في اليوم التالي..
كان صدر الدين قد عزِم علی جعل سمراء تقبل بلقائه ليفهم سبب جفائها.
نزل يتكأ علی عكازه فأستقبلته نور وأمسكت بذراعه وهي تقول:
ــ صباح الخير حبيبي..كيف تنزل هكذا لوحدك؟ أين صهيب؟
جلس وقال بعد أن جذب أنفاسه:
ــ صهيب لازال نائماً.
ضحكت نور وقالت:
ــ ياله من مرافِق كسول !
وشاركها صدر الدين الضحك، ثم ساد صمت قصير قطعته نور بسؤالها:
ــ أترغب بتناول فطورك الآن؟
ــ كلا أمي..سأنتظر صهيب ونأكل معا..أم إنكِ لم تفطري بعد؟
ــ لقد فطرت مع والدك قبل ذهابه للعمل.
ــ عوافي.
ــ عوافي علی قلبكَ يا ولدي.
وعاد الصمت من جديد ، وأحست نور إن ولدها يرغب بقول شيء ما لها، فسألته:
ــ أهناك ماترغب بقوله حبيبي؟
ــ بصراحة..أمي...
ــ قل ماعندكَ حبيبي..لمَ التردد؟
ــ أمي..لقد حدثتكِ سابقاً عن سمره.
ــ أهاا..سمره إذاً ! أترغب بأن افاتح والدك بموضوع زواجك بها؟
ــ كلا أمي..ليس الآن..أنا فقط..أرغب برؤيتها و..
ــ إشتقت لها إذاً؟ ولمَ الإحراج ياولدي؟ انا أمكَ وعليك
مصارحتي بكل مشاعركَ..سأبعث بطلبها لتراها.
ــ أمي..ليس هكذا ! سمره تبدو منزعجة او ماشابه..لقد
إستقبلتني بجفاء ومن بعيد.
ــ لماذا؟ أحدث بينكما شيء؟
ــ أظنها تشعر بالغيرة لأني كنت أتواصل مع أختها حوراء.
ــ ولماذا تتواصل مع حوراء إن كانت سمراء هي من تهمكَ؟
ــ لقد كنت اتواصل معها لأطمئن علی سمره..فلم أكن املك رقمها ولا حساباتها.
ــ اهاا فهمت.. هذا يعني إن مابينك وبين سمره ليس مجرد مشاعر من بعيد.
ــ أمي..سمره لم تعطني مجالا لأتقرب إليها..كانت
كثيرة الخوف والحياء ..لكني أدرك أنها تبادلني المشاعر.
ــ وما الذي علي فعله أنا لمساعدتك ؟
ــ فقط أطلبي منها تنظيف المرسم..وسأكون هناك للتحدث إليها.
ــ ماذا؟ أتريدني أن أستدرجها بحجة التنظيف..لا أستطيع الكذب ياولدي!
ــ أمي هذه ليست كذبة..المرسم حقاً بحاجة للتنظيف
أليس كذلك؟ وبالنسبة لي..سأتحدث إليها فقط..وبكل أدب صدقيني!
ضحكت نور وقالت:
ــ وهل تظن إني أخشی عليها منكَ..أنت ولدي صدر الدين الشهم والأصيل والخلوق.
تحمحم صدر الدين وقال:
ــ احمممم..شكراً أمي..تربيتك أنا.
فإبتسمت وقبل كفها.
بعدها نزل صهيب وقال بعد أن ألقی تحية الصباح:
ــ لمِ لم توقظني ؟
ــ أستطيع تدبر أمري ياصديقي..أتعبتكَ معي.
ــ الأصدقاء لبعضهم.
قالت نور:
ــ هل إغتسلت ؟ هل أطلب تجهيز الفطار الآن؟
ــ لقد أغتسلت ..لكن أخشی إن علي المغادرة..فاليوم
لدينا أعمال جمة..ووالدي لن يتدبر أمره دوني..ههه.
قال صدر الدين:
ــ وأنا رفضت تناول الفطار إلا معك..وتريد أن تغادر الآن؟
ــ اعذرني ياصديقي..سأمر لتناول الغداء معكَ إن لحقت.
ــ تمام.
ثم ودعهما وخرج.
............................................................
كانت سمره تجلس ببهو المنزل وحيدة، بعد أن خرج
والدها وأختاها، تفكر بصدر الدين، عندما جاء والدها
وأبلغها إن السيدة نور ترغب برؤيتها.
إنقبض قلبها لتخيلها إنها ستلتقي صدر الدين ما أن تذهب إليها، فشحب وجهها وبان عليها الإضطراب.
وقالت:
ــ وماذا تريد مني ؟ ألم يحضروا لهم عاملات كافية؟
ــ يا إبنتي هي لم تقل إنها تريدك أن تعملي..ربما تريدك بأمرٍ آخر !
ــ حسناً أبي..متی تريدني؟
ــ إن كنتِ متفرغة الآن فيستحسن أن تذهبي.
ــ حاضر أبي.
خرج الأب ،وسرحت سمراء تفكر وتقول لنفسها:
ــ لمَ أنا خائفة؟ قد تحتاج السيدة نور لشيءما..ثم إن صدر الدين مصاب..لابد إنه يرتاح بغرفته.
وقامت لترتب مظهرها قليلاً وتذهب لرؤية نور
..............................................................
تلقتها نور برحابة صدر وضمت وجهها بكفيها وقالت لها:
ــ أهلا حبيبتي..كم أشتقت لوجهكِ البريء هذا !
إستغربت سمراء تصرف نور ، لكنها لمست الصدق بكلامها
فقد تكون حقاً أشتاقت لها بعد أن إعتادت رؤيتها بمنزلهم
ثم انقطعت عن المجيء بعدها.
طلبت منها نور أن تجلس فجلست. وبعد تردد كبير قالت سمراء:
ــ الحمد لله علی سلامة صدر الدين.
ــ الله يسلمكِ ياعزيزتي.
ــ قال والدي إنكِ أردتِ رؤيتي.
ــ هذا صحيح..أولاً لقد إشتقت لرؤيتكِ حقاً فأنت قد أختفيتِ ولم تأتِ لرؤيتي .
ــ أ..صحيح..لم أشأ أن ازعجكِ أو أشغل وقتكِ.
ــ لاتقولي هذا عزيزتي..أنتِ علی الرحب متی ما تشائين.
ــ شكرا سيدة نور.
ــ حسناً..لدي ما أقوله لكِ..أ..بصراحة..صدر الدين يرغب بالتحدث إليكِ !
ــ صدر الدين؟لماذا؟ أهناك أمر ما؟ أيرغب بتنظيف غرفته او المرسم؟
ــ كلا عزيزتي..هو يرغب بالتحدث إليكِ..وهو كما تعلمين مصاب ولاحول ولاقوة..يظن إنكِ لاترغبين برؤيته.
ــ لا أبداً..ولماذا قد لا أرغب برؤيته؟ أعني..
و أطرقت بإرتباك لاتدرِ ماذا تقول، فقد أحرجها أن نور
تعلم بمشاعر ولدها تجاهها.
فقالت نور مبتسمه:
ــ سمره حبيبتي..تحدثي معه لأجلي.
ــ حاضر .
ــ إنه ينتظركِ في المرسم.
ــ هاا؟ في المرسم؟ حسناً.
ــ إدخلي من هذا الباب ..فهو مفتوح..وسأكون هنا إن أحتجتِ لشيء.
أومأت برأسها وخطت بأقدامها نحو باب المرسم ، وكانت
خطواتها مضطربة وقلبها يكاد يخرج من صدرها.
.........................................................
وصلت ودلفت المرسم ، لتجده يقف متكأً علی عكازه وهو يتطلع إلی حديقة المنزل من خلال شباك المرسم المطل عليها.
أحس بوجودها فألتفت ناحيتها، وإبتسم بأنشراح وراح يتقدم نحوها بخطواته المتقطعة.حتی وصل قربها.
كان منظره وهو يسير علی رجل واحدة يؤلم قلبها ،
وكانت تقاوم رغبتها بمساعدته بصعوبة .
وقف أمامها وراح ينظر إليها وعيناه تلمعان. أطرقت
بنظرها للأرض، فتنهد وقال:
ــ كيف حالكِ سمره؟
ــ بخير..الحمد لله..أ..الحمد لله علی سلامتكَ؟
ــ الله يسلمكِ.
ساد صمت بينهما ، ثم قالت هي لتبعد توترها:
ــ أردت التحدث معي ؟
ــ أجل..أردت ذلكَ قبل سفري كما تعلمين..ولكن الأمور لم تسر كما يجب..والآن..أری إنكِ تتصرفين معي بطريقة
قاسية.
ــ قاسية؟!
ــ نعم..لم تستقبليني كما يجب.
ــ ولماذا أستقبلك كما يجب؟ ليس بيننا شيء !
ــ أحقاً؟ كل هذا وتظنين إنه ليس بيننا شيء؟
ــ ماهو الكل هذا؟
ــ سمره ! مابكِ؟ لمَ تتجاهلين مشاعري ؟
ــ ومالي ومال مشاعركَ؟ الأولی أن تخبر بها حوراء !
ضحك عالياً،ثم كتم ضحكته بعد أن لاحظ توترها، بسبب وجود أمه علی مسافة من المرسم.وقال:
ــ أكل هذا بسبب الغيرة؟ أنتِ منزعجة لأني تواصلت مع
حوراء! لو تعلمين لما كنت اتواصل معها !
نظرت إليه بإستفهام. فأستطرق يقول:
ــ صدقيني كنت أتحرق ناراً للتواصل معكِ..ولم أكن أملك سوی حساب حوراء..وكم رغبت إن أطلب منها أعطائي حسابكِ..لكني لم أشأ أن أسبب لكِ الأحراج وأعلم كم إنك
تنحرجين من أختيكِ..فقررت أن أطمأن عليكِ عن طريقها.
ــ كنتَ تسألها عني؟!
ــ بصورة غير مباشرة..لاتقلقي..حتی إنكِ ذات مرة كنتِ
تثرثرين أمامها وهي تتحدث إلي..عرفت وقتها إن الغيرة قد نالت منكِ.
ــ ولمِ قد أغار؟
ــ أممم..إسألي نفسكِ..الغيرة من علامات الحب !
ــ ومن قال إني كنت أشعر بالغيرة؟
ــ تصرفاتكِ هذه تقول..لم تكوني هكذا قبل سفري..كنتِ
تغرقين معي حين أتحدث إليكِ.
سكتت وساد صمت بينهما، ثم قال :
ــ سمره..سأتحدث لوالدي عن رغبتي بالزواج بكِ.
رفعت نظرها إليه وقالت:
ــ هاا؟ زواج ؟
ــ أجل..أحبكِ سمره وأريدكِ لي.
أطرقت بخجل ثم قالت:
ــ عليّ أن أذهب..أمك ستلاحظ تأخرنا.
وهمت بالخروج، فأمسك بذراعها وكاد يفقد توازنه، فأمسكت هي الأخری بذراعه ، والتقت أعينهما،فقال:
ــ هل تقبلين الزواج مني؟
أرتبكت ولم تجرؤ علی النطق. وأكتفت بإبتسامة خجولة
فقال:
ــ السكوت والابتسامة علامة الرضا.
فرت هاربة وراح هو يضحك بسعادة.
خرجت مرتبكة ونظرت لما حولها فلم تجد نور، فتنفست الصعداء وغادرت لمنزلها.
............................................................
بعد أيام طلب صدر الدين من أمه أن تفاتح والده برغبته
بالزواج من سمراء.
جلست مع بهجت ببهو المنزل، وبدأت الحديث:
ــ عزيزي بهجت..لدي ما أقوله لكَ.
ــ قولي إذاً.
ــ ولدنا صدر الدين..
ــ مابه؟
ــ طلب مني أن أخبرك برغبته بالزواج.
ــ زواج؟ والآن؟!
ــ ولمَ ليس الآن؟
ــ إنه مصاب ..ليس وقته الحديث بهذه الأمور !
ــ إنه يتماثل للشفاء والحمد لله..كما إن أصابته لن تكون عائقاً لإقامة الخطوبة.
ــ إقامة الخطوبة؟! وكأنكما أتممتما كل شيء وجئتِ لتسألينني الآن؟
ــ كلا طبعاً..مشورتكَ هي أساس كل شيء...لكن الولد ..
يحب ويريدها ..وستكون مجرد خطوبة.
ــ وهل ستطير ؟ فليتشافی تماماً وبعدها نتناقش بالأمر.
ــ بهجت..الولد يريد سماع موافقتكَ فقط.
ــ وكيف أوافق علی بنت لا أعرفها ؟
ــ إنها سمره بنت أبو حوراء.
ــ ماذا؟! سمره؟ هل جننتِ أنتِ وولدكِ؟!
ــ ولمَ جننا؟ البنت مناسبة لصدر الدين.. أخلاق وطيبة قلب وجمال .
ــ وغباء ! ماذا يصنع بالأخلاق والجمال وحدهما؟
ــ وماذا تريد له غير الأخلاق وطيبة القلب؟
ــ أريد له الجاه والنسب والحسب..أريد له أن يصبح رجلاً
صلباً ويتصرف بعقله لابقلبه..أحبَ إبنة البستاني وهو أبن
بهجت رجل الأعمال الكبير؟! لا أدري متی ينضج هذا الفتی؟ أتعلمين إنني أنتظر شفائه بفارغ الصبر لأجل شيء واحد فقط؟
نظرت إليه مشدوهة تنتظر جوابه، فأردف يقول:
ــ لأجل أن أبدأ بمحاسبته علی مافعله هناك لحل المشكلة
لقد تصرف برعونية دون أن يفكر بالخطر علی نفسه وعلی شركتنا !
ــ لا أصدق إنكَ لازلت متحاملاً عليه..حتی بعد تعرضه للإصابة؟
ــ لقد أصيب بسبب تهوره وعدم سيطرته علی نفسه!
وأنت لازلتِ مقتنعة بقراراته وأختياره!
كان صدر الدين يستمع لهما منذ البداية، فنزل بخطواته
الغير متوازنه بعكازه. وإقترب من أبيه وقال:
ــ لا داعي أن تنتظر شفائي..يمكنك محاسبتي الآن.
فصاح به بهجت:
ــ وماذا يفيد فيكَ أنت؟ تتصرف بتهور..ثم فوق ذلك تأتي أمكَ لتخبرني إن أختيارك لزوجة المستقبل غير منطقي !
ــ وهل المنطق أن أترك من أحببت وأتزوج إحدی بنات الجاه والمال ..فقط لأنك ترغب بذلك؟!
ــ لقد أصبحت متهوراً جداً..وأنت تحدثني بهذا الشكل!
ــ أنا أتحدث إليك بكل أدب أبي..لكن أود أن أعلمكَ..بأني
سأتزوج أبنة البستاني ..حتی لو رفضتها أنت!
جاءته صفعة مباغة من بهجت ،فأختل توازنه وسقط أرضاً.
صرخت نور وإحتضنت ولدها وهي تصرخ ببهجت:
ــ أجننت؟! كيف تضربه هكذا وهو مريض؟
كان قلب بهجت يتألم لمنظر أبنه الواقع أرضاً،لكنه تظاهر بالقسوة وغادرهما نحو غرفته وصفق الباب بقوة.
بكت نور وهي تساعد ولدها علی النهوض، وطلبت منه الجلوس معها،لكنه إستأذنها للصعود لغرفته. فلم تمنعه
وسار بخطواته الكسيرة نحو الأعلی.
............................................................
كانت فراشات الحب ترفرف حول سمراء وهي تمسك بأحد الكتب، دون أن تركز بالقراءة، فقد كان بالها شارداً بصدر الدين وكلامه لها عن حبه لها ورغبته بالزواح بها.
ولاحظت أختيها سرودها وأبتساماتها ، فقالت حوراء:
ــ أين وصلتِ بالرواية ياسمره ؟
إنتبهت من شرودها وعدلت من جلستها علی السرير وقالت:
ــ ولمَ تسألين؟
ــ لأني أظنكِ أضعتِ الوقت دون أن تنتهي من قراءة سطرٍ واحد.
ــ إنه وقتي وليس وقتكِ !
ــ آسفة لو أزعجتكِ يا أميرة الكتب..لكن نحن أختاكِ
وعليك مشاركتا لحظاتكِ مثلما نشارككِ نحن.
وقالت زهراء:
ــ صحيح سمره ..لمَ أنتِ خائفة من مشاركتنا خصوصياتك ومشاعركِ؟
ــ لأنها خصوصيات كما قلتِ !
ــ إذاً لديكِ خصوصيات.
ــ أرجوكما..ألی ماذا تلمحان؟
جلست كل منهما علی جهة منها وحوطنها وقالت حوراء:
ــ نحن أختاكِ ونتمنی لكِ السعادة ..وإذ ما وجدتي حب حياتكِ فسنكون سعيدتان لأجلكِ.
وقالت زهراء:
ــ فهيا أقري وأعترفي..أتحبين صدر الدين؟ هل أعترف لكِ هو بالحب؟
أزدرقت ريقها وقالت :
ــ مالذي تتفوهانِ به؟! كفا عن إزعاجي رجاءاً !
ــ لن نكف حتی تعترفي.
أجل لن نترككِ تنام الليلة إلا بعد أخبارنا بكل شيء.
غطت وجهها بيديها لتبعد عن نفسها التوتر، ثم هدأت
ونظرت إليهما وقالت بحياء:
ــ حسناً..سأحكي لكما كل شيء.
قفزت الفتاتان بفرح وجلستا لتستمعا لها بأنتباه شديده
وحكت لهما عن أعتراف صدر الدين لها، وأخبرتهما إنها
لم تكن تعطيه أي فرصة للتفاهم والأعتراف..حتی هذا اليوم لأجل السيدة نور.
هتفتا بسعادة : هييي..ستتزوج سمره من صدر الدين!
أسكتتهما سمره قائلة:
ــ كفا أرجوكما..سيسمع والدي..ثم من قال إن والده سيوافق علي زوجة لأبنه؟
ــ صدر الدين رجل بالغ ..ليس من حق والده التدخل بإختياره.
خرجت تنهيدة من صدر سمراء وقالت:
ــ لا أدري..أشعر بالخوف والقلق..سيظن أني أنا من أوقعت صدر الدين بشباكي.
ــ فليظن مايظن..المهم إن صدر الدين يريدكِ ومتمسك بكِ.
.................................................................
إتصل صهيب بصدر الدين، واعتذر عن عدم قدومه بعد
أن غادرهم للعمل. فعذره صدر الدين .وكان قليل الكلام.
فأحس صهيب بوجود خطبٍ ما بصديقه فسأله عما به.
ولم يجبه في باديء الأمر، لكن فضول صهيب أجبره علی
الأعتراف وحكی له كل ماجری بينه وبين والده وكذلك
ما بينه وبين سمراء.
فتعاطف معه صهيب وأخبره إنه سيأتي غداً لرؤيته ويحاول مساعدته علی حل المشكلة مع بهجت.
ثم أنهيا المكالمة.
عاد صدر الدين لوحدته ، وراح يفكر بما يضطر لفعله
إذ ما أصر بهجت علی موقفه.
..............................................................
في اليوم التالي..
أمتنع صدر الدين عن النزول لتناول وجبة الفطار ، فقلقت عليه نور وأمرت بأخذ الفطار له بغرفته، وصعدت هي
لتطمئن عليه.
دلفت عليه وكان يقف بشرفة منزله متكأً علی عكازه.
إقتربت منه وصبحته فإستدار ناحيتها ورد عليها التحيه وقبل كفها.
وقالت:
ــ أعلم إن ما فعله بهجت كان قاسياً ..لكن هذا لايعني أن تضرب عن الطعام وعن الخروج من غرفتك.
ــ لست مضرباً أمي..أنا فقط لا أشتهي الأكل.
ــ ستأتي احد العاملات بالفطار وستجل لتأكل.. لأجلي.
ــ حسناً أمي..لأجلكِ سأجبر نفسي علی الأكل.
ــ لا ياحبيبي..لن تجبر نفسك علی شيء لأجل أحد..
حتی أنا..ولا أحد سيجبركَ علی شيء لاتريده.
ــ بالتأكيد لن يجبرني ..أنا أعرف مصلحتي ومتمسك بأختياري ..ومتمسك بوعدي لنفسي ألا أفرط بسمره.
ــ سمره ستكون لكَ ..وحتی بهجت سيرضی بذلك.
ــ إن شاء الله.
بعدها جاءت الخادمة بالطعام ووضعته قربهما، فجلس صدر الدين بطلب من أمه ليأكل.فإبتسم لها وبدأ يجبر نفسه علی الأكل.
..............................................................،،
في المساء ..
جاء صهيب ليقضي الليلة عند صدر الدين، حيث غدا هو
يوم عطلة .
تناولا عشاؤهما في الغرفة ، وبعد الانتهاء جلسا يتحادثان وهما يشربان شايهمها .
قال صهيب:
ــ إذا..فقد أستقر أختيارك علی سمره؟
ــ أخبرتك إنني أخترت سمرة منذ البداية.
ــ كلا لم تخبرني ..كنت تختبر الفتيات ولم تقرر بعد..حتی إني أعجبت بحوراء ولم يروقك الأمر.
ــ كنت..أحاول التغلب علی مشاعري وأختار بعقلي.
ــ أختيار من نحب..هو العقل بذاته!
ــ معكَ حق..أظنني كنت حائراً فقط ولست متأكداً من
حبي لسمره.
ــ ثم بكل الأحوال ..والدك لن يقبل بأي من الأخوات..
فكلهن من مستوی واحد.
ــ أجل..مستوی لايعجب والدي.
ــ لاعليك..كما قالت أمك..سيرضی أبوك عاجلاً أم آجلاً
فهي تعرفه جيداً.
ــ إن شاء الله.
ــ والآن..لنتحدث بأمر حبي أنا.
ــ حبكَ؟ أي حب هذا؟
ــ لا تتغافل..لقد أخبرتك إني معجب بحوراء..وأنت عشقت أختها وأخترتها وانتهی..فأترك الفتاة لي.
ضحك صدر الدين وقال:
ــ يا أخي خذها ..حلال عليك.
ــ ومتی تعطيني حسابها؟
ــ ليس من اللائق أعطائك حسابها..المفروض أن تتعارفا علی بعضٍ وتأخذه منها أنت.
ــ ومتی برأيك سنلتقي ونتعارف؟
ــ سأتدبر الأمر لكن ليس الآن..إصبر.
ــ لابأس..سأصبر وأمري لله.
...............................................................
مرت عدة أيام وصدر الدين معتكف بغرفته حائر ويخشی
أن يبقی والده مصمماً علی رفضه وهو لايريد عصيانه.
وكانت نور هي الأخری تتصرف بثقل مع بهجت بسبب
قسوته مع صدر الدين.
أما سمراء فقد كانت قلقة ومستغربة سكوت صدر الدين.
وكانت أختيها تسألانها عن أخر التطورات..غير إنه لاتطورات ..سوی السكوت وعدم رؤيتها له.
وكانت تخشی إن ذلك معناه رفض بهجت لها وإستسلام صدر الدين لرغبته.
..............................................................
لم يحتمل صهيب الأنتظار كثيراً للتعرف إلی حوراء.
فجاءلصدر الدين وأقنعه بأن يعطيه حساب حوراء.
حيث قا له:
ــ عزيزي صدر الدين..لدي مقترح.
ــ قل ماهو.
ــ دعني أتحدث لحوراء ومتأكد إنها ستعجب بي هي الأخری..وبما إن والدك صعب المراس وووالدي سهل المراس..فهذا يعني إني سأقنع والدي بكل سهولة.. وسأتزوج قبلك.
ــ لكن ماذا لو تزوجت أنت قبلي؟مالذي سيحدث يعني؟ ستبقی مشكلتي مع والدي عالقة.
ــ لا..سيشعر إباك بخطأه حين يری والدي الذي هو رجل أعمال لايفرق عنه مركزاً وجاهاً وهو يتواضع ويخطب لي إبنة البستاني.
ــ ومن قال إن أباك سيوافق؟
ــ سيوافق صدقني..فهو لايهتم للفروقات الأجتماعية.
ــ أنت محظوظ بوالدك.
ــ الحمد لله..والآن أعطني حساب حوراء وأترك الباقي عليّ..سأقتحم قلبها إحتحاماً !
ضحك صدر الدين وهز رأسه بإستسلام.
.........................................................
بعد أن أعطاه صدر الدين حساب حوراء. قرر صهيب أن يبدأ بالتقرب لحوراء. فبعث لها طلب صداقة بدأً.
وبعد عدة ساعات قبلت الطلب.
...........
كان ممدداً بسريره وينظر لهاتفه بلهفة منتظراً قبولها الطلب.
قفز بسعادة حين ردت له طلب المتابعة. فقبِلها .
وقرر أن يبدأ بإستدراجها بالحديث، فأرسل لها رسالة شكرٍ علی قبول الطلب، لكنها تجاهلته.
إنزعج ولم يطق صبراً فبعث برسالة أخری كتب فيها:
ــ حسابكِ راقٍ ورسوماتكِ رائعة.
وهذه المرة لم تستطع حوراء تجاهل الرسالة. فردت عليه بشكراً.
طار فرحاً وأسترسل يبعث لها، وهي تارة تتجاهله وتارة
تثيرها كلماته فتتجاوب معه.
ليلتها أكتفی بالقدر القليل من الرسائل، وفي الليلة التالية
بعث لها من جديد.
كانت هي متوترة ولاتفهم لمَ هي متجاوبة معه هكذا.
وإنتابها الفضول لتدخل صفحته ااشخصية وتتصفح فيها. وكان قد نشر الكثير من صوره ،فراحت تتأمله وتقرأ مايكتب من كلمات تحت منشوراته ،فأحست أنه
بدأ يقتحم أفكارها ومشاعرها.
وبعد عدة أيام كانا قد إعتادا الحديث ليلا..وتعرفا علی بعض. قدم لها نفسه أنه صهيب صديق صدر الدين.
فصدمت ولم تعرف ماتقول وتفعل.
سألته:
ــ أكنت تعرف إنني جارة صدر الدين؟ هل تعمدت التعرف علي؟
ــ سأخبركِ الصراحة..لقد أعجبتني حين رأيتك ذات مرة وأعجبتني أكثر حين تحدث عنكِ صدر الدين .
ــ وماذا حدثك عني صدر الدين؟
ــ قال إنكِ مثقفة وخلوقة وذات شخصية مميزة.
ــ وأتوقع أنه هو من أعطاك حسابي؟
ــ صدقيني لم يقبل أن يعطني إياه بسهولة..ألح عليه منذ فترة طويلة وهو يرفض.
ــ لابد إنه يری من غير المناسب أن نتعارف .
ــ كلا بالعكس..لقد تأكد أخيرا من نوايايي وكان بوده أن يعرفنا ببعض بنفسه ..لكنه يمر بظروف صعبة ولم أعد أحتمل أكثر.
ــ وماهي نواياك ياتری؟
ــ كل خير طبعاً..أنا نيتي التعرف بهدف الزواج.
ــ أنت لاتمزح ..أليس كذلك ؟
ــ أقسم لكِ بالله إن هذه هي نواياي.
ــ صديقك أخبر أختي بنيته بالزواج بها..وهو مختفي منذ أكثر من أسبوع.
ــ قلت إنه يمر بظروف صعبة.
ــ أتقصد أصابته؟ هذا لايجعله يختفي ويلتزم الصمت.
ــ ليس أصابته..
ــ ماذا إذاً؟
ــ والده يرفض ..أن تكون سمرة زوجة له.
ــ ولماذا يرفض؟ ألأنها بنت الرجل الذي يعمل لديهم؟
ماذا عن أبوك؟ لابد أنه سيرفضني كذلك..فهو أيضاً رجل أعمال معروف.
ــ والدي مختلف صدقيني..رجل طيب ومتواضع جداً..
ويحترم رغباتي.
ــ إذا فصدر الدين تخلی عن سمره بسبب والده؟
ــ لم يتخلی عنها..لقد واجه والده بشدة وهما الآن لايتحدثان لبعض..لكن صدر الدين ينتظر عسی ولعل والده يلين..فهو لايريد أن يعصيه ويتمشكل معه أكثر.
ــ المسكينة سمره..كانت تبدو سعيدة قبل أيام..لكنها الآن
ليست علی مايرام.
ــ حوراء..لنتزوج بأسرع وقت..عل بهجت يغير رأيه حين يری كم أن والدي رجل بسيط ومتفهم.
ــ لا أدري ماذا سأخبر والدي؟
ــ أنا سأتكفل بكل شيء..فقط اقبلي بالزواج الآن.
ــ حسناً..موافقة.
ــ سأتحدث لوالدي غداً وبإذن الله خير.
ــ بإذن الله.
..........................................................
بعد أن علم صدر الدين بتطورات العلاقة بين صهيب وحوراء. طلب منه أن يقنع حوراء لتقنع بدورها سمره للمجيء للمرسم والتحدث لصدر الدين وعدم إبلاغها
برفض والده لها.
فنفذت حوراء طلبه. وأخبرت سمراء إن صدر الدين مريض ويرغب برؤيتها في المرسم.
أنقبض قلبها وأنتابتها رغبة بالبكاء، لشعورها بالضياع
فهي تريد الذهاب ورؤيته وبالمقابل تشعر إنه يتلاعب بمشاعرها . لكنها أخيراً قررت الذهاب ومواجهته .
...........................................................
جلس بهجت بغرفة مكتبه في المنزل يعاين بعض اوراق العمل. دخلت عليه نور وجلست علی أحد الكراسي المقابلة له.
رفع رأسه ناحيتها فشاهد نظرة الغيظ التي تعلو ملامحها
فقال:
ــ ماذا؟ هل أرسلكِ ولدكِ المدلل ؟
ــ وأين الدلال.. ياحسرتي عليه ؟
ــ أنت من جعله بهذه الرخاوة !
ــ صدر الدين ليس راخياً..إنه رجل بحق..لكنك تقلل من قيمته ..كفاك قسوة عليه ..إنه أبننا الوحيد..ألا تشفق علی حاله؟!
ــ أنظري يا أمرأة ..لدي عمل كثير بما إن أبنك المحروس
قد أعجبته رقدة منزل وترك كل شيء علی عاتقي..فأتركيني أنهي عملي رجاءاً.
ــ ستلحق علی العمل..لكن ولدك إن ضاع فلن تلحق عليه.
وغادرت الغرفة وهي غاضبة.
فضرب بهجت علی سطح المكتب بكفه وهو يلعن حظه.
....................................................................
قالت حوراء محدثة سمراء:
ــ بما إنكِ قبلت أن تذهبي لرؤية صدر الدين..ما رأيك أن
أعطيه حسابك لتتواصل معه وتتفقا علی موعد اللقاء؟
ــ كلا..لا تفعلي..لست ادري ماقد يحدث..ربما سننهي كل شيء بهذا اللقاء.
ــ لاتقولي هذا..هو فقط متعب ويمر بظرف..لكنه يريدكِ.
ــ ابعثي له أنت وأخبريه أنني مستعدة للقائه الآن.
ــ حسناً.
بعد أن تحدثت حوراء لصدر الدين واخبرته بأستعداد أختها للقائه، قال لها إنه سيكون بإنتظار سمراء في المرسم حالاً.
فأخبرت سمراء بذلك، وإستعدت سمراء لمواجهته.
...................................................
كانت قد صعدت لغرفتها لجلب شالها الصوفي الذي تضعه علی كتفها بسبب برودة الجو.
وحين عادت لتنزل درجات السلم. إستمعت لحديث اختيها وكانت الصدمة.
كانت زهراء تسأل حوراء بصدمة:
ــ أتعنين إن صدر الدين كان يحاول أختبارنا جميعاً؟
ــ هذا ماقاله صهيب.
ــ كان يتلاعب بمشاعرنا جميعاً !
ــ كلا.. لم يكن يتلاعب بمشاعرنا..هو فقط أراد أن يعرف أي منا تناسبه أكثر.
ــ الوغد..كان يمثل علينا الاهتمام..
ــ كفی زهراء..افهمي ما اقول !
ــ مابكِ أنفعلتِ هكذا؟ أتحبينه ولاتقبلي أن أسبه؟
ــتباً لك..كم إن دماغكِ متحجر !
وقامت حوراء بإنفعال لتبتعد عن زهراء التي عقدت الامور.
فوجدت سمراء تقف بأعلی السلم وتعابير الأسی بادية
عليها. فقالت حوراء:
ــ أ..ستذهبين الآن؟
أومأت سمراء بالإيجاب. وواصلت سيرها بأتجاه الأسفل وكأنها إنسان آلي. وخرجت من المنزل بإتجاه المرسم.
قالت حوراء بعد أن أبتعدت سمراء :
ــ اخشی أن تكون سمعت كلامنا !
ــ فلتسمعه..هذا أفضل..كي تواجه بأفعاله.
ــ كلامكِ خرب أم الدنيا..صدر الدين حاول ختبارنا نعم..لكنه وقع بحب سمراء وأختارها من البداية..أفهمي.
................................................................
كان كل شيء يبدو رمادياً، مع كل تلك الغيوم التي ملأ السماء.. والبرد القارص الذي لف الأرجاء..كان كل شيء
يبدو بحالة احتقان وكأنه يرغب أن ينفجر بالبكاء..كما
هو حال سمراء.
وصلت المرسم ، ووجدت الباب مفتوحاً، أستقبلها صدر الدين مبتسماً، لكن إبتسامته تغلفت بالقلق لرؤيتها
بملامحها المحتقنة والغاضبة.
تجمدت مكانها فقال:
ــ إدخلي ..البرد شديد هذا اليوم.
سارت بخطوات متثاقلة ودخلت ،فأوصد الباب خلفها.
كانت قد تخلی عن عكازه لكنه لازال يعرج قليلاً.
فقال:
ـــ كيف حالكِ سمرتي؟
لم تجبه بشيء فأضاف:
ــ أنظري..لقد تحسنت ساقي..لقد تخليت عن العكاز.
لم تقل شيء أيضاً، فأستغرب وقال:
ــ مابكِ سمرة؟ تحدثي إلي..لمَ هذا الصمت وهذه النظرات الغريبة؟
نطقت أخيراً وقالت:
ــ أكنت تتلاعب بمشاعرنا أنا وأختاي؟
ــ ماذا؟ مالذي تقولينه؟
ــ لقد عرفت نواياك الآن..كنت تلعب عليّ وعلی أختيّ..
كنت تستغلنا وتخدعنا !
ــ ماهذا الكلام؟ من أخبركِ بذلك؟
ــــ لقد سمعت أختاي تتحدثان بالصدفة..لم نكن نعني لكَ شيئاً سوی تجربة وأختبار !
ــ سمرة..لاتفهمي الأمور خطأ..
ــ هل حقاً كنت تضعنا تحت الأختبار؟
ــ سمره...
ــ أعترف أرجوك..قل الحقيقة !
ــ حسناً ..لقد أردت حقاً أختباركن لأختار واحدة منكن لكن...
وقبل أن يكمل كلامه بدأت بالبكاء والضرب علی صدره وهي تصيح:
ــ أيها المخادع..أيها الوضيع..كيف خدعتني هكذا؟ وخدعت أختيّ؟ كيف سمحت لنفسك بهذا الفعل؟
أمسك بكفيها وقال بعد أن فقد أعصابه:
ــ أفهمي ..أسمعيني للأخير..دعيني أشرح لكِ.
ــ تشرح ماذا؟ خداعك لنا؟ لقد جعلت أختيّ تتعلقان بكَ
والآن تريد أن تقول لي أنك تريدني ؟ كيف تجرؤ؟ كيف تكسر قلب أختيّ بي؟
ــ تباً..ماهذه الأفكار؟ من قال إني تقربت لأختيكِ؟ أنا لم أتقرب إلا لكِ..أنت وحدكِ من أردت..الاختيار كان مجرد فكرة غبية..لم ألحق أن انفذها..أتعلمين لماذا؟
هدأت ولازال يقبض علی كفيها بكفيه..وراحت تنظر لعينيه وتنتظر أن يقول لماذا، فقال بعد صمتٍ:
ــ لم ألحق أن انفذ الاختبار..لأني وقعت بحبكِ من البداية..أجل أنت فقط من أطلقت العنان لمشاعري معها..أنت فقط من أختارها قلبي وعقلي وروحي !
كانت كلماته ترن برأسها وترافقت معه ألحان السماء الصاخبة..من رعد وبرق وأمطار.
هطل الكثير من المطر حتی أن غطاءاً أسوداً قد غلف الارجاء. فكان المكان مظلماً إلا من نور البرق المتقطع.نظرت إليه والدموع قد أغرقت عينيها وقالت:
ــ وأنا أخبركَ ..أن إختبارك قد فشِل..لأنكَ خسرت هذا الإختيار !
ــ مالذي تقولينه؟ لقد شرحت لكِ الأمر ..أنا أحبكِ أنتِ فقط..ولم أتقرب لأختيكِ أبداً..ألا تفهمين.!
سحبت كفيها منه وقالت:
ــ بل فهمت الآن جيداً..لم أكن لكَ سوی لعبة وتجربة إما أن تنجح وإما أن تفشل..بغض النظر عن ماقد أمر به أنا
من مشاعر وأحاسيس تجاهك..لقد أيقظت مشاعري النائمة..ماذا لو لم أعجبك؟ أكنتَ تتجاهلني ببساطة وتذهب لتُخضِع غيري للإختبار؟
ــ سمره..إفهمي..
ــ أفهمني أنت ! أنا بشر لدي مشاعر وقلب..ولدي كرامة
وكبرياء..إنسی سمره وإنسی أخواتها أيضاً..لا تقترب
منا ثانية..إياك وإيذاء أختّي !
كانت تتحدث بإنفعال وغضب، وإبتسم بمرار وقال
ــ منظركِ وأنت غاضبة جعلكِ أجمل..لطالما تمنيت
رؤيتكِ وانتِ منفعلة !
ــ هذا لإنكَ أناني..تهتم فقط بما تريده وترغبه أنت.
أمسك بيدها مجدداً وحاول ضمها إليه لكنها إبتعد
وأسرعت نحو الباب لتخرج وكان مقفلاً، فطلبت منه
أن يفتح لها الباب.
لكنه أبي وأقترب منها وحوط وجهها بكفيه، فحاولت
أبعادهما عنها لكن قبضته كامت قوية، وظل مثبتاً وجهها بوجهه وأجبرها علی النظر لعينيه..فأحست بالإنهزام ..وحاول تقبيلها لكنها صفعته علی وجهه
قبل أن يفعلها.
وصرخت به أن يفتح لها الباب وكانت منفعلة وتبكي.
إستسلم هو لإنهياراتها وقرر مجاراتها بالوقت الراهن
ففتح لها الباب. ارادت أن تسرع بالمغادرة، فأستوقفها
ممسكاً بذراعها وقال:
ــ فلتهدأي أولاً..أنت لاتريدي أن يراكِ والدكِ بهذه الحالة!
أبعدت يده عنها وراحت تمسح دموعها ووجهها وتجذب أنفاسها..ثم غادرت بإنكسار.
كان منظرها قد حطم قلبه ولعن نفسه وراح يكسر الاشياء من حوله.
...................................................
أنت تقرأ
الإختيار
Romanceيعود من السفر بعد سنوات ليجد إن بنات البساتي الذي يعمل لديهم قد كبرن وأصبحن جميلات ،فيقرر وضعهن تحت الإختبار ليختار واحدة منهن زوجة له، فهل سينجح الإختبار أم سيكون للقلب رأي آخر؟