كان كل شيء ساكن جداً، كعادة أجواء صباحات الشتاء، فلا أحد يقدم على الخروج باكراً إلا لأمرٍ عصيٍ مستعجل، أو الطلبة الحالمون مثلنا، أولئك الذين لم يقوى الدهر عليهم بعد، ولا تزال أعينهم تلمع بشغفٍ قوي، يدفعهم للنهوض باكراً وحتى لو طلب منهم أن يأتو في منتصف الليل لفعلوا!
لكنّي ورغم برودة الجو لم أستمع لتحذيرات صديقتي المستمرة، ولم أغلق نافذة السيارة غير آبهة لما قد يصيبني من زكام، فلطالما كان استنشاق هواء الصباح حين تسبح سيارتنا موازية للبحر من أهم طقوسي لبداية اليوم، دقيقتين من الهواء النقي؛ كافية لتصيب عدوى النقاء روحي، لأبدأ يومي الجامعي بالقوة نفسها كل يوم.
_متين الإمتحانات د جات! معقوله هسي تمينا تلاته شهور!
_ مبالغه والله انا حاسه كأننا نزلنا الجامعه أمبارح!
حقاً متى انقضت الثلاثة أشهر المبزومة للفصل الثالث!، عدت بذاكرتي سريعاً لليوم الأول، حيث تغير كل شيء حينها، قصر الشباب والأطفال، وحتى يوم شجار القطه، الدكتور محمد كمال، ثم بحث الدكتورة التي أثنت على بحثي في المحاضرة التي تلي تسليمنا له وهي لاتدري أن بحثي هذا اشتركت فيه عوالم عدة لينال رضاها، ثم إختفاء الغريب تدريجياً بعد ذلك اليوم حتى صرت لا أراه إلا صدفة مع الدكتور محمد،وانشغالي بالدراسة ثم هذه الإمتحانات التي باغتتنا دون سابق إنذار، لا أدري ماذا يجول في رأسه، هل استسلم للبقاء هنا؟ أم راقه المكان ولم يعد يأبه للفترة التي سيمكثها، أم أنه يحاول دون جدوى، ترى هل بحث الدكتور محمد مع أقرانه في أمر الغريب كما وعده؟
مضت أيام الإمتحانات سريعاً، دون أن أراه ولا لمرةٍ واحدة، إلا في يومنا الأخير، حين كنت أسير وحدي قاصدة المقصف..
_ عديمة العينين!
_............
_مضى وقت طويل، أنسيتني أم ماذا؟
_كلّا، لقد فاجأتني وحسب
_ إلى أين؟
_المقصف، أود مكافأة نفسي على إجتيازي جميع الإختبارات
_ رائع!، هل أحرزتي الدرجة الكاملة؟
_كلّا، لا أعلم كم أحرزت ولكن يكفي أني صمدت حتى النهاية و بذلت ما بوسعي
_ هكذا إذاً، في هذه الحال.. سأشتري لنفسي أيضاً فقد صمدت ثلاثة أشهرٍ وأكثر هنا
_ ألم يجدّ أي جديد؟ دعك من جهودنا هنا، ألم تر أي إشارة أو شيءٌ ما شعرت أن له علاقة بعالمك، أو حتى حلمٌ غريب، لم لا تعود للبحث في المكان الذي استيقظت فيه لأول مره؟
_رأيت حلماً، ولكن لا يبدو لي أنّه قد يساعد
_ ماذا رأيت فيه؟
_رأيت طريقين طويلين يلتقيان في الوسط ليعودا مفترقين مرةً أخرى، ثم رأيتك على نهاية أحدهما ومعك بعض الأشخاص الذين لم أتبين ملامحهم، ورأيت أني أقف في الإتجاه المقابل لكم على الطريق الآخر، ثم بدا لي شجرتين عظيمتين على جانبي الطريقين، تتناثر ثمارها على الأرض تحتها بشكلٍ بديع، ما لبثنا أن رأيناها حتى ظهر لكلينا سلةٌ كبيرة، وشرع كلٌ منّا يجمع الثمار فيها حتى التقينا مع إلتقاء الطريقين فتبادلناهما ومضى كل منّا في طريقه
_ ياله من حلمٍ غريب، سأبحث عن تفسيره علّه يفيد
_حسناً أتمنى ذلك، ربما لدي مهمةٌ يجب أن أنفذّها هنا ثم سأختفي وأعود كما أتيت
_ربما
_ستبدأ عطلتكم أليس كذلك، أظنها ستكون أسبوعين، إن أكملت مهمتي أثناءها فسوف أترك لك شيئاً مع الدكتور محمد، إحرصي على الحصول عليه
_حسناً، سأفعل إن شاء اللهيتبع...
![](https://img.wattpad.com/cover/358115971-288-k440166.jpg)
أنت تقرأ
الغريب
Misterio / Suspensoمكتملة💙 إنه مجنون.. هذا ما تبادر لذهني في تلك اللحظة، استدبرت وحثثت خطاي مبتعدة عنه.. فتبعني! لحسن الحظ وصلت إحدى العربات التي أقصدها فهممت بالصعود لكنه منعني! اغرورقت عيناي بالدموع، ماذا أفعل.. لم ير ما أنذرت به مقلتيّ لكنّه شعر بسكوني وتصلّبي...