أختفت المخلوقات الغامضة والمرعبة وتغيرت أشكال النباتات وأصبحت أكثر نضارة، والغابة عادت لها الحياة وأستعادت جمالها الأصلي ، تنفسوا الصعداء وتبادلوا الأبتسامات، متأكدين أنهم نجحوا في تجاوز التحدي...
وفجأة!! ظهرت ساحرة من بين الأشجار، كانت ترتدي ثيابًا فضفاضة تشع نوراً وكان ثوبها يتلألأ بشكل لامع ويتراوح بألوان قوس قزح، مما يجعلها تبدو وكأنها تأتي من عالم الأحلام، وقفت الساحرة أمامهم وقالت بصوت هادئ :
- أنتم رمز للشجاعة وأول من نجحوا في حل لغز الغابة المظلمة..لا أعرف كيف أعبر عن شكري لكم فأنتم أنقذتوا هذه الغابة وأرجعتم لها الحياة مرة أخرى بعد آلاف السنين
إستدارت الساحرة وأشارت إلى تمثالٍ لاحظوه للمرة الأولى، كان التمثال لستة أشخاص يشبهونهم وعليه عبارة « الشجاعة تكون بالتفاني والصبر » إستدارت لهم الساحرة مرة أخرى وتوجهت قبالة نتالي وقالت لها مهنئة :
- تهانينا، أنتِ من لك الفضل الأكبر فأنتي من وجدتي المفتاح ، لذلك ستحصلين على جائزة مميزة لكشف سر الغابة المسحورة..
عندما أقتربت نتالي من الساحرة، نقشت تلميحًا على ورقة وسلمتها لها، فتحت نتالي الورقة وأكتشفت أنها خارطة سحرية للغابة توضح مسارًا سريًا إلى مملكة الحَكمة، كانت مملكة الحكمة مكانًا به حل جميع ألغاز هذا العالم الغامض وبه يستطيعون أن يرجعوا الإزدهار له مرة اخرى ، وأيضًا عالجت الساحرة الجروح العميقة التي كانت على جسد نتالي التي تسبب بها ذاك الوحش ، أحتفل الفتية بفرحة و قلوبهم تنضح بالحماسة لتكملة المغامرة، و لإستكشاف مملكة الحَكمة والكشف عن ماضي الغابة المسحورة وطبيعة قواها السحرية...أشارت الساحرة إلى نقطة ما في نهاية الغابة وأطلقت سحرها نحوها ليظهر ممر طويل يتوسط تلك الأشجار الضخمة من العدم ، و شُدهت أفواه الفتية مما رأوه ، وقطع شرودهم صوت الساحرة وهي تقول :
- هذا الطريق الذي سيقودكم إلى مملكة الحَكمة ، والتي تبعد عن هنا خمسة أنترڤيتا ، وعند تشعّب هذا الممر يمكنكم أن تستعينوا بالخارطة التي أعطيتها لكم
شُدهت أفواههم مرة أخرى لسماعهم وحدة القياس العجيبة هذه...
تحدثت ڤيولا لتقطع هذا الصمت وتزيح آثار الحيرة من وجوههم :
- الأنترڤيتا هي وحدة قياس للمسافة يستخدمونها هنا، وهي تعادل عشرة كيلومترات في عالمكم
بدأوا بالتوجه نحو الطريق لبدأ رحلتهم التي حتمًا ستكون شاقة عليهم مع كل تلك الكدمات والجروح التي خلفتها تلك الوحوش في أجسادهم....
كانت الأشجار العتيقة والنباتات البرية تتعانق وتشكل جدارًا أخضرًا يعج بالألوان والحياة من حولهم ، كانوا يسيرون ويثرثرون حول حياتهم السابقة التي كان الملل والرتابة تسيطر عليها، وكيف تحولت الآن إلى حياة مليئة بالأحداث و المغامرات....
وبينما كانوا يستكشفون المسارات المتشعبة التي بدأت تظهر لهم ، شعروا بوجود حضور غامض يحيط بهم ، الهواء الذي كان يهب كان باردًا وزرع عبير أزهار الغابة في مشاعرهم ، تكاثرت الظلال والأضواء الساحرة تحت أشجار الأرز الشاهقة، فيما يقتربون أكثر من مصدر الأضواء ، ظهر أمامهم مجموعة من المخلوقات رمادية اللون كانوا يجلسون حول موقد نار صغير في وسط واحدة من البساتين لأشجار الأرز ، تضاءلت الألوان في المنطقة التي كانوا مُحاصرين فيها، فكأنها دخلت عالمًا آخر تمامًا....
تظهر جلودهم الرمادية بلمعة ضوء فضي وعيونهم تألقت باللون الأخضر المشعّ، أستقبلوا الفتية بإبتسامات بلهاء ، كأنهم كانوا ينتظرون وصولهم ، وقد تحدث زعيمهم، وكان ذو الشخصية الأكثر تفوقًا وحكمة في صفوفهم، قال بصوت هادئ ملئ بالحكمة:
- أهلاً بكم، نحن نراقبكم منذ وصولكم إلى هذه الغابة، ولقد أخبرتنا الغابة عن قوتكم وشجاعتكم المذهلة..
بادل الفتية تحية مهتزة مع الرماديون وبدأوا الحديث معهم، و طرحوا عليهم أسئلة حول هذه الغابة الغامضة وسرها العميق، أكمل زعيهم ما بدأه من كلام منذ وصولهم قائلًا:
- نحن حراس هذه الغابة نعمل بصمت للحفاظ على التوازن بين العوالم بعيدًا عن أعين الناس، وكنا ننتظر حضوركم، ننتظر الأبطال الذين سينقذون هذه الغابة الساحرة الجميلة، ويُبطلوا لعنتها، صحيح أنكم أبطلتم هذه اللعنة وأرجعتم الغابة لطبيعتها ولكن هذا ليس كل شئ..فأنتم لم تقضوا على الشر بعد، ما زال صاحب اللعنة يجول في الأنحاء ومن المحتمل تجديده للعنة مرة أخرى وتسليطه لتلك الكائنات المتوحشة خاصته نحو كل من يحاول تبطيل لعناته، لذلك يجب عليكم أن تعرفوا سر الغابة، وتعلموا طبيعة هذا الكائن الغامض الذي لعن هذه الغابة لكي تقتلوه، وسر اللعنة ستجدونه بمملكة الحَكمة..
سألت سوزي الزعيم بعد أن تملكها الفضول لمعرفة حقيقتهم:
- قلت أنكم حراس الغابة، هل يعني أنكم سكانها؟ وإذا لم تكونوا سكانها، فمن أين أتيتم؟
أجابها زعيم الرمادين بنبرة ثابتة وهادئة:
- لقد كانت لنا مدينة صنعناها بأنفسنا وكانت على سطح جزيرة في وسط المحيط، لكن في يومٍ ما عصف زلزال قوي بالجزيرة وأغرقها، غرقت المدينة بالكامل وأختفت في قاع المحيط
قاطعت نتالي الرماديَّ وباغتته بسؤال قائلة:
- وكيف نجوتم منها؟ على حد علمي أن الزلزال إذا عصف بمكانٍ ما لا يعطي فرصة كافية لمن بالمكان لإخلائه!!
علت أبتسامة خفيفة على وجه الرماديَّ وأجابها قائلًا :
- نحن نتقدمكم أنتم البشر بمراحل كثيرة في التطور والعلوم، لقد كان لدينا أجهزة أستشعار حديثة للكشف المبكر عن أي نشاط زلزالي؛ مما يمنحنا الوقت الكافي للهروب إلى مناطق آمنة قبل وقوع الزالزال.
طلب منه الفتية أن يكمل حديثه ويخبرهم عن كيفية هروبهم، أستطرد الرماديَّ كلامه قائلًا:
- توجه نصفنا إلى السفن التي صنعناها خصيصًا لمثل هذه الحالات؛ فهي مجهزة بتقنيات متطورة للملاحة البحرية وفائقة السرعة لذا مكنتنا من الهرب من موضع الزلزال ولكن لسوء الحظ أتت عاصفة قوية عطلت أنظمة السفن وتلتها دوامة عنيفة أدت لغرق كافة السفن في المحيط، وقد سحبتنا نفس تلك الحلقات الواسعة التي أتت بكم إلى هنا من المحيط، يبدو أنها ليست إلا فجوات مكانية أتت بنا إلى هذه الغابة، وبعد أستكشاقنا لها علمنا أن بها لعنةً ما وأخبرتنا الغابة أن هناك من سيأتي لإنقاذها، لذلك قررنا حمايتها حتى ذلك الحين وأصبحت لنا ملجأً مؤقتًا حتى نعود لمدينتنا، أما بالنسبة للنصف الآخر منا فقد أستخدموا اجهزة للحفر تحت الأرض وأستطاعوا أن يحفروا أنفاقاً تنقلهم بعيداً عن الجزيرة وقد كان، ومنذ ذلك الحين وهم يعيشون في باطن الأرض..
أهتمام سوزي بالخوارق والأشياء الغريبة دفعها لتسأل الرماديون قائلة :
- غير تلك الأجهزة المتطورة وعلومكم الحديثة التي تدل على تقدم مدينتكم تلك، هل تملكون أنتم قدرات أو قوًى خارقة وما شابه؟!
أجابها أحد الرماديون قائلًا :
- قدراتنا الخارقة لا تحصى ولا تُعد، وقوة أجسادنا تفوق أضعاف قوة البشر ولدينا القدرة على التحول والتلاشي في الهواء، ونستطيع الظهور والاختفاء من مكان لمكان بسرعة كبيرة، كما أننا نتحكم في العناصر الطبيعية مثل النار والماء والتربة، ونستطيع أيضًا قراءة أفكار البشر والتحكم بها، نحن الرماديون نعيش في عالم موازٍ لعالمكم ذاك، وبقدراتنا ومساعدتكم نستطيع أن نحقق هدفنا وهو إيجاد مدينتنا الضائعة وسنساعدكم للوصول لأهدافكم أيضًا..أستطاع الفتية أن يفهموا بأن الرماديون يراقبون حركة القوى الشريرة ويحمون الغابة من الأذى، ويريدون مساعدتهم لإنقاذ هذه الغابة و عرضوا عليهم معلومات هامة وقوى خفية أخرى لمساعدتهم في تحقيق رحلتهم...
أنت تقرأ
الحلقة الغامضة 🖤
Paranormalنسير على طُرقات الحياة ، نصادف ذات الوجوه ، ونُصادم نفس الأحداث ، تلطُمنا أمواج الرتابة وتُغرقنا في دوامات الضجر ، منهكين، مُثقلين ونحن نهوي نحو القاع... لكن ماذا لو وجدت نفسك في قاع أخر ؟! ماذا لو سحبك التيار إلى دهاليز برمودا ؟! ...