في برجها العتيق، كان ضوء القمر يسطع من النافذة، نتيجة حركة البرج كان ضوء القمر يتحرك ببطء، لكن حركته ملحوظة، كان النسيم لطيفًا في هذه الليلة، كان قفص الطيور مغلقًا وقد وضعت عليه قماشة صفراء باهتة لكي لا يتسلل ضوء النهار ويوقظ الطائرين النائمين، كانت غرفتها البسيطة في منتهى الجمال، على الجدران كانت الرفوف، كانت الجدران تلتف حول السطح الدائري والكتب تملأها من أسفلها إلى أعلاها، كانت الصومعة بعيدة جدًا لدرجة أنه لا يمكن رؤية غير الظلام فيها، كان على الأرضية بجوار السرير فرشة حمراء تلتف حلقة ذهبية بجوار نهايتها، السرير كان كبيرًا خشبه داكن وفرشته حمراء، وعلى جانبيها طاولتان صغيرتان على كل منهما اناء من الورود، بجوار احدى النوافذ كان المقعد وطاولة الشاي الصغيرة، وعلى احدى الجدران التي لم تكن الرفوف تملء جوفها كانت طاولة بمرآة طويلة وكذلك مقعد، وفي زاوية أخرى كانت طاولة القراءة وعلها مصباح فايوار منار وفتاة تجلس على الكرسي تقرأ كتابًا، شعرها الأزرق البراق تكاد تجزم أنه يضيء ان لمس ضوء القمر شعرة منه، عيناها الجميلتان كانتا غائصتين في الكلمات، أحيانًا كانت تحرك شفتيها الورديتين وتقرأ كلمة أو اثنتين دون اخراج صوت، كانت أصابعها النحيلة تقلب الصفحات كل بضعة دقائق، وبيدها الأخرى كانت تضع اصبعين عند أذنها مانعة شعرها من اعاقتها عن القراءة عادتًا ما ترفع شعرها عن جبهتها وتلفه بطريقة خاصة وتضع تاجها خلفه لتثبيته، لم تكن تلك التسريحة تفارقها الا وقت النوم؛ بعد مدة أمسكت قطعة ورق مستطيلة ووضعتها عند آخر صفحة قرأتها، أغلقت الكتاب وحملته وذهبت تجاه السلم، كانت لا تزال ترتدي فستانها الأحمر القاني المزين بالجواهر البيضاء عند العنق والسوداء عند أطراف تنورة الفستان، صعدت درجات السلم ببطء، وحين بدأت بوضع الكتاب في رف معين رن جرسٌ كان معلقًا بجوار سريرها، فور أن وصل صوت رنين الجرس الى أذنها اختفت من أعلى السلم، سقط الكتاب من على الرف على الأرض وهو مفتوح، أما السلم فنتيجة اختلاله الغير متوقع فانه هوى الى الخلف وسقط هو الآخر.
كانت الفتاة في قاعة القصر، حيث كان الملك، ((أبي ما الذي يحدث؟)) كان الملك آدونيس يمتلك شعرًا أسود وعينين سوداوتين كالليل، وقد ارتدى بذلته الزرقاء الداكنة، ((هل... هل فعلت والدتي ذلك؟)) قالت دايموند بقلق.
ـ((لا تقلقي عزيزتي، لقد عاد الملك ديب إلى مملكته سالمًا))
ـ((حسن، لكن لما رننت الجرس؟))
ـ((لقد رنته والدتك على عجل، لقد عادت أختك...))
ـ((عادت؟ حقًا! سأذهب لها الآن إذًا))
ـ((حسنًا لكن...))، خرجت دايموند مسرعة ولم تدع الملك يكمل كلامه.
كانت تنتقل بين الأروقة حتى سمعت صوت الملكة ((لقد كنت أعلم بأنك وفي ولن تخون الملكة)) بدأت دايموند تركض نحو مصدر الصوت، ((جلالتك، أنا محارب ملكي وقد دربت لأخدم، الخيانة ليست جزءً من قاموسي))، ''ما هذا الصوت؟ أنا اعرفه لكن من هذا؟" فكرت دايموند وقد أبطئت سرعتها بعض الشيء، ((أوه، كيف حالك عزيزتي لن تصدقي كم اشتقت لكي)) كان هذا آخر ما سمعته دايموند قبل أن تخترق ضوء القاعة القوي ((أنا بخير، لقد اعتنى بي هذا المحارب جيدًا))، لم يكن ذلك صوتًا مألوفًا قطعًا، ولا حتى أسلوب وايت، ((هذه ليست وايت!)) صرخت دايموند حين دخلت إلى الغرفة ورأت تلك الفتاة، كانت أطول من وينتر بقليل، شعرها أسود كسواد الليل، عيناها كعيني الملكة تمامًا، لقد كانت ملامحها مزيجًا من ملامح الملك والملكة معًا، كانت ترتدي تي شرت واسع وسروالًا قصيرًا من الجينز الأزرق، وبرفقتها المحارب الذي لا زالت تتذكره، تتذكره وكل الكلمات السيئة التي كانت تنعته بها الملكة طوال سنوات.
التفت الجميع إلى دايموند، ((من هذه كارلوس؟)) قالت الفتاة، رد عليها المحارب ((هذه شقيقتك، الأميرة دايموند، لقد كبرتي جلالتك))، قالت الفتاة باستغراب ((إذًا هذه أختي واسمها دايموند؟))، اتجهت دايموند بسرعة نحو أمها وسحبتها من ذراعها الى خارج الرواق ((من هذه؟ وأين وينتر))
ـ((هذه أختك عزيزتي، لقد عانى المحارب الملكي كثيرًا لإعادتها)) قالت الملكة كلماتها بابتسامة كبيرة، ((هذه ليست وينتر)) قالت دايموند بقلق، ((تلك الريفية ليست أختك، لقد أخطئنا في أمرها)) قالت جوول وهي تحرك أصابع يدها الى الأعلى والأسفل بخفة ((حين نجدها سنسجنها لا تقلقي))
ـ((ماذا؟))
ـ((لا تهتمي بأمرها الآن واستمتعي برفقة شقيقتك الحقيقية))، اصطنعت دايموند الابتسامة وقالت ((حسنًا))، دخلت الملكة إلى القاعة، حينها رأت دايموند الملك قادمًا، حين وصل للباب نظرت اليه دايموند بحزن، ربت الملك على كتف ابنته ودخلًا معًا القاعة، تحلق الملك والملكة على الفتاة، أما دايموند فجلست بجوار المحارب الملكي ((أنت المحارب سنو صحيح؟))
ـ((نعم أنا كذلك، انا متفاجئ لأنك تذكريني))
ـ((لقد نادتك بكارلوس منذ قليل))
ـ((نعم، لقد حدث الكثير))
ـ((انها تسعة عشرة سنة، لابد ان الكثير حدث))
ـ((نعم... لقد حصلت شقيقتك على قدرتها مبكرًا جدًا))
ـ((شقيقتي فعلت؟......))، لمح سنو كف يد دايموند التي كانت تضعها في حجرها فقال ((انها فارسة تنقل مثلك))
ـ((حقا؟ دعني أحزر، لقد انتقلت الى مكان بعيد جدًا عن غير قصد واصطحبتك معها))
ـ((نعم، كيف حزرتي؟))
ـ((لقد حصل شيء مشابه لي، لقد انتقلت الى أطراف الجزيرة، قال لي الحكيم أن قوتي كبيرة جدًا ويجب علي تعلم التحكم بها بسرعة، لقد كنت أرتدي قلادة من جوهرة تحد من قدرتي حتى انهيت التدريب))
ـ((لا أتوقع أنك زُرْتِ عالمًا آخر اذًا))
ـ((ما الذي تقصده؟))
ـ((لقد علقت أنا والصغيرة في عالم آخر تمامًا، عالم فيه كائنات مختلفة عنًا وقوانين لا تشبه قوانيننا، لقد كان الخروج من هناك صعبًا))
وقفت دايموند ونظرت الى سنو ((أعطيك نصيحة، ان كنت تريد خيرًا بذلك العالم فلا تخبر عنه الملكة جوول، ثق بي انها ليست نفس الشخص الذي عرفته قبل 19 سنة)) ابتعدت دايموند واتجهت الى باب القاعة حين تبعها والدها ((عزيزتي دايموند، انها أختك حقًا، أنا اشعر بذلك))، تنهدت دايموند وقالت ((أنا أيضًا))، سأل والدها ((اذًا ما الأمر؟))، ((أنت تذكر، أليس كذلك؟))، اقترب الملك من ابنته ووضع يده على كتفها ((هل نذهب لمكان آخر؟))، بعد ان سمعت كلامه انتقلت برفقته الى الحديقة بجوار أحد الكراسي حيث جلسا ((انا اتذكر، وانا حقًا لازلت أشعر بالحزن والذنب لما جرى)) وضع الملك كف يده على يد ابنته ((لكن بعض الأمور تحدث رغمًا عنا))، نظرت دايموند اليه وقالت ((إذًا، هل تعلم؟))
ـ((أعلم ماذا؟))
ـ((تلك الفتاة التي أخذناها من أهلها، هل تعلم ما الذي جرى لأهلها؟))
ـ((لقد أقسمت لي الملكة انها لم تفعل شيئًا))
ـ((لكن هل تعلم ما الذي جرى؟))
ـ((ما الذي جرى؟))
ـ((لقد هربوا خوفًا على أنفسهم، وتركوا ابنتهم في المجهول رغمًا عنهم، جعلوها تضن أنها ليس ابنتهم غصبًا عنهم))
ـ((لا تقلقي، يمكن حل هذه المشكلة))
ـ((هل تعلم أيضًا؟))
ـ((ماذا؟))
ـ((لقد كانت تضن أنها ابنتك، وقد صممت على أن تكون أول محاربة أميرة لتشرفك))
ـ((حقًا؟))
ـ((لقد فقدت في الميدان، ومرت أيام ونحن لم نسمع عنها شيئًا، لكنها تمكنت من مراسلتنا، هل تعلم ماذا كتبت في رسالتها؟))
ـ((نعم أعلم...))
ـ(("أنا أشق طريقي نحو نصرٍ أكبر، وجدت طريقًا مخفيًا للغاريين، لا تقلقوا علي" لقد استمرت بالمخاطرة من أجل نصرٍ أكبر)) صمت الملك ولم يقل شيئًا ثم أكملت دايموند وهي تبكي ((والآن ستعود وعليها توقع أن تهجم عليها الملكة في أي لحظة دون سبب، لعل أختي الحقيقية هناك، لكن هذه أختي أيضًا شئتم أم أبيتم، لا يمكنكم معاقبتها...... إن عادت))
ـ((عزيزتي، يستحيل ان يمتلك أحد من العامة قدرة كقدرتها، لعلها كانت تتحايل علينا بطريقة ما وهذا يجعلها تستحق العقاب))
ـ((لم أتوقع منك قول هذا، لقد رأيت أجنحتها مثلي، كيف يمكنها أن تطير بأجنحة مزيفة؟))
ـ((أحيانًا المحتالون....)) قاطعته دايموند ((هي ليست محتالة، وحتى ان كانت كذلك فلا أريد منك أن تلقبها بهذا أو تعاقبها، انها أختي، الأخت التي عثرت عليها في المدرسة التدريبية تحاول جهدها لتحقق حلمها بأن تكون محاربة ملكية، ان كانت تريد عرشًا لطالبت به سابقًا، لو كانت تريد ذهبًا لأخذته من أول يوم لها هنا، لكنها لم ترد شيئًا من ذلك، لقد رأيت وجهها في ذلك اليوم، لقد كانت مصدومة مثلنا جميعًا وأكثر، لذلك هي ليست محتالة أبدًا)) وقفت دايموند وانتقلت الى شرفة أحد القاعات في القلعة، الشرفة التي تطل على المملكة، وبدأت تشهق بصوت عالٍ، ((هذا ليس عدلًا، هذا ليس عدلًا، انهم لا يستحقون أي مما جرى لهم، لا أحد يستحق ما حدث ولا أحد يستحق ما سيحدث)).
كان النسيم يحرك شعرها البراق، ويسحب بعض قطرات دموعها المتلألئة معه، كان فستانها الأحمر الطويل يتموج عند كاحلها بفعل الرياح، كان الهدوء في شرفة تلك القاعة المظلمة، لقد خرج الحرس حين سمعوها تبكي وتركوها بمفردها، لعلهم هم أنفسهم لن يتحملوا رؤية هذا المشهد، الجهة الأخرى من القلعة كانت مضيئة، الموسيقى التي يعزفها الموسيقيون للتهنئة بعودة الأميرة مشابهة لتلك التي كانت في حفلة وينتر العام الماضي، غير أن الملك والملكة وحدهما هناك، كما أن من معهما هي ابنتهما حقا هذه المرة، كانت تبكي بحرقة حين لمحت في ظلمة الليل ذلك الدرع الفلسي يعكس ضوء قمر القلعة، لن يمكنها ان تخطئ في أمره أبدًا، "إنها هي، لقد عادت" بسبب التوتر كان الانتقال أقل دقة، بعد بضعت ومضات وصلت اليها، حين نظرت وينتر اليها عانقتها بشدة ((لقد اشتقت لكي اختي دايموند))، ثم اخرجت كتابًا من حقيبتها، كتابًا كبيرًا نوعًا ما غلافه من الجلد البني بدرجتين مختلفتين وقد كتبت عليه رموزٌ بلُغةٍ قديمة، ((علينا أن نوصل هذا الى الملك، لم أعرف كيف أقرأه بعد لكني متأكدة انكِ ستكتشفين ذلك)) نظرت دايموند الى وينتر بأسى وهي تفكر بما ستفعله الملكة لها، والمحزن أكثر ان الملك يساند زوجته في هذا القرار، ((وينتر، هل بإمكانك.. هل بإمكانك ان تفردي جناحيك رجاءً؟))، نظرت وينتر اليها بحيرة ((ليس لدينا وقتٌ للعبث دايموند، هل بإمكانك ان تقرئي هذا الكتاب؟))، نظرت دايموند اليها ببرود ((عليكِ أن تفرديهما الآن!))، توترت وايت بعض الشيء ثم فردت جناحيها، أمسكت دايموند ريشة من الجناح ونزعتها قالت وينتر ((أوه، ما بالك اليوم؟ لما فعلتي ذلك؟))
ـ((لا شيء، ناوليني الكتاب))
ـ((وأخيرًا، تفضلي، حاولي أن تسرعي فالكتاب بدأ يفقد صفحاته))
أمسكت دايموند بالكتاب، كانت صفحاته بيضاء تمامّا، غير أن الصفحات بدأت تتشكل عليها صور، صورٌ لغاريين تحديدًا، قالت وينتر ((لقد نجحتِ، هل بامكانك الانتقال الى عشرين سنة الى الأمام))
ـ((هذا الكتاب غريب جدًا، ما الذي يحدث هنا؟))
ـ((هذا الكتاب من مكتبة التاريخ، انه يحكي قصة قديمة لأحد الغاريين))
ـ((عشرين سنة للأمام، أضن ان بإمكاني فعل ذلك))، كانت الصفحات تتقلب بمفردها منذ ظهر أول خط على الكتاب، اختارت دايموند صفحة عشوائية من الصفحات، تعرفت وينتر على ما رأته وطلبت منها أن تعود للوراء قليلًا ففعلت دايموند ذلك، حينها بدأ الكتاب يتحدث وقد أظهر مشهدًا لملك بيربوري برفقة غاري في غرفة ملكية، حينها كان الغاري والبيربوري يتحدثان عن أمور سياسية، كان للغاريين مملكة، وكان الملك البيربوري يطلب من الغاري نوعًا معينًا من الجواهر مقابل الذهب، لكن الغاري طلب رقمًا ضخمًا من الذهب مما أثار غضب الملك وقلقه من خسارة حرب ما فقتل الغاري أمام اتباعه وأعلن الحرب عليهم، استوعبت دايموند ما تريد وايت فعله، "هذه الطفلة البريئة، لقد فعلت شيئًا عجز عنه الحكماء، لكن الملك لن يتقبل منها شيئًا، ليس بعد الآن"، تذكرت دايموند كلمات الملك والملكة، لعل هدف اختها نبيل، غير انه غير ممكن، لذلك كان عليها ردعها ((ما الذي تحاولين فعله أيتها الخائنة؟ هل تحالفتِ مع الأعداء الآن؟))
ـ((خائنة؟ لا لقد أساتي الفهم، أنا فقط احاول انهاء الحرب واحلال السلام!))
ـ((السلام؟ لحسن الحظ انكِ لستي أختي))
ـ((ماذا؟ أنا اختك، ما بك دايموند؟))
ـ((اختي الحقيقية قد عادت اليوم برفقة حارسها الملكي، انها تشبهني تماما على عكسك، انظري الى نفسك انتِ لا تشبهين أحدًا منا بعينيك الكبيرتين تلك، حتى ان قدرتك حاجز ومجنح قد يكون مزيفًا))
ـ((اختك الحقيقية؟ أتقصدين انني لست شقيقتك؟)) بدت الصدمة ظاهرة على وجهها الصغير ((لكن ألم نكن أختين طول تلك المدة؟ أنا لا أفهم؟))
قالت دايموند ((لن أسمح لكِ بالدخول الى القصر، اعلمي انني رحيمة انني لم آمر بسجنك)) رمت دايموند الكتاب بعيدًا، ((لكن....)) قالت وايت وقد امتلأت عيناها بالدموع، ((بدون لكن، اذهبي الآن وإلا ناديت الحرس حالًا!)) كان ذلك ردًا صادمًا من دايموند، اتجهت وينتر نحو الكتاب وحملته ثم نظرت الى من كانت تضنها شقيقتها بحزن، ثم ركضت وغادرت.
بعد لحظة فقط ظهر الحرس يحملون اسلحتهم، قال أحدهم ((آنستي، لقد رأى أحد الحرس فتاة تشبه وينتر ونحن هنا لاعتقالها، هل رأيتها؟)) التفتت دايموند نحوهم وابتسمت وقالت ((لا، لم أرها)) خفضت دايموند رأسها وسارت عائدة نحو القلعة، قال أحد الحرس ((من تلك التي رأيناها آنستي؟ لقد كانت برفقتك منذ لحظات فقط))، دون ان تلتفت قالت ((انها فتاة ضائعة فقط، لقد أرشدتها على الطريق لا تقلق))، اكملت دايموند مسيرها، كانت تسمع أصوات الحرس يتحدثون مع بعضهم غير أنها لم تفهم من كلامهم شيئًا، لم تكن مركزة في الأمر، "كان ذلك الخيار الصائب، هي محاربة بعد كل شيء وليس هناك طريقة غير هذه لردعها عن التحدث الى الملك، كسر قلب أخت أرحم من حبسها وتعذيبها في المكان الذي كانت تعتبره موطنها، ستتفهم الأمر يومًا ما، أتمنى ذلك حقًا"، سقطت دمعة من احدى عيني دايموند وهي تحاول اصطناع ابتسامة للدخول الى الحفل الصغير الذي اقامته جوول بعد عودة ابنتها، مسحت دايموند الدمعة وانتقلت الى القاعة حيث كانت الأغاني تُنشد، لم يضم الحفل الصغير ذاك غير الملكة والملك والمحارب الملكي سنو وكذلك الفتاة الغريبة، كان حفلًا سخيفًا أصرت الملكة على أن تقيمه، انتقلت دايموند الى القاعة وقد لاحظتها الفتاة بسرعة، ((كارلوس أنظر لديها نفس قدرتي!)) صرخت الفتاة حين رأتها بحماسة، رد عليها المحارب الملكي ((نعم وكذلك والدتك))، اقتربت دايموند وقالت ((أهلًا بكِ))، ردت الفتاة ((مرحبًا، أضن انكِ دايموند صحيح؟))، كانت الفتاة قد ارتدت فستانًا للتو ومن الواضح أن الملكة جوول هي من انتقاه لها، ((نعم أنا دايموند، ابنة الملكة جوول والملك وود، وحفيدة الملكة اميرلد والملك دري)) استغربت الفتاة وقالت ((انتِ دايموند ووالدتك جوول وجدتك اميرلد؟ لما هذه الأسماء غريبة؟))
ـ((غريبة؟))، تذكرت دايموند في هذه اللحظة العالم الذي تحدث عنه سنو ((انه فقط نظام التسمية عند البيربوريين، يحصل الأبناء على اسمٍ مشتقٍ من اسم والدتهم ويضاف اليه اسم الوالد، مثلًا انتِ تدعين كريستال ابنة الملك وود))، نظرت الفتاة الى المحارب الملكي وقالت ((كارلوس، انت لم تخبرني ان اسمي كريستال))، قال المحارب الملكي ((المعذرة آنستي، لقد نسيت فعل ذلك))، ضيقت الفتاة عينيها الصغيرتين وقالت ((لقد سماني من في الميتم بكلارا))، ثم اتسعت عينانا وهي تقول ((لكن كريستال يبدوا أجمل، كما انه مرتبط باسم والدتي وأختي.... بإمكاني مناداتك اختي صحيح؟))، تنهدت دايموند ثم فكرت "هي كذلك، ما ذنبها؟ لا يمكنني رفضها فهي لم تقصد شيئًا، لكن..."، ((أفضل ان تناديني دايموند))، لم يبدوا على الفتاة الانزعاج ثم قالت ((حسنا كما ترغبين، انا كذلك لم اتعود على الأمر بعد، ان تكون لي أسرة امر غريب حتى الآن))، ابتسمت الفتاة ابتسامة عريضة، اقترب الملك والملكة، فور أن تلاقت عينا الملك وابنته ابعدت دايموند نظراتها بسرعة، قالت الملكة ((انا سعيدة لأن ابنتنا عادت أخيرّا))، لم يلقي الملك بالًا للكلمات التي قالتها زوجته فلعله سمعها اكثر من مرة في الدقائق القليلة السابقة، لقد كان ينظر الى دايموند ابنته العزيزة، قال الملك ((يبدوا انكِ بدأتي التعرف على أختك، حتمًا توافقتما))، لم ترفع دايموند بصرها عن الأرض فهي تشعر بالغدر من والدها الحبيب، قالت ((استأذنكم، سوف أذهب لغرفتي لأرتاح))، قالت الملكة دون ان تعي ما يحدث حقًا ((اوه يا للأسف، لقد بدأ الحفل توًا)) مد الملك يده نحو ابنته ليوقفها لكن انتهى به الأمر يعيدها فهو ليس لديه ما يقوله، كانت دايموند تسير نحو الباب، استغلت كريستال اللحظات التي كانت فيها الأسرة مشغولة لتخرج حذاء تزلجها من حقيبتها، حاول المحارب الملكي سنو ايقافها لكنه لم يفلح، لكنه بدأ يركض خلفها ويقول ((كلارا انتِ أميرة الآن لا يمكنكِ المشاغبة))، نظرت الملكة الى ابنتها وأخذت تصفق، قالت كريستال ((أنا لست كلارا، انا كريستال وأنا اميرتك وسأفعل ما يحلوا لي)) قالت كريستال كلامها بأسلوب ساخر حين كاد سنو يصطدم بطاولة بها بعض المأكولات التي تم تجهيزها توًا، ((الأمور لا تسير هكذا كلارا، كما انني لازلت حارسك الملكي لذلك آمرك بالتوقف))، لم تتوقف كريستال عن التزلج وقالت ((أوقفني ان استطعت))، ثم أكملت بلهجة مضحكة ((أيها المحارب سنو))، كانت تلك الكلمات هي آخر ما سمعته دايموند قبل أن تنتقل الى غرفتها وترتمي على سريرها.
نامت دايموند وهي ترتدي فستانها، كانت في ذلك المكان العجيب حيث تتلون الخلفية بلون المشاعر، كانت واقفةً هناك بمفرده وكل ما حولها كان مظلمًا، اقتربت منها فتاة شابة أصغر منها سنًا على ما يبدوا، كانت بيضاء البشرة بالكامل، باستثناء يديها التين اتجه بياضهما نحو الأسود، كان شعر الفتاة قصيرًا ورديًا وقد ارتدت فستانًا لا تظهر منه قدماها، نظرت تلك الفتاة بعينيها الكبيرتين نحو دايموند التي كانت واقفة بوجه خال من العواطف، ((دايموند، ماذا حدث؟))، ظهر كرسي من العدم خلف دايموند، قالت الفتاة الصغيرة ((اجلسي))، جلست دايموند ونظرت الى الفتاة بدون ان تتفوه بكلمة، توقعت الفتاة السبب وقالت ((هل حدث شيء لوينتر؟))، تحول الظلام خلفهما الى خلفية حزينة متوترة، ((نعم لقد حدث!))، شهقت الفتاة وقالت ((هل...))، لم تكمل الفتاة السؤال وكأنه شيء محرم، أكملت دايموند ((لقد قلت لها كلامًا قاسيًا جدًا ،مانون أنا اخت سيئة!)) تنفست الفتاة الصغيرة ثم سألت ((اهدئي واخبريني عما حدث)).
كان الفستان الأحمر القاني الذي ترتديه دايموند يبدوا أسودًا بسبب ألوان الخلفية المظلمة مما جعلها تبدوا وكأنها في حداد، بعد مدة هدأت ألوان الخلفية على وقع مواساة مانون لدايموند، ((لا بأس، لم يحدث شيء سيء، لعل وينتر ستبحث عن أهلها الآن وستعرف السعادة التي كانت تنقصها طوال هذه المدة))
ـ((لكن أضن انني جرحتها))
ـ((جراح الأشقاء تداوا بسرعة، ثقي بي))
ـ((أضن انكِ محقة))
ـ((حسنا ما رأيك بحلم دافئ الآن؟))
ـ((بالتأكيد))
هكذا دخلت دايموند الى العالم الأحلام تحلم بنفسها أختًا لكل من كريستال ووينتر وايت دون أن يعيقهم شيء عن الاستمتاع بالحياة.
_________
في رايكم " ماهو الشيء الذي يشعر الملك وود بالندم (الملك آدونيس = الملك وود) ومن هم الذين لا يستحقون ما جرى لهم الذين تحدثت عنهم دايموند وما الذي جرى لهم " هناك تلميح فالفصل العاشر ✌️
أنت تقرأ
مملكة بيربور - أرض العجائب الطافية
Fantasyمملكة بيربور العريقة حيث يعيش البيربوريون، حور السماء، الجنيات والرفقاء معًا بتناغم، تتمكن الأميرة وينتر وايت من الذهاب إلى مهمة أحلامها اخيرًا لكنها تكتشف حقيقة لم تكن تدركها حول ماضي مملكتها وحربهم مع الغاريين...