-الفصل السابع-

380 17 19
                                    

لو أخبرها أحدهم في الماضي..بأنها ستقابل رجلًا غريبًا ذات يوم..رجل سيخترق حياتها بطريقة ما.. سيحيل توازنها و ثباتها إلى ذراتٍ من غبار تتناثر حولها بدون أن تتمكن من استجماعها بعد..و مبادءها الراسخة إلى سراب يصعب تمييزه في الظلام..

و خفقات قلبها الراكدة إلى آلة غريبة تعمل بدوام متقطع..تحديدًا يبدأ دوامها منذ اللحظة التي يمُر اسمه في ذهنها..و تسمع صوته أو تراه مباشرة !!

رجل سيجعلها تتسلل من منزلها ليلًا في منتصف حفل عائلي مهم كـ...كمُراهقة صغيرة لتقابله في مقهى..سيجعلها تتجول بين الشوارع بدون سيارتها باحثة عن أثره كامرأة..حمقاء..أقرب إلى...عاشقة ؟! لما صدقت !

لضحكت ساخرة منه بجنون !!!

لكنها الآن بينما تسِير في آخر رواق مؤد إلى المقهى الذي اتفقا عليه..باتت تستطيع التسليم بهذا الواقع.. حقيقة أنها آثرت بنفسِها أن تتسلل من منزلها في هذا الوقت لتراه..فقط لتراه !

ليس هناكٓ أيّ سبب آخر يدفعها للمبادرة بحركة كهذه..هي لا تستطيع حتى أن تتذرع بأيّ سبب بعد الآن !!

كانت تسير بخطواتٍ ساهمة نوعًا ما..تمسكُ بإحدى يديها بحزام حقيبتها الجلدية السوداء بينما عيناها تائهتان في اللا شيء..و مجموعة من أفكار متضاربة لا تزال تشوش ذهنها..

حينما اصطدمت فجأة بحذاء جلدي ضخم توقف صاحِبه أمامها تمامًا..فتسمرت لوهلة..قبل أن ترمش ببطءٍ و هي ترفع رأسها ببطءٍ..لكنها ما استطاعت أن تبقى صامدة بنفسِ الثبات الذي جاءت به حينما وقعت عيناها في...عينيه !

لكأن كل اتصال جديد..كل لقاء جديد..كل نظرة جديدة تمُر بينها و بينه..لا تزيدها إلّا شقاء عاطفيًا و هي تدركُ في أعماقها بأنها للأسف...فُقدت !!!

لقد فُقدت تمامًا لهذا الرجل..و يحزنها أن تعترف بهذا بينها و بين نفسها..و يسعدها أن تكون هي..الدكتورة يوليا سعد الراجحي..بمشاعرها المتبلدة و حياتها الراكدة منذ وقتٍ طويل..

لا تزال قادرة حتى اليوم على اعتناق شعور كهذا !

شعور تكاد أن تجزم بجماليته رغم قبح الاعتراف به و التسليم له..شعور تود من أعماقها أن تتمسك به ضد كل منطق يأمرها بالهروب..يذكرها بأن احتمالية ملامسته للواقع هي منعدمة كليًا !!

لقد كانت علاقة مستحيلة من جميع الأطراف..حتى من طرفه هو غالبًا..هذا الرجل الذي يقف أمامها الآن ينظر في عينيها بتعابير تعجز عن قراءتها بوضوح.. ذلكٓ الرجل الذي اتصل بها قبل دقائق يطلب منها لقاءه..

و الذي لحق بها ذلكٓ اليوم ليمنحها هدية غريبة..كانت عبارة عن مبادرة غير بديهية..أن يقتني هاتفًا جديدًا و تكون هي الشخص الأول و الوحيد غالبًا الذي يحصل على رقم هاتفه..

ذلكٓ الرجل الذي دخل حياتها فجأة..في حادث غير متوقع..و الذي سرق منها عدة نبضاتٍ تشكّ بأن تستطيع استعادتها بعد..سيكون أول طرف ينبذ هذه العلاقة و يقف ضدها..

كَرصِيف محطّة مهجورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن