12

89 10 15
                                    

انتظرْتُ خمسَ دقائقَ أو يزيدُ في ذاتِ موقفي ، و لم يظهرِ السّيّدُ اللّعينُ صديقُ سونيا في نطاقِي البصريِّ بعد ، لم يُسمَع له صوتٌ حتّى و على الرَّغمِ من درجةِ الهدوءِ المُخيِّمِ على الممرّ ، و لم أجرؤ أنا على الحراكِ في جهتِه ، أرى هذه الأحداثَ تابعةً لكابوسٍ مُزعجٍ غريبٍ أكثرَ منها تابعةً للحياةِ المُعاشَة ، و ربّما تكونُ تابعةً لفيلمٍ سينمائيّ ، فيلمٍ حقيقيٍّ من إعدادِ الكلبِ الكبيرِ و إخراجِه ، أرجو أن أستطيعَ مواكبةَ حبكتِه و الانقلابَ عليها ، أحتاجُ ألّا أظهرَ خوفي و حسب ، هذا كلُّ ما أحتاجُه.
تنفّستُ بعمقٍ و أنا أفكّر ، ربّما يخطّطُ لإيذائي و أنا في مكاني هنا ، و ربّما ينتظرُني خلفَ الجدارِ في الجهةِ الأُخرى ، احتمالان واردان و متكافئان يقلقانني ، يفصلُ بينهما الوقتُ فقط ، الوقتُ سيحلُّ المُعضِلةَ و سوف يؤذيني إذا ما كانَ الرّاجحُ هو الاحتمالُ الأوّل.
ليس أمامي إلّا الحراكُ إذاً.
وقفْتُ في منتصفِ الممرِّ بالضّبطِ و رحتُ أتسلّلُ بحذرٍ شديدٍ نحو نهايتِه ؛ هنالكَ بابٌ وحيدٌ أمامي و ممرُّ صفوفٍ آخرُ إلى جهةِ اليسارِ تطلُّ عليه النّوافِذُ التّي رأيتُه واقفاً خلفَها منذُ قليل ، لذلك آخذُ احتياطاتي من الخططِ الآن ، أرجو أن أنجح.
وجدتُ فيما بعدُ محاذاةَ الجدارِ الأيمنِ أنفعَ لكشفِ الممرِّ اليساريّ ، بَيدَ أنَّني و قبلما وصلتُ نقطةً قَدْ تسمحُ لي بالرّؤية ، سمعتُ أصواتَ حركةٍ أوقفتني ، ثمَّ رأيتُ مقبضَ البابِ المُقابلِ يُدارُ في مكانِه.
استدرتُ من فوري و بدأتُ طريقَ العودةِ قبلَ أن أقابلَ مُدرِّساً ما ، نهاري سيّءٌ أصلاً لا يحتاجُ لمن يعكّرُه أكثر ، بلغَ الإزعاجُ فيه معيارَه الاعتياديَّ و لا يجبُ أن يفوقَه ، و إلّا قَدْ أنفجِر

_"نوفا"

توقّفْتُ مع لفظِ اسمي ، بَيدَ أنَّني ما استدرتُ و ما تحرّكت ؛ لم أكن قَدِ ابتعدتُ كثيراً من حيث كنت ، و لم يكد من وراءَ البابِ يخرجُ و يتفقّدُ الأرجاءَ على النّحوِ الأفضل ، لذلك أشكُّ في أنَّ ما سمعتُه كانَ اسمي فعلاً

_"ماذا تفعلين هنا؟"

اقتربَ الصّوتُ أكثرَ ممّا سبقَ و بدا مألوفاً جدّاً ، غيرَ أنّني ما استطعتُ استنتاجَ هويّةِ صاحبِه بفضلِ ما لديَّ من ذاكرةٍ مُهترئة ، لم أعرفه من لكنتِه حتّى ، ليس مُهمّاً إلى هذا الحدِّ إذاً.
ملتُ برأسي نحو الخلفِ أطّلعُ عليه ، و إذ بهويّتِه تبدّدُ الخوفَ و القلقَ في داخلي ، هذا السّيّدُ جاي..
غريبٌ كيف لم أعرفه ، ربّما كنتُ خائفةً شاردةَ التّركيزِ ليس إلّا

_"أكرّرُ سؤالي ، ماذا تفعلين هنا؟"

استدرتُ نحوَه بشكلٍ تامٍّ أستعدُّ لمخاطبتِه ، ثمَّ ضممتُ ساعديَّ إلى صدري و أنا أنقّلُ عينيَّ في الأرجاءِ علامةً على الضّجر ، أُحِبُّ استفزازَ هذا الشّابِّ حقّاً ، هو و أبي بالذّاتِ من بينِ ملياراتِ النّاس ، إغضابُهما متعةٌ لا تُوصَف

يومٌ مُقمِر ~ بارك جايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن