8

103 15 6
                                    

فتحتُ عينيَّ بخمولٍ شديدٍ مع تاسعِ رنّةٍ يصدرُها المُنبِّه _أو ربّما العاشرة لم أنتبه_ ثمَّ أقمتُ رأسي بالتّدرّجِ عن الوسادةِ و ضربتُ عليه كي يسكت ، لم أصبه طبعاً و كما جرتِ العادة ، بل أصبتُ نظّاراتٍ طبيّةً اشتراها أبي بعدَ آخرِ فحصِ عيونٍ أجراه لي بالإجبارِ في مركزِ صديقٍ له ، و لم أستخدمها مطلقاً ، اللّهمَّ إلّا في تفريغِ شحناتِ غضبي عليه و على أوامرِه.
تثاءبتُ متضجّرةً و أنا أستذكرُ آخرَ مجرياتِ حياتي ، ثمَّ نهضْتُ و جررتُ ساقيَّ خارجَ الغرفةِ بكاملِ ما تبقّى لديَّ من طاقة ، سمعتُ ضجّةً صادرةً عن طابقِ البيتِ السُّفليِّ في لحظةٍ ما ، و ها هنا تأكّدت ، أبي في البيت ، هذا على الأقلّ.
كم السّاعةُ الآن؟ لماذا لم يذهب إلى أعماله العظيمةِ بعد؟
هذه أوّلُ مرّةٍ نلتقي صباحاً في البيتِ منذُ وقتٍ طويلٍ جدّاً ، وقتٍ يسبقُ حتّى وفاةَ والدتي ، حتّى في أيّامِ الإجازاتِ الرّسميّةِ و الشّخصيّة ، أي أنَّني لم أخابر موقفاً كهذا.. و بعد شجارٍ أيضاً.
سيتطلّبُ وجودُه الآنَ إلقاءَ التّحيّةِ عليه فوق الضّغوطِ كافّة ، و التّسبّبَ في فتحِ حديثٍ يوميٍّ عاديٍّ معه أيضاً.. هذا يعني تنازلاً تامّاً في قاموسِ معارفي ، تنازلاً عن مكانتي في مشكلةِ أمسٍ رغمَ أنّني على حقٍّ فيها.
أتساءلُ الآن: كيف يقولُ النّاسُ في العادةِ صباحَ الخير؟ كيف يحتملون تكرارَها في بدايةِ كلِّ يومٍ جديدٍ حتّى و نهايةُ اليومِ الأسبقِ غالباً ما تنذرُ بالسّوء؟
كيف لا زالوا يتمنّون الخيرَ و هم على علمٍ بأنَّ حياتَهم من سيّءٍ إلى أسوأ؟
أيُعقَلُ أنَّ حياتي لوحدِها من تمضي على هذه الشّاكلة؟
أزدرئ مخترعَ هذه العباراتِ و قَدْ أحقدُ عليه أيضاً ، هو و كلُّ من تسبّبَ في نشرِها و اعتيادِها بين النّاس ، أحمّلُهم جميعاً ذنبَ تذكيري الدّائمِ بشكلِ حياتي الأسودِ المُثيرِ للاشمئزاز ، خاصّةً ذلك الذّي اخترعَ السّؤالَ عن الحال.. يا إلهي..
المهمّ ، تجهّزتُ بسرعةٍ للمدرسةِ من جميعِ النّواحي ما بين الحمّامِ و الغرفة ، ثمَّ نزلتُ الدّرجَ إلى الصّالةِ في الأسفلِ و حقيبتي على ظهري ؛ لمحتُ في موقعٍ ما ظلّاً يتحرّكُ في أرجاءِ المطبخ ، فقرّرتُ تغييرَ طريقي في هذا اليومِ و مغادرةَ البيتِ دون مصروف ، لا فرق ، معي بعضُ المالِ يغطّي تكلفةَ شيءٍ يُأكَلُ إن حدثَ و جعتُ في المدرسة.
فتحتُ البابَ بسرّيّةٍ فشلَتْ بسرعةٍ عجيبةٍ مع الأسف ، فقَدِ استجذبَ صريرُه صاحبَ الظّلِّ من المطبخ ، كما استجذبَ وقعُ خطواتِه انتباهي ، أرجو أن يمضي هذا النّهارُ على خير

_"انتظري نوفا"

التفتُّ مصدومةً إلى من نادى عليّ ، و جعلتُ أرمقُه بغيرِ اكتراث ، هذا جاي الخائنُ قَدْ عادَ يخلقُ في داخلي النّدمَ مُجدّداً ، و بسببِ طريقتي الجارحةِ في الردِّ التّي ستبهرُه بعدَ لحظات

_"ماذا تريد؟"

سألتُه بنبرةٍ جافيةٍ و ضممتُ ساعديَّ إلى صدري أنتظرُ الإجابة ؛ لنقل أنَّ هذا الأسلوبَ قَدْ أحرجَه إلى حدٍّ كبيرٍ و سلبَ نظراتِه ثباتَها و ثقتَها ، كما قَدْ حرّرَني من أعباءِ المخاطبةِ المُباشرةِ إلى حدٍّ ما ، أرجو ألّا يُحرَّرَ بدورِه الشّرُّ في لساني أكثرَ ممّا هو فاعل ، أرجو أن أقدرَ على ضبطِه و التّعامُلِ معه ، فقَدْ خسرتُ بما فيه الكفاية

_"لنذهب معاً.."

_"لماذا؟ لتراقبَني أنتَ و أبي عن كثب؟ شكراً عزيزي ، سأذهبُ لوحدي"

قطعتُ عليه الطّريقَ إلى الشّرحِ حالَما فهمتُ ما يريدُ قولَه ، و يبدو أنّني كنتُ على حقٍّ فيما قلت ، فقَدْ سكنَ تماماً و راحَ يجيلُ ناظريه في الغرفة.
أصدرتُ زفرةً ساخرة ، ثمَّ استدرتُ على عجلةٍ مُتوجّهةً نحو بابِ البيت ، ضقتُ ذرعاً ، لقَدْ ضقتُ ذرعاً بكلِّ شيء

_"نوفا انتظري.. الكلابُ تملأُ الشّوارع.."

_"و ماذا ستفعلُ أنتَ للكلاب؟ أستعضُّها؟"

أجبتُه ساخرةً ما إن وضعتُ يدي على مقبضِ البابِ ، ثمَّ ركّزتُ قليلاً في نوعِ الأصواتِ المُزلزلةِ في الخارج ، أصواتُ كلابٍ و رجالٍ و كثيرٍ من الأشياءِ المُزعجةِ الأُخرى.. أيُعقَلُ أنَّه على حقٍّ الآن؟
فتحتُ البابَ بتأنٍّ أسترقُ النّظرَ إلى ما خلفه ، و في لحظةٍ ما ، قفزتُ ذعراً و صفعتُ البابَ بكلِّ ما أوتيتُ من قوّة ، ثمَّ هرولتُ و اختبأتُ وراءَ أوّلِ ما وُجِدَ في طريقي.
سأحدّدُ الأمورَ بدقّة ، رأيتُ رأسَ كلبٍ قريباً من البابِ عندما فتحتُه ، و أوّلُ ما وُجِدَ في طريقي كانَ جاي ، يا إلهي.. أيُّ إحراجٍ هذا!؟

_"لا لن أعضَّها"

تمتمَ ببرودٍ شديدٍ و عادَ أدراجَه في اتّجاهِ المطبخ ، صحيح ، كنتُ قَدْ نسيتُ أبي و وجودَ جاي المُفاجئ معه ، و بمعنىً أدقً ، تناسيتُه و غفلتُ عنه ، فهو لم يكن يهمُّني و لا بأيِّ شكلٍ كان ، لم يكن قبلما بتُّ مضطرّةً التّعامُلِ معه مباشرةً ، سيكونُ أكثرَ رأفةً من الكلابِ مهما كانَ مجحفاً.
زفرتُ بتململٍ من بعدِ ما واجهتُ جمهرةً من الأفكارِ المُتضادّة ، ثمَّ تبعتُ جاي إلى المطبخ ، يبدو أنّني مضطرّةٌ للاستسلامِ أمامهم اليوم أيضاً ، صبراً يا ربّ

.

.

.

🌌 يُتبَع 🌌

هوني هناا🥺🥺🖤🖤✨
تأثير hear me out ببداية الفصل😂🖤
طمنوني عنكم؟ إن شاء الله أموركم عم تمر على خير؟
بتعرفوا ، الخسارات الكتيرة الي عم تصدف بهالفترة عم تثبت لي إنو الأشخاص و الأهداف مو دائما متل ما نحن منحب نشوفهم ، و ما بحق لنا نحاكمهم على هاد الأساس ، فلا تزعلوا لما ما بتقدروا تحصلوا أو تسترجعوا شي بتحبوه ، رب العالمين شايف كل شي و أعرف و أعلم بكل شي سبحانه ، و رح يكتبلنا الخير بكل خطوة بإذنه تعالى🥺🖤🖤✨
أحبكممم🥺🥺🖤🖤✨

يومٌ مُقمِر ~ بارك جايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن