الجزء الأول

3K 92 30
                                    


في مكانٍ ناءٍ حيث المدن تطفو فوق سطح الغيوم

في احدى القُرى المتناثره في هذا العالم

هناك قريه بارده
تكمن فيها مكتبة دافئه

يمكنك سماع تفتُت الحطب وتحوّله لـ رماد من اميالٍ بعيده

و كُلما أقتربت، تشعر بشتاءٍ قارس اشد وطأةً من الطقس، آتٍ من دواخلها

يمكنك رؤية ظلام الليل الذي توسد المكان، في رفوف الذكريات، في اسطُر الكُتب.. في نار الحطب الذي أنار المكان،
و السواد الأحلك.. حول عينيه

شتاءٍ قارس، ظلامٍ دامس، أسى وإغتمامٍ طاغي، ينبعث من هذه البُقعه

و في ليلة مليئه بالإستياء مثل هذه

كانت السماء تفرُغ ما في جعبتها من أمطار

في تلك القريه البارده والعتيقه ذات البيوت المصنوعه من الخشب

يسحب خطواته بثقل من أقفل المكتبه قبل دقائق
بيده مظله تقيه من أدمُع الغيوم التي لطالما أشعرته بأحاسيسٍ غريبه، احاسيسٍ حزينه

يمضي وهوَ ينظُر للأسفل حيث تتساقط القطرات من السماء لـ تضرب الأرض، ثوانٍ قليله غيّرت مجرى هذه القطرات، كانت مُنعمه بهناء ف السماء، فـ ما الذي دفعها للسقوط بهذه القسوه والغزاره

يشعر بالسوء لأجلها
يحس بِها في دواخله

أقترب من منزله المصنوع بعشوائيه، ذا السقف القرمدي المثلث

فتح الباب الخشبي الذي لا قُفلٍ يحكمه

خلع حذائِه ودخل منزله الذي لا يتكوّن الا من حُجره واحده

وبلا أن يشعل المصباح جلس على أرضية المكان قُرب المنضده الصغيره التي لا تحمل الا غلاية ماء وفُرنٍ مُتنقل صغير

أملئ الغلاية بالماء واشغلها لتُغليه

مسك كوبه وملأه بظرفين من قهوة سريعة التحضير واضاف عليها الماء بعد غليانه

يشعُر بمغصٍ في معدته، تؤلمه لـ سوء تغذيته

يشرب قهوته بهدوء في اسودادٍ دامس غطى المكان، ويغطي اكثر قلبه

يشعُر بأنفاسٍ آتيه من احدى الأركان خلفه

هوَ يعلم بوجوده..
يشعُر به كُلما عاد في ليالٍ كهذه للمنزل
لكنه غير مُبالي

"الا توّد تشغيل المصباح"
سأل ببرود من كان يمكث في الخلف منذ مدة غير معلومه

تنهد تاي ببطئ، وأرتشف من قهوته التي أعدّها قبل قليل وعمّ الصمت في المكان الا من صوت الرعد الخفيف في الخارج

نظر من النافذه التي أمامه للأمطار التي تخف تدريجيًا

يكره المطر، يكره الأرصفه المغروقه بعد انهماره

لِمَ عليه التوقف بعد انهماره بكثافه، لِمَ بعد كل هذه الضجه ينتهي وكأن شيئًا لم يكُن، تاركًا بصمته خلفه وهذا الكوارث الداخليه والخارجيه التي مُلزم علينا التعامل معها،
لِمَ يأتي ويذهب بِلا أن ينتهي العالم، ف هوَ ينهيه تقريبًا على اية حال

أشعل جونكوك القداحه التي بين يديه، وغطى اللون القرمزي المكان، وقربها من السجاره التي بين ثغره

"أتعلم ما هوَ أكثر ما أبغضه بعد رؤية منظر كئيب كهذا، منظر المطر وهوَ يتوقف تدريجيًا بعد انهماره بغزاره طوال الليل؟"
نبس تاي بهدوء بعد دقائقٍ طويله مرّت بالصمت

يجلس قُرب النافذه ينظُر للكوارث التي أحدثها المطر في هذا الليل، بيده قهوه دافئه

وفي الخلف جونغكوك يجلس بإحدى الأركان في ثغره سجاره وبيده قداحه يشعلها ويطفئها، يُنير المكان ويظلمه في ثوانٍ قصيره

البرد شديد، الأطراف مُتجمده، ولا يشعُر أحداً منهم بشدة البرد الذي جمّد الاصابع

"ماهوَ.."
رد على سؤاله جونغكوك وهوَ ينظُر من ذات النافذه لـ ذات المنظر الذي ينظُر له تاي

أنزل تاي رأسه ناظرًا للقهوه التي بين يداه
يراقب الدخان الخارج بيأسٍ من كوبه
وكأنه يوّد الهرب كما هيَ روحه

وطال الصمت مرةً اُخرى في الأرجاء

الى أن نبس

" رؤية وجهك "

..

المُرابي.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن