لقاء تحت المطر

1 0 0
                                    

                  لقاء  تحت المطر

بينما كانت الغيوم تبخ  رذاذ قطرات المطر المتباعدة دق جرس البيت ، لقد جاء حسام من السفر كي يواسي عائلة فريد ويسلم على أهله ويعود ،  بعدما وجد ان بغداد قد اصبحت رمزاً للفقدان ،  فقدان الحب ،فقدان العمل ،  فقدان الحياة بكل اوجهها.
فتحت حنين  الباب ودخلت الخالة هدى والعم وليد وريم ، سلمت حنين عليهم وعادت نحو الباب لأغلاقه  . ثم ظهر حسام لحنين
نظرا الى بعض ثم اشاحت حنين وجهها بسرعة ومشت لتغلق الباب .
اعادت تلك اللحظة النزيف الى قلب حنين . لم تستطع ان تنام لأسبوع كاملٍ حتى ادركت أن الانسان لا يموت دفعة واحدة ، بل  يموت على مراحل ، فمع كل فقدان  يموت جزء منه .انتهت الزيارة وبقي قلب حسام عندها ، فقد اعادت تلك  اللحظة الى حسام ايضا صور الماضي الذي عاشه مع حنين  . حنين "عندما  خرج حسام هرولت مسرعة لغرفتي ، واجهشت بالبكاء على نفسي ، ابعدت الستائر  بسرعة فتحت النافذة ليدخل رذاذ المطر ، ولألمح حسام حتى وإن كان بعيداً ، بل حتى وإن كان ظله فقط     "

                  ***

                      نزيف كلمات

انتهى الشتاء ، وطرق الربيع ابواب نافذة حنين  ثم  قرع الصيف طبوله بين براعم شجيرات الربيع الراحل ، وغابت شمس الصيف الماً ليدق ناقوس خريف جديد فريد من نوعه .كان يحمل اوراقاً ذهبية ويرميها عند النافذة  كل يوم كأنها رسائل تحكي ورائها قوة خارقة تغير الأقدار ، تقلب الأحوال .. تحقق الآمال  تحمل التغيير على اكتاف رياحها كما تحمل  الاوراق الذهبية ،، لربما انه الخريف الذهبي  . زيد في الحمام ، رن جواله كثيرا قرب وسادته، ثم تحولت نغمة الرنين الى نغمة رسائل  وعندما خرج من الحمام .                                                                               

حنين :" رن جوالك كثيرا "

ابعد المنشفة عن وجهه قائلا:" من المتصل"

حنين :" لا ادري ، رقم غريب"

فتح جواله وارتسمت على وجهه ملامح نصف ابتسامة يغلفها الارتباك  ،  رن بيده مرة اخرى،

رفض  زيد المكالمة.

حنين :" لماذا لم تجب؟!"

زيد :" انه  احد اصدقائي وهو يتكلم كثيراً ، ومزاجي لا يسمح "

                    ***

حسام " بينما انا جالس في الشقة حول طاولة خشبية بنية اللون. تذكرت  اللحظة التي التقيت بها  حنين عند الباب ،  اخرجت سيجارة وشعلتها وبدأت انزف كلمات المتقاطعة  وادندنها
انا وانتِ مثل حربٍ وسلام
لا نلتقي ولا نفترق .. بيننا حفة احلام ..
واغاني وابياتٌ لا تنام .. فلا القدر يجمعنا .. ولا البعد يفرقنا مدى الايام

قاطع محمد صمتي قائلا :
هل لازلت تحبها ؟
سحبت شهيقا عميقاً ، فاحمرت جمرة السيجارة هل آلمها سؤال محمد ؟ زفرت دخان كثيراً وقلت: " أحببتها  حبا دائري الشكل .. ابدأ   منها  و أنتهي إليها  ، ثم أجد نفسي عند البداية.

                                                            ضحك محمد قائلا :" مهندسٌ حتى في مشاعرك ، فقد اخترت شكل الدائرة للحب ! ساعد نفسك يا اخي ، انت على وشك الجنون ! "

ثم اردف قائلاً:" الشمس التي غابت لأجلها ستشرق لغيرها "

أطفأت السيجارة ورميتها ، واقتربت بكرسيي الذي اجلس عليه نحو الطاولة اكثر، واحتضنت بكفي كوب القهوة الساخن

قائلاً : " لا استطيع  ، كأنني ولدت في عينيها بعد أن قد خُطت الاقدار"

محمد قال :" دعك من هذا الكلام  يا شاعر ، ولنتحدث عن وضعك ، هل قررت ان تبقى هنا  ام تعود الى بغداد  ؟"                                                              حسام :" محمد  حاولت طيلة الشهور التي قد مضت لم اجد عملا في اي دائرة ولم اجد ، وضع بغداد  مأساوي يا أخي"                                          محمد:" لكنك  خريج كلية الهندسة "

حسام :" الخريجون يملؤون الشوارع  فيها  باحثين عن  وظائف  . عندما تقف في اي مكان لنصف ساعة تكتشف بأن جيلا كاملا امتهن التسول وترك الدراسة ، لا اظن بأنني سأعود "

محمد:" أفهم من قصدك أنك تفكر في الاقامة  الطويلة هنا  "

جذبني شعرها البني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن