-الفصل الحادي عشر-

308 9 21
                                    

_هل ستنفصِلين عني ؟!

تخلل ذلكٓ السؤال أعماقها محدثًا تأثير السوط على الجلد..و لا..لم يكن مصدر شعورها هو شكله الـ..مزري الذي لم تره عليه من قبل..لم يكن ذلكٓ اليأس و الضياع العميق الذي استطاعت رؤية أماراته واضحة في عينيه..

لم يكن حتى صوته الذي خرج يحمل...تهدجًا غريبًا! متباعدًا جدًا يحمل نفس الضياع و كأن ما بينهما جبال و محيطات من مسافات وهمية !!!

و بالطبع لم يكن حقيقة أن هناكٓ ثلاثة أشخاص يجلسون معهم في نفس المكان و قد رأوا الموقف كاملًا و سمعوا سؤاله بكل وضوح !

بل كان...ذلكٓ السؤال نفسه ! ذلكٓ السؤال الذي لطالما اعتبرته نهايتها ! لكنها لم تدرك أن النهاية الحتمية ستكون فعلًا هي تلكٓ اللحظة التي ستتقبل فيها جوارحها سماع السؤال شاعرة بضرورة الرضوخ لإرادة قدر لم يرد لهما أن يعيشا حياة هانئة سويًا !

هي شعورها الداخلي منذ الأمس..ذلكٓ الذي بدأ يحثها بضراوة على ضرورة...انتزاع هذا...الرجل...الإنسان الأقرب إلى قلبها في العالم...من قلبها نفسه !

هي تلكٓ الحاجة الملحة التي تحثها على الاستسلام أخيرًا..على تسليم كل أسلحتها و التخلي عن ذروعها و...الاستسلام فقط !

و لتموت بعدها قهرًا و شوقًا لا يهم..لم يعد يهم..المهم أن...تستسلم فعلًا ! أن تنأى بنفسها عن حُب لم يمنحها سوى الألم و المرار في حياتها..أن تنقذ نفسها من مطبات علاقة مؤذية مهما بلغت مشاعرها و مشاعره من عمق..

مهما بدا متمسكًا بها..و مهما بدت هي...عاشقة إلى درجة تقديم روحها قربانًا لذلكٓ العشق !

لكن العشق نفسه..ليس أهم من كرامتها! و كرامتها كإنسانة باتت تحتم عليها التنازل بمنح بعض القيمة و الاحترام إلى نفسها و...التخلي !

لقد تنازلت عن الكثير لأجله فعلًا..لأجل ذلكٓ الرجل..لأجل تلكٓ الملامح الـ...حبيبة! تنازلت عن أشياء لا تستطيع عدها أو حسابها..سواء كانت ملموسة أو غير ملموسة.. سواء كانت معنوية أو عملية !

ألا تملكُ على الأقل بعض التقدير لنفسها للتنازل مرة واحدة عن شيءٍ تحِبه..تحِبه جدًا...لأجل نفسها !

استطاعت بصعوبة بالغة أن تشيح بعينيها عنه..عيناها المؤطرتان بإرهاق الأمس..بمشاعر الأمس...بدموع الأمس..عيناها اللتان نقلتهما بين الجالسين بخواء و هي تقول بحزم..

كاذب كليًا بشهادة شخصٍ واحد يقف في حاجز الباب.. يتمسكُ بحاجزه أيضًا كمن يقاوم الانهيار بصعوبة !

_انتهى الاجتماع..يمكنكم المغادرة الآن !

كان من الواضع أن غايتها الحقيقية و الوحيدة أن تجبرهم على المغادرة..فلتبقى بمفردها فقط هي و تلكٓ المعضلة الواقفة في انتظارها عند الباب !

كَرصِيف محطّة مهجورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن