{17: خطيئة كتب هيلمود}

776 115 296
                                    

تراقب الشمس السفينة المستسلمة لأذرع المحيط، وللأمواج المتدافعة لون بهي ممتزج ببعض الخضرة في أطرافها المذيلة بالزبد الكثيف.

الشراع الأحمر يتبع الرياح ملوحاً للساحل المحاط بأبراج الجبال ليعلمها بقدوم مسافرين جدد.. كانت تلك آخر سفينة تفتح لها حدود روميلدا البحرية هذا العام.

وبما أن الظل كان معدوماً، فقد ولج الركاب في بطن السفينة تاركين ظهرها للملاحين وبعض الرجال الذين غلبتهم الثمالة.. لكن على طرف السفينة كان "هيلمود" منفرداً بصفحاته المجعدة، ينقش الهدوء ملامح وجهه، عينه اليمنى التي لم تتخلى عنه تحدق هناك نحو سواد تلك الأرض التي لطالما سعى ليختم بها شريط رحلاته الطويل..

ابتسم دون ان يدرك ذلك، وأخذ ريشته ثم بدأ يكتب على ورقته التاسعة:

"تبعد أرض روميلدا عني مئة ذراع الآن.. غريب كيف تبدو وكأنها لا تحمل فوقها بشراً، فكل ما حولها يبدو متروكاً للطبيعة كما هو.

ولكي لا أهمل أي تفصيل في رحلتي، فعلي ذكر ما يخص اسم تلك الأرض، والذي قد أثار انتباهي منذ أول مرة سمعت به.

(روميلدا).. ذلك الاسم الفريد ممتزج من كلمتين للغة أقدم من أن تكون لزماننا هذا
_أرض (الحرب الشهيرة)_

ومن الساخر كيف أن كل المؤرخين ممن وصلتنا كتبهم لا يذكرون كلمة "حرب" مع اسم تلك الأرض إلا لحاجة النفي التام..

مهما بلغ مني التمحيص والتدقيق في سجلات التاريخ الناجية من ألسنة الزمن، لم أجد بعد السبب الذي سميت به تلك الأرض بأرض الحرب الشهيرة، لم يكتب كاتب من قبل عن أية حروب شنت عليها، ولم يكن لها في تاريخها المعروف حرب كبيرة تشتهر بها.

أرى كيف أن معظم الناس يظنونها الأرض الأكثر طهارة، تجذبهم تلك الأرض التي هلك بها الشيطان الأخير..

فحتى جيوشها لا تحارب على أرضها البتة، بل تدفع الضرر عن الأراضي المجاورة كأرض "أڤالونيا" التي نهشتها جرائم أرض "ياكسوس" لوقت طويل.

ضاع حبل الحقيقة وسط الشائعات والأساطير الشعبية التي لا تسلم منها أرض.. في النهاية لن أعرف أي حرب معهودة تلك التي يشير إليها ذلك الاسم إلا بذهابي إلى قلب روميلدا لأعرف بنفسي."

________________________________

________________________________

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
روميلداحيث تعيش القصص. اكتشف الآن