_صباح اليوم/ المنزل الجبلي_
أبحرت ظلمات الكوابيس بعيداً لتعفو عن روح صاحبها، فاستفاقت عيناه ذواتي لون المروج لتفصح عن بقية من الدموع الباردة التي نسيها ليلة أمس.
قام ممسكاً برأسه والألم هو أول مرحب به ككل صباح، فبدأ بالضحك قليلاً
"استحققت ذلك"إن زوال الهلاوس وحدها نعمة تلذذت بها سعادته، يؤمن أنه في الجنة الدنيوية الآن، فكان يحس الخفة في جسده رغم اللسعات التي تراوده، وكان الامتنان عنوان ابتسامته التي لم يكن ليفهمها أحد.
لكن طرقاً على باب البيت جعل ابتسامته الممتنة تزول، فنظر من خلف النافذة بحذر، كانت سيدة واقفة بسلة خبز بين يديها؛ حينئذ أغلق أزرار قميصه الدامي وظل يحاول ترويض شعره الفحمي المموج بيديه أمام كسر من الزجاج اعتبره مرآته.
ترك انشغاله بكل ذلك حين لاحت له تلك الحقيبة السخية التي فاضت بالمعاطف، فسترها خلف الطاولة الكبيرة قبل أن يعود صوت الطرق.
فتح إريك الباب ينظر في عينين عسليتين مرهقتين بآثار البكاء و السهر، تعرفه ويعرفها.
"أماه.. كيف كان صعود الجبل؟"
سأل بانطفاء قبل أن يدخل تاركاً الباب للسيدة إيستر ، لكن القلق يقدّها كالعادة، خصوصاً بعد رؤيتها لحاله.بعتاب ارتجف صوتها وهي تخاطبه
"لماذا تصر على العيش هنا وحدك إن كنت لا تجيد الاعتناء بجراحك؟ أتريد أن تفطر قلبي؟ ألا يكفي ما حدث لك بالفعل؟؟"كان لإريك وجه تمثال باهت وهو يدير لها ظهره مكتفياً بالاستماع، وقد بدأ يبحث بين زجاجاته الفارغة عن زجاجة لا تزال تحمل بعض الشراب، أما إيستر فاستكملت عتابها
"وما كل هذه؟ أأنت مدمن شرب الآن؟""اها.. وجدتها"
تمتم إريك وهو يميل إحدى الزجاجات الداكنة، ثم ذهب إلى الرفوف المتراصة خلف الطاولة وأخذ منها قارورتين متجاورتين.خلع قفازيه والتفت إلى إيستر بلا ملامح
"أمي.. هلا وضعتِ الخبز عند طرف الطاولة؟ سأتناوله وأنا ذاهب للعمل""إريك!! توقف عن تجاهل ما أقول!"
ترك إريك ما بيده وتقدم نحو إيستر بهدوء ، فغض من صوته أكثر وجاهد لتليين حدة لهجته
"إيستر.. لا تصعبي علي الأمر، كما ترين فلدي يوم حافل حتى قبل أن يبدأ"بينما هو يحادثها كانت عيناها تحدقان بأسف نحو ذراعه الأيمن، ذاك الذي فاضت منه دماء كثيفة أفصح عنها قميصه المتهالك، وحين لمح إريك تلك النظرات التي تدفقت منها الشفقة نفث قدر ما يستطيع موارياً بذلك جبال غضبه، ليجاهد نفسه على الحديث من جديد وهو يعتصر تلك الذراع بقسوة
"لن أقتل نفسي، تعرفين ذلك"انكمشت نظرات إيستر إلى الأرض في لحظات وعادت لسكونها، فأضاف إريك
"ومالذي تفعلينه بزيارة منزل معزول على جبل في ساعة كهذه؟ مالذي سيقوله من يراكِ تترددين على مسكني؟ ألسنة الناس لا تهدأ، خصوصاً إن كان هنالك ما يخصكِ، يغريهم الحديث عن أمثالك، ألست محقاً؟"
أنت تقرأ
روميلدا
Fantasyطهّرها الثّليج وهماً؛ وسط قبورٍ منبوشةٍ و أكفانٍ مكشوفة، شجرةٌ عظيمةٌ شعثاءُ الأغصانِ تكابر بجذورها الأرض، تنزف الدّم كالطّوفان. ها هنا، نُحِرَ آخر شيطانٍ عاشَ علىٰ وجهِ الأرض، بيَديْ طفل. بأرضٍ يقالُ لها {رومـيلـدا} "أينما غدوت... أناس طيبون و ابت...