وصلت الإسعاف وتم أخذ صدر الدين للمشفی
أُدخل غرفة العمليات..وبعد مدة خرج الدكتور عمر وقال للجميع:
ــ سيكون بخير..أخرجنا الرصاصة وعملنا الباقي..
لقد كان بينه وبين الموت شعرة !
شكره الجميع وغادر مبتعداً. وكانت نور تجهش
بالبكاء وتدعو الله أن يسلم ولدها.
............................
بعد أن إنتبه صدر الدين ، وجد والديه وصديقه
وسالم ينتظرون أفاقته.
قالت نور:
ـــ كيف تهون عليك نفسك هكذا؟ الم تفكر بما
قد يحدث لي؟
تحدث بصوت متقطع:
ــ آسف أمي..سامحيني.
ثم نظر لأبيه وأبتسم وقال:
ــ أذاً تحبني؟ هاا؟
أبتسم بهجت وكانت أبتسامته الأولی منذ وقت
طويل وقال:
ــ طبعاً أحبك..ألست أبني الوحيد؟ وسندي بحياتي؟
شعر صدر الدين بالإرتياح والسعادة لكلام والده،
وكان محرجاً أن يسأله عن موقفه تجاه سمره أمام سالم.
نظر لسالم بإرتباك وخجل ممافعله .غير إن سالم
إبتسم له وقال:
ــ الف الحمد لله علی سلامتك ياولدي.
ثم قال صهيب فجأة، بعد أن جمّع كلماته وشجع
نفسه:
ــ بمناسبة سلامة صدر الدين..أود أن أتشجع وأتجرأ لاتقدم بطلب يد الآنسةحوراء من العم سالم..علماً
إني حدثت والدي وأبدی سعادته.
تنهد بهجت وشعر بالخجل من تصرفاته وجبروته،
وقال:
ــ والدك رجل حكيم ..بالتوفيق أبني.
فهمس صهيب بإذن صدر الدين :
ــ ألم أقل لكَ إنه سيشعر بالإحراج ويتنازل عن قراره.
ــ بعد ماذا يارجل؟ لقد قدمت دمي قرباناً !
ــ لابأس عليك ..المهم أن دمك جاء بنتيجة.
ثم وجه سؤاله لسالم :
ــ ها أيها العم الطيب؟ ماذا قلت؟
قال سالم:
ــ وهل أجد أحسن منكَ ياولدي ؟ بإذن الله خير.
ــ بإذن الله.
...............................
جاء عمر لرؤية سمره، فإمتنعت عن مقابلته لشعورها
بالإحراج. لكنه أصر ، فجاءت مطرقة. والقت السلام.
فقال بعد رد السلام :
ــ أتعلمين؟ لم أجرب الحب الحقيقي بحياتي..
وظننت إني وجدته معك..لكني مخطيء..لان الحب شيء عظيم وعجيب..مافعله صدر الدين رغم تهوره..
إلا أنه كان شجاعةً وتضحية ليس في سبيل الحب فحسب.بل في سبيل الحفاظ علی كلمته ووعده ألا يمسك غيره ألا وهو ميت..لقد أثار أعجابي بحق..
وأنت الأخری..أثرتِ إعجابي أيضا فحبك له ولهفتكِ عليه كان كبيراً.
فقالت سمراء محاولة تبرير موقفها:
ــ أنا كنت جزعة لمنظر الدماء .
ــ لا داعي أن تنكري مشاعر عظيمة وجميلة..لقد
كنت جزعة بسبب خوفكِ عليه..يالكما من محظوظين بهذا الحب ! فرغم الجراح والمشكلات التي تعرضتما
لها إلا أن ذلك يدل علی قوة حبكما.
ــ عمر..كيف تتحدث هكذا؟
ــ لأني حقاً معجب بحبكما وأتمنی أن أحظی يوماً
بحبٍ مثله..سألغي خطبتنا التي أساساً لم تبدأ ..
وأحرركِ لتكوني ملك صدر الدين فقط..فهو من يستحقكِ بحق !
ثم ودعها وغادر ، تاركاً إياها تحت وطأة الفرح الممزوج
بالصدمة.
.........................................
في اليوم التالي..
جاء عمر ليعاين صدر الدين..فأجفل منه وأدار وجهه عنه.
إبتسم عمر وقال:
ــ أعلم إنك لا تستلطفني..بصراحة الشعور متبادل..
لكن أنت مريض وأنا طبيبكَ..لقد كانت عملية إخراج الرصاصة من قلبك من أصعب العمليات التي واجهتني..كانت مخاطرة مني..فلو حدث وفقدناك فسأكون المتهم الأول بتعمد قتلك ..سأسميكَ بإنتحاري الحب.
نظر إليه صدر الدين بإرتباك وقال:
ــ أنت من قام بالعملية؟ لماذا أتعبت نفسك ليعيش غريمك؟
ــ لستَ غريمي يارجل.. أنت وحدك من تستحق
سمره ولا غريم لكَ بها !
ــ هل تتنازل عنها لي؟
ــ لا أسميه تنازلاً فهذا محبط لرجل مثلي..سأسميه..
تقدير للحب الحقيقي..لقد أثبتما للجميع مقدار
حبكما لبعض..وأنا يسرني أن أكون من المباركين
بهذا الحب الطاهر والصادق.
إبتسم له صدر الدين بإمتنان.ثم إلتفت عمر لبهجت وقال:
ــ سيد بهجت.. لقد أخليت سمره من موضوع الخطوبة والزواج والباقي عليكَ.
فقال بهجت:
ــ وأنا سأتصل بسالم ليأتِ ويحضر سمره..شكراً لكَ دكتور علی كل شيء..إنقاذك حياة ولدي ..وتسهيل الأمور بينكم..ممتن جداً لكَ.
إبتسم له عمر وغادر الغرف بعد تنيه الشفاء والتوفيق.
........................
إتصل بهجت بنور التي عادت من المشفی لتغتسل وتجلب لهما بعض الحاجيات من المنزل.
إتصل بها وطلب منها إحضار سالم وأبنته سمره.
أنشرحت أساريرها لأنها علمت أن بهجت سيفي
بوعده لصدر الدين أخيراً.
................................
لبی سالم رغبة بهجت وكانت سمره متلهفة لرؤية
صدر الدين رغم أنحراجها أمام والدها والآخرين.
......................
وصلوا المشفی ودلفوا لغرفة الرقود.
وقع بصر صدر الدين علی سمره فإبتسم وعدّل
من جلسته وبدا عليه الإنفعال.فقال بهجت:
ــ لا تنفعل ياولدي..قلبك لازال متعباً.. إهدأ وأصير..
فسمره ستكون لك العمر كله.
كان هذا كثيراً علی قلبه فخفق بشدة وأقترب
سالم يجر سمره من يدها..وقال:
ــ سمره جاءت بنفسها لتسلم عليك.
وقفت قريباً من صدر الدين وعيناها تدمعان وقالت:
ــ الحمدلله علی سلامتكَ.
ــ الله يسلمكِ.
كانا محرجين من تواجد أبويهما، فأكتفيا بحديث النظرات المعبر عن الشوق والهيام.
ثم قال بهجت:
ــ سالم..أنا طالب يد أبنتك سمراء لأبني صدر الدين.
ــ وأنا أتشرف بكم وسمره لكم بعد موافقتها .
أقتربت منها نور وتلمست شعرها بحنان وقالت:
ــ ها؟ هل توافقين أن تكوني لصدر الدين؟
أطرقت سمره برأسها خجلاً وأومأت بنعم .وبتلك
الأثناءكان صهيب يقف عند الباب ويستمع لكلامهم الاخير، دخل وقال:
ــ رائع ! لطالما كنت أفكر من منا سيسبق الآخر
بالزواج..هكذا سنتزوج معاً بنفس اليوم..مارأيكَ صديقي؟
ضحك الجميع وأبدوا سعادتهم.
وغرق صدر الدين بسحر عيون حبيبته ونسي
العالم من حوله، فقال صهيب:
ــ هون علی قلبك يارجل..لقد بدأ نبضك بالإرتباك..
هِمّ نفسك لتتشافی..فزفافنا مرهون بصحةقلبك
يا أخي.
فقال صدر الدين :
ــ مايهمك هو الزفاف وليس صحة قلبي .
ــ بعد كل هذا وتتهمني هكذا؟ بسيطة ..فلتتشافی فقط!
وعلت الضحكات مجدداً، وتأثر بهجت بالمنظر المليء بالحب وطيبة القلوب وصفائها، فأدار وجهه ليتجنب رؤيتهم لدموعه.
علمت نور ما يشعر به فإقتربت منه وربتت علی
كتفه قائلة:
ــ أرأيت..السعادة الحقيقة تكمن في الحب والحنية والتواضع..الحمد لله الذي سلم ولدنا وأفرح قلوبنا به.
مسح دمعاته وقال:
ــ الحمد لله.
......................................
كان عليهم الإنتظار حتی يتشافی صدر الدين تماماً
من أصابته ليستعيد قلبه قواه.
وبعد مرور شهرين كان قد إستعاد عافيته وقوته
من جديد. وتم تحديد موعد زفافه علی سمره زفاف صهيب علی حوراء بنفس اليوم .وتمت الأمور علی
خير مايرام.
ونال كل محب ٍحبيبه.
*******************************
أرجو أن تكون النهاية قد نالت رضاكم وأعجابكم
تمنياتي لكم بالسعادة .
أنت تقرأ
الإختيار
Romanceيعود من السفر بعد سنوات ليجد إن بنات البساتي الذي يعمل لديهم قد كبرن وأصبحن جميلات ،فيقرر وضعهن تحت الإختبار ليختار واحدة منهن زوجة له، فهل سينجح الإختبار أم سيكون للقلب رأي آخر؟