منذ أجيالٍ سابقة انقسم العالم إلى عدة ممالك، بعضها إمبراطوريات مترامية الأطراف، والأخرى عبارة عن مجرد جزيرة طافية فوق الماء، لكلٍ منها ملكٌ، حاكم، سَمِه أي شيء، المهم أنه مهما حدث فالحكم وراثة، حق المُلكِ لأقربِ طفلٍ للمَلك، ولد أم فتاة، رغمًا عنه أو عنها، والحاكم غير الوافي بعهوده يموت في النهاية بطريقة أو بأخرى، فثمن العهدِ دائمًا روحٌ.
لكل مملكة قانونها الخاص، رعاياها، حاكمها، تاريخها وتأريخها، وأشياء أخرى لم تكن الممالك المجاورة لتسمع عنها أبدًا أو تصدق حتى بوجودها، وبين حين وآخر تختلف الممالك فيما بينها، ينتج عنه في النهاية حربٌ قد تنتهي سلالات كاملة بسببها.
لذا ولدواعي السلامة، وحفاظًا على أرواح العامة؛ نشأ مجلس الـ "كريسيس " وهو عبارة عن مبنى شاهق الطول يتوسط القارة كاملة، القارة التي توجد بها كل هذه الممالك، وعلى رأس المبنى نُقِشَ رمز غريب يجمع شعاراتِ الخمسمائة والتسعين مملكة في هذه القارة، ببساطة في الأزمات - والأزمات فقط - يجتمع سادة كل مملكة داخل المبنى السابق ذكره؛ ليتشاوروا في الأمر بينهم، وتتخذ مجموعة من سبعين فردًا القرار النهائي، هؤلاء السبعون يفترض أنهم الأكثر حكمةً في كل الممالك، يُلقبونهم بالسبعين حكيمًا.
إذن هناك قارة كبيرة بها خمسمائة وتسعون مملكة منفصلة عن بعضها البعض، الحكم وراثة، كريسيس هو ما يشبه تحالفًا دوليًا غير منحاز لأي مملكة منهم؛ لإنهاء كل خلاف قد ينتهي بموتٍ.
كل تلك الممالك البالغ عددها خمسمائة وثماني وثمانين مملكة لا تُهم الآن، المهم هو المملكتان المتبقيتان، أكبر ممالك القارة، مملكة الشمال ومملكة الجنوب، ربما مملكة الشمال أوسع بكثير عن مملكة الجنوب، ولا أحد يعرف لماذا حتى الآن.
الشمال في الشمال والجنوب في الجنوب، وكلتا المملكتين متلاصقتان، ورغم ذلك لا يطيق سكانُ الجنوبِ الشماليين ولا يطيق سكانُ الشمالِ الجنوبيين، بالطبع خمنتَ لماذا؛ خلاف بسيط قديم بين كلا الملكين جلب حربًا كاملة إلى رؤوس الأهالي منذ بضعة أجيال قديمة.
بالطبع أنتَ الآن تسأل: وأين هذا الـكريسيس؟ وقفوا يشاهدون الحرب ببساطة؟
في الواقع يا عزيزي لقد تسألتُ عن ذلك قبلكَ، واستوقفت القصة التي كان يحكيها زَيْن لأعرف الحقيقة، أين كان قادة الممالك الأخرى حين كانت أكبر مملكتين تمسكان بخناق بعضهما؟
والإجابة ببساطة نعم، لقد ترك السبعون حكيمًا الحرب قائمةً ببساطة لبضع سنوات، ولكنهم تدخلوا في النهاية وتوقفت المعارك، ودائمًا ما كرر لي زَيْن:" هم ليسوا حكماء تمامًا. "
بعد حالة الحرب هذه، هدأت الأمور شكليًا فقط، بينما ظلت العلاقات بين المملكتين تشتعل توترًا بعض الشيء .
التوتر في العلاقات بين الممالك ليست أمرًا بسيطًا، أيها القارئ البسيط، التوتر بين الممالك يعني حالات الاشتباك، الهجوم والانسحاب، القتل والاختفاء المستمرة طوال الوقت، وستعلم فيما بعد، عزيزي القارئ، أنه ربما لو انتهت الحرب بفوز أحد الطرفين أفضل من أن تظل متخفيةً تحت تَوقِيعات الاتفاقات، فلربما لو أنتصر أحد القادة وخضع المهزومون لقل عدد القتلى، وما زال الأمر يتوقف على قرارات القائد المنتصر، فالبعض كانوا يقتلون حتى الأطفال في الممالك المهزومة.
أنت تقرأ
من لا تراهم
Fantasyعزيزي القارئ، قبل أن تبدأ في أي شيء أو تقرأ حرفًا قادمًا عليّ أن أحذرك: ستلغي معي كل قواعد العالم والمنطق التي قضيت سنينك الخمسمائة في تعلمها، فهنا يوجد منطق آخر. إن كنت تعتقد أن هناك حقائق مؤكدة في هذا العالم فأرحل فورًا، هناك حقيقة واحدة في كل ال...