_هل ستنفصِلين عني ؟!
تخلل ذلكٓ السؤال أعماقها محدثًا تأثير السوط على الجلد..و لا..لم يكن مصدر شعورها هو شكله الـ..مزري الذي لم تره عليه من قبل..لم يكن ذلكٓ اليأس و الضياع العميق الذي استطاعت رؤية أماراته واضحة في عينيه..
لم يكن حتى صوته الذي خرج يحمل...تهدجًا غريبًا! متباعدًا جدًا يحمل نفس الضياع و كأن ما بينهما جبال و محيطات من مسافات وهمية !!!
و بالطبع لم يكن حقيقة أن هناكٓ ثلاثة أشخاص يجلسون معهم في نفس المكان و قد رأوا الموقف كاملًا و سمعوا سؤاله بكل وضوح !
بل كان...ذلكٓ السؤال نفسه ! ذلكٓ السؤال الذي لطالما اعتبرته نهايتها ! لكنها لم تدرك أن النهاية الحتمية ستكون فعلًا هي تلكٓ اللحظة التي ستتقبل فيها جوارحها سماع السؤال شاعرة بضرورة الرضوخ لإرادة قدر لم يرد لهما أن يعيشا حياة هانئة سويًا !
هي شعورها الداخلي منذ الأمس..ذلكٓ الذي بدأ يحثها بضراوة على ضرورة...انتزاع هذا...الرجل...الإنسان الأقرب إلى قلبها في العالم...من قلبها نفسه !
هي تلكٓ الحاجة الملحة التي تحثها على الاستسلام أخيرًا..على تسليم كل أسلحتها و التخلي عن ذروعها و...الاستسلام فقط !
و لتموت بعدها قهرًا و شوقًا لا يهم..لم يعد يهم..المهم أن...تستسلم فعلًا ! أن تنأى بنفسها عن حُب لم يمنحها سوى الألم و المرار في حياتها..أن تنقذ نفسها من مطبات علاقة مؤذية مهما بلغت مشاعرها و مشاعره من عمق..
مهما بدا متمسكًا بها..و مهما بدت هي...عاشقة إلى درجة تقديم روحها قربانًا لذلكٓ العشق !
لكن العشق نفسه..ليس أهم من كرامتها! و كرامتها كإنسانة باتت تحتم عليها التنازل بمنح بعض القيمة و الاحترام إلى نفسها و...التخلي !
لقد تنازلت عن الكثير لأجله فعلًا..لأجل ذلكٓ الرجل..لأجل تلكٓ الملامح الـ...حبيبة! تنازلت عن أشياء لا تستطيع عدها أو حسابها..سواء كانت ملموسة أو غير ملموسة.. سواء كانت معنوية أو عملية !
ألا تملكُ على الأقل بعض التقدير لنفسها للتنازل مرة واحدة عن شيءٍ تحِبه..تحِبه جدًا...لأجل نفسها !
استطاعت بصعوبة بالغة أن تشيح بعينيها عنه..عيناها المؤطرتان بإرهاق الأمس..بمشاعر الأمس...بدموع الأمس..عيناها اللتان نقلتهما بين الجالسين بخواء و هي تقول بحزم..
كاذب كليًا بشهادة شخصٍ واحد يقف في حاجز الباب.. يتمسكُ بحاجزه أيضًا كمن يقاوم الانهيار بصعوبة !
_انتهى الاجتماع..يمكنكم المغادرة الآن !
كان من الواضع أن غايتها الحقيقية و الوحيدة أن تجبرهم على المغادرة..فلتبقى بمفردها فقط هي و تلكٓ المعضلة الواقفة في انتظارها عند الباب !
أنت تقرأ
كَرصِيف محطّة مهجورة
Romanceمن الصعب جداً أن يعيش الانسان مع شعور دائم بالألم..لكن الاصعب منه أن لا تكون لديه فكرة عامة حتى عن مفهوم الألم ! عدم الاحساس الخلقي بالألم ! حقيقة مرضها النادر وقفت دائماً حائلاً أمامها يعكر سعادة كل إنجاز حياتي لها.. عاشت طوال حياتها مع فكرة أن الم...