كان الجو مشحونًا جدًا..توقفت يوليا بين رجلين أحدهما يعتبر أخاها الوحيد و إحدى أهم ركائزها في الحياة..أما الآخر..ذلكٓ الرجل الآخر الذي تعرفت عليه قبل شهرين و بضعة أيام فقط كما وصف الأمر وائل..
فقد كان الرجل الذي جعل ذلكٓ الجانب الراكد كليًا بداخلها..يعتكف بعض المشاعر الجديدة..كان الرجل الذي جعل فؤادها يختلج أملًا بعد سنواتٍ طويلة اتهمته فيها بالبرود و بالموت !!
كانت تشعر بذلكٓ التوتر يتسرب إلى أعماقها..و عجزت لوقتٍ عن أن تكون حرفًا واحدًا تقطع به الصمت الغريب و لو بمجرد تأتأة..و لولا إضطرارها الشديد..و تسمر هذين الاثنين يقف كل منهما في جهة حول الطاولة الأنيقة..لما تدخلت أبدًا مؤثرة أن تعود للجلوس بكل استرخاء..
إلّا أنها الآن..همست ترمق وائل بنظرة من طرف عينيها.. فقد كان هو الشخص الذي انضم إليها و هو من يتوجب عليه إلقاء التحية أولًا !!
_وائل !!!
نطقت اسمه بخفوتٍ شديد..بينما زم وائل فمه قليلًا و هو يرمقها بطرف عينيه..حينها أمالت رأسها قليلًا تنظر له برجاء حقيقي..قبل أن تزفر نفسًا عميقًا ينم عن بعض الارتياح حينما ارتفعت يده في وضعية المصافحة..و همس صوته البارد بنبرة مقتضبة ؛
_وائل !!!
رمق نائل يده الممتدة نحوه بنظرة لم تحمل أيّ تعبير محدّد..قبل أن يرفع عينيه مجددًا ليرمق لحظتها يوليا.. فزمت فمها قليلًا تمنحه نفس النظرة التي منحتها لأخيها للتو..
و قد كانت نظرة مجدية جدًا مع كلاهما..فقد تنهد نائل بخفوتٍ قبل أن ترتفع يده في اللحظة التالية يصافح أنامل أخيها أخيرًا..و همس صوته الخشن الرخيم بنبرة تشابهت إلى حد كبير مع نبرة الرجل الواقف أمامه ؛
_نائل !!!
كادت أن تكتم ابتسامة أرادت أن تتحرّر عنوة لتزين شفتيها المزمومتين و تكسر هذا التوتر القائم..قبل أن تنخفض بهدوء إلى أن عادت تتخذ نفس المقعد..و جلس وائل و نائل أيضًا كل في مقعد مقابل للآخر..
و مجددًا يغرق المكان في صمتٍ تام..صمت مستفز للأعصاب..لأعصابها هي فقط...غالبًا!
انطبقت أسنانها تعض طرف شفتها السفلى ناظرة بينهما بحيرة..و للمرة الثانية تبدو تعابيرهما متشابهة لأقصى حد..مجرد نظرة باردة ترتسم على ملامحهما و تحتل عينين مختلفتين كل الاختلاف..
تنحنحت بخفوتٍ و هي تفتح فمها سائلة ؛
_إذًا ؟!!!
لم يتحرك نائل..لكن وائل رمقها بنظرة خاطفة..قبل أن يعيد أنظاره إلى أنظار نائل..و قال يسأله أخيرًا باختصار ؛
_لماذا تريد الارتباط بيوليا ؟!!!
شعرت يوليا بالاحراج يتصاعد إلى وجهها بقوة..حتى أن حرارة غريبة اكتسحت وجنتيها و هي ترفع يدها لتلمس المنطقة بين عينيها راسمة تعبيرًا يائسًا..يائسًا جدًا..و قد ازداد يأسها أضعافًا بذلكٓ الرد الذي صدر من نائل تلكٓ المرة..بحيث قال هذا الأخير بصوتٍ باتر..متعمدًا الرد في كلمات مختصرة و معبرة كأخيها تمامًا !!
أنت تقرأ
كَرصِيف محطّة مهجورة
Romantizmمن الصعب جداً أن يعيش الانسان مع شعور دائم بالألم..لكن الاصعب منه أن لا تكون لديه فكرة عامة حتى عن مفهوم الألم ! عدم الاحساس الخلقي بالألم ! حقيقة مرضها النادر وقفت دائماً حائلاً أمامها يعكر سعادة كل إنجاز حياتي لها.. عاشت طوال حياتها مع فكرة أن الم...