لم تستطع تحديد كم من الوقت استغرقها في الوقوف فقط و هي تنتظر منه أن يظهر أيّ ردة فعل بعد هذه الجملة منها..فقد كان يبدو و كأنه قد تجمد تمامًا إلى درجة فقد فيها وعيه بالعالم و قدرته على ملاحظة وقوفها أمامه حتى..
ثم فجأة..فعل آخر شيءٍ توقعته..فقد مد يده في لمح البصر لـ...ليقبض على ذراعها !
لقد قبض على ذراعها فعلًا بعنفٍ و في حركة علمت بأنه لم يخطط لها أو يقصِدها تزامنًا مع صوته الذي خرج في غاية الغضب أمام عينيها اللتين اتسعتا قليلًا ذهولًا ؛
_بماذا تهذين الآن ؟! هل تظنين بأن هذا موضوع قابل للسخرية به ؟!!
هتفت يوليا فورًا تنفي عنها تهمة شنيعة كهذه بنبرة فاقت حدود الصدق و هي تتغاظى لوهلة عن يده القابضة على ذراعها ؛
_أقسم باللّٓه لا !!
خرج هذا الرد منها بغير تخطيط منها..قبل أن تطرف برموشها الفاتحة و هي تسقط عينيها على حركة يده تلك..و حينها فقط..بدا و كأن نائل استطاع تدارك نفسه..
فخفّف من ضغط يده بتردّد إلى أن أبعدها تمامًا..لكن نظرات عينيه لم تلِن و ظل نفس الغضب يملأهما.. حينما عادت يوليا لتنظر له..ثم زفرت نفسًا خافتًا..و قالت بثبات غير سامحة لتلكٓ التعابير في عينيه بأن تثنيها عن ما تود قوله ؛
_ألم أخبركٓ في ذلكٓ اليوم بأنني طبيبة ؟
لم يمنحها نائل أيّ ردة فعل..و لم تبدو هي و كأنها تنتظر أيّ ردة فعل منه لتكمل..فاستأنفت شارحة بنفسِ الهدوء و هي تشعر بوخز طفيف بقلبها إزاء الموضوع بأكمله ؛
_لقد شعرت منذ أول مرة رأيتكٓ بها بأنكٓ مألوف جدًا..حاولت أن أتغاظى عن الأمر لكن الفكرة ظلت تلِح في ذهني..لقد كنت طوال الأيام الماضية أحاول أن أتذكر أين رأيتكٓ من قبل بالضبط..ظننت بأنني ربما أكون مخطئة..لكنني علمت اليوم فقط بأن ما شعرت به كان صحيحاً........
هزت كتفيها بقلة حيلة و هي تضيف بصدق ؛
_اتضح بأنني رأيتكٓ من قبل فعلًا !
كان نائل يستمع إليها طيلة الوقت بدون أن تظهر لفحة صغيرة من التأثر بما قالته حتى..و ما كادت أن تصمت بالكامل..حتى كان صوته يرتفع مجدداً سائلًا بنفسِ الحدة التي و للعجب..
لم تكن تشعرها بالخوف أبدًا !
_ما علاقة هذا بابنتي إذًا ؟!!
الآن فقط..كانت ملامح يوليا تفقد القليل من ثباتها..و لم تشعر بنفسها و هي تشيح بأنظارها قليلًا عنه..لكنها لم تلبث في النهاية أن عادت للنظر له..قبل أن تتنهد باستسلام مردفة بتردد ؛
_ألم تكن قد أخبرتني بأنه...قد تم نقلها للمشفى ؟! لكنكٓ لم تخبرني أيّ مشفى بالضبط !
مجددًا لم يمنحها نائل أيّ رد..و لم تنتظر هي رده لتستطرد بنفس النبرة ؛
أنت تقرأ
كَرصِيف محطّة مهجورة
Romanceمن الصعب جداً أن يعيش الانسان مع شعور دائم بالألم..لكن الاصعب منه أن لا تكون لديه فكرة عامة حتى عن مفهوم الألم ! عدم الاحساس الخلقي بالألم ! حقيقة مرضها النادر وقفت دائماً حائلاً أمامها يعكر سعادة كل إنجاز حياتي لها.. عاشت طوال حياتها مع فكرة أن الم...