فريد جالس على الكرسي حاملا جهاز تحكم التلفاز يتنقل بين القواتقال :" أن حنين سعيدة "
نبيلة تخيط شراشفا للوسائد.
قالت :" وهل ستتركها تدخل الجامعة ؟"
فريد :" ولم لا ؟ لقد نجحت بتفوق "
وضعت نبيلة الشرشف من يدها ارضا وصوبت نحو العم فريد نظرة حادة ،
وقالت :" ومن يساعدني في أعمال البيت ؟ ام تريدني ان اخدمها يا فريد ؟"
فريد :" لم اقل ذلك يا نبيلة "
نبيلة بنبرة حادة :" فريد لن تكمل حنين دراستها"
فريد :" لماذا يا نبيلة ؟ سوف يحزنها ذلك "
نبيلة :" وهل ترضى ان تحزن سلوى ابنتك ؟"
هل تريدها ان تقول أن ابي ينحاز لحنين ويحبها اكثر مني ؟ ، ان قبلت فأنا لن اقبل بذلك ابداً"
بقي العم فريد ساكتا ولم يتفوه بكلمة.
***
وعند الغداء بينما الكل ساكت . كانت نبيلة تصوب نظرات حادة نحو العم فريد بين الحين والاخر.
فريد :" حنين ؟"
حنين :" نعم يا عمي"
فريد :" اسمعي يا عزيزتي .. لقد من عليك الله واكملت مسيرتك الدراسية ، وحصلتي على شهادة السادس الثانوي "
حنين :" اجل .. حمدا لله "
فريد :" الى هنا ينتهي مشوارك الدراسي ، مثلك مثل اختك سلوى "
تسمّرت حنين بمكانها ،، وتجمعت في عينيها كتلة من الدموع كانت حصيلة جهدها ومشقتها لأعوام من العناء. مر امام عينها شريط أيام الدراسة من أول يوم ارتادت به المدرسة الى آخر أيام امتحانات البكالوريا كفلم حزين يعرض أمام عينيها ، تقلصت امعائها ورفضت معدتها الطعام .
حنين :" لكن لماذا يا عمِ؟!! "
نبيلة :" اكملي غداؤك يا حنين ولا تجادلي عمك "
العشق الأول
حسام " عند عودتنا من اليمن الى بغداد كان اول بيت نطرق بابه بيت عمي الأكبر فريد ، لم أراهم منذ ان كنت في الثامنة ، كانت حنين لا تزال في الخامسة و قد سقطت للتو في حفرة اليتم، لازلت اذكر ذلك الوجه البريء بعينيها الواسعتين وخصلات شعرها البني اللامع الذي عشقته منذ الطفولة لأن بريقهُ كان مختلف"
في ذلك اليوم ، كان الغروب يختلف عن مشهد كل غروب بجماله عند نافذة غرفة حنين ، فقد بزغ القمر قبل أن تغطس الشمس البرتقالية المحمرة ألماً في بحر الظلام ، ربما كي يواسي وحدتها في السماء الواسعة، ويمنحها أملا جديداً قبل أن تغفو ليلتها على وسائدة الغيوم المتعرج والمتموجة ، البيضاء و الحمراء التي شابهت في شكلها قطع غزل البنات.