***
___________________________________________
ذكرى~
شارف صوت تدافع المياه أن يصم أذنيه.. كانت برودتها الواخزة تعجزه كلما اصطدم التيار القوي بصدره
"إريك!! انا هنا لأمسك بك! لا تخف!!"
ملوحاً بذراعيه.. لاح له من بعيد صبي خالط الشيب شعره الكستنائي المرتب، يلهث راكضاً نحوه.كان الفتى إريك يتنفس بصعوبة وهو في قلب الجدول المثلجة مياهه، متشبثاً بحفنة من نبات ذيل الهر، فتلك ملاذه الوحيد من السقوط الى شلال سحيق المآل.. كان عناده المستطير هو ما أودى به الى ذلك المأزق، فحتى بعد سبعة من تحذيرات صديقه له بأن يبتعد عن الضفة الزلقة تزينت له فكرة مداعبة المخاطر في ذهنه كما كل مرة.
مد الصبي داريوس يده أمام الأشواك التي حالت بينه وبين صديقه، وارتسمت بسمة مطمئنة على ثغره وهو يكرر
"إريك أنا هنا!! سأمسكك"تشجع إريك هذه المرة ولو أنه لم يتمكن من سماع ما كان يقوله الآخر تحديداً، لكنه آمن بتلك الابتسامة وهاتين العينين الواثقتين، فمد يده عبر الأشواك متحاملاً على خوفه من الهلاك، وهنالك بلغته يد داريوس وتشبثت بمعصمه، ليسحبه خارجاً بكل ما أوتيت ذراعاه من قوة.
سقط كلاهما عند فاه الضفة الزلقة فغطاهما الوحل ووخزهما بعض من الشوك الخشبي.
لم يتوقع الصبي إريك أن يقوم داريوس قبله، فلطالما ظن نفسه أكثر قدرة على تحمل الأوجاع كبيرها وصغيرها، لكن ما يبدو على وجه داريوس هو القلق الشديد، لربما كان القلق هو ما جعله يفوز في ذلك التحدي السري الذي يقيمه إريك بينه وبين نفسه
"أأنت بخير؟!"
سأل داريوس وهو يمد يده ليعين إريك على الوقوف، ولولا خوف إريك من الانزلاق مجدداً لما تشبث بيد صديقه."هل أنت بخير إريك؟"
سأل داريوس مرة بعد وعيناه الزرقاوان معلقتان بالآخر، فهمهم إريك بـ'نعم' قصيرة حتى يصعب على الاخر سماعها، ثم أتبعها بعبوس طفولي واضح على وجهه المتسخ
أنت تقرأ
روميلدا
Fantasiطهّرها الثّليج وهماً؛ وسط قبورٍ منبوشةٍ و أكفانٍ مكشوفة، شجرةٌ عظيمةٌ شعثاءُ الأغصانِ تكابر بجذورها الأرض، تنزف الدّم كالطّوفان. ها هنا، نُحِرَ آخر شيطانٍ عاشَ علىٰ وجهِ الأرض، بيَديْ طفل. بأرضٍ يقالُ لها {رومـيلـدا} "أينما غدوت... أناس طيبون و ابت...