(٤)
لتطيب نفسي
بقلم آيه شاكر
تلجم لساني، وابتلعت ريقي في اضطراب وأنا أتسائل، كيف عرفني بنقابي! أم أني أسير واسمي مكتوبٌ فوق رأسي ولم ألحظ!
لم أفكر كثيرًا وسألته:
-حضرتك عرفتني ازاي؟
-من الشنطه.
قالها وهو يشير نحو حقيبة يدي الفريدة من نوعها، والتي أُفضل ارتدائها دومًا لأنني أتفائل بها فلم أُغيرها منذ أكثر من عام، رغم أنني أمتلك الكثير غيرها...
لكنني على وشك التطير منها وسأغيرها بعد يومي هذا!-إنتِ كويسة؟
قالتها تسنيم فرفعت بصري عن حقيبتي ونظرت إليها، قلت:
-الحمد لله.قالت:
-الحمد لله دايمًا... بس إنتِ شكلك معيطه!!وسأل ميسره:
-في حاجه ولا ايه يا ايمان؟رمقته ثم أطرقت وتذكرت بداية معرفته بي، حين كنت أتدرب بإحدى المستشفيات الخاصة قبل عام وحينها سألني عن حقيبتي ومن أين اشتريتها ليشتري لأخته مثلها، ولم نتحدث غير تلك المرة، إلا حين يقابلني صدفة فنتبادل التحية، كما أني تعلمت الكثير بفضله، فكان يشرح لي كل عملٍ يقوم به.
وحين طال صمتي، غيّر السؤال:
-مبقتيش تيجي الشغل فجأه يعني؟
-أيوه مكنش عندي وقت و... وأنا دلوقتي في الإمتياز.كان أثر الدموع واضحًا علي، وحتى صوتي كان مختنقًا ولم أستطع أن أخرجه طبيعيًا، فسألني مرة أخرى:
-إنتِ كويسه يا إيمان؟!أومأت ونظرت لتسنيم التي كانت تبدل نظرها بيننا، وقلت:
-فرصه سعيده.
-أنا أسعد.
قالتها تسنيم بابتسامة ثم نظرت لأخيها، فرمقتهما بطرف عيني كانا يشبها بعضهما إلى درجة كبيرة، ثم استأذنتهما ومضيت في طريقي، فسمعت تسنيم تقول:
-دي معيطه؟رد ميسره:
-يلا بينا.لا أعلم ما الذي دار بينهما بعدها، ولم ألتفت خلفي، كنتُ داخل بؤرة من المشاعر السلبية، تذكرتُ حاتم، ونظراته المدلهمة، وتجاهله لي، وأمي وقولها:
-مبروك ياختي موضوع حاتم اتقفل للأبد أتمنى ترتاحي.ثم نظرات أسماء نحوي وجملتها:
-أهلًا بالعريس.
ثم أمي وقولها:
-حاتم هيخطب...
وصوت أمي الساخر:
-على الله هو اللي يرضى بمناخيرك دي!همى الدمع من عيني، لم أعهد نفسي أبكي بنشيج مرتفع، لكن اليوم خرجت مني شهقة باكية وأنا بمنتصف الطريق، وخشيت أن يسمعني أحد فدخلت شارع جانبي لأكمل بكاء بعيدًا عن المارة.
-إيمان؟التفتت وأنا في حالتي تلك فوجدتها تسنيم، ضمتني دون أن تنبس بكلمة وربتت على ظهري، بينما كان ميسره يقف على بُعد أمتار، قالت:
-إنتِ مش كويسه أنا متأكدة... ابكي يا ايمان أنا معاكي.وكأنها ضغطت زر أدمعي وأعطتني الإذن فلم أعد أكبح جماح نفسي وأطلقت العنان لشهقاتي وعبراتي علني أخفف من وطأة تلك السحابة السوداء التي غلفت قلبي.
أنت تقرأ
(لتطيب نفسي) الحكاية الرابعه من سلسلة روحي تعاني
Mystery / Thrillerجلست مكاني أحملق بالفراغ شاردة، فقد ساقت أمي تراب الأرض ليقنعني بهذا الحاتم! خالتي وعمتي وجدتي، وجيراني، وصديقتي، ووالدي وصديقه حتى أصبحت أسير في شارعنا فيوقفني صاحب البقالة بقوله: -إيه يا إيمان لسه محيره أمك ومش موافقه على العريس! يا بنتي دا دكتور...