(إنه يتجنبني، لست أتوّهم) هكذا حدثت نفسي وأنا أسير نحو موقف الحافلات مع رفيقاتي، لقد تجنب النظر ناحية مقعدي عند القاعه، وظننت أني أتوهم في بداية الأمر، لكن حين أخذتني إحدى رفيقاتي إليه لنسأله عن أمر متعلقٍ بالمعمل؛ أسرع مبتعداً عنّا و ساعده زحام الفتيات أمام القاعة على الفرار منّا، ثم رؤيتي له مصادفةً قبل قليل و هو يبتعد عن سير خطّنا،جعلني هذا أثق أنه لا يودّ أن يصطدم بي ولاحتىٰ مصادفة، لا أعلم لم يفعل ذلك، أودّ إخباره بشأن الفتاة فقط، وأودّ أن أعرف أيضاً ما حدث ذلك اليوم..
ـــــــــــــــــــــــــ
_بسم الله الرحمن الرحيم!
_أعتذر إن كنت أخفتك
_لا عليك، تفاجأت فقط
_أعتذر على ما حدث سابقاً أيضاً، أعتذر عن تجنبي لك
_ لا عليك
_ أعلم أنّي قلت أني سأتركك بعد أن نجرب تنفيذ حلُمي، أعتذر لأني تعرضت لك ثانيةً
_(ما شأن هذا السيل من الإعتذارات)، لا بأس، فهناك ما أودّ إخبارك به على أي حال
_ ما هو؟
_هناك فتاة.. وقبل أن أكمل جملتي خطرت ببالي صورة سريعة للفتاة، تخبرني فيها ألا أخبر آسر بشأنها!
_ما بها؟ ومن هي؟
_أ.. أ.. تريد أن تسألك عن شيء ما بشأن المحاضرة السابقة، فتاة من الدفعة
_هكذا إذاً.. لا بأس يمكنها أن تسألني قبل المحاضرة القادمة، سأحضر باكراً
_حسناً
_ إسمعي..
_؟؟
_بشأن ذلك اليوم، أتتذكرين ما حدث؟
_تقريباً، أذكر فقط حتى اللحظة التي كنت أحمل فيها سلة الخضار الممتلئة، لا شيء آخر
_ لقد صُدمتِ بعدها
_ماذا؟
_صدمتكِ سيّارة..كانت قادمة مسرعة، لم أستطع اللحاق بصاحبها الذي فرّ مسرعاً، أعذريني
_ لا يهم، لكن كيف ذلك، لِم لا أتذكر شيئاً؟!
_ لا أعلم
_ إذاً لم نكمل تنفيذ الحلم في النهاية
_ أجل، لكن لا يهم، حمد لله على السلامة
_ لا تيأس، أنت تسير على الطريق الصحيح، لا أعلم ما هي خطوتك التالية، لكنك خطواتك السابقة كانت صائبة
_عن أي خطواتٍ تتحدثين؟!، أنا لم أعلم ما يجب علي فعله حتى الآن حتى أنفذه، في الواقع لم أفعل أي شيء بإرادتي حتىٰ! وأيضاً.. كيف تعرفين إن كانت صائبةً أم لا؟! إن كنت تعلمين حقاً فهذا يعني أنك تعلمين ما يجب عليّ فعله! هل تخفين عنّي شيئاً؟!
علا صوته و هو يقول آخر كلماته، حتى أصابني الخوف منه، لأول مرةٍ لاحظت ضخامة جثته، وأصاب عيني ما يصيب السحاب في يومٍ ماطر
_كلّا
بدا وكأنه انتبه لما جرى منه، وأحسّ بسوء ما ارتكبه، فاستدرك قائلاً:
_أعتذر، أعذريني لقد فقدت أعصابي، أعلم أنك لا تعلمين شيئاً، كان هذا غباءً مني
_..........
_ سأكفر عن خطئي بطريقة ما..
_ لا عليك.
_ لِم النساء ضعيفات هكذا، لِم تغفرون حين يجب عليكم أن تحقدو، وتصفحون في موقفٍ لا يدعو للصفح فيه شيء؟!
_ليس ضعفاً، إنما عطفاً، وهذا ما نتفوق به عليكم، في حين أنكم تعتقدون أنكم تتفوقون به علينا
_ ما الجيّد في أن تتنازل عن حقك بينما يمكنك أن تأخذه؟!
_ و ماذا بعد أن تأخذه؟
_ لا أعلم، يكفي أنّي أخذت بحقي، بهذا أكون قد أثبت قوّتي ولن يتجرأ أن يتعدى عليّ ثانيةً
_ و ماذا لو أصابك مرضٌ أو غيره و فقدت قوتك؟ ماذا سيفعل حين يلقاك في لحظة ضعفك و تفوقه عليك؟
_ سيشفي غلّه كله بي
_ بالضبط، فأنت جعلت ميزان التعامل بينكم بالقوه، كأننا حيوانات تعيش في الغابة، القوي يأكل الضعيف، لٰكن أن تعفو عند المقدرة، هذا ما يجعل منك قوياً حقاً،فليس القوي بالصرعه، إنما القوي من يعفو حين يقدر، وإن لقيك من عفوت عنه في لحظة ضعفك فلربما ساعدك، لا تركن إلى قوتك فليس للدنيا ضمان، وقد ينقلب حالك بين يوم وليلة، و ما حدث معك خير دليل
_ معك حق، إنّه خير دليل
_سأذهب الآن فقد تأخرت، و لتعلم أنّي ما كنت لأخفي عنك ما قد يعينك فليس هناك ما يدعوني لذلك
_أجل أنت محقه
قال كلماته هذه و قد بدا أنّه نطقها دون تركيز، لقد شرد بذهنه فجأة، أما أنا فمضيت بضع خطوات ثمّ ابتسمت، لقد خطرت ببالي فكرة ٌ مجنونة..يتبع...

أنت تقرأ
الغريب
Mystery / Thrillerمكتملة💙 إنه مجنون.. هذا ما تبادر لذهني في تلك اللحظة، استدبرت وحثثت خطاي مبتعدة عنه.. فتبعني! لحسن الحظ وصلت إحدى العربات التي أقصدها فهممت بالصعود لكنه منعني! اغرورقت عيناي بالدموع، ماذا أفعل.. لم ير ما أنذرت به مقلتيّ لكنّه شعر بسكوني وتصلّبي...