-الفصل الثاني-

435 24 10
                                    

كيف يمكن للحياة أن تكون غريبة إلى هذا الحد ؟!

لقد كان من الممكن لها أن تصل إلى المنزل لتجده فارغًا تمامًا كما العادة..ثم تقرّر الاستلقاء في أول مقعد تصِل إليه كما كانت تنوي أن تفعل أساسًا..كان من الممكن لها أن تخلد إلى النوم تمامًا..غير منتبهة لتلكَ الإصابة الغائرة بجانب خصرها..

ثم ماذا لاحقًا ؟ تفقد وعيها في منتصف غفوتها المرهقة تاركة الدماء تتكتل أكثر فوق جرحِها إلى أن يحدث ما لا يحمد عقباه..كما حدث معها سابقًا خلال سنوات حياتها لمراتٍ لا تعد !

لقد كانت شبه واعية لكنها بالكاد تستطيع أن تفتح عينيها لتميز أيّ شيء..حينما شعرت بجسدها يحمل في الهواء من طرف..من طرف من ؟ ماذا كان اسمه ذلكَ الرجل الضخم.......نائل!

حملها نائل بسرعة ليقترب بخطواتٍ تنهب الأرض إلى المنزل..إلى أن تقدم نحو الداخل بسرعة و انخفض ليضع جسدها الساكن فوق الأريكة الصوفية الطويلة نسبيًا بالبهو..

اقترب بعدها بسرعة من نفسِ الخزانة التي أخرج منها قبل دقائق الملف الذي يثبت ملكيته لهذا المنزل ليخرج منها الآن علبة الاسعافات الأولية..ثم عاد ليقترب من تلكَ الراقدة إلى أن جثى على ركبتيه بجانب أريكتها..و تردّدت يده من أن تمتد إلى طرف قميصها لتكشف عن إصابتها..

رمق وجهها بنظرة خاطفة..تحديدًا رموشها التي كانت ترتجف قليلًا دليلًا على أنها غير فاقدة لوعيها بالكامل..حتى أن رأسها تحرك يمينًا و كأنها تحاول أن تستعيد وعيها عبثًا..

ثم عاد يتساءل بينه و بين نفسِه عن كم السكون الذي يحتل تلكَ الملامح و كأنها ليست مصابة بجرح لا تعلم مصدره و الدماء تنساب ببطءٍ !

عاد ليمد يده بتردّد و كأنه سيلمس طرف قميصها.. ليس من مبادئه أبدًا أن يفعل هذا بامرأة فاقدة لوعيها..لكنه لا يستطيع تركها لتنزف أكثر..توقفت يده على بعد إنشٍ واحد من قميصها..قبل أن ينظر لها مجددًا..

ثم فتح فمه ليسأل و كأنه فقط يحاول التأكد إن كانت فاقدة لوعيها بالكامل فعلًا ؛

_هل تسمحين لي بأن أكشف عنه ؟!

توقع بأنها قد لا تجيبه..لكنه سمع صوتها تهمس بعد لحظاتٍ طويلة بصوتٍ ضعيف متثاقل جدًا لكنه أظهر عصبية مفرطة ؛

_افعل ما يستدعي...فعله !

لم تتداعى نظرة التردّد من عيني نائل رغم سماعه لهذه الجملة منها..نقل عينيه ببطءٍ إلى ملامحها التي عجز على أن يصنفها إن كانت شديدة النعومة أو شديدة... الحدة! و هو يرى في مزيج مذهل تلكَ العصبية الذي يشكّ بأنها تفارق ملامحها و قمة التعب و الإرهاق يجتمعان في وجه واحد !

قبل أن يمد يده بنفسِ التردّد إلى أن لمس حافة قميصها و رفعه قليلاً فقط القدر الذي يخوله رؤية إصابتها فقط..لكن كمية الدماء التي كانت متجمعة فوقها كانت تمنعه من رؤيتها بشكل واضح..

كَرصِيف محطّة مهجورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن