-الفصل العاشر-

294 12 45
                                    

بصعوبة شديدة..تمكنت من أن ترغم نفسها على الوقوف..و وقفت بالفعل..على أقدام هلامية ضعيفة..قبل أن تلتفت ببطءٍ و قد كان وائل الآن يقف موليًا إياها ظهره..يناظر الفراغ مطرقًا برأسه قليلًا..يسند يدًا مرهقة إلى جانبه بينما بالأخرى يلمس بها جبينه..أو شعره لم تستطع أن تميز !

ما استطاعت أن تميزه فقط..هو تلكٓ النظرة بعينيه ما إن التفت إليها..نظرة عينيه الآن و كأنها قد تخلت عن فراغها السابق و اتشحت ببعض...الألم ! مرفق بخيبة أمل قوية..ما استطاعت تمييزه هو صوته الذي ارتفع يهمس لها..يخاطبها بـ...هدوء خادع كليًا !!

_هل تعلمين كيف مر هذا اليوم علي ؟!!! كيف مرت ليلة البارحة ؟!!!

كانت تشعر بعينيها تحترقان من الداخل..حتى و هي تذرف الدموع ببطءٍ كانت تشعر بعجز قاتل..و كأن..و كأن حتى تلكٓ الدموع لا تكفي..

بينما استأنف وائل..يطعنها ببطءٍ..يؤكد لها صواب أفكارها قبل قليل..

حقيقة أن وائل الذي تعرفه...لن يسامحها !

_كيف استطعت النوم و أنا أضم بين يداي امرأة أعرفها منذ الأزل..لكنني بطريقة ما...أصبحت أشعر بأنني لا أعرفها ! كيف استطعت أن أضمها أساسًا و أقبل جبينها بينما كل خلية بي تئن بضرورة اقتلاعها من حضني هي و عينيها الكاذبتين في مقابل عيناي..هي و صوتها الذي ارتفع يحاول تبرئة تلكٰ العينين عبثًا !!!!

سالت دموعها أكثر و هي تزم فمها بقوة..حركة كانت الغاية الوحيدة منها أن تقمع تلكٓ الحروف الأربعة التي أرادت الخروج مشكلة اسمه..فقط لتتوسله بالاسم الأقرب إلى قلبها في العالم أن...يمنحها فرصة واحدة للشرح !!

و كيف فاقم وائل من وضعها ؟! بتلكٓ الدمعة التي انزلقت من عينيه تكاد أن تفوق دموعها ألمًا..و بصوته المتهدج أساسًا..و الذي تهدج أكثر و هو يفتح فمه المرتعش يستأنف بتلكٓ النبرة التي لم تعد تعرفها..

فوائل لم يخاطبها بهذا الضعف يومًا !!!

لقد عاشت معه سنوات طويلة..بدءًا من طفولتها إلى مراهقتها إلى سنواتها الثمينة الماضية كزوجته..سنوات رأت فيها جميع حالاته الضعيفة و القوية..الغاضبة و الحزينة..

لكن لا واحدة منها كانت تشبه حالته هذه قبل اليوم !!

_كيف استطعت أن أضمها بكل تلكٓ القوة بينما الفكرة الوحيدة التي تؤرق عقلي..هي إيجاد طريقة تخولني الوصول إلى تلكٓ الحقيقة التي تبخل بها علي...بنفسي !! كيف و قد تجرأ عقلي لأول مرة على التشكيكِ بها !!! كيف و قد تجرأ ذلكٓ الرجل البائس على ارتكاب شيءٍ لم يفعله يومًا حتى مع خصومه..التفتيش بين أغراضها!..و البحث بينها ليس و كأنه يعيش في تلكٓ الغرفة مع أقرب إنسانة إليه..مع زوجته..بل مع إنسانة غريبة..إنسانة متباعدة إلى درجة الكذب أمام عينيه..أن تقفل على حقيبتها في جهتها من الخزانة خوفًا من نفسِ المبادرة ثم تحملها منذ الصباح الباكر تجنبًا لنفس الفكرة !!!!

كَرصِيف محطّة مهجورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن