سأل زَيْن بتردد:" هل .. هل كان مجرد .. زواج بالإكراه؟"
تبسم لوكياس بسخرية:" لا، لقد أحبته في النهاية"
تبسم نولان بِدوره منتصرًا، ويكأنَ حب والديه لِبعضهما يُعوض ولو قليلًا مِن فراقهما له.
رمَقَه لوكياس بنظرة فاحصة مُطولة ثم هتف:" دَوركَ"
تعجب نولان:" دوري فيمَ؟ "
" أنا قُلتُ ما عندي، وبُحتُ لكَ بأسراري، فقل ما عندكَ لتخفيه"
" ما عندي شيء يُخفى "
ضرب لوكياس مثلًا بقوله:" بل عِندكَ، إنك تُخفي حتى سبب وجود الطين على يدكَ "
" طلبت مني سيدة تُدعى أكرابيل أن أُزيل معها بعض الأحجار من الحديقة، هذا فقط"
أعاد لوكياس تشغيل وضع نظراته الفاحصة المُطولة وكأنها تقول: هل تكذب؟! ثم تكلم:" مع أنني سمعت هذا الاسم سابقًا، فأنا لا أتذكرُ بالضبط لِمَن"
لَمَّا أحس زَيْن أنه وُضِع موضع المشكوك بأمره، كاد أن يعترف:" في بعض الأحيان، في الليل، هناك أحلام.." لولا أن ضيع لوكياس الفرصة متسرعًا:" القصر كُله رأي ما حدث، لقد كادت النار تُطبق على القصر بِمَن فيه، لا تُنكرْ، إنكَ متورطٌ في هذا"
" رويدك، لم يحترق القصر، والنار لم تلمسكَ على الأقل"
سأل لوكياس سؤالًا خبيثًا:" كيف عرفتْ؟" ولقد كان زَيْنٌ أقل خبثًا حين قال بصدق مُتردد:" شعرتُ بذلك" لعل لوكياسَ صادقٌ، لعله خاله فعلًا، لعله يعرف جوابَ ما لا يعرف زَيْن جوابه، إذن لا بأسَ في إخباره.
ردد متعجبًا:" شعرتَ بالنار؟!"
تلعثم نولان:" ليس .. بالضبط"
سكت الملك الجنوبي هنيهة ثم أعلن:" لِسير رأيان في حالتك يقول أنك إما لك علاقة بِما سماه نصف أحياءٍ نصف أمواتٍ، أو الإتجاه الأكثر عقلانية: إنك ساحر"
" هل كنت تناقش حالتي مع سير دون علمي، تلك نميمة!" كرر كلمة " حالتي" بصوتٍ واضحٍ مسموع مُقلدٍ لوكياس.
برر الملك:" حاكم القصر مسئول عن كل مَن فيه؛ لِذا من حقي مناقشةُ أي شيء"
قام نولان من مكانه، والتقط الكتابين المفتوحين من الطاولة، وهو يقول:" سأخذ الكتابين إن لم تمانع"
ناداه لوكياس قبل أن يُغلق الباب:" تحقق مِن كاتبيهما" فأومأ نولان في هدوءٍ وأغلق الباب.
منذ فارقت يدُ نولان اليُسرى البابَ وعقله في مكانٍ وقدماه في آخر، يُكرر عليه جُملًا سمعها مِن لِسانِ لوكياس، بنفسِ صوته، فيما صارت قدماه تتحركان بدون إدارة، تقودانه بغيرِ وعيٍ منه.
لَقد زاد الأمر تعقيدًا، إقرار لوكياس واعترافه بأنه خال زَيْن لَم يُزده إلا كُرهًا له، وأصبحَ جانِبه غير مأمونٍ بتاتًا.
لو لم يَكُ آسر زوجَ أُختِ لوكياس، لقلت حدة الضغينة بين زَيْن ولوكياس، وما أرهقه حقيقة أن لوكياس استطاع وبِبَساطةً قتل آسرٍ بتلك الطريقة البشعة، وهو صهره.
إن أفراد العائلات الملكية معروفون للجاهل، فبدا نولان أمام نفسه كالمُغفل، أزعجه شعور أن يكون كُل مَن حوله يعلم نَسبَه عداه.
استدرجته رِجلاه إلى المكتبة، ووجد نفسه أمام الباب مِن داخلها حامِلًا الكتابين، متجاهلًا ناظري سير الذين يُراقبانه.
جلس نولان مُتربعًا على السرير، ووضع الكتابَ الجنوبي على قدميه المنثنيتين، وبدأ أولًا يَقرأ عنوان الكتاب المطبوع على غلافٍ أسود بحروفٍ فضية جنوبية:
أنت تقرأ
من لا تراهم
Fantasiaعزيزي القارئ، قبل أن تبدأ في أي شيء أو تقرأ حرفًا قادمًا عليّ أن أحذرك: ستلغي معي كل قواعد العالم والمنطق التي قضيت سنينك الخمسمائة في تعلمها، فهنا يوجد منطق آخر. إن كنت تعتقد أن هناك حقائق مؤكدة في هذا العالم فأرحل فورًا، هناك حقيقة واحدة في كل ال...