تلقائيًا حين سمع صوت الباب، لقد كان رجلًا موزون الجسد، فلا هو ضخم أو سمين ولا هو نحيل او مفتقر للنمو، ذو شعر أسود ينسحب الى الخلف بلمعة خاصة، وعينان زرقاوتان، كان يخفي احدى يديه خلف ظهره ويمسك باليد الأخرى قبضة الباب، قال المدرب مخاطبًا كلير ((محارب كلير، تفضل الى مكتبي))، ولَّ المدرب ظهره للمحارب وعاد الى المكتب دون ان يغلق الباب، بعد لحظة خطى المحارب خطواته المتوترة نحو المكتب، كانت جدران المكتب الصفراء المقلمة بالأبيض مملوءة باللوحات لمناظر كثيرة، في الجانب الأيمن كانت خزانة أبوابها بها نوافذ من الماء الصلب المعالج تكشف عن خرائط وكتب كثيرة، أما على الجانب الأيسر فقد كان حامل الدروع يحمل درعًا أسودًا بالكامل ذو خوذة تكشف العينين والفم ولا يُتَوَقعُ أن تَرى الأنف خلفها، كان الدرع بالكامل من معدن الرَبيان الأسود، الا الذراعين والساقين، فقد كانت الأذرع من قماش مصنوع من خيوط عنكبوت الآني، أما السروال فكان جلديًا، وكذلك كان الحذاء في بعض الأماكن، لم يكن الدرع وحيدًا في تلك الزاوية فقد كانت الرفوف تحمل أسلحةً متنوعة من السيوف العريضة والسيوف ذات الشوكة الخطافية، أقواس وأسهم بشتى الأنواع والأشكال بدون أن ننسى الرماح، كان المكتب مصنوعًا من لوح شجر التنوب، وقد كان عليه علبة حبر مفتوحة قد تلوث عنقها من أطرافه اليسرى من أثر الحبر، كانت كذلك ريشتان قد وضعت احداهما في كأس والأخرى قرب علبة الحبر الصغيرة المكعبة ذات فتحة دائرية أصغر، يمتد على المكتب قماشة بيضاء تلامس أطرافها منتصف كل أضلاع سطح المكتب، كذلك كان مصباح الفايوار المكتبي والذي كان حامله ذهبي اللون منحنيًا ذو جرسٍ أسود صغير.
مصباح الفايوار وهو كرة من ماء صلب معين وهو النوع الوحيد الذي يدخل في تركيبه الرمال، فيصبح صلبًا من الداخل بشكلٍ دائم غير أنه يمكن اختراقه من الخارج لذلك ما يدخل الى الكرة يستحيل أن يخرج دون تدخل من الخارج، داخل هذه الكرة يكون اثنان من الفايوار، أحدهما أزرق على هيئة الماء والآخر أحمر بهيئة النار، حين يتلامس هذان الكائنان فهما قادران على ان ينتجا ضوءً قويًا قادرًا على اضاءة غرفة كاملة، تسمى هذه التقنية بتقنية العنصر المحايد، والتي جعلت علماء المملكة يؤمنون أن اتصال كل شيئين محايدين سينتج نورًا؛ في أي غرفة بها مصباح فايوار وأحيانا على المصباح نفسه، يكون هناك جرس خاص ذو رنين مميز، حين يُرَّن الجرس فان المصباح يضيء، وينطفئ مجددا حين يرن الجرس مرة أخرى.
وجد كلير أمامه كرسيًا فجلس عليه، كان المدرب جالسًا يتأمل ورقة بملل ويمسك طرفها بسبابته وابهامه وقد اصبح شكلها كقوس نتيجة ضغطه عليها اثناء امساكها، تنهد وأزال نظارته التي ارتداها قبل لحظة، ((لا فائدة من هذا))، حرك يده كاشفًا الورقة للسطح فخف التواءها، قلب الورقة ووضعها على المكتب بجوار الريشة وحافظ على نظارته في يده اليسرى، ((حسنا يا محارب، حين أوكلك لي رئيس المركز لم أصدق انك تتمكن من قدرتين، أمثالك كنت قد ظننت انهم انقرضوا من المركز من زمن، أخبرني ما الذي حدث؟))، كانت العينان الباردتان تحدقان في كلير بدون ان ترمشا، شعر كلير ببعض التوتر ((أنا.....))، حين كاد كلير يتكلم قاطعه المدرب ((أتعلم؟ انسى الأمر، أنا حقًا لا أهتم)) أبعد المدرب نَظراته الثاقب عن المحارب وحولهما الى اليمين، ((ما يهم حقًا أن أحد الملوك قد وضع توصياته عليك))، تمتم كلير بصوت مسموع ((انه الملك ديب))، أمسك المدرب الورقة مجددًا وقال ((الملك آدونيس))، شهق كلير وقال ((كيف هذا؟ لقد...)) قاطعه المدرب مجددًا ((لا تسعد كثيرًا، لقد ترك توصية تفيد بأن علينا توخي الحذر من أي هجمة قد تؤذيك))
ـ((وكيف يكون ذلك سيئًا؟)) وضع المدرب الورقة في المكتب مجددًا ووضع كوع ذراعه اليمنى على المكتب ووضع سبابته وإبهامه تحت حاجبيه دون أن ينظر للمحارب وقد اختفت يده اليسرى تحت المكتب ((لأن جنود الملكة قد يهجمون عليك))
وقف المدرب وقد تلألئت خلفه قطرات المطر من النافذة، التف المدرب حول المكتب ويداه خلف ظهره، ((لا أعلم ماذا فعلت يا كلير، لكن أظن انك وقعت في ورطة كبيرة))، بلع كلير ريقه ووقف ليواجه المدرب، كان كلير ضخمًا وطويلًا مقارنة بالمدرب سلو لكن بالرغم من ذلك فان غيمة الهيبة أحاطت بالمدرب فبدا كلير فتًا معتوهًا في ذلك المشهد، ((تماسك يا محارب، سأشرف عليك من الآن فصاعدًا لكن أتوقع منك أن تعود هنا، ليس لأنك ستتعلم من خطأك ولكن لأن الملكة ستستغل أي فرصة لإبادتك أنت ومن حولك ان اقتضى الأمر ذلك.... أو ان لم يقتضي، الأمر سيان عندها)).
لم يعتد هذا المحارب على الخوف، لكن قبل ان يقترن به اسم المحارب كان جبانًا وبدا له الخوف حينها أسلوب حياة، لقد كان فتًا بدينًا، لم يلتحق بالمحاربين الا لفشله في دراسته، ولعدم تمكنه من مزاولة عمل والده في الخياطة، لقد كان له 3 اخوة أكبر منه وكل منهم يجيد شيئًا أو اثنين، في النهاية انتهى به الأمر في مركز التدريب، لقد وجد ما يجيده هناك، وقد أولى اقصى اهتمامه للتدرب، حين أنهى سنوات تدريبه اخيرًا كان مصدر فخر لعائلته، لقد اكمل تدريبه بقدرتين متقنتين من المرة الأولى، وهكذا شارك في عشرات المهام، بدون فشل واحد قط، وترقى أخيرًا الى القيادة، لكن منذ ترقى للقيادة فقد كانت مهماته روتينية، المهام التي لا تلفت الاعجاب أو نظر الناس، لقد مرت سنوات بالفعل وبدأ يشعر بأنه يضيع وقته، وحينها تسرع، والآن هو يشعر بالندم الشديد.
هدء المطر قليلًا غير أن السحابة الداكنة لم تغادر سطح القبة بعد، كان يتساءل عما سيدربه المدرب عليه، لقد كان ولازال مبارزًا ماهرًا بالسيف، بل وقد يكون ابرع مبارز، كما أن بإمكانه استحضار النار والتحكم بها لمسافات بعيدة قلة من وصلوا اليها، وقد أتقن اطفائها كما لم يتقنها أحد، خططه محبوكة بمهارة واستراتيجياته لم تفشل مرة؛ كان يفكر بيأس حين ظهر المدرب أخيرًا وقد ارتدى درعًا معدنية بسيطة لكن أنيقة تغطي الصدر فقط ((أيها المحارب، من تلوم؟))
ـ((سامحني سيدي لكن ماذا تقصد؟))
ـ((من الذي تلومه على مجيئك هنا؟))
كان كلير يفكر في الجواب للحظة قبل أن ينقض عليه المدرب بسيفه الذي أخرج ه من الغمد توًا، تجنب كلير ضربة السيف الأولى وسحب سيفه من الفراغ بفضل قدرته وصد الضربة الثانية ودخل جو المبارزة، ((لن تلوم سرعة البديهة طبعًا)) قال المدرب قبل أن يوجه ضربة أخرى تجاه المحارب، تعالت أصوات ارتطام السيف بالسيف تحت المطر، ((لنرى كيف هي قدرتك الأخرى؟)) أخرج المدرب بخفة علبة صغيرة سوداء وحرر جوهرة بنية كانت تختبئ بداخلها فاختفى سيف المحارب، بدون شعور منه غير كلير اسلوب قتالها من السيف الى النار، كان المدرب ينجوا من الضربات بصعوبة في كل مرة، ((المشكلة ليست هنا طبعًا)) رمى المدرب سيفه بعيدًا وبدأ باستعمال قدرته -الرياح- لتصدي الضربات الحارقة، ((دعنا نجرب شيئًا آخر، هل تعلم انني قضيت طول عمري أحاول الارتقاء الى مكانتي هذه؟))، لم تتغير وتيرة القتال قط، بالرغم من أن المدرب كان يواصل الكلام، ((لقد تدربت بجد، لقد حاربت بقوة ولطالما كان اسمي هو الاسم المذكور في كل جزر المملكة، "المحارب سلو قاهر الأعداء" الجميع كان يتحدث عني))، لم يبدي كلير اهتمامًا بالحديث وركز مع القتال ((لكن الآن انا هنا ادرب الأوغاد، لكن أنت، انت تبدوا عظيمًا جدًا، تقدر على استعمال قدرتيك بمهارة لا متناهية، لم أرى في حياتي من هو أمهر منك، حتى أن الملك نفسه قد ترك توصياته عليك))، لقد بدأ كلير في هذه اللحظات يرخي دفاعه ويُلَين ضرباته، ((نعم، انه أنت الذي يجب ان تسرد قصصك في المملكة كلها، لا أدري لما اتيت الى هنا لكني متيقن ان هذا خطأ فريقك))، بدأ كلير بالحديث ((نعم كان هذا خطأهم، كان عليها أن لا تزيل حاجزها بدون الاستعلام مني أولًا))
ـ((هذا صحيح، هذا خطأها بالكامل))
ـ((كما أنه خطأها انها لم تعرف بنفسها))
ـ((أحسنت، أنت محق بالكامل))
ـ((كيف لي أن اعرف انها ابنة آدونيس وانها مهمتها الأولى؟))
ـ((نعم..... ماذا؟)) استغرب المدرب واستغل تشتت كلير لإنهاء القتال، تعثر كلير بفعل الرياح، اقترب منه المدرب بعد أن حمل الجوهرة وأعادها الى صندوقها الصغير ((لم تعرف بأنها ابنة الملك؟ ملك المملكة بأكملها؟)) تنهد المدرب وهو ينظر الى المحارب عند قدميه، ((على الأقل عرفنا المشكلة، أنت مغرور وأبله))، فهم كلير الحيلة وحاول الوقوف، ((لا عجب أن الملك أرسل تحذيره وتوصياته عليك، انا لا أدري كيف نجوت من الموت حتى))، ابتعد المدرب للبحث عن سيفه، تمكن كلير من الوقوف، قال له المدرب وهو يضع السيف في غمده دون أن يلتفت له ((وماذا حدث لها))
ـ((الأميرة كريستال؟ انها ضائعة الآن))
ـ((الأميرة ذاتها اذًا، صدقني يا فتى أنت محظوظ))
ـ((أنا لست فتًا!))
ـ((مغرور ومتعجرف وأبله كذلك، لفظة فتى تصون شرفك يا فتى)) لم يضِف كلير أي كلمة أخرى، لقد علم أن المدرب محق.
في تلك الليلة، التقى كلير بـ موليم في منامه، كان أبيض البشرة بالكامل ماعدا يديه التين كانتا سوداوتين كالليل، كان كلير بملابس نومه أما موليم فقد ارتدى عباءة طويلة تخفي قدميه، ((عليك أن تصحح الأمر، أنت تستطيع!)) قال موليم الذي بدت عليه آثار التقدم في السن واضحة، ((لا تخبرني بما أحاول فعله)) قال كلير ببرود وهو جالس على الأرض، كانت الخلفية حولهما زرقاء داكنة، قال موليم ((لو أنصتَّ لي لما حدث أيٌ من هذا، لقد أخبرتك أن النجاح لن يكون الا بالتصرف الصحيح مرارًا وتكرارًا، ألم......)) قاطعه كلير بسرعة ((ألم يكن أنت الذي أخبرني أن علي أن ارتقي الى مستوى المحاربين الشرفيين؟ ألم يكن أنت من قال انني سأنسى في رتبتي هذه؟ ألم يكن ذلك أنت؟)) كرر كلير جملته الأخيرة بصراخ مرتين لتتحول الخلفية خلفه إلى اللون الأحمر الدال على الغضب، رد موليم ((لم أقل لك ان تتبع هذا الطريق))
ـ((وأي طريقٍ أردتَ مني اتبعاه؟ أخبرني))
ـ((الطريق الذي لا يتضمن اهانة كل عناصر فريقك واغاضتهم قبل بدء المهمة))
ـ((ماذا؟))
ـ((أضننتَ أنني لن أكتشف؟ تقول عن نفسك قائد جيد ومتفهم، وأحيانًا تقول أنك جسور وشجاع وغضبك يدل على حزمك، لكن لا، كنت تكذب علي وتظن انني لن أكتشف؟ لقد كانت ذكرياتك تصارع لتظهر في الأحلام، وأنا كنت أضن انك قلق من أن تصبح قائدًا سيئًا لكن تلك لم تكن مخاوف))
ـ((الصرامة ضرورية لقيادة))
ـ((لكن التبجح والإهانات عدوان لها))
ـ((لا تجرء على إهانة طريقتي وأسلوبي أيها العجوز))
ـ((أوه حقًا، من تضنني؟ بيربوريًا مفتقرًا للحب لتحادثني هكذا؟ أنا املكك يا أبله، وبإمكاني تعذيبك التعذيب الذي لم يعذبه أحدٌ قط))
ـ((عن طريق ماذا؟ مرآتك السحرية أو صولجانك الغبي؟))
ـ((تمامًا!)) وجه موليم صولجانه تجاه كلير، انطلق من الصولجان ضوء أبيض قوي، في لحظة تشكلت بوابة خلف كلير وأصابه الشعاع الأبيض فجعله يدخلها رغمًا عنه، وجد كلير نفسه في جحيم من الذكريات السيئة قد زادته المخاوف سوءً، لقد رأى ذله أمامه، رأى من كان يتفاخر عليهم ويهينهم في مهماته يهينونه ويضربونه وهو يتحول لطفلٍ صغير لا يجيد القتال، لم يعد يقدر على حمل سيفه أو استحضار ناره، كذلك رأى نفسه يحادث الأميرة كريستال، لكن هذه المرة كانا وحدهما فوق المرج، كان يهينها بكلمات لم يقلها في لقائه معها، كلمات قاسية جدًا، وإذا بها تتحول لوحش ضخم يمتلك أجنحة، ولم يتزحزح التاج ذو الجوهرة الزرقاء من رأسها ((سأدمرك، سأقتلك لأنك قتلتني، لن أسامحك أبدًا!))، لقد كان يركض منها بأسرع ما يمكن، كان الجري صعبًا عليه في حلمه، شعر وكأن مادة دبقة تمسك برجليه وتشدهما للأرض ((أنا نادم، أرجوكِ سامحيني، لن أكرر فعلتي مجددًا أعدك، لن أحيد عن مهمتي مجددًا أقسم لك....))، واصل كلير التوسل حتى وصل اليه ذلك الوحش، ((لقد انتهى امري، لكن ماذا عن من سبقني وعن من يأتي بعدي؟))
ـ((سأعتذر منهم، واحدًا واحدًا، لن أهين شخصًا أخر من الآن فصاعدًا وسأقدر فريقي))
ـ((لقد فات الأوان بالفعل يا فتى))، التهم الوحش كلير دفعة واحدة وتلك كانت اللحظة التي يستيقظ فيها كلير مفزوعًا، كان كلير نائمًا في غرفة برفقة اثنين من المحاربين تحت التأهيل، كان الظلام مخيمًا، لقد علم كلير أن موليم لن يتركه وشأنه لذلك لن يعود الى النوم، ارتدى كالم معطفه وذهب الى صيدلية المركز، كان الجو باردًا في ذلك الوقت، وبالرغم من أن الوقت كان متأخرًا الا أن كلير وجد مدربًا في الصيدلية، التفت المدرب حين سمع صوت صرير ألواح الخشب في الأرضية بعد أن داس عليها كلير ((أيها المتدرب، ما الذي تفعله هنا؟)) قال المدرب وهو يأخذ قارورة زجاجية من أعلى الرف ويضعها بسلة كانت فيها عدة أعشاب وقوارير أخرى، ((أنا فقط أردت تفقد ما يوجد هنا)) قال كلير دون أن يشيح نظره عن المدرب.
ـ((ليلتك الأولى هنا؟))
ـ((نعم))
ـ((لقد عرفت ما هي مشكلتك)) أخذ المدرب سلمًا قريبًا واستعمله للوصول الى احدى الرفوف وأخذ منها أوراق نبتة رمادية اللون ((تفضل، هذا سيريحك من أحلامك السيئة لفترة، تناول ورقة وحدة قبل النوم ولن ترى كائن الأحلام اليوم))
ـ((أوه شكرًا، لكن كيف علمت ان هذه مشكلتي))
ـ((أولئك الأشخاص يكونون منزعجين جدًا حين تأتون الى هنا لأول مرة، لقد أتاني الكثير من المحاربين يشتكون من قلة النوم، لحسن الحظ لدينا هذه العشبة لكن عليك أن تتصالح معه في أقرب وقت والا فقدت حيويتك، أضن أن ثلاثة أوراق ستكون كافية))
عاد المدرب الى بحثه عن أدوية ونباتات معينة، خرج كلير وذهب إلى سطح البناء الذي كان ينام فيه، "لقد أخطئت وأنا اعترف بذلك، لقد خنت وطني بفعلتي تلك وعلي تصحيح الأمر"
ـ((أنا اعاهد نفسي اليوم أنني لن أرتكب الخطأ نفسه مرة أخرى، وأقسم انني ان التقيت بتلك الأميرة مجددًا سأقف بجانبها وأخلص لها، ولن أجادلها في أمرٍ ولو طلبت مني قتل شريف، أنا اعاهد نفسي اليوم، ولن أنسى هذا العهد أبدًا))
عاهد كلير نفسه أثناء شروق الشمسين ذلك اليوم بأن يخدم مملكته على أكمل وجه، وأن لا يسمح لغروره وغطرسته بأن يهددا الوطن مجددًا، سيكون صبورًا وهدفه خدمة الخير لا البحث عن الشهرة وتكريمات الملوك، وكذلك عاهد نفسه بأن يخدم الأميرة التي خانها ولو أودى ذلك بمماته.
أنت تقرأ
مملكة بيربور - أرض العجائب الطافية
Fantasyمملكة بيربور العريقة حيث يعيش البيربوريون، حور السماء، الجنيات والرفقاء معًا بتناغم، تتمكن الأميرة وينتر وايت من الذهاب إلى مهمة أحلامها اخيرًا لكنها تكتشف حقيقة لم تكن تدركها حول ماضي مملكتها وحربهم مع الغاريين...