جاء ديسمبر الشتاء وعادت الفوط البيضاء الثقيلة تلف رؤوس الجدات في الحيّ ، عاد الشتاء برائحة قديمة هذه المرة ، حاملاً قطرات نور ضائعِ تتخلل قطرات المطر الفضية ، يعبق عطر قشور البرتقال من اعماق البيت من جديد مختلطاً بالأبخرة المتصاعدة من قدر الحمص المسلوق الذي يفور فوق المدفئة .. رائحة حنينة تعود بي الى الماضي . لا زال عشقي راسخٌ في كوب قهوةِ ساخنٍ قرب نافذة المطر . جلست قرب النافذة وانا اطالع المطر الفضي شتاءٌ بنكهة الحرية . ونور آمال الطفولة والدراسة من جديد ، ثم بدأت ارتشف القهوة الساخنة.
مع اول رشفةٍ من قهوتي تنتابني ضحكات الطفولة بينما نركض ويلحقنا القمر كبرت ، وخاب ضني بالقمر
تنتابني تلك الصغيرة فوق ارصفة الطريق تناثرت اوراقها بعد الدراسة والسهر، وتمزقَ الحُلُمُ العتيقُ مُحلقاً فوق أجنحة الظلام ِ على البشر
ينتابني . بيتٌ عتيقٌ ضَمَّنا، لم يبقى منه إلا ذكرياتٌ لن يعود بها العمر . تنتابُ روحي ، روح من فأرفتهم وبقوا بقربي عالقين مدى الدهر، تنتابني صور الشتاء بحيّنا ، امتزجت برائحة التراب مع المطر، حفرت بعقلي لوحةٌ ،، بل صورةٌ
هي أحلى من كل الصور ..بعد اخر رشفة من قهوتي تنتاب روحي بسمةٌ ، وتفاؤلٌ فيهِ أمل تروي للأفق ِ البعيدِ حكايةً ...قد قَصَّها الليلُ الطويل الى السحر .***
دخلت لمياء تحمل ملابس سرمد كسرت الصمت وبدأت تنادي :" ياسر .. اين انت؟"
ياسر:" نعم "
لمياء :" تعال بسرعة "
جاء ياسر مهرولاً وقف امام لمياء :" لقد اتيت "
لمياء :" تعال حبيبي لأغير لك ملابسك "
بدأت لمياء تخلع قميص ياسر ليرتدي غيره .
ياسر :" هل سأذهب الى جدتي كريمة ؟"
لمياء :" نعم ، اتصل والدك بي وقال ليجهز البطل حالاً "
فرح ياسر وصفق بيديه الصغيرتين
ياسر وقد قرب وجهه على وجه لمياء :" امي ؟ لقد قالت لي جدتي بأنها سوف تشتري لي طيارة "
لمياء :" حقاً؟"
ياسر :" نعم حقاً ، قالت عندما تأتي لزيارتي في المرة الثانية ، ستكون الطيارة بانتظارك"
حنين :" هل تحب الجدة كريمة ؟ "
ياسر :" نعم احبها كثيراً "
لمياء :" إنها لا تصبر دون ان تراه كل يومين او ثلاث"
حنين :" ذكرني بجدتي سلمية ، رحمها الله "
لمياء :" رحمها الله "
انفتح الباب ونادى جلال :" هيا يا ياسر "
ركض ياسر بسرعة قائلاً :" مع السلامة "
حنين ولمياء :" بلغ الجدة كريمة سلامنا "
***