الفصل السادس : حين تحتمي بدرع العدو

5 0 0
                                    

سواد الليل ملئ الغابة، صوت البوم كان يتردد من حين لآخر، رغم أن الغابة كانت مسالمة الا ان من فيها يكاد يقسم ان الذئاب تتصارع هناك، في تلك الظلمة الحالكة كانت السنة النار تتموج في ذلك الكهف، اعلى النار التي اشعلها جون، كان أرنب يشوى، صوت تكتكة كانت تصدره اضلاع الارنب اثناء طهوه، كانت ألوان اللهب تجعل بشرة جون تشرق، لقد كان الجو باردًا الليلة ولا يبدوا انه قد تعود عليه بعد لذلك سمحت بشرته لنفسها ان تشرق فور أن تشعر بالحرارة، لم يكن جون وحيدًا، لقد اصطحب معه البيربورية التي حجزته اليوم صباحًا، لعلها حجزته لكنه لم يكن ليدعها تعاني في المنطقة التي سقطوا فيها، لحسن حظه الحاجز خفف السقطة، لسوء حظها، السقطة كانت عنيفة، لم تفقد وعيها إلا بعد ارتطامها بالأرض فتحرر حاجزها؛ كانت ترى نفسها تركض وخلفها يتبعها فيلة بجواهر أعلى رؤوسهم، كانت تركض في حلمها خوفًا من الموت، انتهى الحلم باختفاء الفيلة وحصولها على قيلولة تحت شجرة ظليلة، اغلبت عينيها في الحلم لتفتحها الى الواقع.

قفزت الآنسة من مرقدها، ووجهت يدها نحو الرأس الأخضر الأصلع لكن لم يحدث شيء، يبدوا ان قوتها أصبحت أضعف بعد ان أغمي عليها، كما أن اصابتها قد لا تسمح لها باستعمال قوتها لأيام، (( ما الذي فعلته لي؟))، قالت الفتاة بعد ان نظرت الى يديها بتعجب لترمقه بنظراتها المرتعبة تاليًا، ((هل هذا سم أفعى؟ لا، لابد ان هذا من الجوهرة الصفراء! ))، امسكت بيدها صخرة وقالت ((أنا لست خائفة، ان اقتربت خطوة واحدة سأقذفك بهذه الصخرة))، نظر اليها الغاري بعينيه السوداوتين، امسك طرف عنق قميصه وسحبه للأسفل ليظهر لها جوهرته الخضراء، ((ارميني بالصخرة لكن لا ترتكزي على ساقك اثناء فعل ذلك، كيف يمكنك الوقوف أساسًا؟)) قال جون كلماته وهو يرى اصابة ساقها التي ضمدها ببعض من القماش، بسبب وقوفها زاد النزيف فتلونت الضمادة بالأحمر، فجأة شعرت وايت بالألم، لم تكن تدرك ألمها منذ قليل، لكن حين ذكره الغاري بدا وكأن جسمها تذكر شيئًا كان قد نسيه منذ لحظة ((آه...)) صرخت الفتاة وهي تسقط، استقر جسدها على الأرض لم تكن اصاباتها بسيطة، ((أيتها الوردية، أظن ان عليك العودة للنوم))، كان يقصد وينتر بالوردية، لون بشرتها كان غريبًا جدًا بالنسبة لغاري مثله، لم يكن يألف سوى اللونين الأخضر والأحمر وكذلك اللون الذهبي بينهما الذي تميزت به كثرى، أما الألوان البرتقالية والوردية والترابية لم تكن بالعادية بالنسبة له، ((آه... ما الذي فعلته بي أيها الوحش؟))، لم يهتم جون بكلامها، كان قد أنها طهي الأرنب توًا وأخذ يقطع فاكهته المفضلة الغنية بالماء، ((عليكِ أن تعتدلي لتتناولي الطعام)) صرخت وينتر مباشرةً ((لن أتناول شيئًا من طعام أحظره وحش!))، فور أن قالت وايت ما خطر ببالها أطلقت صرخات ألم، لم تكن ساقها الوحيدة التي تألمها، لقد كانت ضلوعها تعاني إثر السقطة العالية، نظر اليها جون وقد هيء طبقًا لها، ((هل تأخذين حمية من طعام الغاريين؟ أظن انني افسدتها منذ مدة فقد كنتي تقتاتين من الطعام الذي أحظره لك طول ثلاثة أيام))، كان جون يضع حصة وايت من الطعام على ورقة كبيرة، وحصته على طبق صخري، لقد رأى منذ يومين بعض البيربوريين يتناولون طعامهم وهم يضعونه على أطباق تخلوا من الغبار لذلك قرر احترام هذه العادة لديهم لكنه لم يجد غير تلك الورقة لتكون طبقًا للآنسة، نظرت اليه وهي تنسحب بجسدها نحو الجدار (( ثلاثة أيام؟ هذا مستحيل!))، شهقت فجأة وغطت فمها بيدها، ((الملكة!))، بعد ان خرجت وينتر من حالة الصدمة، تلفتت حولها لتبحث عن مهرب، لقد كانت الصخرة التي حملتها سابقًا بعيدة عنها الآن، ((ان كنتي تريدين الذهاب لن أمنعك، لكن لا أظن ان جسدك سيتحمل الكثير)) قال جون وقد وضع طبق الآنسة الورقي على صخرة قريبة منها دون ان يرعبها، عاد جون الى فوهة الكهف وجلس يتناول طعامه، ((تبدين فتاة صغيرة))، نظرت اليه ولم تضف شيئًا، ضحك الغاري وأردف بعد ان انتبه لكلامه ((لا أقصد انك طفلة))، مجددًا لم ترد وايت، واكتفت بالنظر لطبقها الذي كان يبعد عنها بعد رأسها عن قدميها، اردف جون ((هذه أول مرة أراكم أتعلمين؟))، نظرت اليه وينتر، لم يكن يراقبها، لكن كانت عيناه غائصتين  في ظلمة الليل خارج الكهف، ((لماذا كنتم تسرقون الطعام؟)) قالت وايت وهي تقترب ببطء من طبقها، تقترب وكأنها تتسلل، اطلق الغاري ضحكة خفيفة، ((لا نحتاج الى الطعام من حيث أتيت))، كانت الفتاة تقترب ببطء نحو الطبق وهي تقول ((اذًا لماذا تأتون الى ارض شعبنا المسكين؟))، مزق الغاري بعضًا من لحم الأرنب وقال قبل أن يأكله ((نعاني من الجفاف، لم أرى الماء منذ أشهر، لقد رأيت أطفالًا يعانون من الجفاف الحاد بعيني))، كانت قد وصلت للطبق لكنها تجاوزته وهي تتكلم ((اذًا انتم لا تشربون الحمم كما تقول الأساطير؟))، قال الغاري وهو يوجه نظره اليها أثناء حديثه ((نعم لكن الحمم مضرة لذلك علينا......)) فور أن استقرت عيناه عليها توقف عن الحديث وقفز بعيدًا فقد كانت تقذفه بالصخرة التي كانت تزحف نحوها منذ قليل، ((خذ هذا أيها الوحش))، لم تصبه الصخرة، لم يبدوا الغاري سعيدًا، لكن بدا أنه متفهم لسبب ما، ((تريدين اصابتي؟ افعلي ذلك ان شئتِ لكن لن يمكنك انكار ان هذا الوحش كان يعتني بك طوال ثلاثة أيام!))، امسك جون الصخرة، ضنت وايت بحق انه سيرميها بها واتخذت وضعية دفاعية تحمي بها وجهها بواسطة ذراعيها غير أنه رمى الصخرة بعيدًا خارج الكهف، ((ماذا؟)) دهشت وينتر عند رؤية الصخرة تتدحرج خارج الكهف، "لماذا لم يهاجمني؟ لقد واتته الفرصة توًا"، بدت على عينيها الدهشة وقد لاحظ الغاري ذلك فقال ((ماذا؟ الم تري أحدًا يسامح مهاجمه من قبل؟ أم انكم انتم البيربوريون تضنون انكم وحدكم الذين يستحقون العيش))، بدء الغاري يتجول حول الكهف يمسك الحجارة والصخور الكبيرة ويرميها خارج الكهف، فكرت وينتر: "لم يكن خطءً مهاجمته، اعني انهم كانوا مخطئين صحيح؟" اقترب منها الغاري، نظرت له وايت بخوف فقال ((هل بإمكانك مناولتي الصخرة خلفك، لا أريد ان انام قلقًا من أن يقذف بي أحدهم صخرة!)) نظرت خلفها فوجدت صخرة بالفعل، لم تدري لماذا لكنها امسكت الصخرة ودحرجتها بجواره، ((شكرًا، أضن اننا قد نتفاهم))، لم تكن تلك الصخرة هي الشيء الوحيد خلفها بل كذلك طعامها الذي حضره لها "لقد حضر لي الطعام... ربما ليسوا كلهم وحوشًا" امسكت بطبقها الورقي بتردد لكنها في النهاية تناولت منه لقيمات قبل أن تسأل ((لماذا لم تغادر؟))، كان جون قد عاد لمكانه بجوار فوهة الكهف وقد أمسك حبات القرمقان التي قطعها سابقًا وقال (( وأترك مصابًا خلفي؟))، نظرت اليه لكنها ابعدت عينيها عنه حين رآها، ((لماذا هاجمتمونا؟)) سألها الغاري فأجابت ((قائدنا كان يريد ان يأخذكم الى الملك ديب))، نظر اليها وقال ((الم تقولي سابقًا انكم ستطبقون عدالة الملك آدونيس علي؟))، نظرت بعمق نحو أصابع يدها التي كانت تداعب الأوراق الخضراء بينها، ((نعم...))، سألها جون ((وما هي هذه العدالة؟))، لم تغير الفتاة موضع عينيها، لم تتكلم حتى، كانت غائصة في شعور غريب، لم تكن تدري ان كان ما تفعله صوابًا ام لا، حين ادرك جون انها لن تجيب عاد الى فاكهته، ((ربما تخافون أن ننهي هذه الفاكهة عنكم، انها لذيذة حقًا! ماذا تسمونها؟))، نظرت اليه وأجابت ((القرمقان))، أمسك حبة ورماها تجاهها، (( خذي حبة قرمقان إذًا))، أمسكت بالفاكهة وهي لازالت حائرة...

مملكة بيربور - أرض العجائب الطافيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن