مع حلول ساعات الفجر ، كان الجميع قد خلد للنوم.
فيما صحت سمراء من نومها وراحت تجاهد لفتح عينيها المثقلتين بفعل النوم الطويل.
جلست بجذعها العلوي وراحت تنظر لأختيها النائمتين
وتراءت لها صورة صدر الدين وهو يطلب منها السماح ويخبرها إنه احبها هي فقط. وعادت بها ذاكرتها ليوم أمس وماجری بينهما من نقاش داخل المرسم. فراحت تبكي وهي تحاول كتم بكاؤها بكفها .
أحست بها حوراء فنهضت وجاءت لتجلس قربها وتقول:
ــ حبيبتي سمره لقد إستيقظتِ..لقد أقلقتنا عليكِ.
ــ أنا حقاً آسفة..أرجوكم أن تعذروني.
ــ معذورة حبيبتي.. لكن أرجوكِ كفي عن البكاء .
ــ حاضر..لن أبكي ثانية.ً
ــ هل أعِد لكِ شيئاً تأكليه؟ أنت لم تأكلي منذ يوم أمس.
ــ كلا..لست أشتهي شيئاً..عودي أنتِ للنوم أختي.
ــ أ..ألا تريدي أن تحكي لي ماحدث معكِ؟
تنهدت سمراء بألم وقالت:
ــ لم يحدث شيء..لاتشغلي بالكِ.
ــ سمره..متی تفتحين قلبكِ لأختكِ وتجعليني أشاركك همومكِ؟
ــ ولماذا احملّكِ همي؟ أنتِ تتعبين بالعمل ولديكِ مشاغلكِ ولا أريد أن أنكد عليكِ أو علی أبي أو زهراء.
ــ ماتقوليه ليس مقبولاً أبداً..فنحن عائلة واحدة ومصابنا واحد..لذا أرمِ حملكِ علی الله وعلی أهلكِ وأفرغي كل مابقلبكِ علكِ ترتاحي..ونحن أيضاً نرتاح ونطمئن .
ــ إطمئنوا..ليس هناك شيء..أنا سمعت حديثكِ مع زهراء حولۡ صدر الدين وعلمت إنه كان يضعنا تحت الإختبار..لذا لم أحتمل وذهبت وإتهمته بالخداع..و..
وصرخت بوجهه كثيراً..وأخبرته إني أحتقره وأكرهه.
ــ سمره..صدر الدين فكر بوضع إختبار لنا لكنه لم ينفذه
لقد وقع بحبكِ منذ البداية.
ــ لكنه فكر !وهذا كافٍ ليجعل منه شخص لا أبالي بمشاعر الآخرين..كانت فكرة حقيرة ليفكر بها..إفرضي إنه لم يقع بحبي كما يزعم ؟هل كان ليتوقف عن تنفيذ فكرته؟ هل كان يفكر بما قد يتسبب به لأحدانا من صدمة وخذلان؟ أنا..أنا أعترف ..أحببته منذ أن رأيته..فماذا لو
كان قد إختاركِ أنتِ أو زهراء أو حتی لم يختر أي واحدة..ماذا سيكون حينها مصير قلبي؟
ــ سمره ..كل ماتقولينه صحيح ومنطقي..لكن هو اساساً
لم يستمر بالإختبار..لقد أخطأ بتفكيره هذا لكنه بشر
وأخطأ..وتوقف عن تنفيذ الخطأ حالما دخلتِ قلبه.
ــ ماذا لو لم أدخل قلبه؟ أكان سيتوقف؟ أفهمي حوراء وكفاكِ تبريراً له !
ــ أغفري له لأجل حبكما.
ــ لا..لن أثق بحب شخص أناني ولا أبالي بأحاسيس الآخرين.
ــ يااه..لم أعرف إنكِ صعبة التفاهم هكذا.
ــ أرجوكِ حوراء..أتركيني الآن وعودي للنوم..أنا..أنا متعبة حقاً !
ــ حسناً..كما تشائين..تصبحين علی خير.
وعادت حوراء لسريرها وادارت لها ظهرها .
فيما ضمت سمراء ركبتيها لصدرها ودفنت وجهها فوقهما وراحت تبكي بصمت.
...........................................
بعد أنتهائه من صلاة الفجر
جاء سالم للإطمئنان علی سمراء. حمد الله حين رآها تجلس وتصلي هي الأخری .
كانت قد إنتهت من صلاتها لكنها أطالت السجود لتشكو لربها ما ألم بها وتدعوه أن يريها طريق الصواب.
أحست بوجود والدها فأنتهت من دعواتها ومسحت
دموعها .
فتقدم الأب ليجلس أمامها وقد أرتاب لرؤية دموعها فقال:
ــ ملاكي..الحمد لله علی سلامتكِ..لقد أرعبتني عليكِ.
ــ صباح الخير أبي.
وقامت لتعانقه وتقول:
ــ أنا حقاً آسفة ..أنا بخير الآن كما تری.
ــ سأوقظ أختيكِ لتعدا لكِ شيئاً تأكلينه.
ــ كلا أبتي أتركهما..فالوقت لازال مبكراً والجو بارد.. كما
إن اليوم عطلة..وإن كنتَ جائعاً فسأجهز لكَ الأكل بنفسي.
ــ كلا حبيبتي..أرتاحي أنتِ وسأذهب أنا للمخبز وأتسوق
لكم بعض الألبان للفطار.
ــ حسناً أبي..سأعد الشاي إذاً.
ــ تبدين خائرة القوی يا صغيرتي..أرتاحي أنت وأنا سأعد كل شيء.
ــ حاضر أبي.
وغادر الغرفة. وجلست تتحسس رأسها الذي أصابه الصداع.
بعد دقائق ، كانت قد نزلت للطابق الأسفل بشق الأنفس
وقررت إعداد الشاي.
كانت تشعر بدوار.. لكنها قاومته وتمكنت من ملأ الأبريق ووضعه علی النار.
عادت لبهو المنزل لتستريح.
وكان صدر الدين لم يذق النوم ليلتها، وبهذا الوقت كان ينظر من شرفة غرفة وشاهد سالم وهو يخرج، فعزم علی القدوم لرؤية سمراء.
كان الدوار قد إشتد عليها. فجلست تجذب أنفاسها .
وسمعت طرقاً علی الباب فظنته والدها قد عاد..وأسرعت لفتحه،وما أن قامت حتی إنتابها دوار شديد ،فقاومته
لتصل باب المنزل وتفتحه لتجد صدر الدين يقف أمامها
فتقع أرضاً وتفقد وعيها.
إنحنی صدر الدين نحوها وهو يصرخ بإسمها.
وحملها ليمددها فوق الاريكة..ويتلمس وجهها بكفه بهيام ويأس..ظناً منه إنها أنهارت بسبب رؤيته.
ربت علی خدها فلم تستجب، فأخرج هاتفه وإتصل بحوراء واخبرها إن سمرة قد تعبت وهي بالاسفل.
نزلت حوراء ومعها زهراء وأسرعت نحو أختها لتجدها فاقدة الوعي.
فصاحت بصدر الدين:
ــ ماذا فعلت بها؟
ــ لم أفعل شيء صدقيني.. لقد سقطت حالما رأتني !
ــ ولماذا أتيت؟ لاتزال تحت صدمتها بك !
ــ حوراء ! لاتعامليني وكأني فعلت جريمة !
ــ أرجوك أذهب قبل أن يعلم والدي بوجودك.
ــ وإن علم ؟ ماذا في ذلك؟ هل سيقتتلني؟
وبتلك الأثناء وصل سالم وقال:
ــ وهل أجرؤ علی قتلكَ؟ لقد كنت أعتبركَ كأبنٍ لي..وأنظر مافعلت بملاكي !
تفاجأ صدر الدين وقال بتلعثم:
ــ عم سالم...أرجوك أفهمني..لم أفعل شيئاً سيئاً لها صدقني..لقد ..
ــ أفهمكَ جيداً..لاداعي للقلق..لكن ما أرجوه منكَ هو تركنا الآن..بدون ظغائن ياولدي.
ــ لكن ..يجب أن أخذها للمشفی.
ــ أشكر لكَ أهتمامكَ..سأتصل بالطبيب عمر وستكون بخير..هي لم تأكل منذ يومين لذا من الطبيعي أن تقع هكذا.
تنهد صدر الدين وغادر منكسراً.
....................................
حضر الطبيب عمر وعاين سمراء وقرر أخذها للمشفی الخاص به لإجراء بعض التحاليل لها.
وقد كتب لها بعض المحاليل الطبية المغذية ، لكونها لم تأكل منذ يومين مما سبب لها هبوطاً حاداً بضغط الدم والسكري.
كان صدر الدين قد لحق بهم.
وقرر مقابلة عمر ليسأله عن حالة سمراء.
جاؤه بغرفته الخاصة وقد كانت هناك معرفة مسبقة بينهما.
إستقبله عمر بحرارة. وبعد أن جلس صدر الدين ،بدأ يسأل عن حالة سمراء. فأحس عمر بالتوتر والغيرة
وقال:
ــ وضعها الصحي جيد..لقد تعرضت لهبوط في مستويات السكر وضغط الدم بسبب عدم تناولها الطعام ..و أيضاً..
بسبب الإجهاد.
ــ إجهاد؟
ــ نعم ..من الواضح إنها قد تعرضت لإجهاد نفسي وعصبي كبير..وقد يكون إجهاداً جسدياً.
ــ بل إنه إجهاد نفسي..عليّ اللعنة !
ــ ماذا تقول؟
ــ أ..لاشيء..أتمنی لها الشفاء العاجل.
ــ آمين..أ..أراكَ مهتماً بالآنسة سمراء؟
نظر إليه صدر الدين وإختنق بعبرته. ثم قال:
ــ لقد تربينا معاً..لهذا يهمني أمرها.
ــ أهاا.
ثم نهض صدر الدين وشكر الطبيب وودعه وغادر دون رؤية سمراء، حيث لم يشأ مخالفة طلب سالم منه بالابتعاد ، أقلها بالوقت الراهن.
.......................................................
جاؤه إتصال من والدته فأجابها:
ــ صباح الخير أمي.
ــ صباح الخير حبيبي..أين ذهبت باكراً هكذا؟
ــ مشوار صغير أمي..أنا عائد الآن للمنزل.
ــ ياولدي لقد عبرت الساعة الثامنة الآن ووالدك إتصل بي وطلب أن أخبرك أن عليك الذهاب للشركة.
ــ حسناً..سأذهب بطريقي.
ــ كُل شيئاً حبيبي..لاتبقی من دون طعام.
ــ حاضر أمي.
أغلق الخط ، وقاد بسرعة جنونية محاولاً تفريغ شحنات الغضب الكامنة بداخله.
........................................................
بعد الإطمئنان علی أبنته وتحسن وضعها وأنتباهها، غادر سالم المشفی مع زهراء .فيما ظلت حوراء تتهتم بها..
وجاء عمر لرؤيتها.
فبدأ يتحدث إليها ويتحسس نبض معصمها.
وقد أحست سمراء إن نظراته لها كانت غريبة. وتحسسه ليدها بدا غير عادياً.
وبعد أن غادر الغرفة. قالت سمراء:
ــ حوراء..أريد العودة للمنزل.
ــ سنعود بإذن الله..لكن بعد أن تتحسن حالتكِ ويحدد الطبيب ذلك.
ــ أريد المغادرة..هذا الطبيب..يخيفني.
ضحكت حوراء وقالت:
ــ تتصرفين وكأنكِ طفلة تخاف الطبيب.
ــ حوراء ..إتصلي بوالدي واطلبي منه أن يخرجني من هنا !
ــ لقد غادر لتوه ! تحملي البقاء فقط هذا اليوم.
تنهدت سمراء وإستسلمت للأمر.
.................................................
وصل صدر الدين لمكتبه دون أن يمر علی والده بمكتبه،
فالوضع بينهما لازال متأزماً.
أتصل به صهيب وقال:
ــ ماهذه الأخبار يارجل؟ حوراء أخبرتني إنك ذهبت لمنزلهم مما تسببت بأنهيار سمراء ورقودها بالمشفی.
ــ صهيب ! أنا لم أتسبب بشيء..كل مايحدث الآن هو بسببكَ أنت فقط !
ــ لقد أذللتني كثيراً بهذا ! أنا لم أقصد تخريب الأمور..
وعلی العموم..أنا سأذهب بنفسي لأشرح لسمراء وأتوسل أليها أن تسامحك ..علّك تعتقني من هذه الذلة !
وأغلق الخط.
فأدرك صدر الدين إنه بالغ بأتهام صديقه وتذكيره بخطأه.
فرمی بالهاتف نحو الجدار وتناثرت أجزاؤه .
.........................................................
خرجت نور تبحث عن سالم حتی وجدته يشرف علی
عمال تنظيف حوض السباحة الخاص بالمنزل الكبير.
فسلمت عليه وسألته عن سمراء.
فقال:
ــ أنها ترقد بالمشفی منذ الأمس.
ــ ماذا؟! بالمشفی؟ هل حالتها بهذا السؤء؟
ــ الحمد لله هي الآن بخير..أجرينا لها بعض التحاليل
وكانت جيدة بفضل الله لكنها بحاجة لبعض المحاليل
والعلاجات.
ــ حبيبتي سمره !..اللهم الشفاء العاجل..لكن يا أبو حوراء..أنت لست مجبراً علی العمل وترك سمراء بهذا الوقت.
ــ سيد بهجت أمرني بهذا العمل ولم يقبل بأي تأجيل..
رغم علمه بوضع سمراء.
ــ معقول؟! ومن يحتاج حوض السباحة بهذا البرد أصلاً؟
ــ لابأس عليك ِ سيدة نور.. سوف ينتهي العمال قريباً
وسأذهب لرؤية سمراء.
ــ أريد أن أذهب معك لرؤيتها.
ــ لاداعي سيدة نور..فأعتقد أن الطبيب سيسمح لها بالخروج اليوم.
ــ أن شاء الله.
عادت أدراجها للمنزل. وحاولت الأتصال بصدر الدين وكان هاتفه مغلقاً. وطوال ساعات وجوده بالشركة كانت تحاول مكالمته دون جدوی. فبدأت بالقلق عليه وإتصلت ببهجت . وسألته إن كان صدر الدين موجود بمكتبه فهاتفه مغلق وبدأت بالقلق عليه.
فأجابها بهجت :
ــ إنه موجود..أخبرني مفيد إنه كان عنده قبل قليل..وأن هاتفه عاطل.
ــ عاطل؟ إنه جديد !
ــ وماذا تتوقعين من ولد لا أبالي مثله؟!
ــ يووه.،أنت تثير غضبي أكثر مما أنا غاضبة منك !
ــ هه ولماذا أنتِ غاضبة مني؟ بسبب ضربي لمدللكِ؟
ــ بل لضغطك علی سالم..المسكين إبنته ترقد في المشفی وليس لهم أحد غيره.
ــ ماذا عن ولدك ِ؟ أليس من المفروض أن يقف لجانبهم ويظهر لهم رجولته؟ أليست هي من أغضبني لأجلها؟
ــ بهجت..أرحم من في الارض ..يرحمكم من في السماء!
قالت ذلك وأغلقت الخط.
فغضب بهجت وقال :
ــ تغلقين الخط بوجهي هاا؟ بسيطة..سألقنكم جميعكم درساً قاسياً !
............................................................
إتصل صهيب بحوراء وسألها عن وضع سمراء. فأخبرته
إنها بخير. وأحست بنبرته غريبة فسألته:
ــ مابكَ صهيب؟ تبدو منزعجاً.
ــ لست منزعجاً فحسب..أنا غاضب ومقهور.
ــ ولماذا ياساتر؟
ــ صدر الدين لاينفك يذكرني بأنني السبب بما آلت إليه الأمور..وقد إنفعلت عليه هذا اليوم والآن هاتفه مغلق.
ــ ولماذا تتصل به؟ أتركه وعامله بجفاء حتی يلتزم حدوده معكَ.
ــ حوراء..صدر الدين أخي وصديقي المقرب..وهو يتعرض للإنهيار أكثر من سمراء..لكنه يقاوم للبقاء واقفاً
أمام الجميع..خصوصاً والده.
ــ هذه عاقبة من يتخذ من مشاعر الناس لعبة لديه !
ــ حوراء..تذكري أن هدفنا كان أن نجمع بينهما لا أن نعقد الأمور أكثر.
ــ كل شيء بيد الله.
ــ ونعم بالله..حسناً خذي راحتكِ..وسلميلي علی سمراء.
ــ سلامك واصل .
وأغلقا الخط. فنظرت حوراء لأختها. وقالت:
ــ صهيب يبلغكِ سلامه.
ــ الله يسلمه.. لقد تحدثتما عن صدر الدين ..أليس كذلك؟
ــ وهل ذكره أمامكِ لايزعجكِ؟
سكتت سمراء وأشاحت بوجهها عنها قبل أن تسقط دمعتها.
فتنهدت حوراء بألم وسارت لتجلس قربها وتمسح علی رأسها وتقول:
ــ أعلم إنكِ تحبينه جداً وسيرته تهز قلبكِ ..لكن أنتِ بحاجة للوقت للتعافي من الصدمة.. رغم إني لا أری
من داعي أن تكوني حساسة لهذه الدرجة تجاه الأمر..
فما يهم أولاً وأخيراً..هو إنه أحبكِ بصدق.
لم تنطق سمراء ونزلت دموعها.
وفُتِح الباب ليظهر طبيها عمر.
فتصاب بالذعر وتمسح دموعها.
ألقی السلام مبتسماً. وأفسحت له حوراء ليعاين أختها.
فأقترب من سمراء وقال:
ــ ماشاء الله ..لقد عاد الدم لوجهكِ ..تبدين رائعة اليوم!
ــ إبتسمت حوراء وقالت:
ــ بفضل الله وبفضلكَ دكتور.
ــ كيف هي الشهية للطعام ؟ هل تأكلين جيداً؟
كان يوجه أسألته لسمراء لكنها لاترد عليه..بسبب إحساس الخوف الذي ينتابها كلما تواجد قربها.فكانت حوراء تضطر للإجابة بدلاً عنها.
فقال وهو يمسك بكفها بحجة تحسس النبض :
ــ ولماذا السكوت ياتری؟ نريد أن نسمع صوت الكروان.
نظرت إليه سمراء فوجدته يبتسم بجانبية ونظرته لها
كانت مليئة بالهيام.
كان هذا الأمر يزعجها..فهي برغم ماحدث..لاتتقبل من الرجال..سوی صدر الدين.
نطقت أخيراً قائلة:
ــ أريد العودة للمنزل..أنا بخير الآن.
ــ بالتأكيد..سأكتب لكِ الخروج من المشفی الآن..يمكنني متابعة حالتكِ وأنتِ في المنزل.
ــ كلا أشكرك..لقد تحسنت ومامن داعي لقدومك!
تدخلت حوراء لشعورها بالحرج من كلام أختها وقالت:
ــ أنها تقصد أن لاتتعب نفسك دكتور..لقد تعبت معنا
وكفيت ووفيت.
ــ حسناً..سأكتب لها الخروج وإن سمحتما لي بإيصالكما بطريقي..
ــ شكراً دكتور..سأتصل بوالدي ليأتي الآن.
ــ كما تشاءان..عن إذنكما.
غادر عمر الغرفة، فإلتفتت حوراء نحو أختها وقالت:
ــ ماخطبكِ؟ لمَ تحدثتي إليه بهذا الشكل؟
ــ لأني لا أرتاح له..لم ترِ نظراته المقززة لي !
ــ لقد لاحظت إنها مجرد نظرات إعجاب..لكنك تتحسسين من الرجال ..لا أدري كيف تمكن صدر الدين من إختراق
مشاعرك؟!
ــ حوراء !
ــ آسفة حبيبتي...لم أقصد تذكيرك به..سأتصل بوالدي ليأتي ويخرجنا من هنا.
..........................................
كان صدر الدين يهم بالخروج من مكتبه، وهو يتحدث لمفيد قائلاً:
ــ أخبر سيدك بهجت إنني سأخرج الآن ..وسلمه هذه الملفات .
ــ إلی متی تبقيان هكذا؟ لايكلم أحدكما الآخر؟ أنه والدك
ياصديقي..قع عليه وإطلب السماح منه.
ــ أنا لم أخطيء بشيء لأطلب السماح..هو من ظلمني
وعاملني بإحتقار.
ــ لكنه والدك !
ــ وإن يكن؟ أنا أتعرض لدمار داخلي مفيد !إرحمني من هذا الحديث الآن.
ــ أعتذر صديقي..سأخذ الملفات ..نلتقي غداً.
ــ بالسلامة.
وما أن غادر مفيد ، خرج صدر الدين ليجد صهيب أمامه.
وكان يبتسم له وكأنه يخبره إن لامفر منه.
هز صدر الدين رأسه وإبتسم هو الآخر. وأحاط ذراعه حول كتف صديقه وهو يقول:
ــ بما إنكَ جئت بنفسكَ..فهيا لتدفع ثمن إغضابك لي..
ستشتري لي هاتفاً جديداً بدل الذي كسرته بسببك.
ــ كسرتَ هاتفكَ الجديد؟ يالكَ من مجنون.
ــ أليس أفضل من تكسير رأسكَ؟
ــ صدر الدين..كف عن هذا الأسلوب معي..فأنا رجل علی وشك الزواج.
ــ الزواج بفضلي ..أجل !
ــ يالهذه الذلة !
وضحك الأثنان وإستقل كلٍ منهما سيارته وإنطلق بها.
.........................................................
أنت تقرأ
الإختيار
Romanceيعود من السفر بعد سنوات ليجد إن بنات البساتي الذي يعمل لديهم قد كبرن وأصبحن جميلات ،فيقرر وضعهن تحت الإختبار ليختار واحدة منهن زوجة له، فهل سينجح الإختبار أم سيكون للقلب رأي آخر؟