-الفصل التاسع-

258 11 11
                                    

كانت تشعر بالعجز التام..و كأن هناكٓ مجموعة من الاسلاك الوهمية تقيد أطرافها حائلة بينها و بين إمكانية بلوغها نهاية هذا الطريق الذي من المفترض به أن يكون قصيرًا للغاية..

لكن حتى ذلكٓ الشعور لم ينجح في دفعها للتراجع.. فكانت خطواتها تصبح أسرع..و كأنها امرأة وحيدة تركض في مٓمر خال من البشر آملة أن تعثر على مستقر آمن في النهاية..

تحديدًا منذ أن نظرت في عيني يوليا و همست بكل صدق..

" يوليا أنا...أنا فعلت شيئًا سيئًا جدًا...جدًا ! "

و تلقت ردة الفعل الأولى المتوقعة من ابنة خالها..كانت أن استقامت قليلًا ناظرة لها بحاجبين منعقدين قلقًا..قبل أن تفتح فمها لتسأل بدون تردّد..بصوتٍ ثابتٍ جاد ؛

_أخبريني !!

حينها تسمرت ضحى تنظر لها بضياع كبير..ضياع مألوف لها حصرًا و غير مألوف لدى يوليا التي استطاعت منذ الوهلة الأولى أن تخمن بأن الموضوع يخصّ......وائل بالطبع !

و ساد صمت طويل..طويل و كئيب من طرفها هي.. صمت انتهى بأنامل يوليا التي امتدت تغطي بها كفها بمساندة..ثم همست تحثها بأكثر نبرة دافئة و متفهمة سمعتها في حياتها ؛

_أخبريني بكل شيءٍ ضحى..أنا أسمعكِ !

و أخبرتها..بعد تردّد قصير إضافي..كانت تفتح فمها أخيرًا لـ...تبدأ في سرد مكنوناتها بصوتٍ شرع يتحشرج أكثر بعد كل كلمة جديدة تلقيها على مسامع يوليا..

إلى أن انتهت بأن أخبرتها عن موقفها الأخير مع ذلكٓ الرجل النذل في منتصف منزلهم ثم موقفها الكارثي بعده في مكتبها !

حينها..كان دور يوليا لأن تتسمر تمامًا فاغرة الشفاه على نظرة فاقت حدود الصدمة..و تخللها غضب واضح..نفسه ذلكٓ الغضب الذي لون صوتها الذي ارتفع هامسة بغير تصديق ؛

_يا إلهي ! و أين هو هذا النذل الآن ؟!!

كانت أنظار ضحى مستقرة بعيدًا الآن..عيناها تتأملان الأفق بدموع جافة لم تعد احتمالية توقفها عن ذرفها قائمة بعد..حينما همست تجيب بدون أن تنظر لها بصوتٍ أجش و نبرة استسلام ناقضت تمامًا الطريقة التي كانت يدها تعتصر بها المقود ؛

_طردته !

قابلها صمت جديد من طرف يوليا..فزفرت نفسًا ثقيلًا مرتجفًا..قبل أن تلتفت إليها ببطءٍ..و حينها..و كما توقعت تمامًا فقد قابلتها تلكٓ النظرة البالغة المعنى في عيني يوليا..نظرة شخص ينتظر تتمة كلامها بتأهب..شخص يعرفها حق المعرفة و يعلم بأنها لا تزال لم تنتهي بعد..

و بما أن هذه كانت غايتها من فتح هذا الحوار منذ البداية..فقد همست تزم فمها قليلًا و تهز كتفيها باستسلام أكبر الآن..استسلام حزين..استسلام مؤلم!

_ما أردت قوله منذ البداية هو أنني اتخذت قراري..و وضعت الرسائل المتبقية في جعبتي في سيارة وائل......

كَرصِيف محطّة مهجورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن