الفصل التاسع : القصص تزداد اشراقًا

0 0 0
                                    

البريق الذي تصنعه الحشرات التنينية المتجولة هنا وهناك كان يجعل المنظر ساحرًا، بالرغم من تواجدهم في الأعماق الا ان الاضاءة هنا بديعة وكأنهم في عالم آخر لا ينتمي اليه السطح بتاتًا، تتفتح أزهار لم تعرف لها وينتر اسمًا وتطلق نورًا كنور اللهب حين يقترب منها أي شيء وتطلق خيطًا أصفر اللون من بين بتلاتها، خيطًا يتحرك كأفعى ان لمسته الحشرات، يتلوى الخيط على الحشرة ويحبسها وهو يعيدها الى جوفه ويغلق بتلاته عليها مجددًا ليختفي نوره وتنتظر الضحية التالية، كان هوبان الغاري، احد الغاريين الذين رافقوا جون في مغامرته الصغيرة منذ أيام، لقد كان هوبان يعيش في جزيرة أخرى سابقًا، جزيرة حيث يعيش الغاريون في الغابات متخفين، لكن تمكن البيربوريون من العثور عليهم، احرقوا القرية والبيوت وأخافوا النساء والأطفال واختطفوا ما امكنهم ليشردوهم من الحجارة الكريمة في أجسادهم، هوبان تمكن من النجاة والهرب الى هذه الجزيرة حين كان شابًا، استغرق منه الامر اشهرًا ليكتشف المغارات المؤدية حيث يعيش الغاريون في هذه الجزيرة، لم يكن يخاف العيش في الأعلى، في الواقع كان يهاجم البيربوريين ان اضطر بكل سرور، لم تكن مهمته برفقة جون المهمة الأولى له، لقد كان لديه الكثير من المهمات قبلها، ويتوقع ان لديه مهمات بعدها مثل مهمته اليوم، طلب منه الكبار ان يصطحب فتاة من البيربوريين بالإضافة الى الغاري الذي كان يظن انه ضحى بحياته في المهمة السابقة، يصحبهما الى الحوري الذي سيأخذهم الى مكتبة التاريخ، لم يكن هوبان يستسيغ البيربورية التي تدعوا نفسها وايت، لكن بدا وكأن جون يثق بها لذلك تحملها هوبان، كانت البيربورية تتعرق بشدة تحت الأرض، كانت ترتدي درع محاربين تحت العباءة السوداء ذات القلنسوة التي غطت بها ملامحها، ليس وكأن الغاريين سيهاجمونها ان اكتشفوا انها بيربور، في الواقع لا أحد يكترث لها، لا أحد غير هوبان على ما يبدوا، لو كان قد رآها تتجول هنا ما كان ليفوت فرصة قتلها، لكن ما دام الكبار اعطوه هذه المهمة، وجون يثق بها كذلك، كان بإمكانه كبح نفسه، لسبب ما، كانت البيربورية لا تستعمل قدرتها، كان هوبان يرى اصابة رجلها لكن خبرته تأكد انه يفترض بها التمكن من استعمالها بحلول هذا الوقت، لقد اخبره الكبار ان البيربورية أمضت ليلتها السابقة هنا، برفقة الغارية التي تبنتها، نامت في بيت الغاري جون الذي منحه له الكبار مؤخرًا، لكن لم تستعمل قدرتها بعد امامه بالرغم من تمكنها من ذلك، لم يكن هوبان يدرك القدرات الممكنة البيربوريين، لم يكن يدرك اي قدرة يمتلكها البيربوري بمجرد النظر اليه، بالرغم من ذلك كان يسمع عن البيربوريين احاديث تأكد انه بإمكانهم التعرف على قدرات بعض بمجرد النظر، بدت البيربورية التي تدعو نفسها بــأمــيــرة وايــت متلهفة للصعود للسطح، كانت تتقدم المجموعة دومًا وتنتظرهم ليرشدوها الى الطريق الصحيح في مفترقات الطرق، أما جون فكان يتصرف بأسلوب خاص تجاهها، لم يرى هوبان الطريقة التي يتعامل بها جون مع النساء من قبل لذلك لم يتمكن من الحكم، من الحكم اذا كان جون غبيًا بطبعه أو مستضعِفًا لذاته لذلك قرر التخلي عن وضع الأحكام والاكتفاء بتذكر التضحية التي قام بها، اخذ العلو وقتًا، لكن فور ان رأت وايت نور الشمس من فوهة النفق اخذت تقفز من حجرة لأخرى لكي تستنشق الهواء النقي بأسرع ما يمكن، لقد غابت عن نظر هوبان للحظة، وحين رآها وجد انها رمت العباءة السوداء وجلست على العشب الأخضر بحنين، بحث هوبان عن بعض الماء بسرعة لها، كان يعلم ان الحظ لم يحالفها بالأمس لتحصل على نصيبٍ من الماء، لحسن الحظ كان جون يبقي في كهفه بعض الماء، شربت وايت الماء وشكرت هوبان بطريقة مهذبة ثم استعدت للذهاب ((أنا متحمسة لأرى المكان الذي تودان اصطحابي اليه))، كان هوبان ينزع الرباط الذي يشد الطفلة الصغيرة بظهره ويقول ((أنا سأصحبك للحوري فقط)) ناول هوبان الطفلة لوليتها وقال ((هاكِ، لا أعلم بشأنك لكن لا أظن انها فكرة ذكية ان تأتي بالطفلة معك))
ـ ((لم يكن لدي خيار، لن يهتم بها أحدٌ هناك)) أمسكت وايت بسيون التي كانت نائمة ومسحت على رأسها قليلًا ثم ربطتها اليها لاستكمال الرحلة.
كان جون ينظر الى الأفق، لقد بدا وكأن المكان أصغر مما تركه، لعل عقله زين ذكرياته حول هذا المكان وغير منها، على الرغم من أن ذكرياته هنا لم تكن كلها سعيدة الا انه تناسى السيئة تمامًا، لعل غريزة الغاريين الطبيعية استيقظ، لقد عاش البيربوريون اجداده في السطح لسنوات لقرون وقرون بالفعل؛ ناول هوبان رمحًا لجون في مرأى وايت، لم تبدي اي انزعاج، على الرغم من ان رمحًا مثل هذه هو سبب اصابة رجلها لكنها لن تكره الرماح، لن تكرهها لأنه لولاها لما رأت العالم البديع الذي يختبئ تحت جزيرة كرايل من جزر البيضة الأرجوانية، أمر هوبان المجموعة بالتحرك، لم يأخذ الأمر وقتًا حتى استيقظت الصغيرة سيون، لقد كانت سيون خائفة حين استيقظت، وكيف لا تخاف وهي ترى سماءً زرقاء لأول مرة، ونورًا مصدره كرتان ملتهبتان بعيدتان، لقد بكت سيون للحظات قبل أن تطمئنها وليتها، لم تكن سيون تدرك ان فتاة السطح تبنتها بعد، لقد قضت اغلب اليوم السابق في البكاء، وحين التقت بهذه وردية البشرة شعرت بالأمان، لقد نامت في حضنها أمس، لكن رغم ذلك لم يخبرها احد ان الأميرة الآن هي وليتها؛ ترجلت سيون واستمتعت بالمنظر الذي تراه أول مرة، رأت كائنات غريبة للمرة الأولى في حياتها، كما ان ملمس العشب تحتها كان لطيفًا، لم يقاطعهم شيء في الطريق، لقد كانت رحلة هادئة، وما الذي عليهم توقعه في جزيرة مزارعين؟ وصلت المجموعة الى نهاية الجزيرة حيث وجدوا سرجًا قديمًا لكن بدا صامدًا، كان نصف السرج يغطيه الماء بالفعل، وليس بعيدًا عن هناك، كان حور سماء يتجول وحيدًا، فور أن لمح الحوري المجموعة اتجه نحو السرج وقرر أن يعرف بنفسه ((أنا مالالا غرالد، ارى ان معكم بيربورية اليوم، هذا غريب))، كان الحوري ذو شعر أخضر كلون الأوراق النضرة، تخللته خصلات برونزية اللون وهي ذاتها اللمعة التي ظهرت على زعنفته، لقد كانت الزعنفة حمراء داكنة على نحوٍ غريب، أما عينان فقط كانتا خضراوتين، اتسم الحوري غرالد بعضلاتٍ مفتولة وأيدٍ قوية، كما ميزه ما يشبه السوار الذي احتوى نبتة زرقاء مخضرة وأخرى بنفسجية، تتلوى خيوط مورقة من كلا النبتتين مشكلتان سوارًا يلتف حول أدنى نقطة من ذيل الحوري قبل زعنفته، وايت تعرف ان مثل هذه الاسوار تمثل انتماءً لقبيلة ما في ثقافة حور السماء، قال هوبان ((البيربورية تقول انها صديقة، تريد الذهاب الى مكتبة التاريخ لأن الكبار طلبوا منها ذلك))، سبح غرالد بشكل حلقة ثم اقترب من القبة وقال ((يبدوا أن الكبار يثقون بها إذًا))، لم يضف هوبان كلمة لكن جون قال ((لا تقلق يمكنك الوثوق بها))، كانت الصغيرة سيون تداعب الماء الذي شكل جدارًا أمامها، كانت تضرب سطحه بقوة فيرتد على وجهها ثم يسقط على الأرض، تعالت أصوات ضحكاتها حين كان الغاريان جون وهوبان يثبتان السرج على الحوت غرالد، لقد تحول غرالد الى حوتٍ أزرق داكن، بالرغم من أن السوار حول زعنفته كان صغيرًا قبل أن يتحول الا انه اصبح اكبر الآن بسبب سحر التحول، تفاجأت وايت حين اكتشفت ان للغاريين القدرة على التنفس في الماء، أدركت انها الوحيدة التي ستسافر على متن السرج مع قدرة على الغرق، أخذ تثبيت السرج وقتًا لكن ليس مثل الوقت الذي تأخذه السروج الملكية أو العامة للاستعداد، فور ان ركب الجميع السرج تحرك الحوت الى الأمام، لم يرافقهم هوبان كما قال، لذلك كانت وايت وجون وجوهرة الفرصة الأخيرة وحدهم في السرج، لقد كان السرج خشبيًا بدا وكأنه من مئة سنة مضت، كان على حوافه الداخلية والخارجية طلاء أصفر قد بدأ يختفي، بالرغم من قدم السرج الا انه كان متينًا ولا ينقصه جمال، لقد زينته الأحجار المضيئة باللونين الذهبي والأبيض، كما كان أثاثه راقيًا بشكلٍ ما، في هذا السرج كانت هناك خمسة غرف، مطبخ، حمام، غرفة جلوس وكذلك شرفات، لم تعد الشرفات تضاف الى السروج الحديثة، كما أن هذا السرج أكبر من أن يكون سرجًا ملكيًا وأصغر من أن يكون سرجًا للأسفار، حين دخلت وايت إلى الغرفة التي اختارتها لنفسها، لاحظت المفروشات باللون الأحمر الراقي، المنورات على الجدار كان بها موضع للشموع، لم يكن هناك مصباح فايوار واحد مما سمح لها بإدراك ان هذه السفينة تعود لقرنين ماضيين، كانت الصغيرة سيون تعتزم النوم بجوار وينتر اذا انها رفضت اختيار غرفة، أما جون فقد كان جالسًا في غرفة المعيشة، رأسه الى السقف يرى المحيط فوقه، هذه أول مرة يأتي الى هنا، وهذه أول مرة يرى المحيط من هذا القرب، أسماك تسبح عبر زجاج القبة، بدا الجو كئيبًا حوله، لم يكن كئيبًا الا بسبب الأمر الذي أوكله له الكبار، جون مسالم بطبعه، لا يحب الأذية اطلاقًا، حتى قبل أن يفقد والديه كان كذلك.
مرت ساعات والصوت الوحيد المسموع في السرج كان صوت الصغيرة سيون تلعب وتركض، كان كلا جون ووايت جالسين في غرفة المعيشة وأعينهما موجهة لسيون وهي تقفز وتلعب مع ظلها، بعد مدة سقطت سيون متعبة على حجر وينتر وغطت في النوم، قرر جون كسر الصمت وقال ((كيف تعيشون حياتكم في السطح؟)).
حسنًا، الحياة بسيطة، نولد من الشرنقة التي يعتني بها اهلنا، نكبر ونذهب للمدرسة ونتعلم، نحصل على أصدقاء من البيربور أو الرفقاء أو حتى الجنيات.....
كانت تلك الفتاة الصغيرة ترى والدتها كمثل أعلى لها، كانت ترغب بأن تصبح محاربة مثلها، لقد قررت ان تعمل بجد مهما حصل، وحين قررت ان تصبح محاربة ملكية على وجه الخصوص وتمنت تكريس حياتها لرعاية وريث عرشٍ ما، هذا أضطرها لأن تجتهد حتى في دراستها، لحسن حظ هذه الصغيرة كان والدها أستاذًا معروفًا وقرر مساعدتها في تحقيق ذلك، كانت أذكى رفاقها وكذلك أقواهم، لن تنسى ذلك اليوم حين أتى الجني المتنمر لأذية اصدقائها، جني اتسم بصفات المكروهين، أنياب وأجنحة خفاش، لقد كان ضخمًا ويعتزم أذية احد اصدقاء الفتاة الذي يدعى كلاي القصير، لم تتردد الفتاة في ان تتخذ وضعية الهجوم وتحمل عصاها الخشبية لتهاجم الجني، كم كان غريبًا كيف تمكنت تلك الصغيرة من هزيمة هذا الجني، لم يكن وكأن ذلك الجني خارق القوة لكن هزيمته منحتها عزيمة لا تصدق وقد أمدتها بالقوة لإكمال طريقها نحو حلمها، بالرغم من أنها غيرت حلمها لاحقًا من محاربة ملكية إلى محاربة.
ردت وايت على سؤاله ((لا شيء مختلف عنكم، لا شيء غير اننا نعيش في السطح....))، كانت عيناها سارحتين في عمق الغرفة، لقد قررت بالأمس ان الحرب أذية، شاء كان الغاريون ظالمين أم هم، يجدر بالحرب أن تتوقف على أية حال، امثال سيون لا يستحقون هذه المعيشة، لكن بالرغم من ذلك كان عليها ان تحضر شيئا تواجه به الملك بالرغم من انه رجل حكيم وذو قلب كبير الا انه كان على علم بمصدر الأحجار التي يستعملونها، لقد شاع عن الملك انه طيب ونبيل ولا يظلم الا ان القصص التي كانت تتردد بين العامة عن جوول كانت قصص مخيفة، اعتادت وايت على سماعهم كثيرًا قبل أن ترتاد المدرسة التدريبية الملكية، كان الكثيرون يقولون ان للملكة سلمًا نحو الجحيم أسفل سريرها، وأنها قتلت بيدها اخاها كي لا يرث العرش، وأشياء عن كونها استعملت سحرًا أسود لتشييد قلعتها التي لا يكف فرعاها عن الدوران، كذلك سمعت قصص عن أن الملكة لم ترغب بان ترث ابنتها البكر العرش لذلك جعلتها تعمل بدلًا عن ان تتزوج؛ لم تُسمع قصص عن الأميرة الأصغر في ذلك الوقت، بالرغم من كل هذه القصص لم تقرر وايت تغيير هدفها -محاربة ملكية تحمي وريثًا لأحد الجزر- الا حين باتت قاب قوسين او ادنى منه.
لعله صحيح ان الحرب استمرت كل هذا الزمن بسبب حاجة البيربوريين الى الحجارة الكريمة التي يمتلكها الغاريون، لكن هل يرضى الملك بهذا؟ يفترض بالجميع ان يعرف مصدر تلك الأحجار، لكن هل يعلم الجميع؟ ليست مسألة صعبة ان تعرف مصدرها حقيقةً لعل كتب تاريخ البيربور غير ثرية بالمعلومات نتيجة احتراق الكتب الأصلية قبل 200 عام في احدى الانتفاضات الا انها تتذكر انها قرأت شيئًا عن ان الحجارة ظهرت في أوائل الحرب، قيل حينها انها تدوم الى الأبد، لكن يستحيل أن يكون هذا صحيحًا، وما الذي ستجده في هذه المكتبة على أية حال، "مكتبة التاريخ، هل يفترض بالغاريين هؤلاء الذين لم يعرفوا السطح قبلًا ان يعرفوا ما هي؟" فكرت وينتر بسخرية.
كان الحوت قد سبح طويلًا بالفعل، بعد أن اظهرت الشمس أقواس الغروب على طرفها قرر الحوت غرالد أن يرسوا في إحدى المذنبات المائية، فور أن تحول الى حوري تحرر من كل أدوات التثبيت التي كانت حوله، لقد كان معتادًا على تثبيت السرج بمفرده الا ان حوريا غريبًا كان قريبًا قد ساعده في ذلك، انتقل غرالد الى الباب السفلي للسرج الذي كان مخصصًا للحور، في ذلك الحين كانت وايت قد حضرت الطعام وقد وضعته على الطاولة، كانت سيون تتحدث كثيرًا أثناء تجهيز الطاولة، غرالد كان داخل عربة صغيرة تشبه الحوض وقد احضر طعامه معه بالفعل، كان قد ابتاع بعض الأسماك الصغيرة وهي الآن في عربته تحاول التخلص من الحبل الذي ربط زعانفها معًا، انتبهت وينتر ان هذا السرج لا يحتوي على مسارات للحور مثل التي تتوفر في السروج الحديثة، لم يرغب الحوري بتناول الطعام معهم وقرر تناوله بمفرده، كان جون يضن ان اعداد الطعام عمله غير ان الصغيرة سيون أصرت ان تعده برفقة وينتر، وبالرغم من محاولة جون للمساعدة الى ان سيون استمرت بطرده، انتهى الأمر بوينتر تعد طبقًا اعتادت اعداده قبل ان تنتقل للعيش في القصر، لقد كان الطعام غريبًا على الغاريَّين الا انهما استمتعا به، لم يحدث شيء مهم طوال الرحلة، نامت سيون بجوار وليتها، قضى جون ليلته يحدق في السقف وهو يفكر في الأمر الذي طلب منه الكبار القيام به، لم ينتظر مالالا أشعة الشمس لينطلق لذلك وصل سرج الخدر الأحمر مبكرًا، لقد عرفت وينتر أن اسم السرج هو "الخدر الأحمر" بعد أن تبينت الحروف التي نقشت في إحدى الجدران الخشبية، ونتيجة تآكل السطوح كان تبَّين الحروف صعبًا لدرجة ما؛ كان لون البحر ورديًا تخللته أشعة بيضاء قاسية لا تسمح بأن يتم تجاهلها، كانت صخورٌ كبيرة تشكل سربًا في المنطقة وقد انعكس على وجهها المواجه للشمس تراقص لخيوط بيضاء متشابكة شديدة الحساسية لحركة الماء، كانت الشمس تتخذ موقعها الذي لم يعلوا عن الأفق الا بقدر ضئيل، وقد أخفت جانبها الأيسر وقررت أن تظهر قوسًا نحيلًا من ضوئها معلنًا عن بدء اليوم الجديد في هذا العالم، لكن ما ميز المنظر أن شمسًا أخرى أدنى من سابقتها واتخذت موقعًا في يمين المنظر، كانت هذه الشمس تكشف بخجل عن قوسٍ من الضوء الأبيض انبثق من قلبها قاطعا الكرة السوداء الى نصفين، معلنًا عن انقضاء احد اسداس السنة، لم تتخلف الأسماك عن هذا الموعد البديع، لقد سبحت أسراب من الأسماك ذات الحراشف التي تلألأت بعد أن لمسها طيف الضوء العابر للمحيطات مما جعل المنظر لوحةً فنية متلألئة لكن في قلب كل ذلك الجمال، صخرة كروية ضخمة ذات لونٍ رمادي وغطى رأسها طحلب أخضر تفتحت عليه أزهار بحر وردية بنفسجية، كان لون الصخرة كأكثر رمادي صامت وجد في العالم، تخللت الصخرة تضاريس الصخور: انحناءات وشقوق وثقوب تدل على فقدها لجزء منها، خلفت تلك الشقوق على الصخرة علامات داكنة تجعلك تشعر وكأن هناك ممرًا تخفيه، بالرغم من ذلك، كانت ظلالًا ذات لمحة خاصة على المكان.
لم يفوِت جون المنظر، كان يراقب الشروق بانذهال، كان قد خرج من الشرفة، لقد شعر أن حجره الكريم يتلألأ في صدره، في الواقع كان يفعل! لقد كان يستجم بطريقته الطبيعية لأول مرة، بالرغم من برودة الماء، الا أن جون كان يشعر بالأشعة الدافئة تلمس بشرته؛ لم يستغرق طويلًا حتى أصبحت الصخرة الكروية تعيق وصول أشعة الشمسين عن السرج، ذلك حين تحول الحوت الى حوري ونادى جون ليساعده في تثبيت السرج، أحست وايت بتوقف السرج الذي كان عنيفًا نوعًا ما مما جعلها تستيقظ، لم تتجرأ على فتح باب الشرفة فقد كانت خائفة من أن يتسرب الماء الى الداخل، حين ذهبت لغرفة المعيشة تمكنت من رؤية العملاق الرمادي الذي يحجب الضوء، وبذهابها الى القمرة اكتشفت أن الحوت غادر مكانه حينها أدركت انها وصلت لوجهتها، عادت وايت الى غرفتها ونزعت عنها ثياب النوم التي أعطتها اليها كثرى قبل يومين، وارتدت درعها الفلسي ذو اللون الأصفر الفضي، "لقد كانت حاله سيئة" هذا ما كانت ستقوله الملكة لو رأته، وربما يقول كالم "لقد خاض درعك معركة رجال" لكن الحق يقال، لم يخض هذا الدرع شيئًا! لقد أدركت وايت هذا وهي ترتديه، لقد نزعت احدى حلقات الدرع السفلية، لقد جعلها طوله تشعر وكأنها ترتدي فستانًا، في الحقيقة لقد صمم درعها ليكون هكذا -كفستان- فمن يدري كيف يجب أن يكون درع أميرة بين المحاربين؟
استيقظت سوداء الشعر بعد مدة قصيرة، لقد أحظرت معها ملابسًا أكثر من وينتر التي ساعدتها على ارتداء فستان واسع لا فرق بينه وبين قميص طويل يصل الى الركب، امتلك لونًا أزرقًا لطيفًا مما جعلها تشرق حيوية، لم يكن الفستان طويلًا لذلك ظهرت الجوهرة أعلى كاحلها الأيمن وهي تتلألأ كعادتها، ساعدتها وايت في تسريح شعرها وصنعت لها ضفيرة التفت حول رأسها كطوق وتدفق الشعر أسفلها بحيوية، أما هي، فقد حرصت أن تسرحه بأحسن التسريحات التي تعلمتها من الخادمة في القصر، كانت سيون تتجول في السرج وتحيي كل زاوية حين انتبهت لغياب جون ((شتاء، أين جوني؟ لقد اختفى!))، أدركت وينتر أنها المقصودة فردت ((انه هنا فحسب، لا تقلقي))
ـ((لا ليس هنا، أنا في غرفته وهي فارغة!)) كانت سيون قد ركضت لغرفة جون لتتفقدها مرة أخيرة، لم تنتبه وايت لنفسها حين اتجهت صوب غرفة جون كذلك ((انها فارغة...))، نظرت وايت اليها باستغراب، لو كان أحد يتجول في السرج غيرهما لكان من السهل ملاحظته، "أين ذهب؟" فكرت وهي تحرك رأسها من اليمين الى الشمال، لقد كان السرير مرتبًا والغرفة كذلك، لكن الشرفة كانت مفتوحة وقد لاحظتها سيون فركضت نحوها، لقد كان الظلام يسيطر على المكان بسبب الصخرة التي تظلله بقسوة، غير أن نورًا خافتًا ظهر من الشرفة لفت انتباه الفتاة، ركضت مسرعة نحو الشرفة وابعدت من ستارتها، بشكل لا إرادي نادت وايت سيون أن تتوقف وركضت تجاهها، لكن لم يتدفق الماء الى الداخل، واخترقت سيون جدار الماء بعد أن لمحت شيئًا في الخارج، كانت وايت أبطأ من ان تمنعها، لكن حين اقتربت رأت جون من الشرفة يلوح لهما أن ينزلا، لوحت سيون لهما بدورها وقفزت داخل السرج مجددًا، اتجهت وينتر والصغيرة الى الباب الأرضي، لأن السرج لم يكن يستقر على شاطئ جزيرة ما، بل كان الماء يحيطه من كل مكان، اخذت وينتر نفسًا وأمسكت بسيون وقفزت داخل فتحةِ الباب، أخذ شعرها يتموج كقنديل بحر صغير يسبح قبل أن يأخذ دفعة للتقدم مجددًا، كانت سيون قد جربت أن تبتل منذ لحظات فقط على شرفة جون، ارتفع فستانها قليلًا ليظهر جزء من سروالها القصير الأسود الذي ترتديه، أما وايت فقد كان درعها الفلسي يميل الى الجمود في حركته، كان بالصخرة كهف قد جلس جون فيه برفقة غرالد، فور أن اقتربت وينتر اليه بما يكفي حررت سيون لتصل الى مدخل الكهف بسلاسة، لكنها لم تنتبه الى ان سرعتها كانت كبيرة ولم يكن لديها الوقت لتنخفض، لذلك وجدت نفسها في وضع يشبه الصاروخ في الماء، حين وصلت الى الكهف واخترقت القبة المائية حول الصخرة، حاولت أن لا تسقط فتفقد هيبتها لذلك ركزت ثقلها على ساقها التي لم تتأذى سابقًا، أجدى ذلك نفعًا في الواقع؛ وقف جون ((لقد أتَيتُما))، حولت وايت نظرها إليه وقد تبللت خصلات شعرها بالكامل مما جعله يلتصق بوجهها، قالت ((لم أسمعكم تغادرون))
ـ((لقد وصلنا مبكرًا، أضن ان أزيد من ساعة مرت منذ غادرت السرج))
كان الحوري يجلس بجوار جدار الكهف وقد ول ظهره للمجموعة، ضنت وايت أنه كان متعبًا فقط، إلا انه كان يبحث عن حجر معين، لقد كان حجرًا كريمًا بنفسجيًا تمت صياغته على شكل دمعة وقد لفه خيط من الذهب وتمسك به، أعلى سوار الدمعة الذهبي حلقة عبرها خيط رخيص مما جعل الحجر عقدًا جميلًا، أمسك غرالد بالعقد بحنين وعيناه تنظران لعمق الجوهرة وكأن بها عالمًا آخر يختبئ بين انعكاسات الضوء عليها، ابعد غرالد نفسه عن الجدار وارتدى العقد وإذا بزعنفته تتحول إلى أرجل، لم يكن العقد الشيء الوحيد الذي يختبئ بين طيات الصخور، بل كذلك ثوبٌ استعمله غرالد ليغطي نفسه: قماش أخضر فاتح التف حول جسده، حين رأى جون ووايت مالالا واقفًا يسير دُهِشا، قال جون ((ظننت انهم يتحولون الى حيتان وحور فقط))، ردت وايت ((انهم كذلك....)) ضيقت وايت بصرها ولاحظت الجوهرة، ((إنه.... إنه يرتدي جوهرة!)) قالت وايت وهي مدهوشة، نظر إليها غرالد وقد كان شعره أقل ابتلالًا من شعرها، قال ((لم متفاجئة؟ ترتدون جواهر الغاريين دائمًا))، خفضت وايت رأسها لعدم عثورها على رد ملائم، ربت جون على كتفها وقال ((لا تقلقي، ان هذه الجوهرة لا تعود لغاري، انها تصاغ فقط))، نظرت وايت اليه بحواجب حزينة وعينين أضيق من عادتهما وابتعدت دون قول شيء، ذهبت وينتر الى سيون لتتجنب النظر الى غرالد وجون.
ـ((ما بالك؟)) قال جون بعد أن ابعد نظره عن وايت ووجهه لغرالد.
ـ((لا تدعها تخدعك، انها بيربورية!))
ـ((أعلم ذلك لكنها تسعى للتغيير، توقف عن التصرف بفضاضة ليس وكأنك الضحية هنا!))
ـ((أتصرف بفضاضة؟ اذًا أنا من يتصرف بفضاضة! انت من أحضرتها لي وتتوقع مني تقبلها))
ـ((لم تفعل لك شيئًا لكي تعاملها هكذا، الم ترى وجهها؟ حين أخبرتها بما يحدث للغاريين أصرت على النزول لمعرفة وضعهم))
ـ((وسمحت لها بذلك؟ أخذتها إلى موطنكم؟ ملجئكم! قد تتسبب بمقتل قبيلتك وأكثر يا جون))
لم يرد جون ولكنه حافظ على نظراته الشرسة، حين كان على وشك قول شيء قاطعه صوت خطوات من داخل الكهف، لاحظت وايت صوت الصدى واقتربت من مدخل الكهف بدورها، ومن ذلك الظلام الدامس ظهر كائن غريب، قصير جدًا، أقصر من سيون ذاتها، يشبه رأسه كرة مدورة يمتد منها شكل مخروطي مرن، حول رأسه ما يشبه العصابة السوداء والعينان تتموضعان على مستواها، لم يمتلك الكائن أنفًا ولا فمًا، عينان فقط، اقترب الكائن وبدء يتكلم: ((كنت أترقب حضورك، كيف حالك غرالد مالالا؟))، تبادل جون ووايت النظرات المستغربة ثم وجها نظرهما الى غرالد، اكمل الكائن الغريب ((أشعر بالفضول، هل قبلت بك تلك الحورية؟ هيا أخبرني يا صديقي))، تقلص حجم العينين وأصبحتا كقوسين ساخرين، قال الحوري ((ها ها، أنت تشعر بالفضول)) قال الحوري كلماته بأسلوب كشف أن الكائن كان يسخر منه.
أقترب الحوري من الكائن وقال ((أهلًا بك ليفنو))، تبعه جون ووايت بشكل غير تلقائي، أما سيون فقد كانت خلفهما، باقتراب وينتر قال الكائن ((أهلًا بك وينتر وايت الابنة الوحيدة لريد وكولد))، تفاجأت وينتر وقالت ((ماذا؟))، أكمل الكائن: ((أهلًا بك جون الابن الثاني لليو وآلي من قبيلة راد))، استغرب جون وقال ((هل تعرفني؟))، تقوست عينا الكائن وكأنه يبتسم وقال ((أنا أمين المكتبة، أعرف الجميع!))، اقتربت سيون أكثر فقال الكائن مرة أخرى ((أهلًا بكِ سيون الابنة الوحيدة لدون وجوليا من قبيلة منى))، نظرت سيون الى الكائن الذي كان طوله يصل إلى كتفها بحيرة، وجه الكائن كلامه الى وينتر ((فعلتي الصواب بأن تصبحي وليتها وينتر وايت، لقد جعلتي قصتها أكثر اشراقًا))، ابتسمت وايت، أكمل أمين الكتبة ((اتبعوني من هنا)) تحرك الكائن بعمق الكهف وتبعه غرالد بدون مناقشة، ثم تبعه جون ووايت وسيون، حين اشتد الظلام أولعت مشاعل مثبتة في الجدران نفسها، مشعلًا بعد الآخر ويفصل بين إضاءة كل اثنين ثانية فقط، حين رأت سيون ذلك أعجبها المنظر وبدأت تلهوا في المكان دون التخلف عن المجموعة، قال ليفنو ((أحب حين تضاء المشاعل هكذا، تجعلني أعود بالزمن إلى أوائل مناجم المجنحين))، لم تعطي وايت اهتمامًا للكلمة الأميرة لكنها قررت أن تسأل عن هذا الغريب ((اعذرني يا أمين المكتبة، لقد رأيت الجنيات والرفقاء والحور والغاريين، ورأيت صورًا للمونتر والنجوم، كما أنني سمعت الخرافات عن الكائن الأسطوري الذي يدعى الشهاب، لا أحد منهم يشبهك، أي كائن أنت))، التفت غرالد اليها وقال ((هو ليس كائنًا)) بعد ان انها جملتها نظر أمامه، قال ليفنو دون أن يحول نظره عن الطريق ((أنا مادة يا آنسة، يدعى أمثالي بـ "لوفرد" وتعني مادة التاريخ، أما أنا فأدعى "ليفنو" وتعني أساس المادة))، تمتمت وينتر ((مادة؟))
ـ((نعم، مادة، لدي حدس أنكِ ستقابلين مواد أخرى ذات يوم))، رد جون بحماسة ((هل حدسك هذا يعني أنك تعرف المستقبل؟))، ردت سيون بسرعة مانعةً ليفنو من الرد ((لا يا سخيف، مكتبة التاريخ تعني الماضي وليس المستقبل)) أكملت ((صحيح يا أمين الكتبة؟))، توقف أمين المكتبة عن السير ونظر اليها وقال ((تبدين فتاة ذكية سيون، يبدوا أن قصتك ستصبح أكثر تشويقًا)) ابتسمت سيون ببراءة، أدار ليفنو جسمه القصير نحو الجدار الذي انتهى به مسار الكهف وقال وهو يدفعه بعيدًا وكأنه باب ((مرحبًا بكم في مكتبة التاريخ))
خلف الباب الحجري الضخم، كانت قاعة ضخمة، حين تدخل تدرك أن الكرة الحجرية الضخمة ما هي الا جدار يحيط بهذه القاعة، كل الجدران من الداخل كانت حجرية بلون رمادي صارم، على جدرانها كانت المشاعل تصطف بالمئات وربما الآلاف، كانت القاعة من الداخل مقسمة إلى حلقات، في كل حلقة كان مجموعة من اللوفرد يجلسون ويكتبون في الكتب، وكل حلقة أعلاها حلقة أخرى وأسفلها حلقة أخرى فكانت الطوابق تمتد من السقف إل أدنى نقطة من القاعة كروية الشكل، بالرغم من تعدد الحلقات الا انها لم تمتلك جدرانًا بل يحيط بكل حلقة سورٌ قصير من الماء الصلب، تربط بين الحلقات التي تنتمي لنفس الطابق، أروقة لا يحميها أي سور، لم تكن شديدة العرض وكانت بعيدة عن الحلقات الا حين تتجه نحو أبوابها، كما كان خطر السقوط شديد الاحتمال، لم يكن بين الأروقة سلالم تربط بينها، بل كان هناك ميكانيكية معينة، تشبه العنفة الا انها ليست شاقولية بل تميل الا الجانب، لكل يد فيها طبق بالرغم من انحدار العنفة الا انه يظل موازيًا للأفق، بدوران العنفة تدور الأيدي وفي نفس الوقت تصعد وتنزل، كل عنفة تجمع بين خمسة طوابق، لذلك كان هناك العشرات منها حول المكان، كان يسهل ملاحظة المنظر بفضل المشاعل التي كانت حول كل زاوية وكل جانب، حتى الأطباق على العنفات فكان بها 5 مشاعل، وكان اللوفرد يتجولون بين الأماكن، بعضهم يجلس في الحلقات ويكتب وكان اسمهم "جنول" ويعني الكُتاب، والبعض الآخر يأخذ الكتب المنتهية ويضع كتبًا أخرى بدلًا عنها ويدعون "بلاردي" ويعني الناقلون، أما الـ "بركلو" وهم المرتبون فكانوا يستلمون الكتب من احدى الرفوف ويأخذونها الى غرفة مختفية خلف الجدران، كان بريق المكان يلمس الأنفس ويدهشها، لم يبدوا غرالد مدهوشًا كالبقية وقد بدا وكأنه زار المكان من قبل.
في احدى الأروقة المعلقة، وبعد أن طلب منها ان يتحدثا منفردين قال ليفنو ((اذًا الآنسة وايت، تريدين شيئًا يساعدك لإقناع الملك بإيقاف الحرب))
ـ((نعم، هل تملك ذلك؟))
ـ((لا يوجد وقت لهذا، أنتِ متأخرة جدًا!))
ـ((ماذا تقصد؟))
ـ((لقد فات الأوان، لن تستطيعي اقناعه بعد الآن ثقي بي))
ـ((لا يمكنك أن تكون متأكدًا، انت لا تعرف المستقبل))
ـ((لكني أعرف الحاضر، متأخرًا ببضع دقائق لكني أعرفه))
ـ((أنا لا أفهم، لماذا لا يمكنني ذلك؟))
ـ((كنت آمل إخبارك لكن كتب تاريخ الأحياء محرمة))
ـ((كتب؟))
ـ((الجنول هنا يكتبون قصتك وقصة الملك وقصة كل من هو حي، وان لم يغلق الكتاب -أو مجموعة الكتب- فإن الاطلاع عليهم محرم على الكائنات، لذلك لا يمكنني اخبارك بسبب استحالة اقناعك الملك بإيقاف الحرب، لكن سأخبرك انه مستحيل))
ـ((اذًا انت تقول انني عبرت كل تلك المسافة من أجل لا شيء؟))
ـ((همم، أظن انه بإمكاني السماح لك بالإطلاع على تاريخ هذه الحرب))
ـ((أوه شكرًا، أظن....)) بدأ ليفنو بالسير مبتعدًا عن وايت، لكنها تشجعت وقالت ((هاي، ليفنو))
ـ((ماذا؟))
ـ((حين استقبلتنا قلت انني ابنة كولد وريد))
ـ((إذن؟))
ـ((هل... هل هذا صحيح؟))
ـ((ربما، وربما لا، لعلي قلت اسمهما فقط لأجعلك تسردين قصتك لأحد ما، وربما قلته خطأً، وربما هما حقًا والداك، يمكنك اقناع نفسك بأي شيء، الأمر يعود لك))
ـ((كيف يمكنه أن يعود لي؟))
ـ((تصرفي بما تظنينه، ربما تحتاجين لتخبري أحدًا عن شعورك، ربما عليك التوقف عن التفكير بالأمر، وربما تحتاجين لأن تبحثي عنهما، ما رأيك؟))
ـ((ربما قد يكون....)) صمتت وايت للحظات، لم تجد اجابة وغاصت في تفكيرها، لقد كانت لورا تسألها هذا السؤال كثيرًا، لكن كانت دومًا تتهرب من السؤال، شعرت انها غاصت في التفكير لسنوات لولا تدخل غرالد بركلو والذي قال ((ليفنو، لقد وصل الكتاب الذي كنت تنتظره، هل تريد مطالعته الآن؟))، رد أمين المكتبة ((لقد كان هذا سريعًا، حسنًا أنا قادم))، انصرف البركلو، أما ليفنو فقد وجه نظره الى وايت وقال ((عليك ايجاد الإجابة قبل فوات الأوان، وايت)) غادر الليفنو وترك وايت تفكر بعمق.

مملكة بيربور - أرض العجائب الطافيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن